الجوهرانية والجوهرانية الجديدة في النظرية النسوية

ملخص
صيغ عدد كبير من النظريات النسوية في القرن العشرين كمحاولة لرصد التفاوتات بين الأنثى والذكر، وتشريح الأنظمة الاجتماعية والثقافية المختلفة التي تمارس هيمنتها على الأنثى، وضبط مفهوم الأنثى، ما يُسمى بالذات الأنثوية، الذي يُعَدّ مفهومًا مركزيًا في النظرية النسوية. لقد كان هذا المفهوم، ولا يزال، ضروريًا وإشكاليًا للنسويات، فهو نقطة انطلاق بناء أي نظرية، ومن دونه لا يمكن إحكام بناء النظرية النسوية. من خلال هذا المفهوم، تحاول المنظّرات النسويات تعريف الأنثى بدقة من دون الرجوع إلى المعايير الذكورية، من دون الاستناد إلى الخطاب التمييزي السائد، ومن دون الوقوع في شباك الحتمية التي يمكن أن تحتّم على المرأة صفات معينة، أو تربطها إلى أفكار ثابتة، أو تلحق بها ما يقيّدها ويكبّلها. فالمعضلة الحالية التي تواجه المنظّرات النسويات هي أن أي تحديد للذات الأنثوية ينتهي إلى حتميات من نوع معين. وعليه، تعدَّدت النظريات النسوية، وتضاربت الأفكار والآراء حولها، وانتُقدت جميعها أشد الانتقادات. راحت مجموعة من المنظّرات النسويات تُعرّف الذات الانثوية بالإيجاب، وراحت مجموعة أخرى تعرّفها بالسلب. في كلتا الحالتين، ظل التعريف إشكاليًا وملتبسًا، ولا يزال السعي إليه مستمرًا لارتباطه بمسائل شديدة الأهمية كالتمثيل السياسي، والفاعلية، والاستقلالية.
ولفهم العقبات الحتمية والجوهرانية التي تعترض سبيل النظريات النسوية المطروحة في هذه الورقة وإدراك كيفية تأثير هذه العقبات على صياغة مفهوم للذات الأنثوية، أروم في ورقتي هذه تسليط الضوء على الفلسفات التي مهدت الطريق لهذه النظريات النسوية وأسستها من جهة، واستخلاص تفسير لمفهوم الذات الانثوية المرتبط بكل نظرية من هذه النظريات من جهة ثانية. تُقسَّم الورقة إلى ثلاثة أقسام رئيسة. في القسم الأول، بالاستناد إلى نظريات النسوية الثقافية، أنظر في مفهوم المرأة وأفحص الدور الإشكالي الذي لعبته الجوهرانية في صياغة نظريات النسوية الثقافية. في القسم الثاني، أتوجه إلى عمل سيمون دو بوفوار الجنس الآخر، الذي يُعَدّ نقطة تحوّل في الفلسفة النسوية وحجر الأساس للنظريات النسوية بعد البنيوية، وأتقصى موضوع هذا العمل وإسقاطاته على ما جاء بعده من نظريات. وفي القسم الثالث، بالرجوع إلى النظريات النسوية بعد البنيوية، أتطرق إلى تعريف الذات الأنثوية وإلى عدد من التفسيرات الحتمية والجوهرانية المتعلقة بالذات إياها.

كلمات مفتاحية: الجوهرانية . النظريات النسوية . النسوية الثقافية . الجندر . البنيوية

أولًا: مقدمة
تُعَد النظرية النسوية امتدادًا للحركات النسوية الاجتماعية والسياسية التي انطلقت في منتصف القرن التاسع عشر. وعلى الرغم من انهماك النظرية النسوية سياسيًا واجتماعيًا في تفسير مظاهر القمع والاضطهاد الواقعين على الأنثى وتحليل التفاوتات المختلفة بين الذكر والأنثى، تبقى جزءًا لا يتجزأ من منظومة الفلسفة الغربية المعتمَدة، وتبقى مرتبطةً بالسياقات الفلسفية الرئيسة وما تنتجه من مفاهيم جوهرية كالفردية، الذاتية، البنائية، وغيرها. فعلى سبيل المثال، نجد أن النظريات النسوية الثقافية التي ترجع إلى فترة العصر الحديث المتأخر للفلسفة الغربية، التي بدأت في منتصف القرن التاسع عشر وانتهت بعد الحرب العالمية الثانية، تتعامل مع مفهوم المرأة بوصفه ثابتًا وقابلًا للتعريف والتفسير. تركّز هذه النظريات جهدها على التصدي لمشكلة تعريف المرأة من طرف الرجل بلغة ذكورية سائدة ومنتشرة عبر التاريخ، وتحاول بناء تعريف جديد للمرأة بمصطلحات زعمت النظرية الثقافية بأنها غير ذكورية. اعترضت هذه النظريات بشدة على كيفية تصوير ووصف المرأة في وسائط الإعلام، فركزت بصورة خاصة على الثقافة السائدة وحاولت بناء ثقافة مضادة وخلق صورة “إيجابية” عن المرأة. في الواقع، لا يمكن الإحاطة بهذه النظريات وفهم خطابها والمفاهيم الكبرى التي تتعامل معها كمفاهيم الحرية، والجسد، والسلطة وإدراك أبعادها والعقبات التي تواجهها من دون تناول الفلسفة التي تبطنها وتملي عليها أحكامها، حتى وإنْ زعمت هذه النظريات بأنها وليدة الثقافة، وربما السياسة، لا الفلسفة. ومن ناحية أخرى، وبصورة مناقضة، نجد أن النظريات النسوية بعد الحداثية وبعد البنيوية تستمد أفكارها بشكل واضح من فلسفات منتصف وأواخر القرن العشرين، وتعتمد اعتمادًا كبيرًا على مفهوم التفكيك الذي صاغه جاك دريدا، إلا أن جذوره تعود إلى مارتن هايدغر الذي استخدمه بمعنى الهدم والتخريب. ترى هذه النظريات أن المشكلة لا تكمن في الثقافة وإسقاطات الثقافة على اللغة فحسب، كما ادّعت النظريات النسوية الثقافية، بل تكمن في الخطاب بصورة خاصة، وتعتقد أن مفهوم المرأة، أو ما أصبح يُسمى بالذات الانثوية، لا يمكن تعريفه أو تفسيره ببساطة، فليس ثمة مدلول نهائي ثابت لدالّ “المرأة”. كما تتناول هذه النظريات أدوات أخرى لتحليل التفاوتات بين الذكر والأنثى ومنها النظرية النقدية التي تسائل مفهوم الهوية ومنظومة علاقات القوى المعتمَدة في المجتمع الأبوي، والتحليل النفسي الذي تعدّه أداة فعالة للكشف عن مركزية الذكر في الخطاب السائد. تسعى النظريات النسوية بعد البنيوية إلى تصحيح مسار النظريات الثقافية وتخطي مشكلاتها لترسيخ الاختلاف والتعددية بين النساء. وعلى الرغم من الجهود العديدة التي بذلتها النظريات النسوية في هذا الاتجاه، أكانت هذه النظريات ثقافية أم بعد بنيوية، فقد تجاهل جزء كبير منها الاختلافات الداخلية الكامنة في الهوية الأنثوية، ووقع في شباك الجوهرانية والحتمية، وكشف عن أوجه قصور عدة.
في هذا السياق، يبرز سؤال حول كيفية بناء نظرية نسوية غير جوهرانية أو الوصول إلى طريقة يمكن من خلالها تحديد هوية أنثوية غير جوهرانية. وعلى الرغم من أن الإجابة على هذا السؤال غير متوفرة تمامًا في الوقت الحالي، يمكن المرء أن يجني نفعًا من تقصي النظريات المتاحة والمطروحة في هذه الورقة وبصورة عامة، وتحديد الاختلافات الدقيقة بين نظرية وأخرى، وبناء ما أسمته المنظّرة النسوية شيلا ساندوفال (Chela Sandoval) بالوعي التعارضي التفاضلي الذي يسمح بالتنقل الحر بين هذه النظريات، من جهة، ومواصلة النقاش الذي لا بدّ من أن يثمر يومًا، من جهة أخرى. تقول ديانا فوس (Diana Fuss)، “إن التوتر الذي ينتجه نقاش الجوهراني/التفسيري، مسؤول عن بعض أعظم استبصارات النظرية النسوية” (Fuss, 1995).

ثانيًا: النسوية الثقافية
يُعَدُّ مصطلح النسوية الثقافية، الذي أستعيره من الفيلسوفة النسوية ليندا ألكوف Linda Alcoff، مصطلحًا شاملًا يتضمن عددًا كبيرًا من النظريات التي تدرس بناء الأنثى ثقافيًا، وتتصدى للقيم والمعايير الذكورية، وتميل إلى ترسيخ مفاهيم علمية وبيولوجية وسمات ثابتة وغير تاريخية عن المرأة. “تعيد النسوية الثقافية تقييم المرأة من خلال تفسير تأثريّتها على أنها مسالَمة، وحساسيتها على أنها ميل إلى الاحتضان، وخضوعها على أنه وعي ذاتي متقدم، وما إلى ذلك. لم تتصد النسوية الثقافية لتعريف المرأة، بل للتعريف الذي قدَّمه الرجل فحسب” (Alcoff, 1988). يبدو واضحًا أن النسوية الثقافية تؤكد على خضوع المرأة، وتفرض عليها صفات بيولوجية وطبيعية معينة، فتضمّها إلى الطبيعة وتضعها في أدوار اجتماعية أدنى من أدوار الرجل الذي تنسبه إلى الثقافة. وعليه، تشجع النسوية الثقافية على حصر المرأة في محيط العائلة وبيئة المنزل وأدوار الأمومة والرعاية والاحتضان. من ناحية أخرى، تُعرِّف الرجلَ من خلال الثقافة التي تحتوي الطبيعة وتتفوق عليها. بكلمات أخرى، تُبقي النظرية النسوية الثقافية على ثنائيات ضدية مختلفة ثقافة/طبيعة، سيد/عبد، ذات/موضوع، عقل/جسد وتسعى من خلالها إلى خلق تراتبيات وجودية، تفرض على الرجل التموضع في المركز، وتفرض على المرأة التموضع في الهامش، ما يجعل الطرف الأول قادرًا على ممارسة القمع والاستبداد في حق الطرف الثاني.
هذا التفكير الثنائي الذي يفصل بصورة أساس بين العقل والجسد ينحدر من الإرثين الأرسطي والديكارتي اللذين يصرّان على الفصل بين “المادي” و”الروحي” وعلى وجود فجوة بين الخبرة الذاتية والخبرة الموضوعية. يُعدُّ ديكارت أبا الحداثة والفلسفة الحداثية، حيث تستند المعرفة والعلوم الحديثة إلى الكوجيطو الديكارتي الذي يمجّد العقل ويدعو إلى التحرّر من الجسد. وقد رسَّخ الفكر الديكارتي ومعاييره الحداثية طريقة التفكير الثنائية، وكرَّس بناء التراتبيات الهرمية بين الثنائيات بصورة غير واعية. “إن الثنائية الديكارتية بين العقلي واللاعقلي، أو بين العقل والجسد، كانت لها انعكاساتها على فهمنا للاختلافات الجنسية، والتي نتج عنها التمييز بين العقل والتفكير العقلاني الذي يمثله الرجل، والجسم والتفكير اللاعقلاني الذي تمثله المرأة […] حاول ديكارت أن يعيد النظر في مفهوم الطبيعة كخطوة أولى، ويقدّم هذا المفهوم في حدود ومصطلحات ذكورية خالصة، فالطبيعة لا بد أن تُفهم بوصفها آلة ميكانيكية هندسية خالصة ويتعين على الفيلسوف والعالم أن يتحكما ويسيطرا عليها عن طريق المعرفة الموضوعية التي يمدنا بها العقل كخطوة ثانية، لهذا أعلن ديكارت موت الكون أو الطبيعة بوصفها أنثى او أمًا، وأعلن ميلاد وجهة النظر الميكانيكية الذكورية” (قطب،2011). على هذا النحو، أثرت الفلسفة الثنائية الديكارتية بصورة خاصة في نظريات النسوية الثقافية وأملت عليها مفاهيمها ومبادئها، “تُعدُّ الثنائية الديكارتية أصل الاضطهاد الجندري” (Wise, 2005). وبناءً على تمييز ديكارت بين العقل كجوهر غير مادي والجسد كجوهر مادي، وُضعت الأنثى في ثنائية ديكارت في موقع المادة بوصفها جسدًا بلا عقل، بوصفها طبيعةً تنحصر مسؤولياتها في الجنس والإنجاب.

الجوهرانية في النظريات النسوية الثقافية
انتهج ديكارت الشكّ الجذري في الذات والعقل والأشياء من أجل بناء قواعد راسخة وثابتة لبنائه الفلسفي والوصول إلى اليقين والبداهة الأولى التي تقوم عليها جميع البداهات الأخرى. وفي سعيه إلى اليقين، استنتج أنه لا يستطيع أن يكون متيقنًا إلا من نفسه وأفكاره الخاصة بوصفه ذاتًا مفكرة، ومن انفصال الوعي عن العالم الطبيعي الفيزيائي. ظلّ ديكارت أسير الفكر الأرسطي فتكلم لغة الجوهر، وربط جوهريًا بين وجود الأنا والتفكير، وجعل جوهرَ النفسِ العقل. على هذا النحو، دشَّن ديكارت طريقة جوهرانية في اكتساب المعرفة، “إن الأطروحة الأساسية للجوهرانية هي أن قوانين الطبيعة حالّة في الأشياء الموجودة في الطبيعة، وليست مفروضة عليها من الخارج” (Ellis, 2002). وبكلمات أخرى، تتمثل الجوهرانية في الاعتقاد بوجود جوهر حقيقي ثابت بوصفه “مقوِّمًا أساسيًا لشخص أو شيء معين” (Fuss, 1995). يُردّ هذا الفهم التقليدي للجوهر إلى الفكر الأرسطي والديكارتي اللذين احتل لديهما مفهوم الجوهر مكانة خاصة واعتقدا أن المعرفة ليست سوى تحديد للأنواع وربطها إلى الجواهر الثابتة التي لا تحتاج إلى برهان.
إن القول بوجود جوهر جعل المنظرّات النسويات يعتقدن بوجود حقيقة أنثوية ثابتة في الطبيعة، ويحاولن اكتشفها وتوصيفها، فقد رأى ديكارت أن معرفة طبيعة الشيء سابقة على معرفة وجوده. وعليه، ظهرت النسوية الثقافية التي رأت أن المشكلة تكمن في الثقافة فحسب، وأن الحلّ يكمن في الطبيعة. ركّزت النسوية الثقافية جهودها في البحث في طبيعة المرأة والتنظير في خصوصية جسدها ووظائفه الفيزيولوجية والبيولوجية التي تمنح المرأة بنية نفسية مختلفة. “يبدو أن جسد المرأة يضعها بالقرب من الطبيعة مقارنة بفيزيولوجية الرجل التي تحرّره تمامًا لينشغل في مهام الثقافة […] إن ارتباط المرأة بالدائرة المنزلية قد يساهم في رؤيتها قريبة من الطبيعة. كما أن ارتباط المرأة الوثيق بالأطفال يجعلها أقرب إلى الطبيعة.” (Ortner, 1972). هكذا، تصدت النسوية الثقافية للقمع والاضطهاد الثقافيين الواقعين على المرأة، إلا أنها لم تعترض على مفهوم الثقافة في حد ذاته وارتباطاته بالقمع والاضطهاد إياهما، بل اكتفت بالاعتراض على المعايير والقيم الذكورية الموجودة في الثقافة، “إن النسوية الثقافية هي أيديولوجية الطبيعة الأنثوية أو الجوهر الانثوي […] وفقًا للنسويات الثقافيات، ليس عدو المرأة نظامًا اجتماعيًا أو مؤسسة اقتصادية أو مجموعة من المعتقدات المتخلفة، بل الذكورة نفسها” (Alcoff, 1988).
تتضمن النسوية الثقافية عددًا كبيرًا من الأفكار والنظريات بما في ذلك، على سبيل المثال، نسوية الموجة الثانية. تُعَدُّ ماري دالي (Mary Daly) إحدى أهم فيلسوفات الموجة النسوية الثانية وقد دافعت عن مفهوم الأنثى الجوهري وسعت إلى بناء بيئة خالية من الأعراف الذكورية حيث قالت، “بما أن الطاقة الأنثوية ميّالة جوهريًا إلى الطبيعة وأشكال الحياة الأخرى، فإن روح الأنثى أو جسدها هو الهدف الأساس في هذه الحرب العدائية المستمرة على الحياة” (Pierson, 1987). أيضًا نجد أدريان ريتش (Adrienne Rich) المدافعة عن النسوية الثقافية تتبنى موقفًا جوهرانيًا بيولوجيًا وتسعى إلى ترسيخ السمات الأنثوية المرتبطة بالطبيعة حيث تقول، “علينا أن نشعر بوحدة وتناغم أجسادنا، ارتباطنا بالنظام الطبيعي، الأساس الجسدي لذكائنا” (Pierson, 1987). هذا الفهم الجوهراني للجسد يفترض ذاتًا سلبية تؤثر فيها الطبيعة باستمرار وتجعلها عاجزة عن الفعل أو التأثير. على هذا النحو، تُحتَّم على المرأة مجموعة من السمات طبيعية بوصف الطبيعة حيزًا للثبات، ويُوجَّه النقد إلى الثقافة والمجتمع بوصفه حيزًا للنشاط والتغيير. هذا الفهم لا يتجاهل قدرات الذات نفسها فحسب، بل يغفل أيضًا عن تأثيراتها وقدراتها النفسية. ولهذا السبب نجد كثيرًا من المنظّرات النسويات اللواتي تحوّلن إلى التحليل النفسي لقدرته على التصدي لهذه الجوهرانية من وجهة نظر نفسية مختلفة. غير أن إسناد الذات الأنثوية والجسد الأنثوي إلى الثقافة ومعاييرها لا يعني تجنُّب الجوهرانية، وهذا ما سأتطرق إليه في القسم الثاني من هذه الورقة.

ثالثًا: التحوُّل نحو البنائية في النظريّة النسوية
أثار كتاب سيمون دو بوفوار الجنس الآخر جدلًا كبيرًا منذ صدوره، وكان نقطة تحوُّلٍ غيَّرت مسار الدراسات النسوية ودشّنت ظهور النظرية النسوية الحديثة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمجموعة متنوعة من المجالات كالفلسفة والأدب والسياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع والتحليل النفسي. في هذا الكتاب ومن خلال العبارة الشهيرة، “لا تولد الواحدة منا امرأة، لكنها تصبح كذلك”، رأت دو بوفوار أن وضع المرأة البيولوجي ليس له أي دور في تحديد هويتها ولا يشكل عائقًا في حد ذاته، وأشارت إلى ارتباط المرأة بعلاقة اضطهاد طويلة الأمد بالرجل، ثم قدَّمت مفهوم البنائية المرتبط بالهوية الجندرية، حيث وجدت أن الجندر ليس بنية ثقافية مفروضة على الهوية، بل هو عملية متكررة ومستمرة تُبنى من خلالها الذات والهوية. فالمرأة لا تولد امرأة، بل تكتسب هويتها الجندرية من خلال الصراع مع السائد الثقافي. أعادت دو بوفوار بذلك الفاعلية للمرأة وقدرتها على التغيير بعد أن كانت ذاتًا سلبية غير قادرة على التأثير. ومن خلال نقدها البنائي للهوية الأنثوية الجوهرانية، تصدت للحتمية البيولوجية، ووضعت حدًا لمفهوم الجوهر الطبيعي، ومهَّدت الطريق لتطوير النظريات النسوية بعد البنيوية وبعد الحداثية. في هذا السياق، أُسِّس التمييز بين مصطلح “أنثى” الذي يدلّ على الحقيقة المادية الطبيعية ومصطلح “امرأة” الذي يشير إلى مجموعة من السمات المكتسبة ثقافيًا.
وعلى الرغم من اعتراض دو بوفوار على الجوهرانية ومحاولتها التصدي لها، يبدو أن هناك تماثلًا بين مفهوم الذات الأنثوية الذي صاغته دو بوفوار ومفهوم الذات الديكارتية وكوجيطو ديكارت، حيث تتشابه الثنائية البوفوارية جندر/جنس مع الثنائية الديكارتية عقل/جسد. وفي هذا الشأن تقول جوديث بَتلر (Judith Butler)، “إن ازدواجية الثنائية الديكارتية عقل/جسد تعاود الظهور في كتاب سيمون دو بوفوار الجنس الآخر، وإن كان ذلك على نحو أقل خطورة […] إن تحليل دو بوفوار قاصر بشكل واضح وسبب ذلك استنساخها غير النقدي للتمييز الديكارتي بين الحرية والجسد” (Butler, 2006). تطرح دو بوفوار في أعمالها سؤال “الاختلاف الجنسي” الذي سيصبح فيما بعد الموضوع الرئيس في الفلسفة النسوية خلال النصف الثاني من القرن العشرين.

رابعًا: النسوية بعد البنيوية
تتضمن النسوية بعد البنيوية عددًا كبيرًا من النظريات، حيث تتفق جميع هذه النظريات على تاريخية وخطابية فئة “المرأة”، وترى أن اللغة تبني الواقع، خلافًا للنسوية الثقافية التي تتعامل مع اللغة بوصفها انعكاسًا للواقع. وفقًا للنسوية بعد البنيوية، “تكمن مشكلة النسوية الثقافية في أنها، حين تردّ على التمييز الجنسي، لا تنتقد الآلية الأساسية للسلطة القمعية التي تُستَخدم لمواصلة التمييز الجنسي، وفي الواقع، لإعادة تفعيل الآلية في حلّها المفترض” (Alcoff, 1988). تؤكد النسوية بعد البنيوية، التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، على عدم قابلية فئة “المرأة” للتعريف أو التحديد أو التفسير. وبدلًا من ذلك، تهتم هذه النظريات في تحديد الثنائيات الضدية في اللغة والمفاهيم الحداثية المهترئة للجندر وتفكيكها. واستنادًا إلى أعمال المنظرين الفرنسيين بعد الحداثيين وبعد التفكيكيين من أمثال جاك لاكان وجاك دريدا وميشيل فوكو، تسعى النسوية بعد التفكيكية إلى تجريد الذات الأنثوية من الطابع الجوهراني والتأكيد على الطابع البنائي الاجتماعي لهذه الذات. “يستخدم لاكان التحليل النفسي، ويستخدم دريدا قواعد اللغة، ويستخدم فوكو تاريخ الخطاب، لمهاجمة و”تفكيك” مفهوم الذات بوصفها حاملةً لهوية جوهرية ولبٍّ أصيل يقمعه المجتمع” (Alcoff, 1988).
علاوة على ذلك، تسعى النظريات بعد البنيوية إلى تقويض الذات الديكارتية، حيث ترى “أن ديكارت هو المسؤول الأول عن خلق الذات الحداثية والمشكلات المرتبطة بها” (Trepanier, 2016). وفقًا للفكر بعد البنيوي، ليس للذات وجودًا ثنائيًا أو طبيعة جوهرية. تفترض النسوية بعد البنيوية التغيُّر والتجزئة وعدم التماسك وعدم التجانس، فالذات تتغير وتتدفق باستمرار، حيث تمثل البنائيةُ محورًا أساسيًا في فهم الذات الحديثة، فكل ما تكون عليه الذات هو نتيجة البنائية. وقد حاول جاد دريدا تفكيك هذه الذات الثنائية من خلال إبطال عمل الدوال وإتاحة الفرصة للعب الحرّ بها على حساب المدلولات، فأبطل عمل دالّة “الطبيعة” بحيث لا تتمكن هذه الدالّة من التدليل على، ولا تصل إلى، مدلولها؛ “تمكّن دريدا من تقديم ذات بعد حداثية مناقضة للذات الديكارتية” (Trepanier, 2016).
في هذا السياق، انتقدت لوس إيريغاراي (Luce Irigaray)، التي تُعَدّ إحدى أهم فيلسوفات النسوية بعد البنيوية، الفهم الحداثي للذات الأنثوية وحاولت تفكيك البديهيات التي يرتكز عليها الخطاب العقلاني الذكوري، حيث تقول، “لقد استحوذ المذكَّر على نظريات الذات كافةً” (Irigaray, 1985). ما تسعى إليه إيريغاراي هو إبطال تماسك الذات الأنثوية الديكارتية والتصدي لهيمنة مركزية اللوغوس والفالوس. تفترض إيريغاراي خطابًا جديدًا تُبنى فيه الذات الأنثوية اجتماعيًا، لكنها تركّز في الوقت نفسه على مسألة الاختلاف الجنسي. “من أجل إنقاذ النساء من الآثار القمعية للمركزية القضيبية، تفترض إيريغاراي خطابًا أنثويًا بديلًا يُصاغ على نحو يلائم أعضاء الأنثى التناسلية” (Berg, 1991).

الجوهرانية الجديدة في النظريات النسوية بعد البنيوية
على الرغم من سعي النسوية بعد البنيوية إلى التغلب على مشكلات النسوية الثقافية وتخطي الحتمية البيولوجية والجوهرانية المتصلة بمفهوم الذات الانثوية، ظهرت معضلة جديدة في النظريات النسوية بعد البنيوية وبعد الحداثية. تمكن تسمية هذه المعضلة بالجوهرانية الحديثة، فلا ترتبط هذه الجوهرانية بالطبيعة بصورة خاصة، لكنها ترتبط بمعطيات جديدة أفرزتها النسوية بعد البنيوية في حدّ ذاتها. في عملها هذا الجنس الذي ليس واحدًاThis Sex Which Is Not One، تقول إيريغاراي، “من خلال شفاهنا نكون نساء […] ربما يكون الاختلافُ الجنسي الخلاصَ على المستوى الفكري” (Irigaray, 1985). يبدو واضحًا أن إيريغاراي تقدم سرديةَ للذات الأنثوية تعتمد بصورة مباشرة على الاختلاف الجنسي وتجربة الأعضاء الأنثوية. وعلى الرغم من أن هدفها متمثل في نقد المركزية القضيبية المتفشية في التحليل النفسي لدى فرويد ولاكان، فإنها تعرِّف المرأة جوهريًا من خلال ربط هذا التعريف إلى “التجربة” الجسدية، حيث تقول، “الاختلاف الجنسي هو مُعطى طبيعي مباشر” (Irigaray, 1985). تقدِّم إيريغاراي شكلًا جديدًا من المادية يشدِّد على جسد الأنثى الطبيعي بوصفه موقعًا للتجربة وأداةً مُجَنسِنةً للذاتية الأنثوية، فهي تؤكد على الذاتية الأنثوية المتجسِّدة كمحاولة “لتخريب” نظام اللغة والتفكير المتمركزين حول القضيب. على هذا النحو، تقترح إيريغاراي نموذجًا للجسد يقع خارج اللغة، ويسعى إلى الدخول إلى الحيز السابق على الهيمنة الذكورية. غير أن إيريغاراي، حين تفعل ذلك، تقلّل من شأن المنطق الثنائي (طبيعة/ثقافة) الكامن في التعريف الذي تقدّمه والذي يبقيها ضمن ثنائيات المصطلحات الذكورية (جندر/جنس، وعي/لاوعي، جسد/عقل). “تُستَمَد ذاتية الأنثى [في النسوية الفرنسية] من فيزيولوجيا المرأة وغرائزها الجسدية لأنها تؤثر في التجربة والوعي الجنسيين” (Jones, 1981). تحاول إيريغاراي التصدي مرة بعد مرة للفهم الذكوري للذات عن طريق ربط الجسد إلى الذات الأنثوية وفصل الجسد عن دلالاته الثقافية، إلا أن الجسد يكتسب دلالة من جديدة، فليس للجسد معنى قبل اللغة، “إنه موقع النقش ولا يمكن تحويله إلى ثيمة صريحة” (Butler, 1997). بينما وجدت إيريغاراي أن الوقوف في وجه الحتمية البيولوجية يتطلب تركيزًا على الاختلاف الجنسي، فكَّكت جوديث بَتلر ثنائية الجنس/الجندر للوقوف في وجه المعايير الخطابية الذكورية التي تملي على الحتمية البيولوجية أحكامها ومصطلحاتها. في كتابها الشهير مأزق الجندرGender Trouble ، تمكّنت بَتلر من تجاوز المنطق والتفكير الثنائيين من خلال التركيز على البناء التاريخي للغة وللمصطلحين الجنس والجندر. اعترضت بَتلر على الفكرة القائلة بأن الجنس يبني الجندر، ورأت أن كلًا من الجنس والجندر مبنيٌ اجتماعيًا ونتيجةٌ للخطاب السائد.
“إن اختلف الجنس اختلافًا جذريًا عن الجندر، فإن ذلك يبطل الفكرة القائلة بأن جنس المرء يحدِّد جندر المرء؛ بكلمات أخرى، ليس ضروريًا أن تنطوي كلمة “امرأة” على البناء الثقافي لجسد الأنثى، وليس ضروريًا أن تُفسِّر كلمة “رجل” أجساد الذكور […] شأنه شأن الجندر، الجنس مبني ثقافيًا” (Butler, 2006).
من خلال إشارتها إلى هذا التمييز الخاطئ بين هذين المصطلحين وتفكيكهما، تتغلب بَتلر على السرديات الجوهرانية للذات الأنثوية، وبدلًا من ذلك، تُعرِّف الذاتَ الأنثوية بوصفها ممارسةً متكررةً مستمرةً تكشف عن نفسها في حالة أدائية. بكلمات أخرى، يُؤسَّس الجندر من خلال سلسلة من الممارسات الأدائية الأنثوية أو الذكرية التي تُنقَل عبر التاريخ من جيل إلى جيل وتنتشر بين الناس، فيقلّدها الفرد ويمثّلها أدائيًا كما يؤدي الممثل دورًا معينًا في عمل فني. ويُؤسَّس الجنس الذي هو مثال ideal من خلاله تجسيد هذا المثال ماديًا مع مرور الوقت. “ليس الجنس حقيقةً بسيطةً أو حالةً ثابتةً لجسد ما، بل هو عملية من خلالها تُجسِّدُ المعاييرُ التنظيميةُ “الجنسَ” ماديًا وتحقّق هذا التجسيد من خلال تكرار هذه المعايير بصورة إجبارية” (Butler, 2006). على هذا النحو، ترى بَتلر أن البيولوجيا لا تُحدِّد الجندر، وأن الجسد الأنثوي لا يوجد خارج اللغة والخطاب الثقافي، وأن تفسيرات الجسد الأنثوي كافةً هي نتيجة التفكير الثنائي. كما أنها تنتقد المنظّرات النسويات اللواتي تجاهلن الاختلافات التاريخية وجعلن “النساء” فئة غير تاريخية، وتشير إلى أن مقاربتهن هذه تؤكِّد النظرة الثنائية للعلاقات الجندرية، وتضفي على التوجهات الجنسية والجندرية طابعًا جوهريًا. “بسبب عدم وجود “جوهر” يعبِّر عنه الجندر أو يمثّله خارجيًا وعدم وجود مثال موضوعي يتطلع إليه الجندر؛ بسبب عدم تمثيل الجندر لأي حقيقة، فإن الأفعال الجندرية المختلفة تخلق فكرة الجندر، ومن دون هذه الأفعال، لن يكون هناك جندر على الإطلاق” (Butler, 2006).
من ناحية أخرى، تعترض طائفة من المنظّرات النسويات على نظرية بَتلر الأدائية وتعدّها غير كافية ومقيّدة للفاعلية، لأن فهم الذات الأنثوية بوصفها ناتجة عن الثقافة والخطاب السائد يهدّد بنفي الفاعلية وإلغائها. فعلى الرغم من الوعود التي تقطعها النسوية بعد البنيوية على نفسها بمزيد من الحرية والتعددية والاختلاف للمرأة، يبدو أن النتيجة ليست في مستوى هذه الوعود والتوقعات. إذا عُرِّفت الذات بوصفها تكرارًا، فإن كل فعل يُختَزَل إلى مجرد رد فعل، ويكون الفعل متوقّعًا ومُحدَّدًا مسبقًا، وتقتصر أي مقاومة للسلطة على المقاومة السلبية. تقول بَتلر، “نحن نعتمد على لغة لم نصنعها من أجل الوجود. ونظرًا إلى أننا كائنات لغوية، فنحن نوجَد حين تُسائلنا أشكال المخاطبة المقبولة اجتماعيًا” (Butler, 2006).
استنادًا إلى ما سبق، نجد أن الذات الأنثوية في النظريات النسوية بعد البنيوية ليست محدَّدة بواسطة الطبيعة ولا مُحتَّم عليها من طرف البيولوجيا، بل هي بالأحرى مبنية من خلال الممارسات الخطابية الثقافية، وأن الاختلاف الجنسي مؤسَّسٌ من خلال الخطابات التي تتعهدها السلطة وتروّجها. تتفق هذه المقاربة مع فكرة فوكو القائلة بعدم ثبات الجنس؛ “فالجنسانية هي الاسم الذي يمكن أن يُطلَق على بناء تاريخي” (Foucault, 1980). بهذا المعنى، تُقيَّد فاعلية الذات من خلال القيود الموجودة في اللغة. فلا يكون للذات تاليًا إلا قدرًا ضئيلًا من الحرية في التعريف والفاعلية.
“إن رفض الحتمية البيولوجية [وفقًا للنسوية بعد البنيوية] لا يرتكز على الاعتقاد بأن الذوات البشرية غير محدَّدة بشكل كاف، بل بالأحرى يرتكز على الاعتقاد بأننا محدَّدون بإفراط (أي مبنيون) بواسطة الخطاب الاجتماعي و/أو الممارسة الثقافية […] نحن عبارة عن بُنى (أي أن تجربة الذاتية هي بناء يتوسطه و/أو يرتكز عليه خطاب اجتماعي خارج عن سيطرة الفرد” Alcoff, 1988)).

خامسًا: خاتمة
في انطلاقتها الأولى، حاولت النظرية النسوية عبر اتخاذها المسار الثقافي التصدي للمعايير والقيم الذكورية السائدة من خلال إيجاد تعريف خاص بالذات الأنثوية، فاستحضرت النظرية مفهوم الجوهر آملةً أن تجد فيه ضالّتها، لكنها سرعان ما اكتشفت هشاشة هذا المفهوم وعجزه عن تحقيق مطالبها. ثارت النظرية النسوية على هذا المفهوم حين انقلب عليها وأظهر وجهه الحقيقي الذكوري، هجته، فككته، وأظهرت مواطن الضعف والقصور فيه. اعتقدت النظرية أنها بهذا الاكتشاف أصبحت قادرة على التصدي لهذا المفهوم وإيجاد تعريف للذات الأنثوية بمعزل عنه. فظهرت النظرية النسوية بمسارها التفكيكي، بعد البنيوي، وبعد الحداثي تقطع على نفسها عهودًا جديدة بتعريف أكثر رحابة وطواعية للذات الأنثوية. لكن النتيجة لم تكن أيضًا في مستوى العهود والتوقعات والآمال. ففي حين حتّمت الأولى الطبيعة والبيولوجيا على المرأة وأسقطت عليها صور الطبيعة، حتّمت الثانية التاريخ على المرأة، وحدّدت فعلها، وقيّدت مقاومتها وجعلتها سلبية، فأزاحت عنها جميع الإسقاطات حتى أصبحت المرأة خالية من كل صفة وتسمية وتعريف. وعلى الرغم من أنها أضعفت قبضة الجوهرانية على الذات الأنثوية، فلم تتمكن من تحرير الذات من هذه القبضة تمامًا.


المراجع
Alcoff, Linda. “Cultural Feminism versus Post-Structuralism: The Identity Crisis in Feminist Theory.” Signs 13 (1988): 405-436. Print.
Berg, Maggie. “Luce Irigaray’s “Contradictions”: Poststructuralism and Feminism.” Signs 17 (1991): 50-70. Print.
Butler, Judith. Excitable Speech: A Politics of the Performative. New York: Routledge, 1997. Print.
Butler, Judith. Gender Trouble: Feminism and the Subversion of Identity. New York: Routledge, 2006. Print.
De Beauvoir, Simone. The Second Sex. Translated by H. M. Parshley. London: Penguin, 1972. Print.
Ellis, Brian. Philosophy of Nature: A Guide to the New Essentialism. Quebec: McGill-Queen’s University Press, 2002. Print.
Foucault, Michael. The History of Sexuality, Volume 1: An Introduction. Translated by Robert Hurley, New York: Vintage Books, 1980. Print.
Hekman, Susan. “Reconstituting the Subject: Feminism, Modernism, and Postmodernism.” Hypatia 6 (1991): 44-63. Print.
Irigaray, Luce. This Sex Which Is Not One. Translated by Catherine Porter. New York: Cornell University Press, 1985. Print.
Jones, Ann Rosalind. “Writing the Body: Toward an Understanding of L’Ecriture Feminine.” Feminist Studies 7 (1981): 247-263. Print.
Pierson, Ruth Roach. Women and Peace: Theoretical, Historical and Practical Perspectives. New York: Routledge, 1987. Print.
Trepanier, Lee. Subjectivity: Ancient and Modern. London: Lexington Books, 2016. Print.
Wise, Constance. “An Alternative to Gender Essentialism Based on Process Thought.” Process Studies 34 (2005): 279-296. Print.
خالد قطب، فلسفة العلم التطبيقية: الفلسفة تبحث عن آفاق جديدة داخل العلم، المكتبة الأكاديمية، القاهرة 2011.

مشاركة: