كلمة العدد الرابع من (رواق ميسلون)

هيئة التحرير

تناول العدد الرابع من مجلة (رواق ميسلون) موضوعًا رئيسًا حيويًا بالنسبة إلى سورية والسوريين، وهو موضوع المنفى، لذلك كان عنوانه (الوطن المنفي)، خصوصًا بعد أن أصبح نحو نصف السوريين خارج وطنهم، في المنافي، في بلدان مختلفة، في تركيا والأردن ولبنان وأوروبا، ودول أخرى غيرها. وحاول العدد تسليط الضوء على ظاهرة المنفى من زوايا عديدة، وبطرق متنوعة، بوصفها قضية حيوية، ذات أبعاد متعددة، سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية وإنسانية، تؤثر في حياتنا ومستقبلنا، وتشغل تفكيرنا، وتسيطر على حواراتنا ونقاشاتنا.

تناولت افتتاحية العدد الرابع من مجلة (رواق ميسلون) التي كتبها راتب شعبو عنوان الملف (الوطن المنفي)، ورأى فيها أن “النفي ينطوي على معنى الإبعاد وعلى معنى الإلغاء. النفي السياسي يستهدف الإلغاء عبر الإبعاد. الفاعلية والحضور والتأثير تعني مقاومة الإلغاء، وهذا يعني الحدّ من مفاعيل المنفى”، آملًا على المستوى السوري “أن الرابط الوجداني بالأرض الأمّ له الغلبة، وأنّ كلّ حضور للسوريين، على أي مستوى كان، من شأنه أن يغذّي القوة التي تجعل سوريا تعود من منفاها وتنتصر لذاتها”.

وفي باب الدراسات والبحوث، كتب ريمون المعلولي بحثًا بعنوان “أطفالٌ مِن سوريّا، حِرمانٌ مِنَ النَّسَب والجِنْسية، تهْميشٌ واغْتِرابٌ”، تناول فيه قصة الأطفال السوريين الذين انتزعتهم الحرب من أحضان أمّهاتهم/ أمهاتهنّ، ومن ساحات حواريهم ثم بعثرتهم نازحين ولاجئين في مخيمات وأماكن أخرى، وهدفَ البحث إلى التعرّف إلى واقع الأطفال المحرومين من الجنسية والنسب، والوقوف على الآثار المترتّبة على عدم تسجيل الأطفال وعدم الاعتراف بنسبهم على باقي حقوق الأطفال، وبخاصة حقهم في التعليم.

وقدَّم محمد الصافي دراسة بعنوان “وضعية المرأة السورية اللاجئة في المنفى بين النزوح القسري والأمل بالعودة في المخيمات الأردنية”، حاول من خلالها مقاربة وضعية حياة المرأة السورية اللاجئة في المنفى، في المخيمات الأردنية، من خلال التطرق لهمومها الاجتماعية والاقتصادية، ومختلف المشكلات التي تواجهها والمتعلقة بذاتها وأسرتها وبالمجتمع المحيط بها.

فيما كانت دراسة علي سعدي عبدالزهرة جبير بعنوان “اللاجئون السوريون في تركيا (الأبعاد والتحديات)”، وسلَّط فيها الضوء على أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا الذين ينقسمون إلى قسمين، وهما: اللاجئون السوريون المقيمون في المخيمات، واللاجئون السوريون المقيمون خارج المخيمات، والذي ينتشرون بشكل كبير في إسطنبول وغازي عينتاب، وبيّن أنهم يواجهون تحديات عدة، منها التحديات القانونية (قوانين اللجوء وقانون الجنسية)، والتحديات السياسية التي تتمثل باستغلالهم من جانب الأحزاب السياسية التركية، والتحديات الاقتصادية (العمل والفقر) وغيرها.

أما حمدان العكله، فكانت دراسته بعنوان “مفهوم الوطن والمواطنة عند اللاجئين السوريين في تركيا”، وتمركزت حول محورين رئيسين؛ الأوَّل: إدراك اللَّاجئين لمعنى المواطنة بمفهومها الصَّحيح بعد اختبارها بواسطة الثَّورة، وبعد اطِّلاعهم ومعايشتهم لواقع الحياة في بلدان النُّزوح، سواء في تركيا أو غيرها من الدُّول. والثَّاني: تراجع نسبة الرَّاغبين في العودة إلى وطنهم بين اللَّاجئين، والأمر يعود إلى عدَّة أسبابٍ حاولت الدراسة تسليط الضَّوء عليها في مسار البحث.

وفي باب مقالات الرأي، كتب سلام الكواكبي مقالة بعنوان “الحنين والمنفى”، كثّف فيها رأيه في تجربة المنفى بقوله “إنّ المنفى، أيّ منفى، أكان إجباريًا أم اختياريًا، خارجيًّا كان أم داخليًّا، يمكن أن يُعتبر موتًا رمزيًّا”. وعرض عدنان عبد الرزاق تجربته الشخصية في المنفى في مقالة بعنوان “رحلتي من موظّف إلى صحافي”، وانتهى فيها إلى القول “أجل، تبدّلتُ كثيرًا لكني أزعم أني لم أتغيّر، تبدَّلَ فيّ كثيرٌ من الأدوات، ومنذ “طقّ شرش الخوف” بتّ أشبه نفسي أكثر من ذي قبل، وأسرّ وأطرب كلما أنتجتُ نصًّا أو أجريت حوارًا يشبهني، لكن مخاوف عودتي إلى موظّف تلاحقني على مدار المقالة والخبر.. وأيّ تحقيق”.

وكتب حسين قاسم مقالة بعنوان “الواقع الميداني للسوريين، في المنافي، وفي المخيمات”، تهدف إلى الغوص في أعماق ما يمكن تسميته المجتمع السوري المنفيّ، ووضع العديد من الحالات التي تعمّق الأسئلة الرئيسة وتضيف إليها، تلك الأسئلة التي تشغل بال شريحة واسعة من السوريين المهتمّين بالشّأن العام. وقدَّمحمود امجيدل مقالة بعنوان “هوية الأطفال السوريين في لبنان بين الوطن والمنفى”، حذَّر فيها من أنالكثير من الأطفال، خلال سنوات، سيفقدون هويّتهم الأمّ، خاصة مع العدد الكبير للأطفال السوريين في لبنان والدول التي لجأ أو هاجر إليها السوريّون بشكل عام، لكنه بيَّن أن الحفاظ على هويّة أطفالنا لا يعني الانغلاق أمام الآخر.

وفي باب تجارب نساء سوريات في المنفى، كتبت هوازن خداج مقالة بعنوان “أوراق لا مكان لها من التعريف”، عرضت فيها آثار المنفى في روحها، إذ تقول “لا يهمّ ما يجول في خاطري لكن عليّ أن أبتسم، أحاول اختيار ابتسامة تناسب المكان الجديد، أجد أنّ كلّ ابتساماتي مهترئة ومكسورة الأطراف، شيء ما يدفعني للبكاء أو للصراخ، أعتقد أني نسيت وجهي وابتساماتي ولمعان عينَيّ هناك”. وعرضت وفاء علوش في مقالتها “ما لم تلتقطه الصور” أسبابخروجها من سوريا، بعد أخبار الموت المتلاحقة التي لم تترك لها مساحة الاختيار، لكن دقّات قلب طفلتها كان لها الكلمة الفصل في اتّخاذها قرار الرحيل.

وتحكي يارا وهبي تجربتها في المنفى في مقالتها الغُربة الآن وغدًا، ولخصتها بقولها “أنت واللاجئون الذين جاؤوا إلى ألمانيا تغيّرتم كثيرًا وغيّرتم ملامح المدينة، فأعدتم إلى ألمانيا الدكّان وأدخلتم دفتر الدَّين، نشرتم أطعمة مختلفة، سمع الكثير من الألمان موسيقاكم ومنهم من غنّى معكم، وتبادلتم التحية، ورسمتم لونًا جديدًا، وحاول كثيرون أن ينجحوا”. وبالمثل تفعل بيان ريحان في مقالتها منفى ووطن على الرغم من اختلاف تجربتها في المنفى، إذ تذكر على لسان زوجها قوله لها قبل سفرها إلى ألمانيا “لن تكوني في ألمانيا رئيسة مكتب المرأة، ولن تجدي فرصة عمل بسهولة، عليك أن تبدئي ليس من الصفر، بل من تحت الصفر، هنا حيث لا أحد يعرفك”، وتعطي رأيها بعد تجربة المنفى بقولها “هذه الكلمات قالها زوجي لي في اجتماعنا الأول الذي كنّا نخطّط فيه لرحلة السفر إلى ألمانيا، اعتقدت وقتها أنها مزحة منه، لكن بعد وصولي واستقراري في ألمانيا، لم تصبح حقيقة فحسب، بل فاجعة أعيشها بشكل يومي”. أماإيمان خليل، فتؤكد في مقالتها سأخونك يا وطني بالاغتراب! على سعيها لهدفها في المنفى، لكنها لا تنكر سطوة الحنين إلى الوطن، إذ تقول “في الغربة لا تمتلك إلا ذلك الشغف لتحقيق هدفك الذي ترنو إليه، بينما ينمو شعور الانتماء والحنين إلى ذلك الوطن المغروس حبّه في وجدانك، فلا يفارق خيالك. حتى أزماته نشعر بها أضعاف ما يشعر بها القاطنون فيه، ويصبح الوطن أغلى وأثمن”.

وفي باب الحوارات، هناك حواران مهمّان؛ الأول أجراه راتب شعبو حول الربيع العربي والإسلام السياسي والهويات، مع جان بيير فيليو، وهو أستاذ تاريخ الشرق الأوسط المعاصر في معهد العلوم السياسية (باريس)، وكان أيضًا أستاذًا زائرًا في الجامعات الأمريكية: كولومبيا (نيويورك) وجورج تاون (واشنطن). تعتبره صحيفة اللوموند أحد “أفضل الاختصاصيين العالميين” بالقضية الجهادية. وقد حازت كتبه حول العالم العربي، التي ترجمت إلى خمس عشرة لغة مختلفة، العديد من الجوائز في فرنسا وخارجها. وكان كتابه “مصير العرب ومصيرنا” الذي تُرجم مؤخرًا إلى العربية ونشرته مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، قد حصل على جائزة أوغسطين ــ تييري في موعد مع التاريخ بمدينة بلوا. وأجرت الحوار الثاني نور حريري بعنوان “أوطان وذوات مفقودة: السلطة، الهوية، النفس” مع نظير حمد، وهودكتور في علم النفس الإكلينيكي، محلِّل نفسي وروائي، أحد مؤسِّسي الجمعية اللاكانية الدولية للتحليل النفسي في باريس.

أما في باب الدراسات الثقافية، فقد ضمَّ العدد دراستين؛ الأولى بعنوان “من المواطنة إلى الضيافة مرورًا بالمنفى: ثلاثة مفاهيم فلسفياسية”، كتبها خلدون النبواني، وناقش فيها ثلاثة أفكار رئيسةاستعراض تاريخي للمفهوم الفلسفي القانوني للمواطنة، من المواطنة القومية إلى الكوزمبوليتزم أو المواطنة العالمية، المنفى: في أصل المفهوم. الدراسة الثانية كانت لـ جمال الشوفي بعنوان “الكتابة والحرية؛ سيميائيّات الافتراق والمغايرة في الربيع العربي”، استخدم فيهاالسّيميائية لدراسة دلالات لحظات التغيير الكبرى في سياقات الربيع العربي، وبعض من جُملها العفوية و/أو القصديّة.

وفي باب الإبداعات والنقد الأدبي، كتب نبيل الملحم نصًّا بعنوان (عن المكان والكلاب والكلام)، وكتب لؤي علي خليل أربع        قصص قصيرة (قناعة، هلال وصليب، سِـرْب، صفقة)، وكتبت ميسون شقير نصًا شعريًا (أجمع الشمس عن سطوح “خايين.. إلى أنتونيو ماتشادو)، وقدَّم أسامة هنيدي قراءة نقدية بعنوان (نصّ المنفى)، فيما كتبت علا الجبر دراسة نقدية بعنوان (دراسة الهوية السورية؛ من خلال نماذج شعرية مختارة من الشعر السوري المعاصر).

وفي باب الترجمات، ترجم ورد العيسى دراسة لـ أحمد بركات بعنوان “صور اللاجئين السّوريين في السّرد السّائد: دراسة حالة لبنان” عن اللغة الإنكليزية، والدراسة منشورة في مركز الدراسات السورية، مدرسة العلاقات الدولية، جامعة سانت آندروز، في 28 شباط/ فبراير 2021، وتعيد هذه الدراسة النّظر في الصور التي ارتبطت بأزمة اللاجئين السوريين بين عامي 2015-2018 من خلال دراسة حالة تبحث في صور السّرد السّائد، وتتمثّل المساهمة الرئيسة للدراسة في إقامة صلة بين السرد السائد والصور السلبية للاجئين السوريين، وإيجاد أوجه التشابه بين الخطابين الإعلامي والسياسي المحيطَين بهذا الموضوع.

وفي باب مراجعات وعروض الكتب، قدَّم فادي كحلوس “قراءة في كتاب (خارج المكان) لإدوارد سعيد”، وهومنترجمة: فوّاز طرابلسي، ونشرته دار الآداب للنشر والتوزيع في بيروت عام 2000، وهذا الكتاب هو رحلة في ذاكرة إدوارد سعيد، ذاكرة تجوب تفاصيل الأشخاص والأمكنة، وتستعرض صراعات طفوليّة بريئة؛ هزائم وانتصارات، ذاكرة تعوم على سطح تناقضات الهوية والثقافة. وفي باب الوثائق، نُشرت في عدد المجلة وثيقتان، الأولى هيتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وهو بعنوان “حياة أشبه الموت؛ عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن”، والثانية هي “إعلان المنتدى الإقليمي الـ 25 لحركة حقوق الإنسان” الذي تضمَّن توصيات إلى القمة من أجل الديمقراطية، وصدر عن المنتدى الإقليمي الموازي، برعاية مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.  

هيئة التحرير

تناول العدد الرابع من مجلة (رواق ميسلون) موضوعًا رئيسًا حيويًا بالنسبة إلى سورية والسوريين، وهو موضوع المنفى، لذلك كان عنوانه (الوطن المنفي)، خصوصًا بعد أن أصبح نحو نصف السوريين خارج وطنهم، في المنافي، في بلدان مختلفة، في تركيا والأردن ولبنان وأوروبا، ودول أخرى غيرها. وحاول العدد تسليط الضوء على ظاهرة المنفى من زوايا عديدة، وبطرق متنوعة، بوصفها قضية حيوية، ذات أبعاد متعددة، سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية وإنسانية، تؤثر في حياتنا ومستقبلنا، وتشغل تفكيرنا، وتسيطر على حواراتنا ونقاشاتنا.

تناولت افتتاحية العدد الرابع من مجلة (رواق ميسلون) التي كتبها راتب شعبو عنوان الملف (الوطن المنفي)، ورأى فيها أن “النفي ينطوي على معنى الإبعاد وعلى معنى الإلغاء. النفي السياسي يستهدف الإلغاء عبر الإبعاد. الفاعلية والحضور والتأثير تعني مقاومة الإلغاء، وهذا يعني الحدّ من مفاعيل المنفى”، آملًا على المستوى السوري “أن الرابط الوجداني بالأرض الأمّ له الغلبة، وأنّ كلّ حضور للسوريين، على أي مستوى كان، من شأنه أن يغذّي القوة التي تجعل سوريا تعود من منفاها وتنتصر لذاتها”.

وفي باب الدراسات والبحوث، كتب ريمون المعلولي بحثًا بعنوان “أطفالٌ مِن سوريّا، حِرمانٌ مِنَ النَّسَب والجِنْسية، تهْميشٌ واغْتِرابٌ”، تناول فيه قصة الأطفال السوريين الذين انتزعتهم الحرب من أحضان أمّهاتهم/ أمهاتهنّ، ومن ساحات حواريهم ثم بعثرتهم نازحين ولاجئين في مخيمات وأماكن أخرى، وهدفَ البحث إلى التعرّف إلى واقع الأطفال المحرومين من الجنسية والنسب، والوقوف على الآثار المترتّبة على عدم تسجيل الأطفال وعدم الاعتراف بنسبهم على باقي حقوق الأطفال، وبخاصة حقهم في التعليم.

وقدَّم محمد الصافي دراسة بعنوان “وضعية المرأة السورية اللاجئة في المنفى بين النزوح القسري والأمل بالعودة في المخيمات الأردنية”، حاول من خلالها مقاربة وضعية حياة المرأة السورية اللاجئة في المنفى، في المخيمات الأردنية، من خلال التطرق لهمومها الاجتماعية والاقتصادية، ومختلف المشكلات التي تواجهها والمتعلقة بذاتها وأسرتها وبالمجتمع المحيط بها.

فيما كانت دراسة علي سعدي عبدالزهرة جبير بعنوان “اللاجئون السوريون في تركيا (الأبعاد والتحديات)”، وسلَّط فيها الضوء على أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا الذين ينقسمون إلى قسمين، وهما: اللاجئون السوريون المقيمون في المخيمات، واللاجئون السوريون المقيمون خارج المخيمات، والذي ينتشرون بشكل كبير في إسطنبول وغازي عينتاب، وبيّن أنهم يواجهون تحديات عدة، منها التحديات القانونية (قوانين اللجوء وقانون الجنسية)، والتحديات السياسية التي تتمثل باستغلالهم من جانب الأحزاب السياسية التركية، والتحديات الاقتصادية (العمل والفقر) وغيرها.

أما حمدان العكله، فكانت دراسته بعنوان “مفهوم الوطن والمواطنة عند اللاجئين السوريين في تركيا”، وتمركزت حول محورين رئيسين؛ الأوَّل: إدراك اللَّاجئين لمعنى المواطنة بمفهومها الصَّحيح بعد اختبارها بواسطة الثَّورة، وبعد اطِّلاعهم ومعايشتهم لواقع الحياة في بلدان النُّزوح، سواء في تركيا أو غيرها من الدُّول. والثَّاني: تراجع نسبة الرَّاغبين في العودة إلى وطنهم بين اللَّاجئين، والأمر يعود إلى عدَّة أسبابٍ حاولت الدراسة تسليط الضَّوء عليها في مسار البحث.

وفي باب مقالات الرأي، كتب سلام الكواكبي مقالة بعنوان “الحنين والمنفى”، كثّف فيها رأيه في تجربة المنفى بقوله “إنّ المنفى، أيّ منفى، أكان إجباريًا أم اختياريًا، خارجيًّا كان أم داخليًّا، يمكن أن يُعتبر موتًا رمزيًّا”. وعرض عدنان عبد الرزاق تجربته الشخصية في المنفى في مقالة بعنوان “رحلتي من موظّف إلى صحافي”، وانتهى فيها إلى القول “أجل، تبدّلتُ كثيرًا لكني أزعم أني لم أتغيّر، تبدَّلَ فيّ كثيرٌ من الأدوات، ومنذ “طقّ شرش الخوف” بتّ أشبه نفسي أكثر من ذي قبل، وأسرّ وأطرب كلما أنتجتُ نصًّا أو أجريت حوارًا يشبهني، لكن مخاوف عودتي إلى موظّف تلاحقني على مدار المقالة والخبر.. وأيّ تحقيق”.

وكتب حسين قاسم مقالة بعنوان “الواقع الميداني للسوريين، في المنافي، وفي المخيمات”، تهدف إلى الغوص في أعماق ما يمكن تسميته المجتمع السوري المنفيّ، ووضع العديد من الحالات التي تعمّق الأسئلة الرئيسة وتضيف إليها، تلك الأسئلة التي تشغل بال شريحة واسعة من السوريين المهتمّين بالشّأن العام. وقدَّمحمود امجيدل مقالة بعنوان “هوية الأطفال السوريين في لبنان بين الوطن والمنفى”، حذَّر فيها من أنالكثير من الأطفال، خلال سنوات، سيفقدون هويّتهم الأمّ، خاصة مع العدد الكبير للأطفال السوريين في لبنان والدول التي لجأ أو هاجر إليها السوريّون بشكل عام، لكنه بيَّن أن الحفاظ على هويّة أطفالنا لا يعني الانغلاق أمام الآخر.

وفي باب تجارب نساء سوريات في المنفى، كتبت هوازن خداج مقالة بعنوان “أوراق لا مكان لها من التعريف”، عرضت فيها آثار المنفى في روحها، إذ تقول “لا يهمّ ما يجول في خاطري لكن عليّ أن أبتسم، أحاول اختيار ابتسامة تناسب المكان الجديد، أجد أنّ كلّ ابتساماتي مهترئة ومكسورة الأطراف، شيء ما يدفعني للبكاء أو للصراخ، أعتقد أني نسيت وجهي وابتساماتي ولمعان عينَيّ هناك”. وعرضت وفاء علوش في مقالتها “ما لم تلتقطه الصور” أسبابخروجها من سوريا، بعد أخبار الموت المتلاحقة التي لم تترك لها مساحة الاختيار، لكن دقّات قلب طفلتها كان لها الكلمة الفصل في اتّخاذها قرار الرحيل.

وتحكي يارا وهبي تجربتها في المنفى في مقالتها الغُربة الآن وغدًا، ولخصتها بقولها “أنت واللاجئون الذين جاؤوا إلى ألمانيا تغيّرتم كثيرًا وغيّرتم ملامح المدينة، فأعدتم إلى ألمانيا الدكّان وأدخلتم دفتر الدَّين، نشرتم أطعمة مختلفة، سمع الكثير من الألمان موسيقاكم ومنهم من غنّى معكم، وتبادلتم التحية، ورسمتم لونًا جديدًا، وحاول كثيرون أن ينجحوا”. وبالمثل تفعل بيان ريحان في مقالتها منفى ووطن على الرغم من اختلاف تجربتها في المنفى، إذ تذكر على لسان زوجها قوله لها قبل سفرها إلى ألمانيا “لن تكوني في ألمانيا رئيسة مكتب المرأة، ولن تجدي فرصة عمل بسهولة، عليك أن تبدئي ليس من الصفر، بل من تحت الصفر، هنا حيث لا أحد يعرفك”، وتعطي رأيها بعد تجربة المنفى بقولها “هذه الكلمات قالها زوجي لي في اجتماعنا الأول الذي كنّا نخطّط فيه لرحلة السفر إلى ألمانيا، اعتقدت وقتها أنها مزحة منه، لكن بعد وصولي واستقراري في ألمانيا، لم تصبح حقيقة فحسب، بل فاجعة أعيشها بشكل يومي”. أماإيمان خليل، فتؤكد في مقالتها سأخونك يا وطني بالاغتراب! على سعيها لهدفها في المنفى، لكنها لا تنكر سطوة الحنين إلى الوطن، إذ تقول “في الغربة لا تمتلك إلا ذلك الشغف لتحقيق هدفك الذي ترنو إليه، بينما ينمو شعور الانتماء والحنين إلى ذلك الوطن المغروس حبّه في وجدانك، فلا يفارق خيالك. حتى أزماته نشعر بها أضعاف ما يشعر بها القاطنون فيه، ويصبح الوطن أغلى وأثمن”.

وفي باب الحوارات، هناك حواران مهمّان؛ الأول أجراه راتب شعبو حول الربيع العربي والإسلام السياسي والهويات، مع جان بيير فيليو، وهو أستاذ تاريخ الشرق الأوسط المعاصر في معهد العلوم السياسية (باريس)، وكان أيضًا أستاذًا زائرًا في الجامعات الأمريكية: كولومبيا (نيويورك) وجورج تاون (واشنطن). تعتبره صحيفة اللوموند أحد “أفضل الاختصاصيين العالميين” بالقضية الجهادية. وقد حازت كتبه حول العالم العربي، التي ترجمت إلى خمس عشرة لغة مختلفة، العديد من الجوائز في فرنسا وخارجها. وكان كتابه “مصير العرب ومصيرنا” الذي تُرجم مؤخرًا إلى العربية ونشرته مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، قد حصل على جائزة أوغسطين ــ تييري في موعد مع التاريخ بمدينة بلوا. وأجرت الحوار الثاني نور حريري بعنوان “أوطان وذوات مفقودة: السلطة، الهوية، النفس” مع نظير حمد، وهودكتور في علم النفس الإكلينيكي، محلِّل نفسي وروائي، أحد مؤسِّسي الجمعية اللاكانية الدولية للتحليل النفسي في باريس.

أما في باب الدراسات الثقافية، فقد ضمَّ العدد دراستين؛ الأولى بعنوان “من المواطنة إلى الضيافة مرورًا بالمنفى: ثلاثة مفاهيم فلسفياسية”، كتبها خلدون النبواني، وناقش فيها ثلاثة أفكار رئيسةاستعراض تاريخي للمفهوم الفلسفي القانوني للمواطنة، من المواطنة القومية إلى الكوزمبوليتزم أو المواطنة العالمية، المنفى: في أصل المفهوم. الدراسة الثانية كانت لـ جمال الشوفي بعنوان “الكتابة والحرية؛ سيميائيّات الافتراق والمغايرة في الربيع العربي”، استخدم فيهاالسّيميائية لدراسة دلالات لحظات التغيير الكبرى في سياقات الربيع العربي، وبعض من جُملها العفوية و/أو القصديّة.

وفي باب الإبداعات والنقد الأدبي، كتب نبيل الملحم نصًّا بعنوان (عن المكان والكلاب والكلام)، وكتب لؤي علي خليل أربع        قصص قصيرة (قناعة، هلال وصليب، سِـرْب، صفقة)، وكتبت ميسون شقير نصًا شعريًا (أجمع الشمس عن سطوح “خايين.. إلى أنتونيو ماتشادو)، وقدَّم أسامة هنيدي قراءة نقدية بعنوان (نصّ المنفى)، فيما كتبت علا الجبر دراسة نقدية بعنوان (دراسة الهوية السورية؛ من خلال نماذج شعرية مختارة من الشعر السوري المعاصر).

وفي باب الترجمات، ترجم ورد العيسى دراسة لـ أحمد بركات بعنوان “صور اللاجئين السّوريين في السّرد السّائد: دراسة حالة لبنان” عن اللغة الإنكليزية، والدراسة منشورة في مركز الدراسات السورية، مدرسة العلاقات الدولية، جامعة سانت آندروز، في 28 شباط/ فبراير 2021، وتعيد هذه الدراسة النّظر في الصور التي ارتبطت بأزمة اللاجئين السوريين بين عامي 2015-2018 من خلال دراسة حالة تبحث في صور السّرد السّائد، وتتمثّل المساهمة الرئيسة للدراسة في إقامة صلة بين السرد السائد والصور السلبية للاجئين السوريين، وإيجاد أوجه التشابه بين الخطابين الإعلامي والسياسي المحيطَين بهذا الموضوع.

وفي باب مراجعات وعروض الكتب، قدَّم فادي كحلوس “قراءة في كتاب (خارج المكان) لإدوارد سعيد”، وهومنترجمة: فوّاز طرابلسي، ونشرته دار الآداب للنشر والتوزيع في بيروت عام 2000، وهذا الكتاب هو رحلة في ذاكرة إدوارد سعيد، ذاكرة تجوب تفاصيل الأشخاص والأمكنة، وتستعرض صراعات طفوليّة بريئة؛ هزائم وانتصارات، ذاكرة تعوم على سطح تناقضات الهوية والثقافة. وفي باب الوثائق، نُشرت في عدد المجلة وثيقتان، الأولى هيتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وهو بعنوان “حياة أشبه الموت؛ عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن”، والثانية هي “إعلان المنتدى الإقليمي الـ 25 لحركة حقوق الإنسان” الذي تضمَّن توصيات إلى القمة من أجل الديمقراطية، وصدر عن المنتدى الإقليمي الموازي، برعاية مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.  

مشاركة: