ترجمة النص الفلسفي وآثارها التنويرية

ترجمة النص الفلسفي وآثارها التنويرية

ملخص تنفيذي

نقلت الفلسفة، عبر تاريخها الطويل، البشر من ضفة الظلام إلى فضاءات التنوير، عبر اهتمامها بالأسئلة الجوهرية التي رافقت تطور العقل البشري بحثًا عن الوجود، والطبيعة، والإنسان، والمعنى. وكان الاختلاف سنةً من سنن الطبيعة، ومنها اختلاف الثقافة واللغة واللسان، ولذلك كانت الترجمة من لغةٍ إلى أخرى السبيل الذي سلكه البشر للتعرف إلى أفكار الآخر المختلف، ما أضفى على حياة وعقول البشر تنويرًا وتجديدًا دائمين، فضلًا عن بناء جسور التواصل الثقافي بين البشر، خصوصًا عندما تحمل الترجمة أسئلة الفلسفة، أسئلة الوجود والحياة والإنسان، وتنقلها من مكان إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، لتصبح أحد الأبواب الرئيسة للتنوير.

نحاول في هذه الدراسة تتبع حركة ترجمة الفلسفة عربيًا، وربطها بسياقاتها، وأحوالها التاريخية، في محاولة لإثبات فرضية مؤدّاها أن التأسيس لثقافة تنوير في مجتمعنا العربي الغارق في مشكلاته لا يمكن له أن يحدث من دون تفعيل حركة الترجمة في الحقل الفلسفي، ومن ثمّ فإننا نقارب موضوعنا من زاويتين:

الأولى: استعراض ذلك الجهد الذي قامت به مجموعة من الأشخاص في مجال ترجمة النص الفلسفي في مراحل عدة من التاريخ العربي، وملاحظة أثرها الإيجابي في تحريك المياه الراكدة على مستوى النتاج المعرفي، وفي الحصيلة بناء حالة المثاقفة مع ذلك الآخر.

الثانية: التركيز على ملاحظة الأثر الإيجابي الذي يمكن أن تتركه ترجمات النصوص الفلسفية القديمة منها والمعاصرة، والتي يمكن لها أن تساهم بشكلٍ كبيرٍ في محاولة الخروج من حالة التقليد إلى فضاءات العصر الحديث.

سيساعدنا المنهج التاريخي في رصد ازدهار الترجمة في سياقات اجتماعية وسياسية، كما سيساعدنا في تبين الأثر الحضاري التي تركته الترجمة في صيرورة التقدم، والمرتبطة بالدوافع المختلفة لعملية ترجمة النص الفلسفي في تلك السياقات، كما يمكن أن نستخدم المنهج التحليلي في مكان ما لأغراض متصلة تمامًا بطبيعة البحث وأهدافه.

تكمن أهمية البحث في راهنيته لجهة ضرورة مواكبة الأهمية التنويرية التي تضمنتها ترجمات النصوص الفلسفية، والتي أرساها مفكرون كبار لا ينتمون إلى حقلنا اللغوي، لكنهم أسسوا لقيمٍ باتت اليوم دليل عملٍ في الدول المتقدمة، ومن الحاجة التي تفرضها الوقائع الدامية في مجتمعنا العربي مع تمدّد التيار التقليدي النكوصي ممثلًا بالحركات الإسلامية المتطرفة، وغيرها، تلك التي تشكِّل عقبةً أمام التواصل مع الآخر حضاريًا وثقافيًا.

مقدمة

لولا الكتب المدونة، والأخبار المخلدة، والحكم المخطوطة التي تحصن الحساب وغير الحساب، لبطُل أكثر العلم، ولغلب سلطان النسيان سلطان الذكر، ولما كان للناس مفزع الى موضع استذكار، ولو تم ذلك لحرمنا أكثر النفع.”[1]

الجاحظ

يتنوّع النشاط الإنساني الساعي لردم الفجوة بين البشر، ولإقامة شكلٍ ما من أشكال التواصل، والتثاقف بينهم، وهذا ينطبق تمامًا على حقلٍ مهمٍّ من الحقول التي باتت حاجةً جديرةً بالاهتمام أكثر من ذي قبل، خاصةً بالنسبة إلينا كشعوب عربية، أي حقل الترجمة. فإذا أردنا استكمال الفضل الذي نسبه الجاحظ إلى الكتب في باب التأليف، لوجب علينا أن نقرّ بفضل الترجمة، والمترجمين، لغاية النفع القصوى التي ختم بها الجاحظ كلامه.

أما لماذا الترجمة جديرة بالدرس فالأسباب كثيرةٌ جدًا، ومنها التعرف إلى ثقافات الآخرين، ونتاجهم المعرفي والعلمي، كونهم قطعوا أشواطًا كبيرةً في التقدم في كثير من هذه الحقول، وكان لتطور هذه العلوم عندهم نتائج إيجابية ملموسة على حياة البشر. ويمكن أن نذكر أيضًا تداعي الحدود الفاصلة بين البشر بفعل الثورة الرقمية، والتكنولوجية، وبالتالي استحالة وجود أفراد منعزلين عما يحصل في العالم من حوادث وأفكار لها قيمتها على الصعد جميعها، وتطال الجميع على سطح الكوكب.

أولًا: البدايات الحقيقية للترجمات الفلسفية

على الرغم مما تطالعنا به المراجع التاريخية حول بدايات عملية الترجمة عمومًا، وهذا موضوع فرعي لا يطمح البحث إلى أن يتناوله تفصيلًا، لأن الهمّ الأساسي للبحث يتناول ترجمة النص الفلسفي تحديدًا، لكن لا بدّ من الوقوف عند بعض المراحل السابقة لترجمة النص الفلسفي لما لها من أهمية تتصل بموضوع البحث.

شهد العصر الأموي حالة تفاعلٍ بين المسلمين وأهل البلاد التي فتحوها، فبدأت رغبة التعرف إلى علوم تلك الأمم تظهر على هيئة محاولات تعريب علومها، وقد برزت في تلك الفترة مدارس استكملت عملها بفضل النساطرة الذين كانوا قد شرعوا بترجمة كتب الفلسفة، والمنطق إلى اللغة السريانية، لتستمر من أيام الفتح الإسلامي، وبعده العصر الأموي، في مراكز الرها ونصيبين، ولتشهد توسعًا خلال القرن الأول الهجري، فهذا خالد بن يزيد يأمر بترجمة الكتب في علم الهيئة، والطب، والكيمياء.[2]

ويرى بعضهم أن نقل كتب الفلسفة والعلم إلى اللغة العربية لم يُجرَ اتفاقًا، بل قصد إليه المسلمون قصدًا أمر به الخلفاء، فبدؤوا بنقل كتب الرياضيات، والفلك، والطب، ولما كثرت لديهم العلوم اتجهوا نحو كتب الفلسفة النظرية ليتموا أداء رسالتهم الثقافية.[3]

ولعل أشهر مترجمي تلك المرحلة الأسماء الموجودة في الجدول الآتي:

جدول (1)[4]

اسم المترجمعام الوفاة
سايروس سبخت667 م
إثناسيوس البلدي686 م
حنا نيشوع701 م
يعقوب الرهاوي708 م
مار جرجس724 م
يوحنا الدمشقي743 م

ويجمع الكثيرون أنه، على الرغم من وجود إرهاصاتٍ أولى لبداية حركة الترجمة الفلسفية في العصر الأموي، كان لحركة تعريب الدواوين على يد عبد الملك بن مروان، أثرٌ كبيرٌ في بداية حركة الترجمة، ففي تلك الفترة ترجمت بعض المؤلفات اليونانية في الطب، وبعض رسائل الإسكندر، لكنها بقيت أعمالًا منفردةً لا تدلّ على حركةٍ عامةٍ للترجمة.[5] لكن الملاحظ في تلك المرحلة على وجه العموم أن النص الفلسفي لم تكن له الأولوية بل كان التركيز أكثر على الطب والفلك والهندسة، وكل ما فيه حاجة عملية.

وإذا تتبعنا سؤالنا الإشكالي الأول في هذه الدراسة، وبدأنا في تلمس محاولة الإجابة عنه، أي الربط بين ازدهار حركة الترجمة وحالة الازدهار الحضاري العامة، لوجدنا تجسيده في العصر العباسي تحديدًا، فمع انتقال الخلافة من دمشق، ونهاية العصر الأموي، تضافرت مجموعة من العوامل، أهمها دخول عناصر أجنبية إلى بغداد، جعلت منها مقرًا للسلطة المركزية، ومحورًا تتلاقى فيه الثقافات في القرن التاسع الميلادي، الأمر الذي جعل الكثيرين يصفون القرن التاسع بالعصر الذهبي.

ولا يمكن إهمال الدور العظيم الذي أدّاه السريان في مسألة الترجمة، سواء إلى السريانية، ومنها إلى العربية، أو من اليونانية إلى العربية، إذ يذكر ابن النديم أسماء العلماء والمترجمين السُّريان الذين اعتمد عليهم الخلفاء العباسيون في حركة النقول والترجمات، واستجلاب الكتب من بيزنطة بقوله “فأخرج المأمون لذلك جماعة منهم الحجاج بن مطر وابن البطريق وسلما صاحب بيت الحكمة فأخذوا مما وجدوا فلما حملوه إليه أمرهم بنقله فنُقل، وقد قيل أن يوحنا بن ماسويه ممن نفذ إلى بلاد الروم … وأنفذوا حنين بن اسحق فجاؤوهم بطرائف الكتب وغرائب المصنفات في الفلسفة والهندسة والموسيقى والأرثماطيقي والطب، وكان قسطا بن لوقا البعلبكي قد حمل معه شيئًا فنقله ونُقل له”.[6]

وقد أسَّس المأمون بيت الحكمة في مصر عام 830 ميلادي، وعهد إلى يوحنا بن ماسويه برئاسته، وعليه تتلمذ حنين بن إسحق الذي أسس لاحقًا مدرسة بالمعنى الحقيقي للكلمة، باتت تعرف بمدرسة حنين بن إسحق[7]، ضمت العديد من الأسماء التي أتقن معظمها اللسان اليوناني، والسرياني، والعربي، وقد طبّق حنين بن إسحق، والجوهري، منهجًا في الترجمة يقوم على قراءة الجملة، وفهمها، ثم يترجم المترجم بجملة مطابقة، سواء تطابقت الكلمات، أم لم تتطابق.[8]

ولتوخي الدقة، والموضوعية، كانت طريقة حنين هي ألا يبدأ الترجمة قبل أن يقارن بين النسخ اليونانية المختلفة، ليقيم خير نصٍ ممكن، وحين كان لا يحصل إلّا على مخطوطٍ واحد من الكتاب، فإنه كان يعود إلى تنقيح ترجمته متى ظفر بنسخةٍ جديدة.[9]

وفيما يأتي جدولٌ يوضح أهم الترجمات الفلسفية التي قدمتها هذه المدرسة، مع العلم أن ترجمات أخرى قيمة صدرت عن المدرسة، خاصة في مجال الطب لا مجال لذكرها في هذا السياق:  

جدول رقم (2)[10]

المؤلفالكتابالمترجم
أرسطوالمقولاتحنين بن إسحق
أرسطوالكون والفسادحنين بن إسحق
أرسطوطوبيقاحنين بن إسحق
أرسطوفي النفسحنين بن إسحق
أرسطوبعض التحليلات الأولى والثانيةحنين بن إسحق
أفلاطونالسياسةحنين بن إسحق
أفلاطونالنواميسحنين بن إسحق
أفلاطونطيماوسحنين بن إسحق
أرسطوالأورغانونإسحق بن حنين
أرسطوالأماكن الأجزاء السبعةأبي عثمان الدمشقي
أرسطوالأماكن الجزء الثامنإبراهيم بن عبد الله الكاتب
أرسطوالتحليلات الأولىالتذاري
أرسطوالتحليلات الثانيةمتى بن يونس
أرسطوالتأويلاسحق بن حنين
أرسطوالفيزياءإسحق بن حنين
أرسطوفي السماءيحيى بن البطريق
أرسطوالنشوء والفساداسحق والدمشقي
أرسطوفي الروحإسحق بن حنين
أرسطوما وراء الطبيعةإسحق بن حنين
أفلاطونالحواراتإسحق بن حنين
أفلاطونالقوانينإسحق بن حنين
أفلاطونالسفسطائيونإسحق بن حنين
أفلاطونفلسفة الطبيعةحنين بن إسحق
أفلاطونالجمهوريةحنين بن إسحق

ونشير هنا إلى الآثار التنويرية للترجمة الفلسفية التي تتمثّل بالانفتاح على الآخر وثقافته ونتاجه المعرفي. ربما يكمن عنصر المفارقة، ونحن نتحدث عن القرن التاسع الذي يفصلنا عنه أكثر من ألف ومئة عام، في ذاك الحراك الثقافي لناحية الترجمة في ذلك العصر الذي ساهم في تعريف العرب إلى أفكار اليونان، وبالتالي التمهيد للنشاط الفلسفي، وبتشجيع من الخلفاء المستنيرين مثل المأمون، وفي ذلك الإصرار على طلب العلم الغربي والتأسيس لما يشبه الحاضنة عبر بيت الحكمة، الأمر الذي يدفع بفرضيتنا إلى الأمام لناحية أثر الترجمة في تحريك المياه الراكدة في المجتمع لجهة عملية المثاقفة، خاصة دور النصوص الفلسفية التأسيسية كنصوص أرسطو، وأفلاطون، الأمر الذي سيشجِّع على زيادة النشاط الفلسفي منذ بداية الاشتغال بالترجمة، والدفع بالعقل إلى الأمام، وستساهم كل تلك الترجمات بتسلل الفكر اليوناني وتأسيس علم الكلام بما فيه من نقاشات وأخذ ورد، هذا العلم الذي يعرِّفه ابن خلدون بأنه: “علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعين المنحرفين في الاعتقادات عن مذهب السلف وأهل السنة”.[11] فقد أتاحت حركة الترجمة للمعتزلة الاطلاع على الفكر اليوناني الذي تُرجم إلى العربية، ولا سيّما أنّ هناك توازيًا تاريخيًا بين بدايات العلاف مثلًا، وهو من أشهر رموز الاعتزال، وازدهار حركة الترجمة في عهد المأمون، فلما تُرجمت الفلسفة اليونانية أيام العباسيين طالعها شيوخ المعتزلة وخلطوا مناهج الفلسفة بأبحاثهم، فأفردوا لذلك فنًا من فنون العلم سمّوه بالكلام.[12]

ثانيًا: الفلاسفة العرب والتعامل مع النص المترجم، من الترجمة إلى التبيئة

شكلت الترجمات التي قدمتها مدرسة حنين بن اسحق، وبعض الترجمات التي صدرت عن مدرسة الإسكندرية، أرضية أولى لتعرّف العرب إلى الثقافة اليونانية، وساهمت في بداية نشوء حركة التفلسف العربية بعد فترة علم الكلام الذي كان له غايات محددة، ويعدّ الكندي في هذا السياق صاحب الريادة في التعامل مع النص الفلسفي اليوناني من العرب، ومنذ البدء شرع الكندي في مواجهة مشكلات عديدة كان من بينها مشكلة المصطلح، الأمر الذي واجهه برسالة “في حدود الأشياء ورسومها” وهو على ما يذكر محمد هاني أبو ريدة محقِّق رسائل الكندي، أول كتاب في التعريفات الفلسفية عند العرب، وأول قاموس مصطلحات وصل إلينا.[13]

وعلى الرغم من أنه لا يوجد، بحسب أبي ريدة، وبالعودة إلى ابن أبي أصيبعة، ما يبرِّر اعتبار الكندي ضمن المترجمين، نجد أن الكندي في “رسالة في حدود الأشياء ورسومها” يذكر معاني بعض الأسماء اليونانية المعربة أو ما يدلّ على معرفته ببعض المقابلات اليونانية للكلمة، ولكن ذلك ليس له دلالة كبيرة على معرفته باليونانية.

وفي الجدول الآتي بعض مصطلحات الرسالة وشرحها:

جدول (3)[14]

المصطلحشرح الكندي
الاختيارإرادة قد تقدمها روية مع تمييز
الكميةما احتمل المساواة وغير المساواة
الكيفيةما هو شبيه وغير شبيه
المضافما ثبت بثبوته آخر
الحركةتبدل حال الذات
الزمانمدة تعدها الحركة غير ثابتة الأجزاء
المكاننهايات الجسم
الإضافةنسبة شيئين كل واحد منهما ثباته بثبات صاحبه
التوهمقوة نفسية مدركة للصور الحسية مع غيبة طينتها
الحسإدراك النفس صور ذوات الطين في طينتها بأحد السبل الحسية

كل ذلك سيبدأ تدريجًا بالتراكم، وهذا التراكم الذي سيفضي إلى مشكلةٍ كبيرةٍ سيقع فيها الفلاسفة المسلمون على الرغم من محاولاتهم الحثيثة التوفيق بين النص الفلسفي اليوناني والعقيدة الإسلامية منذ الكندي، ولن تقتصر محاولاتهم على النقل والبناء على النصوص اليونانية، ومحاولة تبيئتها عربيًا بل ستكون مقدمةً ضرورية ومهمة للتأسيس لنصٍ فلسفي عربي يحاول تمييز نفسه، على الرغم من التأثر الكبير والواضح بفلاسفة اليونان، ويمكن القول إن هذا التأثر انعكس إيجابًا على حركية الفكر العربي بعد الترجمات السريانية بالتحديد، ودخلت إلى منهج التفكير قواعد لم تكن موجودةً مسبقًا أضفت على ذاك الفكر، في سياقه التاريخي، بعدًا منهجيًا نوعًا ما، ومع الفارابي ستبدأ ربما أولى الإرهاصات التي ستقيم الإشكالات اللغوية وتحاول الاشتغال عليها معززة بفهم اختلاف الأزمان والألسن، وما له من أهمية في اختلاف الفهم، حيث يقول الفارابي: “فلما كانت عادة أهل هذا اللسان في العبارة غير عادة أهل تلك البلدان وأمثلة هذا الزمان المشهورة غير الأمثلة المشهورة عند أولئك صارت الأشياء التي قصد أرسطو طاليس بيانها بتلك الأمثلة غير بينة ولا مفهومة عند أهل زماننا حتى ظن أناس كثر من أهل هذا الزمان يكتبه في المنطق أنها لا جدوى منها”.[15]

عند ذاك لا بدّ من اتباع أساليب مختلفة منها ذاك البحث عن المشترك في المعنى بين لغة الأصل واللغة التي سيُنقل إليها “فإذا عرفوها أخذوا من ألفاظ أمتهم الألفاظ التي كانوا يعبرون بها عن تلك المعاني بالعامية بأعيانها فيجعلوها أسماء تلك المعاني من معاني الفلسفة”.[16]

ومن الأمور التي يمكن التوقف عندها، من الآثار التي نراها “تنويرية” للترجمات الفلسفية في ذلك العصر، أن ما نسميه اليوم العقل التصنيفي قد دخل مع تلك الثقافة بواسطة الترجمة، ليبدأ معه الفلاسفة المسلمون جريًا على عادة أسلافهم اليونان بترتيب العلوم وتصنيفها، وكان الفارابي أول من فعل ذلك، فكان له أثرٌ كبير فيمن تلاه من الفلاسفة، ومن ضمن ميزات ذاك التصنيف أنه أدرج علوم الفقه والكلام ضمن العلوم المدنية، في خطوةٍ رآها كثيرٌ من المفكرين محاولةً أخرى للتوفيق بين علوم اليونان والنص الإسلامي، ونلمس في الجدول الآتي الأثر لدى الفارابي في إحصاء العلوم:

جدول (4)[17]

علم اللسانعلم المنطقعلوم التعاليمالعلم الطبيعيالعلم المدني
علم الألفاظ وما يدل عليه شيء ماالمعقولات من حيث تدل عليها الألفاظالعددثمانية أقسام للعلم الطبيعيالأخلاق
علم قوانين الألفاظالألفاظ من حيث هي دالة على المعقولاتالهندسةثلاثة أقسام للعلم الإلهيالسياسة
  المناظر علم الفقه
  علم النجوم التعليمي علم الكلام
  الموسيقى  
  الأثقال  
  الحيل  

ومن ثم حصل انتقال من التصنيف إلى استخدام القياس المنطقي في التفكير في موضوعات الوجود والماهية، في محاولات تراكمية للتفكير العربي الإسلامي بدءًا من المتكلمين حتى بلوغ ذروة العقلانية الرشدية ومحاولة التوفيق بين العقل والنقل التي وإن أجهضت على يد تيار التقليد وحلفه مع السلطات إلّا أنها تركت إرثًا من الأفكار كان له أعظم الأثر حتى على الثقافة الغربية بل إنها أصبحت مذهبًا يدرس غربيًا تحت مسمى “مذهب الرشدية اللاتينية”.

ثالثًا: الموقف التقليدي من الترجمات الفلسفية

كان من المفهوم أن يحدث الفكر اليوناني تلك الخضة التي أحدثها عبر أفكار كانت بمجملها غريبة على الذهنية الإيمانية، وبالتالي كان النظر إليها قاسيًا من جانب كثير من الفقهاء، ما عطّل مسار الترجمة ومعه النشاط الفلسفي، بل وجعل الاشتغال فيه محفوفًا بالمخاطر بحكم شيوع خطاب هؤلاء التقليديين وتأثر العموم بهم من جهة، وبحكم قربهم من دوائر السلطة وخوف من فيها على إمساكهم بالحكم من جهة ثانية، فقد تعرض الفلاسفة للتكفير على يد أبي حامد الغزالي في كتابه “تهافت الفلاسفة” حين قال: “وإنما مصدر كفرهم سماعهم أسماء هائلة كسقراط، وبقرط، وأرسطوطاليس، وأمثالهم، وحكايتهم أنهم مع رزانة عقولهم، وغزارة فضلهم، منكرون للشرائع والنحل وجاحدون لتفاصيل الأديان”.[18]

وأكمل الإمام الشافعي ذلك الهجوم على تلك العلوم المترجمة بوصفها تشكل عنصر انقسام لا عنصر تنوع وغنى وانفتاح بقوله: “ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب وميلهم إلى لسان أرسطو طاليس”، أما ابن الصلاح فقد أنهى المسألة بالقول: “رأس السفه والانحلال ومادة الخيرة والظلال ومثار الزيغ والزندقة فمن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالحجج الظاهرة ومن تلبس بها تعليمًا وتعلمًا قارنه الخذلان واستحوذ عليه الشيطان”.[19]

لكن الفلسفة بماهي تأكيد في جوهرها لمفهوم الاختلاف كما هي تجسيد حقيقي لعدم امتلاك الحقيقة المطلقة لدى شعب أو فئة أو شخص، تتعامل مع مسألة كهذه بتسامح شديد، خاصة لجهة طلب الحقيقة، الحقيقة (المترجمة) في هذه الحالة، أي الفلسفة اليونانية، ولا أبلغ من رد الكندي على مثل تلك المزاعم المعطلة للتثاقف: “ينبغي لنا ألّا نستحي من استحسان الحق واقتناء الحق من أين أتى، وإن أتى من الأجناس القاصية عنا والأمم المباينة لنا فإنه لا شيء أولى يطالب الحق من الحق وليس ينبغي بخس الحق ولا تصغير بقائله ولا بالأتي به”.[20]

رابعًا: ترجمة النص الفلسفي في عصر النهضة العربية

كانت للحقبة المظلمة التي عاشتها المنطقة العربية في ظل الحكم العثماني آثار سلبية واسعة، خاصة في مراحله الأخيرة، إذ لم تُشل حركة الترجمة كليًا فحسب بل شُلت أيضًا كل مفاصل الثقافة العربية بما فيها حالة اللغة العربية، بفعل سياسة التتريك وما صاحبها من طمس لمعالم الهوية العربية ومحاولة صهرها في الثقافة التركية، ولكن مع التوجه الذي انتهجه محمد علي كانت هناك فرصة لإعادة الألق إلى المعرفة التي كانت قد قطعت أشواطًا كبيرة في أوروبا، فقد أدرك محمد علي منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها عرش مصر أنه لا بدّ من رسم سياسة إصلاحية جديدة، لانتشال الكنانة من وهدة الخراب والفساد التي تردت فيها طوال العصر العثماني، ورأى أن السبيل القويم للإصلاح هو الاتجاه نحو الغرب والاقتباس من نظمه والنقل من علومه.[21]

إلّا أن المدقق في السياق الذي جذب اهتمام وتوجيهات محمد علي يكتشف أن حصة الفلسفة وما يلف لفها من علوم كانت ضئيلةً جدًا في تلك الفترة، فمن نحو 191 كتابًا يحصيها جمال الدين الشيال في تلك الفترة تحضر الفلسفة بكتابٍ واحدٍ والمنطق بكتابٍ واحدٍ والتربية بكتابٍ واحدٍ والاجتماع بكتابٍ واحدٍ، أي أربعة كتب من العدد الكلي، لمصلحة 64 كتابًا في الفنون الحربية.[22] وهذه الأخيرة تفسر الظاهرة برمتها، إذ احتلت مسألة بناء الدولة القوية عسكريًا محور اهتمام محمد علي في طور التأسيس، لكنها كانت بالعموم قاعدةً لانطلاق مدرسة الألسن التي ستؤدّي دورًا مهمًا في ما بعد.

جاء تأسيس مدرسة الألسن تتويجًا لتلك التوجهات التي انتهجها محمد علي في عام 1835، وقد تولى نظارتها رفاعة الطهطاوي حيث تخرجت الدفعة الأولى من الدار عام   1839 وكان للمدرسة في ذلك الحين هدفان، الأول هو إعداد جيلٍ من المترجمين في مختلف العلوم والفنون، والثاني إعداد مدرسي اللغة الفرنسية في المدارس التجهيزية والخصوصية، وقدّر خريج من خريجي تلك المدرسة، وهو محمد قدري باشا، عدد الكتب التي ترجمها خريجو المدرسة بنحو 2000 كتاب، ومن اللافت لناحية الترجمة الفلسفية ذكر أن كتاب (تاريخ الفلاسفة اليونانيين) ظهر مترجمًا بقلم عبدالله حسين عام 1836 أي بعد عام من انطلاق المدرسة.[23] ومما يعزِّز توجهات محمد علي لناحية التفكير السياسي هو طلبه من الراهب السوري أنطوان رافاييل زاخور ترجمة كتاب مكيافيللي “الأمير” بعد أن عرف قيمته عن طريق دبلوماسيين أوروبيين، والذي سيقول عنه محمد علي لاحقًا “إنه لا يعلم جديدًا”، علمًا أن الكتاب لم ينشر في حينه بل تأخر حتى عام 1912 بترجمة لطفي جمعة.[24]

ونشطت في تلك المرحلة حركة الترجمة عمومًا، والأدبية منها على وجه الخصوص، حيث ترجم سليمان البستاني الإلياذة وترجم نجيب حداد روميو وجولييت إلى العربية، وبرزت في تلك الفترة أعمال أحمد حسن الزيات والمنفلوطي وسامي الدروبي.[25]

ومن الجدير ذكره أن ذلك الاحتكاك بين الثقافتين العربية والفرنسية كان له عظيم الأثر في أنفس كثير من المفكرين الذين أوفدوا إلى فرنسا، الأمر الذي انعكس إيجابًا على حركة الترجمة عمومًا، وهذا تمامًا ما حصل مع رفاعة الطهطاوي الذي ضمّن كتابه “تخليص الإبريز في تلخيص باريز” ترجمةً للدستور الفرنسي، مستحدثًا مصطلحات ستستقرّ لتصبح من العدة الاصطلاحية للنظر الفلسفي السياسي العربي الحديث والمعاصر.[26]

لكن تلك الترجمة وفق صالح مصباح كان لها العديد من الخلفيات، ومن ضمنها ما يسميه تأهيل المراس السياسي العربي والإسلامي، ويضرب لذلك مثلًا ترجمة الراهب زاخور لكتاب الأمير حين تتحول عنده الجمهورية إلى المشيخة والبيروقراطية إلى الديوان، أما عند الطهطاوي وانسجامًا مع عدم نشوء الدولة الوطنية، وبسبب الحدود التاريخية للحدوس الطهطاوية، فنجد مثلًا في ترجمته للدستور الفرنسي الآتي:

جدول (5)[27]

الكلمة في الدستور الفرنسيترجمة الطهطاوي
حكومةتدبير
الأفرادالرعايا
القانونالشريعة

لكن هذا التأهيل للمراس التقليدي العربي كان مهمًا جدًا إذ لم تلبث المصطلحات الواردة في الدستور الفرنسي المذكور مثلًا أن أصبحت مذكورة في كثير من الدساتير العربية، وبدأت معها محاولات عديدة لتوطين تلك المفاهيم لا ترجمتها فحسب.

خامسًا: دوافع الترجمات الفلسفية العربية في القرن العشرين وأثرها التنويري؛ (نماذج مختارة)

بعد مرحلة السبات العربي إبان الاحتلال العثماني، ومع النشاط الفكري والثقافي الذي بدأ بالتشكل عبر الجمعيات العربية في العديد من الدول العربية، بدأت ترتسم ملامح جديدة لفضاء الترجمة في العالم العربي الذي كان إرث التخلف فيه ثقيلًا جدًا، والهوة التي كانت تفصله عن البلدان المتقدمة كانت هوةً عظيمةً لا بدّ من البدء في تخطّيها ولو بشكلٍ بطيءٍ جدًا. ومن هنا، وفي سياق ما نحن بصدده لناحية الترجمة الفلسفية، نستطيع القول إن انتقال أفكار الفلسفة الغربية التي قطعت أشواطًا كبيرة منذ عصر النهضة العلمية الأوروبية مع بيكون غاليليو ونيوتن والفلسفية النقدية مع كانط والعقلانية مع ديكارت والتنويرية مع روسو… إلخ، كل ذلك كان وصوله متأخرًا كثيرًا إلى العالم العربي، وربما يكون هذا من النتائج الكارثية التي ستلقي بظلالها على وضعية العالم العربي والإسلامي لناحية معاينة تلك الفجوة الحضارية مع الغرب من جهة، وإرث التقليد الذي لا يمكن التخلص منه كما لا يمكن الإبقاء عليه كما هو من جهة أخرى، وتلكم كانت ربما حلقة ثانية من حلقات صراع العربي والمسلم مع نفسه، في مسألة أشبه ما تكون تكرارًا لذاك الصراع الذي دار بين قيمة الفكر والفلسفة اليونانية وأهمية الأخذ بها والاستفادة من علومها وبين النص الديني وتبعاته وترسيماته أو بكلمة واحدة صراع العقل والنقل، ولذلك من الطبيعي أن ينعكس ذلك على هيئة ذلك السؤال النهضوي الشهير: “لماذا تقدموا وتأخرنا”؟

وهنا بالتحديد تنوعت الدوافع وراء عملية ترجمة الفكر الفلسفي مع بداية القرن العشرين، وسنحاول في هذا السياق تتبع أهم تلك المحطات والذهاب وراء تلك الدوافع رصدًا وتعليقًا، بل ونقدًا لبعض تلك الدوافع وما يشوبها من أيديولوجيا وتدخلات ربما فوتت الكثير من الفرص علينا لناحية الأخذ الحقيقي بأسباب التقدم.

استدعاء ديكارت بين حاجة العقلانية ومقاومة المادية

وسنحاول في هذا السياق تتبع مراحل ترجمة النص الفلسفي لتبيان أثرها في الحراك الثقافي العربي ضمن السياقات الاجتماعية والسياسية التي رافقت الترجمة، والبداية ستكون من تسلل العقلانية الديكارتية إلى اللغة العربية، حيث يُعدّ ديكارت، فيلسوف القرن السابع عشر، من أوائل من نُقلت مؤلفاته إلى العربية، بحسب الباحث المغربي محمد محجوب، فقد نُقل كتابه الشهير “مقالة في المنهج” بترجمة محمود الخضيري وبتوجيه من مصطفى عبد الرازق عام 1930، وهذا له دلالة في رأينا يمكن التوقف عندها، ربما لماله من أهمية حاسمة عند مقارنة الخطاب الديني في أيامنا وتوجهاته الماضوية النكوصية، بشيخ أزهري يقترح ترجمة مؤلفات رائد العقلانية الأوروبية. ومن المفيد جدًا التوقف هنا عند دوافع الترجمة كما يقدِّمها المترجم لأهميّتها في محاولة فهم الأثر الذي من المتوقّع أن يتركه النص الديكارتي في الثقافة العربية حيث يمكن الحديث عن دافعين، وهما بحسب مقدمة المترجم:

الأول: سببٌ عام يتمثل بالعناية العظيمة في مصر والشرق بالاطلاع على الثقافة الغربية، ورغبة العقلاء في التعرف إلى عوامل تفوق الأمم المتقدمة حضاريًا.

الثاني: هو أن الكتاب لم يكن مجرد مقدمة للنهضات الفلسفية في القرنين السابع عشر والثامن عشر بل أساس المدنية الحديثة وأصل الثورة الفرنسية.[28]

ثم توالت الترجمات الأخرى للنص الديكارتي، فترجم عثمان أمين كتاب “التأملات” أيضًا بإيعاز من الشيخ مصطفى عبد الرازق عام 1951، وجاءت ترجمة ثانية لكتاب “مقالة في المنهج” لجميل صليبا مع تغيير في العنوان “مقالة في الطريقة” عام 1953، لتتوالى الترجمات لكتب ديكارت، ويعود عثمان أمين إلى ترجمة كتاب “مبادئ الفلسفة” عام 1962، ويسأل الأستاذ محمد محجوب سؤالًا مهمًا جدًا في هذا السياق من وحي مقدمات المترجمين ودوافع ترجماتهم، هذا السؤال هو: هل السياقات التي تُرجمت فيها هذه النصوص والدوافع التي اعتمدها المترجمون هي التي حددت التلقي العربي لفلسفة ديكارت أم أن ذلك التلقي فرضته دوافع أخرى لم ترق إلى وعي المترجمين أنفسهم؟

وهذا السؤال يبدو برأينا مشروعًا لسببين:

الأول ذو صلة بالعلاقة مع الثقافات الأخرى وهل كانت الترجمة فعلًا هي رغبةٌ بتعويض ما فات من الزمن والتقدم للشروع في نهضة ما؟

الثاني هو ذاك الخطاب الأجوف الذي راج، وربما ما زال رائجًا حول شمولية الإسلام لكل المعارف والعلوم، الخطاب الذي يريد استعادة ديكارت لإحياء الفلسفة العربية بموضوعاتها، وربما وفق تعبير محجوب إضفاء المشروعية الثقافية على المفكرين العرب عبر القول إن ما قاله ديكارت إما أننا سبق وقلناه أو أنه قاله بفضلنا، هذا عدا عن الدوافع المعلنة من قبل بعض المترجمين، الأمر الذي عبر عنه مثلًا عثمان أمين بالقول: “كتاب العصر، إذ فيه ما يدعو أهل الفكر في هذا العصر الصاخب إلى النظر في مشاغل الروح، إلى امتحان النفس”، فيما يفضح هدف الترجمة بوصفه مقاومة للنزعة المادية وليس التأسيس للمعرفة.[29]

لكن أحد عمالقة الفكر العربي في القرن العشرين، طه حسين، كان ممن تبنوا المنهج الديكارتي، بل وجعل منه نموذجًا تطبيقيًا في حقل من حقول الأدب العربي حين وجد الشك وسيلةً لسبر النص الشعري الجاهلي، متمردًا على المناهج الأدبية السائدة، ومعلنًا بوضوح:

“أريد أن أصطنع في الأدب هذا المنهج الفلسفي الذي استحدثه ديكارت للبحث عن حقائق الأشياء في أول هذا العصر الحديث والناس يعلمون أن القاعدة الأساسية لهذا المنهج هي أن يتجرد الباحث من كل شيء يعلمه من قبل وأن يستقبل موضوع بحثه خالي الذهن مما قيل فيه خلوًا تامًا”.[30]

ولعل هذا المثال الخاص بتطبيق المنهج الديكارتي على حقل الأدب العربي خلق فضاءً ثقافيًا وأثرًا لا يمحى لناحية انتصار الفكر العقلاني، وما أثاره كتاب طه حسين من جدل صحي في الثقافة العربية ومن استنفار التيار التقليدي الذي حاول التحريض عليه، لكن ذلك انتهى كله بانتصار للعقل في جولة من جولات الصراع بين العقلانية والتقليد.

– استدعاء كانط (بين الحاجة إلى النقد والحاجة إلى مواجهة التطرف)

شكلت أعمال الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط محطةً مهمة جدًا في تاريخ الفلسفة الأوروبية، لما لها من غنى على مستوى المنهج النقدي الذي أرساه كانط من جهة، والتنويعات التي تضمنتها فلسفته من جهة ثانية من الأخلاق إلى التربية والسياسة والدين، وكل ذلك كان له دوره في تكريس كانط واحدًا من أهم الفلاسفة الذين استرعوا اهتمام العديد من المفكرين والمترجمين الذين تكشّف لهم أثره في الغرب، وكانت بداية عمليات الترجمة للنص الكانطي متأخرةً عمومًا في العالم العربي، فقد خصص أستاذ الفلسفة الإسباني الكونت دي غلارزا سنةً جامعيةً لدراسة الأخلاق عند كانط في محاضراته في الجامعة الأهلية في مصر، حيث قدّم ترجمةً شبه حرفية لنصٍ من أهم نصوص كانط وهو “نقد العقل العملي” الأمر الذي تأثر به مجموعة من الطلاب الذين تتلمذوا على يديه من أمثال جرجي زيدان وزكي مبارك ومي زيادة، وكذلك أساتذة الفلسفة مثل عثمان أمين وتوفيق الطويل.[31]

وثمة ملاحظات ضرورية يمكن التوقف عندها لبيان الأثر التنويري لترجمة النصوص الكانطية إلى العربية، لكن بعد استعراض أهم الترجمات التي تلاحقت للنص الكانطي:

– بدأ التعريف بكانط عربيًا مع الكونت دي غلارزا بين عامي 1919-1920.

– ترجم عبد الرحمن بدوي كتاب “فكرة في التاريخ العام لغرض عالمي” نشرتها مجلة الجمعية التاريخية المصرية عام 1948، ثم ترجم النقد التاريخي عام 1963.

– ترجمت جيزيلا حجار “تصدير نقد العقل المحض” عن الألمانية بتقديم موسى وهبة.

– ترجم علي حرب نص “الفلسفة وتاريخ الفلسفة” عن الفرنسية.

– ترجم حسين حرب “جوابًا عن السؤال ما هي الأنوار” عن الفرنسية.

– ترجم أحمد الشيباني “نقد العقل الخالص” عن الإنكليزية عام 1965 و”نقد العقل العملي” عام 1966 في بيروت.

– ترجمت نازلي اسماعيل كتاب “مقدمة لكل ميتافيزيقا مقبلة تريد أن تصير علمًا” في القاهرة عام 1968.

– ترجم حكمت حمصي كتاب “تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق” عن دار الشروق بحلب.

– ترجم عبد الغفار مكاري الكتاب نفسه عام 1977 إضافة إلى ترجمة “ما هو التنوير”.

– صدرت ثلاث ترجمات لكتاب كانط “مشروع السلام الدائم” الأولى عام 1952 لعثمان أمين، والثانية لنبيل خوري في بيروت عام 1985، والثالثة في تونس لعلالة البوعزيزي عام 1996.

– ترجم غانم هنا “نقد ملكة الحكم” عن الألمانية عام 2006، ومن ثم “نقد العقل العملي” عام 2009 وكلا الكتابين صدر عن المنظمة العربية للترجمة.[32]

ويمكن الآن التوقف عند الملاحظات الآتية بعد هذا الاستعراض:

أولًا: الأثر الإيجابي لدخول كانط إلى المؤسسة الجامعية العربية، وهو ما مهد له الكونت دي غلارزا في الجامعة الأهلية بمصر، الأمر الذي كان له أثرٌ كبير تجلّى باهتمام مفكرين كبار لاحقًا به، مثل عثمان أمين.

ثانيًا: هناك ترجمة قدمها الشيخ طنطاوي في العقدين الأولين من القرن العشرين لكانط عن ترجمة إنكليزية لأنيت شيرتون، وكان المهم فيها أنها جاءت بطلب من مجلة النهضة النسائية، وكتب الشيخ مقالة فيها يقول: “لم أجد أشرف ولا أجل ولا أجمل من موضوع يفصل تربية الطفل في مهده ويصلحه في طفولته ويصقله في شبابه أكمل من كتاب ألفه الفيلسوف الألماني كانط”.[33]

هنا نكتشف مرة أخرى الأثر التنويري الشبيه بمثالنا عن ترجمة ديكارت بطلب الشيخ مصطفى عبد الرازق، الأمر الذي يعكس مدى انفتاح التيار الديني في تلك المرحلة على التعرف إلى الأفكار القيمة للآخر لما لها من دور في التقدم.

ثالثًا: ربما تكمن الملاحظة الثالثة في دافعين لتناول آثار ترجمة كانط عربيًا يتأسّسان على مواجهتين من طبيعة خاصة، وهما مواجهة العنف والتطرف والأصولية عبر النظر العقلي في الدين من جهة، كما حدث عندما خصصت فريا خليفة كتابًا بعنوان “الدين والسلام عند كانط”، ومن جهة ثانية سؤال النهضة وكيفية تحقيقها وأهمية النقد كمنهج كما حدث عندما كتب ناصيف نصار دراسة بعنوان “كانط والغزالي إشراق عرفاني أم تنوير عقلاني”.

من المفارقات الغريبة في عالم الترجمة في القرن العشرين أن نجد الترجمات الماركسية سابقةً على أي محاولةٍ لترجمة هيغل إلى العربية، وربما هناك ما يبرِّر ذلك على صعيد التبني الأيديولوجي الذي احتاجت إليه الأحزاب اليسارية العربية لإحداث خرقٍ على مستوى توسيع جماهيريتها وضمان توافر المصادر النظرية لذلك، على الرغم من أن  الترجمات الماركسية ينطبق عليها أيضًا عنصر التأخر النسبي عن زمن صدور النص الأصلي، ولهذا أسبابه الرئيسة المتعلقة، على سبيل المثال، بالوجود العثماني، ولا يخفى أيضًا في هذا السياق تخوف الكثيرين من خوض غمار الترجمة العسيرة لمؤلفات هيغل، على الرغم من أهميته من حيث كونه آخر الفلاسفة الموسوعيين، الأمر الذي عبر عنه مصطفى صفوان في مقدمته في ترجمة كتاب هيغل “علم ظهور العقل” بالقول: “ما دفعني إلى هذه الترجمة ما يشبه الرغبة في تجديد الثقة باللغة العربية بعد أن تخاذل أهلها وقد أعجزتني المشاغل عن إتمامها”.[34]

ومما يجدر ذكره تلك العناية بموضوعات جديدة على الفكر العربي جاءت عن طريق ترجمة هيغل إلى العربية كموضوع علم الجمال، فقد ترجم جورج طرابيشي كتاب هيغل “الإستطيقا، الفن الرومانسي” إلى العربية، وكان له دور في تفعيل البحث في هذا الموضوع حيث سيكون لمقاربة الموضوع الفني في فلسفة هيغل أثر كبير في ما سيُكتب لاحقًا.

وستتوالى ترجمات هيغل إلى العربية على الرغم من وعورتها على يد مترجمين كبار من أمثال إمام عبد الفتاح إمام وعبد المنعم مجاهد وناجي العونلي ومصطفى صفوان وجورج طرابيشي الذي بذلوا جهدًا تنويريًا كبيرًا لتقديم هيغل عربيًا بصورةٍ لائقة.

وبصرف النظر عن موقفنا من اليسار العربي وتجربته السياسية في البلدان العربية، إلّا أنه يمكن الحديث عن ملامح إيجابية على صعيد نقل وترجمة كثير من الأفكار الماركسية التي كان لها أثرٌ في الحراك المجتمعي العربي على المستوى السياسي، حيث تكونت الأحزاب اليسارية العربية، وصارت جزءًا من المشهد السياسي، وهنا كان للترجمة دور كبير في نقل التراث الفكري لكارل ماركس وفريدريك أنغلز إلى العربية والثقافة العربية، ولذلك كانت أول ترجمة للبيان الشيوعي عربيًا عام 1933 على يد خالد بكداش زعيم الحزب الشيوعي السوري.

وبالطبع، نحتاج إلى دراسة مستفيضة لرصد جميع ترجمات النص الفلسفي إلى العربية، مثل ترجمات فلاسفة العقد الاجتماعي (هوبز، لوك، روسو) التي كان لها بالطبع الأثر العظيم في تشكل الوعي العربي لمفاهيم التعاقد الاجتماعي والدولة والسلطات، ومن ثم الترجمات المتلاحقة للمدارس الوجودية والبنيوية والتفكيكية في السنوات الأخيرة، والتي فعّلت وبشدة تنوع زوايا الرؤيا والمناهج البحثية في العالم العربي.

سادسًا: خاتمة واستنتاجات

يمكن لنا بعد هذا الاستعراض لترجمة النص الفلسفي إلى العربية أن نقول إنّ جهدًا كبيرًا بُذل من كثيرين امتلكوا حدسًا عظيمًا بقيمة ونفع النص الفلسفي أيًا كان مصدره، وفي مراحل تاريخية عدة ووفق السياق الاجتماعي والتاريخي والمناخات المتاحة فيه، فكان لمسيحيي الشرق بصمةٌ واضحةٌ في نقل علوم اليونان، وكان أيضًا للحالات القليلة التي تبنت فيها بعض السلطات الحاكمة في التاريخ العربي، مثل المأمون في عصر قوة الدولة العباسية، أثرٌ كبيرٌ في تحريك الثقافة العربية، وأيضًا في سياق بناء الدولة القوية في عهد محمد علي عبر حركة البعثات التي نشطت وشجعت على الترجمة، وإن لم يأخذ ذلك بعدًا كميًا على مستوى النص الفلسفي، ثم يمكننا القول إن القرن العشرين شهد الحركة الأبرز على صعيد ترجمة النص الفلسفي ولو متأخرًا بفعل آثار الحكم العثماني.

ويمكننا أن نسجل النتائج الآتية:

أولًا: يلاحظ بشكلٍ عام تأخر عملية ترجمة النص الفلسفي زمنيًا عن فترة إنتاج النص الأصلي، وهذا الأمر كان له وما زال انعكاسات سلبية على مستوى نقل تلك الأفكار، والتعرف إليها، ومن ثم الاستفادة منها في المجتمعات العربية نظرًا إلى أثرها التنويري المهم.

ثانيًا: اختلفت دوافع الترجمة عند ترجمة النص الفلسفي إلى العربية، فكانت:

– رغبة التحديث (الطهطاوي)

– الاطلاع على الثقافة الغربية (الخضيري)

– مواجهة النزعة المادية (عثمان أمين)

وعلى الرغم من ذاك الاختلاف إلّا أنه كان ذا أهمية كبيرة في الانفتاح على الأفكار الجديدة التي لم تكن مألوفة في السياق العربي.

ثالثًا: على الرغم من وجهات النظر التقليدية لبعض التيارات الدينية إلّا أن قسمًا منها كانت له مواقف شجاعة في التعرف إلى الآخر وأفكاره وثقافته، ما شجّع على الانفتاح، ومنهم على سبيل المثال الشيخ مصطفى عبد الرازق، وهذه ظاهرة تستحق الوقوف عندها نظرًا إلى ما نعاينه اليوم من تطرف وتشدد وانغلاق.

رابعًا: لاحظنا أن الترجمة قد ازدهرت في مرحلتين كانت قوة الدولة فيهما واختلاطها بغيرها من الأمم دافعًا أساسيًا في تفعيل حركة الترجمة عمومًا، والفلسفية خصوصًا، كحالة الدولة العباسية، وهذا ما ينبه بشدة إلى مهمة المثاقفة التي تضطلع بها الترجمة عمومًا، والترجمة الفلسفية على وجه الخصوص.

خامسًا: إن الأثر التنويري الذي خلقته الترجمة كان له الفضل العظيم في التأسيس لنصٍ فلسفي عربي، لتلمع بموجب ذلك أسماء كثيرٍ من الفلاسفة العرب والمسلمين الذين هضموا تلك المناهج والمدارس بعد ترجمتها أو قراءتها، واستثمروها في البحث في قضايا الواقع العربي والإجابة عن سؤال التقدم، وهذا ما فعله طه حسين مع المنهج الديكارتي، وما فعله فرج فودة مستفيدًا من المنهجين التاريخي والنقدي في مواجهته لسدنة الدين الموازي من جماعة الحاكمية في كتابه الحقيقة الغائبة، وقس على ذلك كتابات زكريا إبراهيم وصادق جلال العظم وطيب تيزيني وحسن حنفي …الخ. كل تلك الأسماء كان لها أثرٌ كبير في الحراك الثقافي العربي.

سادسًا: ساهمت ترجمة النص الفلسفي في التأسيس لبعض الحركات السياسية التي أصبحت جزءًا من المشهد السياسي العربي، كحالة الأحزاب الشيوعية العربية واليسار العربي عمومًا، وبغض النظر عن صوابية تلك الأيديولوجية من عدمها، فإنها ساهمت بشكلٍ كبير على الصعيدين الثقافي والسياسي.

كلمة أخيرة

على الرغم من المشكلات كلها التي يعانيها العالم العربي اليوم، نحن مدعوون أكثر لبذل مزيد من الجهد، أفرادًا ومؤسسات ومتخصِّصين، وأكاديميين، للحاق بما يُكتب وينشر اليوم في دول العالم باللغات كافة، خاصة في حقل العلوم الإنسانية، فهذه ربما تكون مساهمة جليلة في إيقاظ مجتمعاتنا وتنويرها، وهي مهمة عسيرة، وأمامها عقبات كثيرة، خاصةً في ممانعة التيار التقليدي والحالة التعليمية المتردية في بعض دولنا العربية على المستويات كافة، لكن لا خيار لنا كمؤمنين بالتنوع والتعدد والتنوير والعقلانية والحرية إلّا أن نسلك هذا الاتجاه.

لذلك، يجب أن تستمر تلك المشاريع التي نشأت في السنوات الأخيرة، مثل مشروع المنظمة العربية للترجمة وغيرها، وأخذت على عاتقها ترجمة نصوص فلسفية واجتماعية مهمة جدًا، ولا يسعنا أخيرًا إلا أن نقف احترامًا وتقديرًا لكل رواد التنوير، حالمين معهم بغدٍ أفضل لهذه الأمة.

المراجع والمصادر

  1. ابن الصلاح. فتاوى ابن الصلاح (بيروت: دار المعرفة، 1986).
  2. ابن النديم. الفهرست (بيروت: دار المعرفة، د. ت).
  3. ابن خلدون. المقدمة، ط5 (بيروت: دار القلم، 1984).
  4. أبو ريدة، محمد هاني. إبراهيم بن سيار النظام وآراؤه الكلامية الفلسفية (القاهرة: مطبعة لجنة التأليف والنشر، 1946).
  5. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. رسائل الكندي الفلسفية (القاهرة: دار الفكر العربي، 1950).
  6. أوليري، دي لاسي. علوم اليونان وسبل انتقالها إلى العرب (مكتبة النهضة المصرية، 1962).
  7. بارتولد، ف. تاريخ الحضارة الإسلامية (مصر: دار المعارف، 1952).
  8. بدوي، عبد الرحمن. الفلسفة والفلاسفة في الحضارة العربية (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1987).
  9. بن حليلم، شوقي، صايم عبد الحكيم. الترجمات العربية لفلسفة هيغل، مجلة المواقف للبحوث والدراسات، مجلد 14، العدد 01، أذار/مارس 2019.
  10. الجاحظ. كتاب الحيوان، ط2 (بيروت: دار الكتب العلمية، 2004).
  11. حسين، طه. في الشعر الجاهلي (القاهرة: دار الكتب المصرية، 1926).
  12. الشيال، جمال الدين. تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي (القاهرة: دار الفكر العربي، 1951).
  13. عبد الغني مصطفى لبيب. دراسات في تاريخ العلوم عند العرب (القاهرة: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002).
  14. عطية، أحمد عبد الحليم. كانط وأيديولوجيا العصر (بيروت: دار الفارابي، 2010).
  15. الغزالي، أبو حامد. تهافت الفلاسفة (مصر: دار المعارف، 1966).
  16. الفارابي. كتاب الحروف (بيروت: دار المشرق، 1990).
  17. ـــــــــــــــــــــــــــــــ. كتاب القياس الصغير (بيروت: دار المشرق، 1986).
  18. فروخ، عمر. تاريخ العلوم عند العرب (بيروت: دار العلم للملايين، 1970).
  19. كار، مريم سلامة. الترجمة في العصر العباسي (دمشق: منشورات وزارة الثقافة، 1998).
  20. مصباح، صالح. الترجمة وتجدد الفلسفة في العربية، مجلة تبين، العدد 6-2 خريف 2013.

[1] الجاحظ، كتاب الحيوان، ط2 (بيروت: دار الكتب العلمية، 2004)، ص47.

[2] ف. بارتولد، تاريخ الحضارة الإسلامية، حمزة ظاهر (مترجم)، (مصر: دار المعارف، 1952)، ص69.

[3] عمر فروخ، تاريخ العلوم عند العرب (بيروت: دار العلم للملايين، 1970، ص12.

[4] دي لاسي أوليري، علوم اليونان وسبل انتقالها الى العرب، وهيب كامل (مترجم) (مكتبة النهضة المصرية، 1962) ص191 -192.

[5] مريم سلامة كار، الترجمة في العصر العباسي (دمشق: منشورات وزارة الثقافة السورية، 1998)، ص12.

[6] ابن النديم، الفهرست (بيروت: دار المعرفة للطباعة والنشر، د. ت)، ص340.

[7] حنين بن إسحق العبادي: طبيب ومترجم مسيحي نسطوري ولد في الحيرة عام 809 ميلادي وتوفي عام 879 ميلادي.

[8] مريم سلامة كار، الترجمة في العصر العباسي، ص54.

[9] عبد الرحمن بدوي، الفلسفة والفلاسفة في الحضارة العربية، ط1 (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1987)، ص9.

[10] تم مقاطعة محتوى هذا الجدول بين مجموعة من المراجع والتي تستند في معظمها إلى فهرست ابن النديم وكتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي وكتاب عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة وقد اكتفينا بكتب أرسطو وأفلاطون فحسب.

[11] عبد الرحمن ابن خلدون، المقدمة، ط5 (بيروت: دار القلم، 1984)، ص458.

[12] محمد عبد الهادي، أبو ريدة، إبراهيم بن سيار النظام وآراؤه الكلامية الفلسفية (القاهرة: مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1946)، ص 67.

[13] محمد هاني أبو ريدة، رسائل الكندي الفلسفية (مصر: دار الفكر العربي، 1950)، ص164.

[14] محمد هاني أبو ريدة، رسائل الكندي الفلسفية، ص167.

[15] الفارابي، كتاب القياس الصغير (بيروت: دار المشرق، 1986)، ص69.

[16] الفارابي، كتاب الحروف، ط2 (بيروت: دار المشرق، 1990)، ص158.

[17] مصطفى لبيب عبد الغني، دراسات في تاريخ العلوم عند العرب، ط3 (القاهرة: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002، ص78.

[18] أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، ط4 (مصر: دار المعارف، 1966) ص74.

[19] ابن الصلاح، فتاوى ابن الصلاح، المجلد الأول، ط1 (بيروت: دار المعرفة، 1986)، ص 209.

[20] هاني أبو ريدة، رسائل الكندي الفلسفية، ص103.

[21] جمال الدين الشيال، تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي (القاهرة: دار الفكر العربي، 1951)، ص9.

[22] المرجع نفسه – ملحقات الكتاب ص38.

[23] تلاميذ رفاعة من خريجي الألسن، موقع مؤسسة هنداوي الرابط: URL

[24] صالح مصباح، الترجمة وتجدد الفلسفة في العربية، مجلة تبين، العدد 6-2 خريف 2013 ص67.

[25] لمحة تاريخية عن الترجمة في العالم العربي، موقعHOUSE OF CONTENT الرابط: URL

[26] صالح مصباح، الترجمة وتجدد الفلسفة في العربية، مجلة تبين، ص69.

[27] صالح مصباح، الترجمة وتجدد الفلسفة في العربية، مجلة تبين، ص69. علمًا أنه لم يرد كجدول في البحث المذكور.

[28] محمد محجوب، إشكالية ترجمة المصطلح الفلسفي، منتدى العلاقات العربية والدولية، 30 كانون الأول/ ديسمبر، 2017، الرابط: URL

[29] راجع الخلاصات في المصدر السابق على اليوتيوب

[30] طه حسين، في الشعر الجاهلي، طبعة 1962 (القاهرة: دار الكتب المصرية)، ص11.

[31] أحمد عبد الحليم عطية، كانط وأيديولوجيا العصر، ط1 (بيروت: دار الفارابي، 2010)، ص17.

[32] أحمد عبد الحليم عطية، كانط وأيديولوجيا العصر، ص 21 وما بعدها.

[33] المرجع نفسه، ص12.

[34] شوقي بن حليلم وصايم عبد الحكيم، الترجمات العربية لفلسفة هيغل، مجلة المواقف للبحوث والدراسات، مجلد 14، العدد01، ص108.

مشاركة: