مفهوم الضحية، من المعاناة إلى البطولة

مفهوم الضحية

تعود كلمة الضحيةvictima في جذرها اللاتيني إلى كلمة victa أو مُقيّد، وتُشير إلى الحيوان الذي يُقدّم كذبيحة للآلهة. وهي في معناها الأعمق العجز أو اليأس، المرتبط بأفكار السلبية والكارثية – أي التقييد ضدّ إرادة المرء – فضلاً عن مشاعر الخوف والذعر والحزن في مواجهة موقف متطرّف قسريّ لا مفرّ منه. أي أنه عندما يتّخذ شخص ما موقع الضحية – بوعي أو بغيره – فإنه يتّخذ وضعيّة العاجز. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يُشير النموذج الأصلي للضّحية أيضًا إلى معنى البراءة، ففي عديدٍ من الديانات القديمة، كان يُشترط أن تكون الضّحية بشرية، طاهرةً وبريئة، تُضحّى حياتها للألوهية، كذبيحةٍ تليق بكائن أسمى. لكن من منّا لم يجد نفسه يومًا في هذه الوضعية؟ ضحيةًّ مقصودة أكان أم غير مقصودة، مساهمة، أم مُقاوِمة، أدوارٌ قد نكون قد وقعنا فيها جميعًا في مرحلة ما من حياتنا.

الضحية الأولى

لكن من هي يا ترى الضحية الأولى؟ وهل هي سابقة على الجلاد أم لاحقة، وهل ترتبط بالجندر؟ هل هي المرأة أم الرجل. أكاديميًا يُعدّ علم الضحايا حديثًا نوعا ما، ففي حين كان علم الجريمة معروفًا منذ أوائل القرن التاسع عشر، تأخر الاعتراف بمفهوم الضحية حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن هل هذا يعني أن الضحية لم تكن ضحية قبل ذلك، وهل المجتمع الحديث من يمنحها وجودها. وقبل أن نبدأ النزال حول أيهما الأحق بلقب الضحية المرأة أم الرجل في مجتمعاتنا الحديثة، وقبل أن نتبنى سرديّة اضطهاد المجتمعات الذكورية للنساء، والتي لدينا ما يكفي من الأدلة للتأكيد عليها، كما هو الحال بالاتجاه المعاكس، علينا أن نعرف من أين تبدأ هذه العقدة، من أين تنبع الرغبة في السيطرة على الآخر ومن ثم حصره في مفهوم الضحية. وربما من أجل الإجابة على هذا علينا العودة قليلًا إلى الوراء، إلى الأم المطلقة، الطبيعة التي هي ربما الجذر الأول للفعل القهري، فأن تولد لتؤدي دورًا وحيدًا طوال حياتك هو ظلم بدئي لا يمكن تجاهله. وربما جميع محاولات إلحاق الأذى بالآخر ناجمةٌ عن هذا العجز بالتحديد عن الفكاك من قهر الطبيعة ودورتها اللانهائية، السيطرة ومحاولة نزعها، الجلاد الأول، التي أبقت كليهما مقيدًا في جنسه وما يترتّب عليه من عبوديّة أبدية.

يطلق لوكيوس أبوليوس على الآلهة السورية «القادرة على كلّ شيء والمُنتجة لكل شيء» وهو يعني في هذا الطبيعة الأنثوية، التي هي امتداد للطبيعة الأم، المُدمرة، القادرة على أن تُحب أبناءها الآلهة «وتقتلهم وتدفنهم وتنتحب عليهم ثم تعيد ولادتهم من جديد[1]». وهذه الأم الطبيعة التي منحتنا الحياة هي ذاتها التي تعيق طريقنا إلى الحرية.

الضحية السلبية

وعليه فإن هناك أمر مهم علينا الالتفات إليه وهي إن تمرّد «الضحية البيولوجية» إن صح القول هو فعل معاكسٌ للواقع وليس التصاقًا به كما تتصنع الضحية السلبية. أو التي تعتاش وتبني حياتها على مظلوميتها محوّلة إيّاها إلى مصدر منفعة، وهذا لا ينحصر في الأشخاص، بل نراه في جماعات وحتى دول، ولعل أشهر من وظف مظلومية الضحية هو دولة إسرائيل أو الكيان الصهيوني، بل وجعلت من مظلوميتها (كضحية للمحرقة) دستورًا وسياسة تنتهجها دوليًا لتستدر بها تعاطف العالم وتمتص أمواله.

وفي العمق تدرك الضحية السلبية أن مشكلتها الأولى هي ذاتها وأن لديها مسؤولية إصلاح ما فسد منها لكنها تتنصل من هذه المسؤولية، وهذا يقودها إلى إسقاط الفشل على الآخر وتحميله ذنب إصلاح أمر من المُفترض أن مسؤوليتها فيه لا تقل عن مسؤولية من تدّعي أنه تسبب بأذيتها. وعليه يمكن أن تكون الضّحية السلبية انتقائية أيضًا، فتختار حدثًا بعينه يمكن أنها تجاوزته مع شخص لكنها قررت ألا تتجاوزه مع شخص آخر، هذا لأنها رأته ملائمًا لإلقاء اللوم وإسقاط جميع التجارب المخفقة أو الظلم السابق عليه، وهذا يقودنا للتفكير بأنه، إذا كان للضحية ترف اختيار من ستوقع عليه اللوم في الزمان والمكان الذي تختارهما، بعيدًا من زمن الحدث ومستوى الوعي، فهذه هي ذاتها عناصر المكيدة أي تعمد الأذيّة.

فلسفة الضحية أو التفكير غير المسؤول

لسان حال الضحية السلبية يقول كلُّ ما حدث ليس مسؤوليتي وهكذا أشعر بالراحة وأخدع نفسي والآخرين. وهو شيء شبيه إلى حدٍ ما بإدمان المخدرات الذي يخفض مشاعر الألم، لكن الثمن هو محو الضمير أو تخدير الوعي. لكن ما الذي يجعل الضحية سلبية في البداية، ومتى يتوقف الأمر عن كونه تعرضًا للأذى إلى كونه مشكاة تُعلّق عليها الضحية جميع اخفاقاتها الماضية، ويوصلها إلى حد تصنع دور المظلوم لاستدرار العطف وخلق رابط مع الآخر ولو بحبل الذنب الذي تتقصد إثارته فيه، فسردية الضّحية أيضًا لها تأثيرٌ مباشرٌ على الآخر، فعندما يسرد الضحية حكاية يكون الآخر فيها هو الجلاد فهذا سيولد لديه ـ كما يقول نيتشه ـ وعيًا غير كامل أو مغلوطًا فيصبح أسيرًا لرواية الضحية. ويصير على الآخر أن يحلّ المشكلة التي تصدّرها الضحية له والتي هي غير قادرة على حلها، لتنصلها من المسؤولية تجاه ذاتها. وربما هذا يقودنا إلى التساؤل عن الفوائد التي تجنيها الضحية من كونها ضحية.

منافع الضحية

التصرف من مبدأ الضحية هو تشجيعٌ على عدم التغيير، وتجنب مواجهة المخاوف أو الإخفاق، وعندما يتعلق الأمر بالحلول، عادة ما يختلق «الضحايا» الأعذار للبقاء في عالمهم، العالم العدائي التعيس، ويحاولون جرّ الجميع إليه، هذا لأنه من الأسهل إلقاء اللوم على الآخرين، وممارسة نوعٍ من التلاعب العاطفي لمحاولة تغييرهم وفرض غاياتهم، بدلًا من تولي المسؤولية عن أنفسهم. ولذلك فتصنع هذا الدور من جانبهم هو أناني بامتياز لأنه يركز على الذات ولا يهتم إلا بمعاناتها الخاصة، وبدلًا من علاجها يلجؤون إلى تضخيمها للاسترزاق على حسابها ماديًا أو معنويًا، ومن ثم تعدي المظلومية إلى محاولة افتعال الأذى. وهي اللحظة التي يغيب فيها الضمير الأخلاقي تمامًا، فدور الضحية إذ ذاك لا يختلف عن دور الجلاد.

من الضحية أنا أم الآخر؟

في بعض الأحيان يعتقد المرء أنه ضحية شخص وقح أو معدوم الضمير وذلك لسبب بسيط هو تعرضه للإهانة أو المعاملة غير العادلة. ومع ذلك، عندما نتأمل الموقف، وعندما نعود ونحقق في أسباب مثل هذا السلوك، نكتشف أن الضحية ليست نحن، على الأقل ليست نحن فقط، لأنه من المحتمل جدًا أن ما يدفع ذلك الشخص إلى إهانتنا هو ردة فعل دفاعية، ومن يدافع عن نفسه فهو لأنه كان يشعر بالهجوم من قبل؛ لقد تحوّل الجلاد بالفعل إلى ضحية قبل حتى أن يؤذي أحدًا. إن منطق المزاج السيئ هو أن يتفاعل المرء أيضًا على المستوى نفسه، وينتقل بدوره من الضحية إلى الجلاد. ولكن هذا ليس هو الحل، ليس عندما يسعى المرء لأن يكون حكيمًا ويخالف التيار، أو في الحد الأدنى أن يتعامل مع مشكلاته بوعي كامل ويستفيد، والأغلبية لا يفعلون، من المعرفة المتراكمة، لكن هذا، لسبب ما، لا يحدث على أرض الواقع.

الضحية المسبقة أو المتأهبة

إن كوننا أبرياء حقًا في مواجهة الظلم شيء، وشيء آخر هو أن نطرح أنفسنا كأبرياء، ونعفي أنفسنا من أي مسؤولية عن المعاناة التي يتعين علينا تَحمُّلها. في بعض الأحيان نكون مسؤولين حقًا عن بعض العواقب غير السارة أو المؤلمة لأفعالنا أو تقصيرنا، هذا لأننا وضعنا أنفسنا في ذلك بإرادتنا، فنكون ضحايا شجاعتنا، طيبتنا، أو حتى حبنا. لكننا قد نجد أنفسنا في مواجهة ضحية متأهبة يحدث أن نكون الإسقاط الذي تبحث عنه لتمرير الطاقة السلبية التي خلفها آخرون في حياتها. ولا أجد وصفًا أدق للضحية المتأهبة إلا «قثاء الحمار» وهو نباتٌ كان منتشرًا بكثرة في قرانا السورية، وكان نعت الشخص العنيف سريع الغضب، الذي يصيح حتى قبل أن يَمسّه أحد، فكان يكفي أن نمرّ بجانب النبات حتى ينفجر ويلوّث المكان، والضحية المتأهبة تقذف في حياة الآخرين ما لم تستطع احتماله من الألم الفائض لديها.

ومن المفارقة أن تكون لهذا النبات تسميةٌ أخرى أشنعُ منها وهي «قاذف الحب»، وهذا ربما يشابه تصرف من يعدّون أنفسهم «ضحايا الحُب» وبخاصة الذين يتّخذون من عواطفهم ذريعةً لاحتلال الآخر وانتهاكه، فهم يسعون لأن يتّخذ الآخر دورًا قهريًا في الشعور بالذنب، حين يحمّلونه مسؤولية ما لا ينبغي أن يقع ضمن مسؤوليته، عبر تبنيهم خطاب «ألا ترى كم أحبك؟»، «ألا ترى كم أنا ضائع من دونك؟»، «ألا يكفيك أن ترى مذلتي فلا تتركني!». الأمر الذي يمكنه أن يولّد تأثيرًا معاكسًا لما تسعى له الضّحية: أن ينأى الآخر بنفسه فعليًا عن مثل هذا العرض لتدني احترام الذات من جانبها. وإذا حصل ذلك، ستثبت الضحية نفسها في موقف الضحية المُستَحق بسبب عدم قبول الآخر لمشاعرها أو تخليه عنها. وهذا ما هو إلا دليل على انعدام المنطقية أو لنقل عماء الضحية.

الحقيقة مقابل تفسير الحقيقة

دعونا نضع في حسباننا أن المعنى الذي نُخصّصه للمعاناة هو نتاج إسنادنا للمعنى – وهو إسناد ليس واعيًا دائمًا. لا ينبغي لنا أن نخلط بين حقيقة أننا نعاني أحيانًا وبين التفسير الذي نقدمه لسبب معاناتنا – أعاني لأنني شخص جيد، أو لأنني سيّئ، أو ببساطة لأنني بريء وعاجز.

أن نسأل أنفسنا عن المعنى الذي ننسبه إلى معاناتنا، حيث نضع أنفسنا أمامها – أبرياء، وعاجزين، ومذنبين – وفي الوقت نفسه، ندرك أن لدينا القدرة على إعادة تفسير المعاناة، وبناء معاني جديدة في المعاناة. ولا يوجد شيء أكثر تحررًا من إدراك ذلك، كما يقول الفيلسوف الرواقي إيبكتيتس: «نحن لا نعاني كثيرًا مما يحدث لنا، بقدر ما نعاني مما نقوله لأنفسنا عما يحدث لنا» (مبدأ العلاج النفسي المعرفي). هذا الاعتراف بمسؤوليتنا هو السبب الجذري لمعاناتنا، ومن ثم، الاعتراف أيضًا بالقدرة التي لدينا لتحرير أنفسنا من المعاناة عن طريق تغيير تفكيرنا، أي التفسير الذي نقوم به للأحداث المؤلمة، والمعنى الذي ننسبه إلى المعاناة، والموقف الذي نتخذه تجاهها، فإن هذا الوعي الجديد يسمح لنا بالهروب مما قُدّم لنا سابقًا على أنه قدرٌ لا مفر منه، أو ما هو أسوأ، الغضب والاستياء الأبديان.

كيف نتخلص من المعاناة أو الخروج من دور الضحية؟

تلمس الضحية ذاتها المتأذية في كلّ مرة ترى المُسبب للأذية وفي هذا التكرار تجددٌ للألم واجترارٌ لمشاعر العار، لكن كيف ينجح البعض في الخروج من هذه الدائرة في حين يخفق آخرون؟ وما الذي يدفعنا إلى المحاولة أصلًا. كما رأينا، فإن أصل مصطلح الضحيّة يشير إلى التقييد، ويرتبط بفكرة المعاناة السلبية، والذي يرتبط ارتباطًا مباشرًا بمفهوم Enneagramإنياجرام للعاطفة، أي المشاعر التسعة المهيمنة، والعاطفة بحسب التعريف، هي دافع لا إرادي يتعرض له الشخص، ويؤثر في عواطفه وأفعاله بدرجات متفاوتة، ومن ثم، يفترض تحديد الأفكار المرتبطة بهذه المشاعر والأنماط السلوكية. بالنسبة إلى القدماء، فإن الاعتراف بالعواطف بوصفها «قوى غير عقلانية» سيطرت على حياة الأفراد والشعوب، يتجلى خاصةً في الأساطير. ولعل من أبلغ الأمثلة على ذلك هي قصة «هيلانة الطروادية»، في إلياذة هوميروس، التي وقعت في غرام «باريس» بسبب سحر فينوس آلهة الجمال، واختارت الفرار معه إلى طروادة وتسببت باندلاع حرب استمرت لعشر سنوات، انتهت بسقوط طروادة، بسبب عدم القدرة على التحكم في قوة العاطفة المذكورة. من منظور العاطفة، كل منا، على مستوى الضحية البريئة، يُنكر المسؤولية عن تلك الأفعال أو الإغفالات التي تحركها عاطفتنا المُهيمنة. بمعنى آخر، نحن نعدّ أنفسنا ضحايا لعواطفنا وآلياتنا التلقائية. وكأننا بمواقفنا – إن لم يكن بكلامنا – نقول: «وماذا أردتم مني أن أفعل؟ تعلمون أن هذا أقوى مني!».

الجانب الآخر من نموذج الضحية هو نموذج البطل

يرمز هذا النموذج الأصلي إلى وعي الفرد بمسؤوليته تجاه نموّه الشخصي ومصيره، وهذا لا يعني ألا يعترف أنه ضحية أمام نفسه، بل على العكس، أن يفعل ذلك وهو يشير بإصبع الألم ويتساءل لماذا كان الضحية. وهذا لا يستلزم الشجاعة وحسب، بل يحتاج إلى وعيٍ نوعيٍ، وربما المرور بنفقٍ طويل قبل تحوّل جذري وربما نورانيّة أو موتٌ كامل لنسخة منه وولادة أخرى. ولعل هذه الرحلة هي ذاتها «رحلة البطل» التي تكلم عنها جوزيف كامبل، في بطله الذي يحمل ألف وجه، وهي نموذج التجربة الإنسانية لتنمية الوعي من خلال التعلم الحياتي، متخذة كل موقف معاكس بمنزلة فرصة للارتقاء والتعلم. يمر البطل في رحلته النموذجية بثلاث مراحل، المرحلة الأولى هي عملية التّحول الشخصي -الانتقال من نموذج الضحية إلى نموذج البطل- في الرغبة في معرفة النفس أكثر فأكثر، وفي بذل جهد نشط لتحقيق ذلك، من خلال وسائل مختلفة، مثل القراءات والندوات، العلاجات وورش العمل وما إلى ذلك. والمرحلة الثانية، بطريقة ما، هي الموت والبعث من جديد؛ نقطة تحول، قبل وبعد في تجربة الحياة. وهو ما يتطلب التغلب على الشدائد بالمرونة، ووضع التعلم الذي نكتسبه وندمجه في عملية معرفة الذات موضع التنفيذ، في المواقف الحقيقية للحياة اليومية. أما المرحلة الثالثة فهي حمل ندوب الرحلة كجوائز وليس كعار، لأننا في كل سقوط، في كل قتال، في كل خطأ معترف به، نتعلم. وهذا هو ما تدور حوله رحلة الحياة. رحلة البطل، ومع ذلك، تتضمن هذه المرحلة أيضًا بعض التغيير في نظام العلاقات والأدوار – الصريحة والضمنية – التي أُدخِلنا فيها، بأن ندمج عادة الحضور الواعي والرحيم مما يسمح لنا بتعزيز الفضائل والتقليل من التأثير الضار للعاطفة. من خلال ممارسة اليقظة الذهنية، والتعاطف بدلاً من إصدار الأحكام على أنفسنا.

وفي بعض الأحيان يجب على البطل عند عودته من رحلته أن يقوّم إمكانية الانتقال إلى مسافة صحية، أو تغيير بيئته، أو على الأقل الانتقال إلى أقرب مدينة، حتى يتمكن من تكوين روابط جديدة، والارتباط بآخرين. باختصار إعادة اختراع الذات في مواجهة الآخرين.

وأخيرًا، في عالمٍ حيث يكون الاستسلام أسهلُ من الحفاظ على الجهد الذي ينطوي عليه الالتزام، ربما نتمكن من إيجاد سببٍ وجيهٍ للالتزام الجاد بعملية التّحول الخاصة بنا، حين نأخذ في الحسبان أنّ الخطوة الأولى في خلق مجتمعٍ أفضل ليست التّذمر، بل اختيار فعل الشيء الإيجابي عن سبق الإصرار. ولعل أفضل إرث يمكننا أن نتركه هو هذا التحول، بالانتقال من العمل كضحية إلى تبني ضمير البطل وشجاعته المسؤولة. لأن الرموز البطولية أو الأسطورية ـ كما يقول جوزيف كامبل ـ «لا يمكن أن تُقمع بشكل دائم. إنها إبداعات تلقائية للنفس وكلٌّ منّا يحمل في داخله قوة المنطلق هذه من حيث إنها برعم يعلو عن الأذى[2]».

المراجع

1- كاميلي باليا، الأقنعة الجنسية، ربيع وهبة (مترجم)، ص100.
2- ـالبطل بألف وجه، حسن صقر (مترجم)، ص 17.

  • كاتبة ومترجمة سوريّة من مواليد السويداء 1982، تقيم حاليًا في ولاية نيويورك الأميركية. تترجم عن اللغة الإسبانية وإليها، عضو في جمعية المترجمين الأميركية ATA وعضو في رابطة الكتّاب السوريين. نُشرت مقالاتها في عدد من الصحف والمواقع العربية مثل رمّان والجمهورية ورصيف22 والقدس العربي وألترا صوت وجدلية وتكوين ودحنون وغيرها. بدأت ككاتبة إبداعية ثم كمترجمة متطوعة في موقع الأصوات العالمية منذ 2015. كما تصدر ترجمتها لعدد من الشعراء السوريين دوريًا في مجلة دائرة الشعر المكسيكية. طالبة في كلية مونرو في قسم الآداب والعلوم الإنسانية. وحاصلة على شهادة مستشار في حقوق الإنسان من المعهد الدبلوماسي الأميركي USIDHR. من ترجماتها الصادرة: (دردشة معلنة 2018، مجموعة مقابلات عن دار ممدوح عدوان)، (الطفرات 2020 عن دار تكوين الكويتية، تأليف خورخي كومنسال)، (رسالة إلى ستالين 2021 عن دار ممدوح عدوان، تأليف فرناندو أرّبال)، (ملاك الجليل 2023 عن دار المدى، تأليف لاورا ريستريبو).

مشاركة: