عودة نايف (قصة قصيرة)

لم يكن نايف من محبي الدراسة، لذلك لم يتمكن من إكمال دراسته بعد أن رسب في امتحان الشهادة الإعدادية، فقرّر البحث عن عمل يقتات منه ويساعد أباه المريض في تأمين مصروف البيت المتزايد كونه الأكبر بين إخوته. قرّر نايف أن يبدأ رحلة البحث عن عمل بدءًا من إحدى ورش إصلاح السيارات التي لا تبعد أكثر من بضع مئات من الأمتار عن منزله.
يعرف نايف صاحب الورشة معرفة بسيطة، معظم أبناء القرية يعرفون بعضهم بعضًا، بشكل أو بآخر، أما إسماعيل، صاحب الورشة، فلم يتردد كثيرًا بقبول نايف ذي الخمسة عشر عامًا لما رآه من حماسة لديه، حيث اتفقا بسرعة على أجر أسبوعي زهيد، وباشر نايف عمله فورًا.
بعد سنوات ثلاث، شعر نايف أنه بلغ سن الرشد، وأن بإمكانه أن يستقل عن إسماعيل ويبدأ ورشته الخاصة بعد أن اكتسب كل ما يتطلبه العمل من مهارات، لذلك طرح فكرة مشروعه الجديد على أهله بطريقة مقنعة، وحاز على موافقتهم، واستقرّ رأي العائلة على أن يبني نايف “كراجه” على جزء من قطعة أرض تتمتع بموقع مميز، لا تملك العائلة غيرها.
بسبب ضيق الحال، استغرق المشروع زمنًا أطول مما خطّط له نايف، اضطُرّ خلاله إلى اقتراض مبالغ مالية من أقرباء وأصدقاء لإتمام عملية البناء وشراء المعدّات اللازمة لافتتاح “كراجه” الذي يحلم به. ما هي إلا أيام قليلة تفصله عن تحقيق حلمه، ولأنه أراد لمشروعه أن يكون كاملًا عند الافتتاح، توجه نحو سوق القرية لشراء بعض المستلزمات الكمالية.
عندما اقترب من ساحة القرية الرئيسة في طريقه إلى السوق رأى جمهرة من أهل القرية مجتمعين وكأنهم يحضرون لشيء ما. فكر لوهلة في تغيير طريقه تجنبًا للشبهات، خاصة أن نايف من أتباع مبدأ “الحيط الحيط ويا رب السترة”، لكنه، اختصارًا للمسافة والوقت قرّر الاستمرار في طريقه محاولًا قدر الإمكان أن يكون بعيدًا عن ذلك التجمع الذي قد يكون مشبوها بطريقة ما. لم تنفعه فكرته كثيرًا، فما هي إلا لحظات حتى أصبحت الساحة مطوقة بالكامل، وبدأ المتجمهرون بالفرار في كل الاتجاهات وكأنهم في سباق جري للمسافات القصيرة، ولأن نايف لم يكن جزءًا منهم، اعتقد أنه سيكون في مأمن، فتابع مشيته بشكل عادي، ولكن ليس لأكثر من بضع خطوات، حيث وجد نفسه فجأة طريح الأرض نتيجة ضربة بعصا غليظة على رأسه. لم يغب نايف عن الوعي على الرغم من قسوة الضربة، وعندما حاول الوقوف تتالت الضربات الثقيلة على بقية أجزاء جسمه من كل حدب وصوب، حاول خلالها عبثًا أن يشرح لضاربيه أنه ليس جزءًا من هذا التجمع، ولا ينتمي إليهم، ولا يربطه بهم أي رابط، وأنه كان في طريقه إلى السوق لشراء بعض الحاجات، لكن أحدًا لم يسمعه، أو حاول سماعه.
بمنتهى القسوة، وضعوا “طماشة” على عينيه، وربطوا يديه خلف ظهره بشريط بلاستيكي قاسٍ كاد أن يترك أثرًا أبديًا على يديه، تم بعدها زجه في سيارة عسكرية كبيرة مع آخرين، ثم بدأت بالتحرك باتجاه ذلك المجهول بعد أن امتلأت عن بكرة أبيها.
كان ذلك اليوم استثنائيًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بسبب الحفاوة التي تم استقباله والآخرين بها، هذه الحفاوة التي لا يمكن لمخلوق نسيانها حتى لو عاش عشرة قرون، لكن درجة الحفاوة هذه لم تكن ثابتة مع مرور الأشهر والسنوات، حيث كانت تزداد تارة، وتقل تارة أخرى، على الرغم من أنها تحولت مع الزمن إلى جزء من برنامج الحياة. أمضى أكثر من سبع سنوات بقليل في ذلك المكان، لكنها كانت بثقلها وبطئها تعادل قرنًا من الزمن الذي يمضي سريعًا عادة في كل الأماكن، إلا في هذا المكان. مضت كل هذه السنوات من دون أن يتمكن نايف من الحصول على إجابة عن أي من الأسئلة التي لم تفارق ذهنه، بدءًا من السؤال الذي يتعلق بسبب وجوده في هذا المكان، وهو المواطن البسيط المسالم الذي لا يتدخل في ما لا يعنيه، ويجهل، بل ويكره السياسة وتلابيبها، وربما رجالاتها، أكثر من أي شيء آخر، وليس انتهاء بسؤال عما حلَّ بـ “كراجه”، وما بينهما من أسئلة لم تفارق ذهنه طوال مدة الاستضافة.
لقد صدق حدس صديقه أسعد الذي غادر المكان أمس، وكان قد توقع خروج نايف في اليوم التالي. ها هو نايف خارج الأسوار تائه، هائم على وجهه، لكن ليس لأكثر من دقائق قليلة فحسب، لأن أبا نايف، بمجرد سماعه خبر العفو السعيد، طلب من ملحم، شقيق نايف الأصغر، أن يذهب لاستقبال أخيه عندما يخرج، بل وطلب منه عدم مغادرة المكان لأي سبب من الأسباب. كانت عينا ملحم كعيني نسر جائع وهائج يبحث عن صيد يسدّ به جوعه، ترصد الخارجين من البوابة بمنتهى التركيز التزامًا بوصية الأب. لمح ملحم فجأة أخاه نايف عن بعد ضمن مجموعة من المحظوظين المفرج عنهم، نزل من سيارته على عجل صائحًا، بين مصدق وغير مصدق لما رأته عيناه، “نايف” بأعلى صوته، هل هو نايف حقًا؟ عندما سمع نايف اسمه استدار باتجاه مصدر الصوت، وتحرك باتجاهه. التقت العينان، تأكد ملحم من صحة ما رآه، ركض باتجاه أخيه، ضمه إلى صدره بشدة، إلى الحد الذي قارب أن يفقد نايف قدرته على التنفس، ثم استدرك وتركه للحظة، وعاد وعانقه من جديد لأكثر من مرة قبل أن يركبا تلك السيارة العجوز.
أدار ملحم محرك سيارته وانطلق باتجاه أحد الطاعم القريبة حيث طلب مجموعة من الساندويشات، وضعها في حضن أخيه، وانطلق من جديد. بدأ نايف بالتهام الطعام بشهية لافتة كمن لم يأكل منذ زمن طويل، ثم بدأ أسئلته عن أفراد الأسرة، فردًا فردًا.
نايف: كيف حال أبي؟
ملحم: إنه بخير، لقد تراجعت صحته كثيرًا خلال السنوات الماضية، وينتظرك بفارغ الصبر.
نايف: وأمي؟
ملحم (بعينين دامعتين): لم تتحمل أمك غيابك لأكثر من أسبوعين، امتنعت خلالهما عن الطعام، هزل جسمها، رفضت أن نعرضها على طبيب، وفارقت الحياة.
نايف: وما أخبار ابنة عمي، خديجة؟
ملحم: بعد ستة أشهر على غيابك، تقدم إلى خطبتها ابن عمك خلف، بعد أن طرحوا الموضوع على أبيك، الذي لم يمانع، وبارك خطوتهما، فتزوجا بهدوء من دون إقامة أفراح، كما العادة، حرصًا على مشاعرنا.
لا تبعد الغوطة الشرقية كثيرًا، وصلت السيارة مشارف القرية، طلب نايف من أخيه المرور من أمام “الكراج” الذي أمضى زهوة شبابه في بنائه، لكن ملحم تذرع بأن الطريق مقطوع، ووعده بالذهاب غدًا إلى الموقع.
كان لقاء نايف بأبيه بعد غياب دام سبع سنوات ونيف عاطفيًا جدًا، ربما زاد فقد الأم من عاطفية اللقاء. كان معظم الأقارب ينتظرون مع الأب عودة نايف الميمونة، قاموا بواجب استقبال العائد، أو المولود من جديد ، ثم انصرفوا على أمل اللقاء في اليوم التالي ليمنحوا نايف وقتًا للراحة بعد هذا الغياب الطويل.
افترش نايف الأرض كعادته واستغرق في نوم عميق غاب عنه لسنوات. في الصباح لم ينتظر نايف أخاه ملحم، ركب السيارة واتجه نحو “الكراج”. لاحظ نايف أن الطريق كان سالكًا، وليس مقطوعًا كما ذكر ملحم، وهذا ما زرع الشك والخوف لديه.
كانت المفاجأة صاعقة ومدمرة بالنسبة إليه، لقد تحول “الكراج” بأكمله إلى مجرد كومة من البلوك المكسور وألواح معدنية جرداء فقدت لونها كانت تشكل سقف “الكراج”.
توقف نايف لبرهة، حدق في المكان، نفرت الدموع من عينيه كطفل صغير، وتمتم بكلمات قليلة عصية على الفهم، ثم عاد أدراجه نحو البيت خائبًا مقهورًا ونادبًا حظه العاثر. كان الأب يرشف قهوة الصباح، وأدرك عندما رأى وجه نايف المتجهم أن نايف اكتشف حقيقة ما جرى، وأن “الكراج” الذي بناه تحوّل إلى مجرد كومة بلا قوام ولا قيمة. حاول الأب مواساة ابنه، بدأ يقصّ عليه ما حلّ بأهل القرية ليثبت له أن مصيبتهم أصغر من غيرها كثيرًا مقارنةً بما أصاب الآخرين. بهدوئه المعهود، استمع نايف إلى ما قاله أبوه دون أن ينبس ببنت شفة، ثم دخلا في نوبة صمت. لم يكسر الصمت سوى جرس المنزل عندما رن، فهرع نايف ليفتح الباب، توقع أن بعض الأقارب جاؤوا باكرا لتهنئته بالسلامة، لكن توقعه لم يكن في محله، كان الطارق يرتدي بزة عسكرية رثة.
العسكري: أين نايف؟
نايف: أنا نايف، خيرا إن شاء الله.
سلمه العسكري ورقة صغيرة وطلب منه أن يوقِّع على الدفتر الذي كان يحمله.
نايف: على ماذا أوقع؟ وما هي هذه الورقة؟
الشرطي: لماذا لا تقرأ؟ إنها دعوة إلى الخدمة العسكرية، سيكون التجمع غدًا عند الساعة السادسة صباحًا، أمام شعبة التجنيد. لا تتأخر، قال الشرطي مستطردًا بلهجة أقرب ما تكون إلى التهديد.
لم يكن وقع الخبر على نايف أقل سوءًا من لحظة رؤيته لحطام “الكراج”. ارتبك الأب كثيرًا عندما أخبره نايف بمضمون الورقة، وأصيب بما يشبه الذهول، إذ لم يمض على عودة ابنه يومٌ واحدٌ.
غادر الأب المنزل مسرعًا إلى أقرب أصدقائه يسأله إن كان بإمكانه أن يتوسط لدى أحد معارفه لتأجيل الموضوع ولو لبضعة أشهر فقط، ثم انتقل إلى دكان ابن عمه ليسأله إن كان يعرف أحدًا يمكن له أن يهرِّب ابنه خارج الحدود. طرق الأب معظم الأبواب التي قد تساعد في تفادي هذا المصير، وعاد إلى المنزل حانقًا ينتظر أن يرد عليه أحدهم بخبر يثلج صدره.
مرت الساعة تلو الأخرى من دون أن يطرق أحدهم الباب، بدأ الأب ونايف، يفقدان الأمل في إيجاد حل. انتصف الليل، وبدا أنه لا مجال أمام نايف سوى الالتحاق بالخدمة الإجبارية صباح الغد.
مستسلمًا، رتّب نايف ثيابه في حقيبة صغيرة، وافترش الأرض، ونام.
عندما استيقظ صباح اليوم التالي لاحظ أن أباه لم ينم، كانت عيناه منهكتين من قلة النوم، وظهر عليهما الاحمرار.
حمل نايف حقيبته، ودّع أهله وكأنه في حلم، غير مصدق لما يجري، وتحرك باتجاه شعبة التجنيد، مكان التجمع، حيث التقى هناك ببعض من شباب القرية، وشباب آخرين لا يعرفهم ربما جاؤوا من قرى مجاورة.
حوالى الساعة العاشرة وصلت سيارة عسكرية كبيرة أقلتهم باتجاه إحدى الثكنات القريبة. وقفت السيارة في ساحة الثكنة التي كانت مليئة بالشباب الذين بدأوا بالترجل منها واحدًا تلو الآخر. وقف الضابط أمامهم وبدأ يشرح لهم صعوبة المرحلة والمؤامرة التي يتعرض لها البلد من الأوغاد الداخليين والخارجيين، ثم استطرد قائلًا، يا شباب، ليس لدينا الكثير من الوقت، سيبدأ التدريب على السلاح ابتداءً من صباح الغد، فالوطن يحتاج إليكم، وإلى بطولاتكم.
خلال أيام قليلة، تدرب الجميع على فك وتركيب السلاح، وعلى الرماية بمختلف الوضعيات. تسرب إلى مسامعهم، نقلًا عن لسان المساعد أول أنه سيتم نقلهم غدًا إلى عدة جبهات مشتعلة، وأن القيادة تتوسم فيهم الخير، وما إلى ذلك من كلام.
في الصباح، توسطت الساحة أربع سيارات عسكرية كبيرة، ثم بدأ الضابط بتلاوة الأسماء حيث ذهب كل جندي إلى سيارته. انطلقت السيارات في وقت واحد، ولكن باتجاهات مختلفة. السيارة رقم 2 التي كانت تقل نايف توجهت شمالًا. يذكر نايف أن الشاحنة اجتازت مدينة حمص، ثم مدينة حماه وتابعت فأدرك أن وجهتها ستكون حلب أو ربما أبعد من ذلك. توقفت الشاحنة على أطراف إحدى قرى محافظة حلب، لم تكن ثكنة عسكرية، كان المكان عبارة عن
مجموعة من البيوت والعمارات المتلاصقة، بعضها مدمر بشكل جزئي، وبعضها الآخر أقرب إلى الدمار الكامل. سلَّم المساعد أول الذي كان يجلس إلى جانب السائق قوائم الأسماء إلى ضابط برتبة نقيب، كان معه ثلاثة ضباط برتبة ملازم، تم توزيع الجنود على ثلاث فصائل بقيادة هؤلاء الضباط. صوت الرصاص وحده كان يكسر الصمت بين الفينة والفينة.
علمنا في اليوم التالي من العسكريين الموجودين أنهم يقاتلون تنظيمات إرهابية في الجهة المقابلة، وأن هذه التنظيمات تتلقى تمويلها من الخارج، من أعداء الأمة. تم توزيع السلاح والذخيرة علينا، وانتقل كل فصيل وراء قائده لاستلام مواقع التمركز بين العمارات. كانت حرب شوارع لا تمت بصلة إلى الحروب التقليدية التي شاهدناها صغارًا في الأفلام. لم تمهلنا الحرب الدائرة إطلاقًا، حيث بدأ الرصاص ينهمر علينا بكثافة من الجهة المقابلة قبل أن ينهي الضابط تسليمنا مواقعنا. لم يكن أمامنا سوى الاختباء، وإعادة التموضع، والبدء بالرد على مصادر النيران.
هكذا كان حال نايف ورفاقه خلال الأسبوع الأول. مع مطلع الأسبوع الثاني تغيّر الوضع بشكل خطر، لا يذكر نايف أكثر من أصوات انفجارات عالية وقذائف يبدو أنها من مدافع هاون وآر بي جي سقطت عليهم في منتصف إحدى الليالي، حيث ساد المكان حالة من الفوضى والهلع مصحوبين بأصوات استغاثات ومناظر الجثث وأجساد جرحى مضرجة بالدماء، هذا كان آخر ما ذكره نايف لقائد الفصيلة في المشفى العسكري قبل أن يصمت.
استغرب أبو نايف توقيت جرس المنزل عندما رن، ليست العادة في القرية أن يطرق أحدٌ بابك بعد العاشرة ليلًا إلّا لسببٍ ذي أهمية خاصة لا يحتمل التأخير. متثاقلًا لملم جسده المنهك وفتح الباب ليرى ذلك العسكري الخائف.
سأله العسكري: هل أنت أبو نايف؟
أبو نايف: نعم، أنا أبو نايف.
العسكري: أرجو منك عمي أبو نايف أن توقع على هذه الورقة.
أبو نايف: وما هذه الورقة؟
العسكري: إذن استلام جثة ابنك “الشهيد البطل” نايف من ثلاجة المشفى العسكري.
لم يحتمل أبو نايف وقع الخبر فسقط مغشيًّا عليه. كان ملحم يستمع لفحوى الحديث من بعيد، ارتبك، تعثر فسقط أرضًا، ثم استجمع قواه ووقف، ثم طلب من العسكري أن يساعده في نقل أبيه إلى سريره، وبدأ الاثنان بمحاولة إيقاظ الأب الذي استعاد وعيه تدريجًا.
وقّع ملحم الورقة نيابة عن أبيه، انصرف العسكري، وجلس ملحم بجانب أبيه على السرير يفرك أعضاء جسده الواحد تلو الآخر في محاولة لإعادة الحرارة إلى الجسد البارد.
في الصباح، استلم ملحم جثة أخيه، “الشهيد البطل” نايف. شارك معظم أهل القرية بحزنٍ شديدٍ في مراسم الجنازة والدفن المهيبة.
رحل نايف وهو في ريعان الشباب من دون أن يحقِّق حلمه المتواضع، كما رحل غيره كثيرون ليس لهم لا ناقة ولا جمل.
وما زال الوجع مستمرًا.

  • شفيق صنوفي

    كاتب ومترجم سوري، نشر العديد من المقالات التي تهتم بالشأن العربي عامة، والسوري خاصة، وله كتاب مترجم عن الإنكليزية قيد النشر؛ كتاب "سيكولوجيا التطرف"، تحرير كاثرين ف. أومر، منشورات سبرينغر. مهندس كيميائي، يعمل في المجالين الصناعي والتجاري.

مشاركة: