مفهوم الوطن والمواطنة عند اللَّاجئين السُّوريين في تركيا

تمهيد

أدَّى اندلاع الثَّورة السُّورية عام 2011م ولجوء السُّلطة إلى الخيار العسكريِّ إلى تعرُّض المدن والقرى للقصف والتَّدمير وتهجير سكَّانها منها، ممَّا تسبَّب بموجة نزوحٍ هي الأكبر في هذا القرن. وقد كان لتركيا النَّصيب الأكبر من اللَّاجئين السُّوريين، الأمر الذي دفعنا إلى العودة إلى مفهوم الوطن والمواطنة وتحوُّلاتهما عند اللَّاجئين.

شكَّلت الحريَّة وتأسيس الدَّولة الوطنيَّة التي تقوم على أسس الدَّيمقراطيَّة والعدالة والمساواة هاجسَ معظم أفراد الشَّعب في سورية منذ اليوم الأوَّل من انطلاق الثَّورة؛ بسبب استبداد السُّلطة وتهميشها لفئاتٍ واسعةٍ من المواطنين، ممَّا أوجد هوَّةً واسعةً بين الشَّعب من جهةٍ، والسُّلطة من جهةٍ أخرى، وقد حمل اللَّاجئون هذا الهاجس معهم في تغريبتهم نحو الحريَّة، فبدؤوا بتشكيل الكيانات السِّياسيَّة والأحزاب والمنظَّمات التي تسمح للأفراد بممارسة حريَّتهم وضمان حقوقهم وملكيَّتهم حين أدركوا آليَّة استعادة حقوقهم وفي مقدِّمتها وجود دولةٍ مدنيَّةٍ ديمقراطيَّةٍ تكون أداة تعبيرٍ عن الإرادة الشَّعبيَّة الحقيقيَّة في العيش المشترك. فالمواطنة عند اللَّاجئين الذين فقدوا وطنهم تبدأ بصياغة عقدٍ اجتماعيٍّ جديدٍ يضمن مشاركة الجميع في الحكم، وإبداء الرَّأي والتَّعبير في أجواء مشبعةٍ بالحريَّة، بينما لم تكن المواطنة سابقًا سوى شعاراتٍ أيديولوجيَّةٍ تطلقها السُّلطة الدِّكتاتوريَّة.

وسوف يتمركز البحث في الوطن والمواطنة بوصفها إشكاليَّةً حول محورين رئيسين:

الأوَّل: إدراك اللَّاجئين لمعنى المواطنة بمفهومها الصَّحيح بعد اختبارها بواسطة الثَّورة، وبعد اطِّلاعهم ومعايشتهم لواقع الحياة في بلدان النُّزوح، سواء في تركيا أو غيرها من الدُّول.

الثَّاني: تراجع نسبة الرَّاغبين بالعودة إلى وطنهم بين اللَّاجئين، والأمر يعود إلى عدَّة أسبابٍ سنحاول تسليط الضَّوء عليها في مسار البحث.

مشاركة: