هيئات حماية حقوق الإنسان في المغرب ودورها

هيئات حماية حقوق الإنسان في المغرب ودورها في النهوض بالسياسات الحقوقية؛

دراسة حالة المجلس الوطني لحقوق الإنسان

تقديم

من الواضح أن التمتع الحقيقي والفعّال بحقوق الإنسان، يتطلب خلق آلياتٍ مؤسساتية وطنية لحمايتها وتعزيزها؛ حيث تعدّ حوكمة حقوق الإنسان عمليةً معقدة ومتشعبة، تشارك فيها جميع الجهات الحكومية، إضافة إلى أنواعٍ أخرى من المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني، وسلطة قضائية مستقلة وأجهزة إنفاذٍ للقوانين وهيئاتٍ تشريعية فعالة وتمثيلية ونظمٍ تعليمية ذات برامج لحقوق الإنسان على جميع المستويات، ومن ضِمْن هذه الجهات، تشغل المؤسسات الوطنية موقعًا متفردًا[1].

وفي هذا الإطار، تجب الإشارة إلى أن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بفيينا لسنة 1993 شكّل نقطة تحولٍ بالنسبة إلى المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، فلأول مرةٍ اُعترف رسميًا بهذه المؤسسات المتماشية مع مبادئ باريس[2]، وهي مبادئٌ مقبولة بوجهٍ عام، بوصفها المحك لشرعية أي مؤسسةٍ صدقيتها[3]. هذا، وعمل مؤتمر فيينا على تدعيم شبكة المؤسسات الوطنية المنشأة في باريس سنة 1991، كما وضع المؤتمر اللبنات الأساسية للمنظمة الدولية للمؤسسات الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. 

إن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان عبارةٌ عن هيئاتٍ مستقلة تتسم بالطابع الإداري لها سلطةٌ استشارية، يتم تأسيسها إما بنص القانون أو الدستور مهمتها الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها ومساءلة الحكومات عن التزاماتها وما مدى تطبيقها لمنظومة ومبادئ حقوق الإنسان، كما تعمل هذه المؤسسات على الترافع من أجل تطوير القوانين والسياسات الحقوقية، والنظر في شكاوى الأفراد والجماعات والبت فيها، لخلق مجتمعاتٍ أكثر عدلًا وإنصافًا، بوصفها عناصر فاعلة ومهمة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، تأتي دراسة السياسات الحقوقية في المغرب في ظل تأسيس مجموعةٍ من الآليات المؤسساتية الداعمة لمنظومة حقوق الإنسان، وبالنظر كذلك إلى الاهتمام الكبير بهذه الحقوق على مختلف المستويات، حيث عرف المغرب منذ التسعينيات توجهًا حثيثًا نحو محاولة ترسيخ دولة الحق والقانون، إذ ستشهد هذه الفترة ميلاد مؤسسات تعنى بحقوق الإنسان خاصةً مع إصدار دستور 1992 و1996، من أجل ضمان فعالية النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات، ومنها على وجه الخصوص إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وإرساء محاكم إدارية وإحداث وزارة مكلفة بحقوق الإنسان وتأسيس ديوان المظالم.

ومن جهة أخرى، ستشهد بداية الألفية عدة إصلاحاتٍ سياسية واجتماعية وحقوقية بهدف تحصين الانتقال الديمقراطي، واتخذت في هذا السياق عدة مبادرات إصلاحية من بينها، إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2001، واعتماد إجراء التمييز الإيجابي لفائدة النساء خلال الانتخابات التشريعية سنة 2002 عبر اللجوء إلى لائحة وطنية، وإحداث المجلس الأعلى للسمعي البصري في تشرين الثاني/ نوفمبر 2003؛ إلى جانب ذلك، فقد أقدم المغرب على تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2003، كخطوةٍ جريئة لطي صفحة الماضي وتعويض انتهاكات حقوق الإنسان في فترة الستينيات والسبعينيات، بناءً على توصيةٍ قدمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، لرد الاعتبار لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو ما عرف إعلاميًا بسنوات الرصاص[4].

وانسجامًا مع ما سبق، فقد واصل المغرب من خلال تبني دستور سنة 2011 الذي شكّل محطة سياسية وحقوقية بارزة، تطوير السياسات والبرامج المرتبطة بحقوق الإنسان وتعزيز منظومته القانونية والمؤسساتية، بدسترة العديد من المؤسسات والهيئات التي تتولى صلاحية تدعيم وحماية حقوق الإنسان من تعسف السلطات العامة، في ظل التحولات السياسية والتجارب الدستورية التي عاشتها الدول العربية والمغاربية زمن ما بات يعرف بالربيع العربي.

وعليه، فإننا لما نطالع بتفصيل دقيق ما ورد في دستور 2011، نجد أن مجال حقوق الإنسان حاليًا بالمغرب يرتكز على إطار مؤسساتي متنوع، يسعى من خلال مختلف مكوناته لبلورة سياساتٍ عمومية متكاملة؛ وتتمثل التدابير المؤسساتية التي اتخذها المغرب في تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط كهيئة وطنية مستقلة ومتخصصة بحسب الفصل 162 من الدستور، ومجلس الجالية المغربية في الخارج بغية ضمان حقوق وتكثيف مشاركة المغاربة في الخارج وإبداء آرائهم حول توجهات السياسات العمومية (الفصل 163)، ثم هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز (الفصل 164)، التي تسهر بصفةٍ خاصة على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الفصل 19 من الدستور.

وقد جاء تأسيس هذه المؤسسات ضمن حزمةٍ من التحولات السياسية والتجارب الدستورية التي عاشتها بعض الدول العربية والمغاربية، لمواجهة حالة من التناقض في الشرعية السياسية واستيعاب الأزمات المجتمعية؛ وفي سياق الجدل الدولي والوطني حول الإصلاح السياسي الذي شهدته المنطقة.

علاوةً على ذلك، فإنه على الرغم من محافظة بعض هذه المؤسسات على استقلالٍ نسبي لها في مواجهة الحكومات، لم تستطيع أن تبني لنفسها مشروعيةً مجتمعية بوصفها مؤسسات وطنية غير تابعة للسلطات الحاكمة؛ وغالبًا ما تتوتر العلاقة بين هذه المؤسسات وحركات حقوق الإنسان، خاصةً عندما يكون الأمر متعلقًا بإثارة قضايا الحقوق المدنية والسياسية والإصلاح الدستوري.

وفي المنحى ذاته، لاحظنا على مستوى وضع السياسات العمومية أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أطلق خطةً وطنية في مجال حقوق الإنسان، وهي الأولى من نوعها من طرف هيئةٍ حقوقية، لوضع إطارٍ يسمح بجرد وتنسيق أنشطة حماية حقوق الإنسان والرقي بها وتعزيز احترامها في السياسات العمومية؛ كذلك أدّى المجلس دورًا رئيسًا وإيجابيًا في تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة لطي صفحة الماضي وتعويض ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وهو ما مثل سابقة فريدة من نوعها.

وبقدر ما يطرح النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها مطلبًا مجتمعيًا متواترًا بقدر ما شكلت المؤسسات المحدثة لهذا الشأن موضوع نقاش مستمر بخصوص طبيعتها ووظائفها ومستوى أدائها وفاعليتها وحجم أثرها؛ وقد شكل المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال عقدين من وجوده أكثر المؤسسات المعنية بهذا النقاش، وبالمناشدات من أجل استقلاليته وتوسيع صلاحيته وأدواره، باعتباره آلية يتم من خلالها مراقبة مدى تطبيق الضمانات التي تتبناها الدولة.

وبالتالي، تكمن أهمية هذه الدراسة في استكشاف طبيعة هيئات حقوق الإنسان وخاصةً المجلس الوطني لحقوق الإنسان من حيث تركيبته وصلاحيته، والتساؤل عن القيمة المضافة لهذه المؤسسة في مسار الانتقال الديمقراطي والبناء المؤسساتي لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، على اعتبار أن ضبط مدى احترام أي بلد لحقوق الإنسان لا يتضح إلا من خلال إدماجها وتبنيها في مختلف السياسات العمومية الوطنية.

وقد وجهت هذه الدراسة مجموعة من التساؤلات والإشكالات، إلى أي حدٍ ساهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمعية باقي الهيئات الدستورية المعنية بحقوق الإنسان، في إدماج البعد الحقوقي واحترام الحقوق الإنسانية في إعداد وصياغة السياسيات العمومية بالمغرب؟ وهل استطاع المجلس أن يشكل مؤسسةً تجسد مبدأ الاستقلالية والمراقبة في الدفاع عن منظومة حقوق الإنسان وتطوير حمايتها؟

واعتمدت الدراسة على المنهجين الوصفي- التحليلي للإحاطة بكل حيثيات الموضوع، من خلال مراجعة عدد من الوثائق الرسمية الخاصة بهذه الهيئات، في محاولةٍ للوصول إلى مجموعة من الاستنتاجات والخلاصات، يمكن أن تكون أساسًا لاقتراحات علمية إضافة إلى منهج دراسة الحالة، من أجل تسليط الضوء على المجلس الوطني كونه يُعدُّ مؤسسةً تعرضت للكثير من الانتقادات، سواء من حيث طريقة تكوينها وصلاحياتها وتدخلاتها في مجال السياسات الحقوقية بالمغرب.

أولًا: المجلس الوطني لحقوق الإنسان: الصلاحيات والاختصاصات

يُعدّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، أحدثت في صيغة مجلس استشاري لحقوق الإنسان بموجب ظهير* سنة 1990، كما جرت إعادة تنظيم المجلس سنة 2001؛ وفي أول آذار/ مارس 2011 تم إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مما سيحدث تحولًا مهمًا على مستوى هندسة هذه المؤسسة مقارنة بصيغتها السابقة.

على مستوى الصلاحيات المستحدثة لحماية حقوق الإنسان

فمن جهةٍ أولى، تم الحرص على مراعاة شكليات تحرير النصوص التشريعية المحدثة للهيئات والمؤسسات ذات الأهلية القانونية والاستقلال المالي وخاصةً في ما يتعلق بتوضيح وتدقيق كل ما يتصل بالصلاحيات وآليات ومجالات التدخل والهيكلة والتنظيم الإداري والمالي[5].

إضافةً إلى ذلك، لاحظنا أنه حتى على مستوى اللغة المعتمدة في صياغة ظهير إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تختلف عن لغة صياغة الظهائر السابقة، وهو ما سوف يتضح من خلال استقراء بعض المضامين الواردة فيه، المعتمدة على أساسًا على ما تراكم من أدبيات ومفاهيم لمنظومة حقوق الإنسان؛ هذا المنحى التحديثي طال كذلك هندسة النص، حيث اعتمد في صياغة الظهير الجديد المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، على هندسة تمكن من مقروئية أفضل وتتوخى التمفصل والانسجام بين مختلف مكونات المتن[6].

وفي سياق تلك التعديلات، تم تخويل المؤسسة اختصاصات وصلاحيات أوسع في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وتعزيز صلاحيات ووظائف المجلس، من أجل تعزيز استقلاليته وضمان أن يكون جزءًا من دينامية الجهوية المتقدمة، إضافةً إلى الارتقاء بهذا المجلس من مؤسسة استشارية إلى مجلس وطني لحقوق الإنسان، وفقًا للمعايير الدولية[7].

ومن خلال ما سبق، يمكننا القول إنّ التعديلات التي جاء بها ظهير إعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قد عززت من أدواره وصلاحياته ووظائفه، والتي وصلت إلى ثلاث عشرة صلاحية تغطي مجالات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، كما منح ظهير آذار/ مارس 2011 للمجلس، وتعزيزًا لمبدأ القرب، اختصاصات أوسع على المستوى الجهوي، باعتماد لجان جهوية للدفاع عن حقوق الإنسان وممارسة اختصاصاته.

وطبقًا لهذا التصور، نجد أن الفصل 161 من الدستور يعدّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسةً وطنية تعددية ومستقلة تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادًا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال[8].

إذ يُعدُّ الانتقال من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى المجلس الوطني، خطوةً جد متقدمة[9] في مسار عمل ودور هذه المؤسسة، وخاصة على مستوى تعزيز منظومة حقوق الإنسان والعمل على حمايتها والنهوض بها وتطويرها مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء، كما يساهم في التشجيع على إعمال مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني بتنسيق مع اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني[10].

وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن إعادة هيكلة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، تزامن مع الحراك الذي عرفه المجتمع المغربي نتيجةً لرياح التغيير التي كانت سائدة في المنطقة العربية والمغاربية، مما يحتم على مثل هذه المؤسسات القيام بالدور المطلوب منها والمتمثل بالعمل على تجسيد إصلاح وضعية حقوق الإنسان بطريقةٍ جادة وحقيقية، تضمن إرساء القواعد الأساسية لحقوق الإنسان سواء أكانت هذه الحقوق من الجيل الأول من الحقوق المرتبط بالحقوق المدنية والسياسية (حرية الدين والمعتقد وحرية الرأي والتعبير…)، أو من الجيل الثاني المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الحق في الأمن والعمل والحق في المأكل والرعاية الصحية…)[11].  

وفي هذا الإطار، بإمكان المجلس بمبادرةٍ منه أو على أساس شكاوى، القيام بتحقيقات ودراسة حالات المساس أو مزاعم بانتهاك حقوق الإنسان وتوجيه الاستدعاء، عند الاقتضاء، لكل شخصٍ يمكنه الإدلاء بشهادته في هذا الإطار؛ كما يمكن للمجلس التدخل بوصفه آليةً للتحذير الاستباقي في كل حالة توتر كفيلة بالتسبب في انتهاكات لحقوق الإنسان، واتخاذ كل مبادرات الوساطة أو المصالحة التي من شأنها تفادي مثل هذه الانتهاكات، ومن بين مهمات المجلس بوصفه مؤسسة وطنية، إمكانية زيارة مراكز الاعتقال والمؤسسات السجنية ومراقبة ظروف السجناء[12].

وهكذا، نلاحظ أن ما يميز المهمات التي أنيطت بالمجلس والمتعلقة باتساع صلاحيته، تشمل التصدي لحالات خرق حقوق الإنسان، بصفة تلقائية أو بطلب ممن يعنيهم الأمر، حيث أصبح بإمكان المجلس إحالة القضايا على نفسه، واتخاذ آرائه وتصوراته بشأنها[13].

إلى جانب ذلك، وفي اتجاه إقرار البعد العالمي لحقوق الإنسان وتكريس سمو المعاهدات الدولية، فقد فتح ظهير التحديث آفاقًا جديدة في اختصاصات المجلس، حينما أوكل إليه دراسة مدى ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية مع المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان[14]، وتخويله حق تقديم كل التوصيات التي يراها مناسبة بهذا الشأن للحكومة والبرلمان، إضافة إلى ذلك، يمكن للمجلس تتبع مدى تنفيذ السلطات العمومية للملاحظات والتوصيات الصادرة عن أجهزة المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان، وكذا الاهتمام بمجال النهوض بمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والعمل على ترسيخها من خلال آليات التتبع والتنسيق والتواصل والتوعية وتطوير علاقات التعاون والشراكة وتبادل الخبرات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.[15]

 هذا، ويساهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمهمة التطوير والحرص على الملاءمة بالنسبة إلى التشريع والقوانين والممارسات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي انخرطت فيها الدولة وكذا السهر على تنفيذها الفعلي[16]، علاوةً على ذلك، يضطلع المجلس بدور الوسيط بين الجمعيات الوطنية والمنظمات الدولية غير الحكومية إضافة إلى الهيئات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، يسهر المجلس على التحفيز على المصادقة على هذه الآليات أو الانضمام إلى هذه النصوص والتأكد من تطبيقها، والمساهمة في إعداد التقارير إلى أجهزة ولجان الأمم المتحدة، وكذا للمؤسسات الإقليمية تطبيقًا لالتزامات المغرب، والقيام عند الاقتضاء بإبداء الرأي في هذا الصدد.

هكذا، ومن خلال ما سبق نلاحظ أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يؤدّي دورًا مهمًا في السياسات الحقوقية، خاصةً عبر التقارير والتوصيات التي يرفعها للجهات المعنية بحقوق الإنسان، إضافةً إلى دوره الأساسي في النهوض بمبادئ وقواعد القانون الدولي وبثقافة حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية.

تركيبة المجلس وتنظيمه

إن ظهير إعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قد حرص على تبني التعددية والكفاءة الفكرية والخبرة والتجربة وتمثيلية المرأة والتمثيلية الجهوية[17]، كما جاء ظهير إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان على هذا المستوى بمقتضياتٍ جديدة استهدفت ضمان فعالية أدائه وتحصين استقلاليته ومراجعة تركيبته في اتجاه التعددية والتنوع في الاهتمامات والمشارب والتخصصات، حيث يضم المجلس في تركيبته إلى جانب الرئيس والأمين العام وممثل عن مؤسسة الوسيط، كما يضم المجلس 30 عضوًا يعينون لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد.

ويمكن أن نجمل أهم المستجدات التي جاء بها هذا الظهير في، تقليص عدد الأعضاء إلى 30 عضوًا بدلًا من 44 عضوًا، إشراك البرلمان بمجلسيه في اختيار 8 أعضاء من ضمنهم عضوان من البرلمان، فضلًا عن تمثيل ممثلي بعض الفئات السوسيو-مهنية (قضاة، محامون، أطباء، مهندسون، صحافيون، جامعيون)، إضافة إلى تمتيع أعضاء المجلس بضمانات قانونية “تكفل حمايتهم وتضمن استقلاليتهم، سواء أثناء مزاولتهم لمهامهم أو بمناسبة قيامهم بأي نشاط له صلة وثيقة بهذه المهام”[18]، وهو إجراء لم يكن واردًا في الصيغة السابقة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والذي يمكن عدّه بمنزلة نوع من الحصانة التي بات يتمتع بها الأعضاء وهي مشروطة بما أوردته المادة 37 وكذا المادة 38 التي تشير صراحة إلى إلزام أعضاء المجلس على الامتناع عن اتخاذ أي موقف أو القيام بأي تصرف أو عمل من شأنه أن ينال من استقلاليتهم.

إلى جانب ذلك، كرس الظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان استقلالية هذا المرفق من خلال تمتيعه بصفة “مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان بكامل الأهلية القانونية والاستقلال المالي، ووسع من أهليته في ما يخصّ تنوع موارده المالية[19]، بحيث أصبح بإمكانه أن يحصل موارد مالية جديدة من أي هيئة وطنية ودولية خاصة كانت أو عامة، إضافة للميزانية الخاصة المقيدة في الميزانية العامة للدولة.

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان يرفع تقريرًا سنويًا إلى الملك حول حالة حقوق الإنسان وحصيلة آفاق عمل المجلس، إضافةً إلى تقارير موضوعاتية ومذكرات تهم قضايا خاصة، كما يعقد المجلس أربعة أنواع من الاجتماعات، حيث يعقد الأول بأمر من الملك من أجل بحث قضية يعرضها على المجلس من أجل المشورة وإبداء الرأي، فيما تعقد الدورات العادية أربع مرات في السنة على الأكثر؛ ثم هناك الاجتماعات التي تعقد بمبادرة من ثلثي أعضاء المجلس على الأقل، وأخيرًا الاجتماعات التي تعقد من أجل قضايا مستعجلة بمبادرة من الرئيس[20].

ويتضح من ذلك، أن المشرع حرص على ضمان نوع من التناسق في تشكيلة المجلس واختصاصاته مع مبادئ باريس، من أجل قيام المجلس كهيئة وطنية بصفة استشارية، بممارسة مهماتها بشكل مستقل أو بطلب من السلطات المعنية.

إلّا أن مسألة استقلالية المجلس ما زالت تشكل محور نقاش بين الناشطين والحقوقيين في المغرب انطلاقًا من أن المجلس مؤسسة وسيطة وليست جزءًا من الدولة مهمتها تقييم وضعية حقوق الإنسان وليس الحديث بلغة تتماهى مع السياسات العامة للدولة؛ فكما نعلم بأن ما يعرف في أدبيات الأمم المتحدة، لقيام المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وهو استقلاليتها كمعيار رئيس لقياس مدى جدية هذه المؤسسات.

الآليات المستحدثة لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها

علاوةً على الصلاحيات والمهمات المشار إليها سابقًا، يتولى المجلس من أجل تعزيز حماية حقوق الإنسان، القيام بكل مهمة تهدف إلى الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما يقوم من أجل تحقيق الغاية نفسها بالنظر في الشكايات المتعلقة بحالات انتهاك حقوق الطفل وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة؛ كما يمكن أن يعهد إلى المجلس بمقتضى تشريعي، ممارسة الصلاحيات المخولة لآليات اتفاقية أخرى منصوص عليها في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والبرتوكولات الاختيارية أو الإضافية الملحقة بها[21] والتي صادق عليها المغرب.

كما يتوافر المجلس على خمس لجانٍ دائمة مكونة من أعضائه تعالج موضوعات حماية حقوق الإنسان، من بينها لجنةٌ دائمة مكلفة برصد حقوق الإنسان وحمايتها، ومديرية للرصد وحماية حقوق الإنسان، تشمل عددًا من الأقسام والمصالح المهتمة بمختلف مجالات الحماية.

إضافةً إلى هذه الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان، نص القانون 76.15 على إحداث لجانٍ جهوية لحقوق الإنسان[22]، تمارس صلاحيات المجلس على مستوى النفوذ الترابي لكل جهة تحت سلطة رئيس المجلس، حيث يتم تعيين رؤساء اللجان الجهوية بظهير وباقتراح من رئيس المجلس بعد استشارة الجمعية العامة للمجلس، من بين الشخصيات التي تتوفر فيها المؤهلات والشروط المنصوص عليها في المادة [23]37 من هذا القانون، ويتولى رؤساء اللجان الجهوية تدبير أشغالها وفق أحكام هذا القانون ومقتضيات النظام الداخلي للمجلس.

إضافة إلى ذلك، تتوافر اللجان الجهوية على لجنة دائمة مكلفة بالحماية، مكونة من الأعضاء وعلى مصلحة تختص بقضايا الحماية.

هذا، وتسهر اللجان الجهوية لحقوق الإنسان على رصد ومراقبة حالة حقوق الإنسان على الصعيد الجهوي، من خلال تلقي الشكاوى وتشخيص وتقييم الانتهاكات التي تعرض عليها وإعداد التقارير الخاصة أو الدورية لمعالجة قضايا حقوق الإنسان والشكاوى المقدمة بالجهة[24].

وبالتالي، نستطيع القول إنّ القانون 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قد وسع من صلاحيات المجلس وأسند إليه مهماتٍ جديدة، تكرس وضعيته كمؤسسة دستورية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها والنهوض بها، وضمان ممارستها وصيانة كرامة المواطنات والمواطنين وحقوقهم وحرياتهم أفرادًا وجماعات؛ كما كرس القانون مساهمة المجلس في تعزيز منظومة حقوق الإنسان وتطويرها مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وتشجيع إعمال مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني[25].

غير أن المشرع لم يمنح اللجان الجهوية نفس الصلاحيات والاختصاصات المخولة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإذا كان بإمكان هذا الأخير رفع جميع القضايا التي تهم خرق حقوق الإنسان وتقديم تقارير وتوصيات الجهة المختصة للبت في نزاع معين، فإن اللجان الجهوية لا يمكنها ذلك، حيث تنحصر صلاحياتها في دراسة القضايا ومعالجتها ورفع توصيات بشأنها للمجلس الذي تبقى له الصلاحية التامة في تزكية هذه التوصيات وتمريرها للجهة المعنية المختصة أو عدم القيام بذلك[26].

هذه الوضعية، تدفع إلى التساؤل عن مدى إمكانية تطبيق المادة التاسعة[27]من القانون المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالنسبة إلى اللجان الجهوية، فعند استقراء مضامين هذه المادة لا توجد عبارات صريحة على عدم تطبيق هذه المادة بالنسبة إلى اللجان الجهوية لحقوق الإنسان في ما يخصّ توسيع صلاحياتها وتقوية مساهمتها في ترسيخ وضمان حماية الحقوق الإنسانية.   

ثانيًا: دور المجلس في التأثير على السياسات الحقوقية

تفاعلًا مع الاهتمام الدولي المتزايد بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، شهد المغرب خلال العقدين الأخيرين دينامية مهمة، استهدفت تعزيز حقوق الإنسان كاستجابة للمطالب السياسية والمدنية المرتبطة بهذا المجال.

ومن هذا المنظور، فقد عمل المشرع الدستوري على تعزيز ضمانات حماية الحقوق والحريات وتكريسها، من خلال دسترة بعض المؤسسات الوطنية المختصة، حيث خصص دستور 2011 في بابه الثاني عشر بعض فصوله لهيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وفي مقدمتها المجلس الوطني لحقوق الإنسان[28].

واليوم يُعدُّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان عضوًا فاعلًا في العديد من المؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية منها، لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الممثلة لما يزيد عن 100 مؤسسة عبر العالم، والشبكة الأفريقية للمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان والجمعية الفرنكوفونية للمؤسسات الوطنية والحوار العربي الأوروبي والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان التي يضطلع برئاستها، كما يشارك المجلس بصفة عضو ملاحظ في أشغال اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية، ويشغل عضوية لجنة الخبراء القانونيين الرفيعة المستوى المكلفة بإعداد مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان؛ كما يُعدُّ المجلس من المؤسسات الوطنية الأكثر دينامية وحضورًا ومساهمةً على مستوى مجلس حقوق الإنسان بجنيف؛ هذا ويتفاعل المجلس مع منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بما فيها اللجان وفرق العمل والمقررين الخاصين ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة المعتمدة بالمغرب، وكذا مع منظومتي الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا، والمنظمات الدولية غير الحكومية والزيارات الدبلوماسية (استقبال الوفود والبعثات الدبلوماسية)[29].

وهو ما ينسجم مع مبادئ باريس، التي لها الفضل في تأسيس المؤسسات الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان، والظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، التي تكرس وضعيته كمؤسسة دستورية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها.

المجلس الوطني ووضعية حقوق الإنسان

ووفقًا لما سبقت الإشارة إليه، ونظرًا للاختصاصات الموسعة التي منحت للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بموجب الظهير المحدث له، وتكريسًا لوضعيته كمؤسسة دستورية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان والنهوض بها، عمل المجلس على إصدار العديد من التقارير منها، التقارير السنوية والموضوعاتية، إلى جانب إصدار مجموعة من الدراسات والمؤلفات، كما قدم المجلس آراء استشارية وتوصيات مرفوعة إلى الملك ومذكرات موجهة إلى الحكومة.  

وفي هذا المضمار، تجب الإشارة إلى أن التقارير السنوية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، تكتسي أهمية خاصة على المستويين الوطني والدولي؛ فعلى المستوى الوطني تعتبر هذه التقارير آلية تستعملها هذه المؤسسات لإثارة انتباه الحكومة وكل السلطات العمومية المعنية إلى الانتهاكات التي قد تطال الحقوق والحريات، ولدعوتها إلى معالجتها بما يتوافق مع التزاماتها الوطنية والدولية، وتتضمن توصيات للحكومة من أجل تعزيز السياسات الحقوقية والحرص على أن تكون مرتكزة على المقاربة الحقوقية؛ كما أن التقارير السنوية تعد بمثابة وثيقة يمكن أن يوظفها البرلمان في مجال ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، ومساءلة الحكومة فيما يخصّ حماية الحقوق والحريات[30].

وعلى هذا النحو، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يصدر تقريرًا سنويًا عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب، حيث يشكل إصدار هذا التقرير حدثًا مهمًا لمختلف الفاعلين في مجال حقوق الإنسان، لعدة اعتبارات أولها أنه يعد مناسبة يتعرف من خلالها المهتمون بالمجال الحقوقي على التطورات التي عرفها المغرب في هذا المجال، وثانيها أن تقارير المجلس باتت تشكل بحكم إصدارها السنوي، رصيدًا وثائقيًا يتيح للباحثين والمختصين إمكانية الاضطلاع على التطور الحقوقي بالمغرب، إلى جانب ذلك يتم رصد التجاوزات والخروقات الواقعة خلال السنة موضوع التقرير.

وبالتالي، فإن هذا النوع من التقارير يسمح للمجلس بتتبع الأحداث أو القضايا الكبرى ذات الارتباط بمجال حقوق الإنسان، ويتيح الفرصة لتقييم عمل مختلف الأجهزة التي تدخلت في معالجتها وفي نفس الوقت يقدم توصيات كفيلة بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.

وفي سياق تفعيل القانون 76.15 أصدر المجلس عددًا من التقارير السنوية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019 بعنوان فعلية حقوق الإنسان ضمن نموذج ناشئ للحريات سنة 2020، حيث شكلت هذه السنة الذكرى الثلاثين لتأسيس المجلس، وقد تميز هذا التقرير بتحديث فلسفة عمل المجلس، من خلال تبني مقاربة ثلاثية الأبعاد: الوقاية من الانتهاكات والحماية منها والنهوض بحقوق الإنسان.

وقد جاء إعداد هذا التقرير في سياق تحقيق مجموعة من المكتسبات وتسجيل عدة تراجعات، ففي الوقت الذي تواصلت فيه الجهود لاستكمال تفعيل القوانين المتعلقة بالمؤسسات الوطنية الأخرى، كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومؤسسة وسيط المملكة والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ومجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، كما صدرت تشريعات ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات، أبرزها القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والقانون التنظيمي بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة ذات الأولوية[31]؛ لكن كانت هناك ترجعات على مستوى الحقوق والحريات، حيث تم اعتقال مجموعة من الناشطين والمعارضين، فقط بسبب تعليقات بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي واستمرار المس بالحق في التجمع والتظاهر السلمي والتضييق على الصحفيين.

وعلى مستوى آخر، وعلى الرغم من تواصل الدينامية الحقوقية في المغرب، فإن بلوغ المستوى المنشود من الحقوق والحريات وفق الدستور يعرف تحديات جديدة، من أبرزها تنامي أشكال التعابير العمومية المتعددة والمتنوعة، خاصة أن مختلف الفئات الاجتماعية تستعمل التكنولوجية الحديثة، وانتشار استعمال وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التعبير عن آرائها ومطالبها؛ حيث سرعت الثورة الرقمية العابرة للحدود من وتيرة الديناميات المجتمعية، خصوصًا في ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، كما أن هذه الشبكات الاجتماعية أصبحت أرضية للتنشئة وللتداول والتوفق وحرية التعبير، مما يطرح إشكاليات يصعب إخضاعها لمقتضيات قانونية سواء للحد منها أو تقييدها؛ وهي تعابير يصعب معها القيام بالوساطة، خاصة في ظل غياب مخاطب محدد، وتزايد الانخراط المكثف للشباب والفئات الأكثر هشاشة فيها[32].

هذا، وقد أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريره الأخير في مارس 2021، تحت عنوان “كوفيد 19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد”، حيث شكلت سنة 2020 بالفعل امتحانًا حقوقية وإنسانيًا، بسبب انتشار جائحة كورونا التي شكلت تهديدًا استثنائيًا وغير مسبوق، وما تزال، على مختلف مناحي الحياة الإنسانية، وكان لها تداعيات خطيرة على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لمختلف الفئات الاجتماعية.

وبالتالي، فقد تحولت الجائحة إلى إشكالية حقوقية عالمية، نظرًا إلى وقعها الكبير على الاقتصاد، بوصفه مصدر تمويل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كما قلصت إلى أبعد الحدود إمكانيات الاجتماع والتفاعل الإنساني المباشر، وهو شرط أساسي لممارسة الحقوق المدنية والسياسية والثقافية، فضلًا عن تأثيرها البعيد المدى على مستوى تفعيل الاستراتيجيات التنموية[33].

وعلى غرار باقي دول العالم، اتخذ المغرب مجموعة من الإجراءات الاحترازية والمتعددة الأبعاد، حيث تم اعتماد جملة من المقتضيات القانونية والتنظيمية التي تم بموجبها تقييد تنقل الأشخاص وإغلاق الأماكن العمومية وتقليص ساعات فتح المحلات التجارية، وإغلاق المدارس وغيرها؛ غير أن إعطاء الأولوية للبعد الصحي، اعتبارًا لسمو الحق في الحياة على باقي الحقوق والحريات، أبان عن نوع من القصور، نتيجة وجود اختلالات بنيوية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، خاصة أن المنظومة الصحية في المغرب تتسم بهيمنة الطب العلاجي على حساب الطب الوقائي، مما لا يسمح بالاستجابة لانتظارات المرتفقين[34].

وفي هذا السياق، واصل المجلس مهماته بتقديم تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب إبان جائحة كورونا، بالارتباط مع الاختصاصات الموكلة إليه في مجالات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، من خلال اعتماد مقاربة تتوخى مراعاة طبيعة المجلس كمؤسسة مستقلة وتعددية؛ وقد تطرق التقرير إلى ستة محاور أساسية، همت الإطار القانوني المنظم لحالة الطوارئ الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد 19، ثم وضعية حقوق الإنسان وتأثرها بهذه الجائحة وكفية النهوض بها[35]؛ كما شمل التقرير على محورين خاصين بعلاقات التعاون على المستوى الوطني والدولي وتتبع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.

وارتباطًا بهذا الخصوص، فقد قدم المجلس مجموعة من التوصيات الخاصة بكفية تدبير جائحة كورونا، وتوصيات عامة تروم تطوير واقع حقوق الإنسان على المستوى القانوني والمؤسساتي وعلى مستوى السياسات والممارسات[36].  

إلى جانب ذلك، لا بدّ من الإشارة أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قد أصدر العديد من المذكرات والآراء الاستشارية ذات الصلة بحقوق الإنسان في مجالات مختلفة، ونذكر هنا على سبيل المثال، إصداره سنة 2015 مذكرة عامة حول الإطار القانوني المنظم للعمليات الانتخابية، من أجل المشاركة في النقاش العمومي حول إعداد القوانين الانتخابية، وقد تضمنت هذه المذكرة خمسًا وأربعين توصية، من أجل إعادة التوازن في التقطيع الانتخابي وإعمال مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وكيفية ملاحظة الانتخابات وشفافية الحملات الانتخابية وغيرها.

علاوةً على ذلك، كان للمجلس الوطني رأي استشاري بخصوص القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء سنة 2016، تجاوبًا مع النقاش آنذاك حول ظاهرة العنف ضد النساء وكيفية القضاء عليه، ومحاولة إيجاد إطار قانوني للوقاية من العنف وجبر أضرار الضحايا، ووفاء للالتزامات المغرب الدولية وتطبيقًا للمتطلبات الدستورية. 

إلى جانب ذلك، قدم المجلس رأيًا استشاريًا بخصوص قانون مكافحة الاتجار بالبشر سنة 2016، ومذكرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 لرئيس الحكومة متعلقة بحرية الجمعيات بالمغرب، إضافة إلى العديد من الإصدارات والدراسات التي همت مختلف مجالات حقوق الإنسان[37].

علاقة المجلس بباقي المؤسسات الدستورية (البرلمان –الحكومة)

إن إعمال المقاربة التشاركية مع مختلف المؤسسات الدستورية وفي المجالات التي تعنيها وتحديدًا في القطاعات الاستراتيجية، اقتصادية واجتماعية وحقوقية، من شأنه أن يساهم في حكامة تشريعية، تتعزز أكثر من خلال الانفتاح على المواطنين خاصة في المجال التشريعي[38].

وبهذه الخلفية، وبناء على مبادئ وثيقة بلغراد، وهي وثيقة دولية مرجعية لمأسسة العلاقة بين البرلمانات الوطنية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان؛ حيث يتوجب على هذه الأخيرة العمل على تطوير علاقتها مع اللجان البرلمانية ذات الاهتمام المشترك، وتبادل المعلومات وتحديد مجالات التعاون الممكنة، إذ تعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بتقديم المشورة والتوصيات والمعلومات إلى البرلمانات بشأن القضايا الحقوقية، ومساعدة البرلمان في ممارسة أدواره في التشريع وتقييم السياسات العمومية[39].

كما أن البرلمانات تقوم باستشارة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بشأن محتوى مشاريع ومقترحات القوانين الجديد، والتأكد من مدى احترامها لمبادئ ومعايير حقوق الإنسان والعمل على تقديم مقترحات عند الاقتضاء، من أجل ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان[40].  

وإعمالًا لهذه المبادئ، وتطبيقًا لأحكام الباب الثاني من الظهير المحدث للمجلس، إبداء الآراء الاستشارية، وهنا نجد أن المجلس قد ساهم برأيه الاستشاري وبناء على طلب من رئيس مجلس النواب في مشروع قانون رقم 12-01 المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للعسكريين بالقوات المسلحة الملكية وخاصة المادة السابعة منه؛ كما قدم المجلس رأيًا استشاريًا بطلب من رئيس مجلس المستشارين حول مشروع القانون رقم 19-12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلق بالعمال المنزليين، وقد وجه الطلب نفسه إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الأمر الذي مكن لأول مرة مؤسستين استشاريتين من التنسيق من أجل التكامل في العمل الاستشاري الذي طلبه مجلس المستشارين[41].  

وتجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أن الفترة الممتدة من تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 إلى غاية سنة نهاية سنة 2013، شهدت العلاقة بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمؤسسة التشريعية تكثيف سبل التعاون؛ إذ حرص المجلس على المشاركة في اللقاءات الدراسية والندوات التي نظمت بمبادرة من المؤسسة البرلمانية، بما فيها اللجان والفرق البرلمانية، كما عملت المؤسستان على تحيين مذكرة التفاهم المبرمة بين المجلس الوطني والبرلمان.

هذا، وواصل المجلس علاقة التفاعل مع الحكومة على مختلف المستويات ومع مختلف القطاعات سواء بخصوص المشاركة في اللقاءات والندوات أو بتقديم آرائه ومواقفه في القضايا المعروضة للتداول[42].

ويتبين من خلال ما سبق، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتبنى نهج إدماج البعد الحقوقي واحترام حقوق الإنسان في إعداد السياسات العمومية، من خلال الحرص على فتح نقاشات وإبداء آراء استشارية وتقديم تقارير سنوية وموضوعاتية، بهدف وضع وتنفيذ البرامج والقوانين والمخططات التي تسعى إلى احترام حقوق الإنسان.

غير أنها تبقى تدخلات غير كافية، خاصةً أنه لا تتم إحالة العديد من مشاريع القوانين ذات العلاقة بحقوق الإنسان على المجلس؛ إضافة إلى ذلك فإنه لم يتم حتى الآن تفعيل المادة 16 من الظهير المحدث للمجلس في ما يتعلق باستفادة الأشخاص الاعتباريين والذاتيين بتبليغ الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب من أي معلومات أو معطيات، من الحماية المقررة لهم، وسرية المعلومات المدلى بها.

وفي ظل الحركة الحقوقية المتصاعدة وحالات التوتر التي تعرفها بعض القطاعات التي تشهد احتجاجات للمطالبة بحقوقها، إلى جانب ذلك، فقد سُجل على المجلس التأخر في إصدار مذكرات أو بيانات استنكارية سواء للتضامن أو المطالبة باحترام المقتضيات الوطنية أو الدولية في حق الصحفيين المعتقلين أو الأساتذة المضربين.

التعاون مع المجتمع المدني   

نظرًا إلى ما يتمتع به المجتمع المدني من دور مهم في النهوض بحقوق الإنسان وتكوين المواطنين والدفاع عن حقوقه، فإن التفاعل المنتظم مع هذه الهيئات يكتسي أهمية بالغة بالنسبة إلى المجلس كي تضطلع بمهامها على نحو فعال، ويتجلى هذا التفاعل على عدة مستويات، حيث يُعدُّ المجتمع المدني والمدافعون عن حقوق الإنسان مكونًا أساسية في عضوية المجلس، ويسمح وجود هذه التمثيلية في تسهيل مهمة المجلس في تقييم أوضاع حقوق الإنسان والمساهمة في تطوير وترسيخ السياسات الحقوقية بشكل موضوعي وشامل؛ وبغية تعزيز التعاون المتواصل مع هيئات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، يعمل المجلس على إشراكهم في مختلف المبادرات والأنشطة التي يقوم بها، والتي تهم القضايا التي يُعدُّ المجتمع المدني شريكًا فيها، من قبيل حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق المهاجرين وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة ومناهضة التعذيب والتربية على حقوق الإنسان، إلى غير ذلك من المواضيع ذات الاهتمام المشترك[43].

كما أن المجتمع المدني كان حاضرًا بقوة في المشاورات التي يطلقها المجلس سواء على المستوى المركزي أو على صعيد لجانه الجهوية؛ حيث خصص المجلس دعمًا مهمًا لجمعيات المجتمع المدني سنة 2020 من أجل إنجاز برامج لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، منها أربع دورات تكونية لفائدة الشباب حول ترسيخ مبادئ الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، نظمتها جمعية أنوال للثقافة والتواصل، استهدفت نحو 40 شابًا وشابة لتعزيز قدراتهم وتمكينهم في مجال حقوق الإنسان؛ كما دعم المجلس مشروع “شتلة أمل” أطلقته حركة نساء جمعيات أحياء الدار البيضاء، ويتضمن حملة لمناهضة ورفض الأمثال الشعبية المسيئة للمرأة، وعرف المشروع إنجاز 120 استبيانًا رقميًا وتحضير فيديوهات مرئية عددها 24، و5 كبسولات تحسيسية؛ إضافة إلى قافلة طبية لفائدة ضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة[44]، وغيرها من مشاريع التعاون.

ونظرًا إلى الاستقلال النسبي للمجلس بوصفه مؤسسة وطنية غير تابعة للهيئات الحكومية، غالبًا ما تتوتر العلاقة بين هذه المؤسسة وحركة حقوق الإنسان، عندما يتعلق الأمر بإثارة قضايا الإصلاح السياسي والدستوري، خاصةً أن السنوات الأخيرة شهدت تدهورًا ملحوظًا في وضعية المدافعين عن حقوق الإنسان، وتعرض بعضهم للاعتقالات التعسفية وتقييد حركتهم[45].

خلاصات

من المؤكد أنه حدثت تحولات إيجابية في مهمات واختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خاصةً بعد إصداره لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، طبقًا لتوصيات خطة عمل فيينا لحقوق الإنسان، حيث مكنت هذه الدينامية من إحداث مجموعة من المؤسسات الداعمة لتعزيز حقوق المواطنات والمواطنين وتنفيذ السياسات العمومية. كما شكلت تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، التي لعب فيها المجلس دورًا مهمًا، من أجل جبر أضرار ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، سابقةً فريدة من نوعها في المغرب.

غير أن استمرار ضعف البعد الحقوقي في السياسات العمومية، وتراكم العجز في العديد من المجالات، وارتفاع وتيرة الاحتجاجات، نتيجة التوزيع غير المتكافئ للنمو الاقتصادي أفرز تفاوتات مجالية اجتماعية؛ إلى جانب التحولات الكبرى التي يشهدها مجال حماية الحقوق والحريات وتزايد الطلب على قيم الديمقراطية، كل تلك التحديات تطرح تساؤلات حول عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المستقبل، في ظل محدودية الأدوار وآليات التدخل.

فضلًا عن ذلك، فإن التكنولوجيا الجديدة وعلى الرغم مما تقدمه من إيجابيات في الانفتاح على العالم وتبادل التجار والاستفادة من خدمات الإدارات الإلكترونية، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت أرضية للتنشئة والتداول والاحتجاج وحرية التعبير، مما يطرح إشكالًا آخر يصعب إخضاعه لمقتضيات قانونية، وبالتالي فإن القيام بدور الوساطة في ظل غياب مخاطب محدد، ما يفرض على المجلس ملاءمة آليات عمله للانخراط في هذه الدينامية المكثفة وأداء أدوار أكثر فعالية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.

هذا، وكشفت جائحة كورونا بشكلٍ جلي عن ارتباكٍ واضح في عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث تم النزوح إلى اعتبار ظروف الأزمة الصحية مبررًا للتضييق على الحقوق والحريات، وبعبارةٍ أخرى فإن الاستجابة للجائحة وضعت المجلس أمام اختبار غير مسبوق لإيجاد الصيغ الملائمة والكفيلة لاحترام حقوق الإنسان وحمايتها في إطار ما تسمح به المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

وأمام هذه التحولات والمتغيرات، فإن مبدأ فعلية الحقوق يجب أن يكون هو المحرك لعمل المجلس، لوضعه كآلية للحماية وتسهيل الولوج إليها والانتصاف لذوي الحقوق، وأيضًا باعتباره فضاء للنقاش الهادف للنهوض بواقع الحقوق الإنسانية في شتى المجالات، وكمؤسسة لتفعيل التدابير الوقائية والتدخلات الاستباقية الموجهة للهيئات والمؤسسات الحكومية، للحيلولة دون وقوع انتهاكات حقوقية.

وندرك مما سبق، أن انتشار وتأسيس المؤسسات الوطنية للحقوق الإنسان في الدول العربية ومنها المغرب، جاء وليد قرارات النخب الحاكمة بسبب الأزمات الداخلية وتناقض شرعيتها السياسية، للاستيعاب الأزمات المجتمعية، واحتواء المسائلة الدولية، في ما يخصّ الإصلاحات السياسية واحترام حقوق الإنسان.

كذلك، غالبًا ما يناط بهذه المؤسسات مهمة استشارية، لتقديم المشورة ووضع الخطط الوطنية ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وهي اختصاصات تتسم بالعمومية واللبس، في غيابٍ تام للضمانات الإلزامية لأجهزة الدولة للاحترام الحقوق والحريات.

وبالتالي، يظل إحداث المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان محل جدلٍ بين الناشطين والمدافعين والباحثين في مجال حقوق الإنسان، خاصة أن تأسيسها والأدوار المنوطة بها رهينة للرؤية السياسة التي أنشأتها، وتبدو في مواقف كثيرة كمدافع عن النخبة الحاكمة؛ مما يتطلب إرادةً سياسية حقيقية وإصلاحية فعالة لتمتيع هذه الهيئات بالاستقلالية التامة، حتى لا تتحول إلى مجرد مؤسسات بيروقراطية شكلية، محددة الأدوار وبدون نجاعة لتقوم بمهماتها في المساهمة في وضع السياسات الحقوقية والضغط على الحكومات لتنفيذها.  

المراجع

 باللغة العربية:

كتب:

  • البزاز، محمد. حقوق الإنسان عالميًا وإقليميًا ووطنيًا. السنة الجامعية. 2019-2020.

التقارير الرسمية:

  • مكتب الأمم المتحدة. مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التاريخ والمبادئ والأدوار والمسؤوليات. نيويورك وجنيف: 2010.
  • المملكة المغربية. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا والسبل الممكنة لتجاوزها. الرباط: 2020.
  • المملكة المغربية. المجلس الوطني لحقوق الإنسان. التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019. مارس 2020.
  • المملكة المغربية. المجلس الوطني لحقوق الإنسان. كوفيد 19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد. التقرير السنوي 2020 حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب. مارس 2021.
  • المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقرير السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمام مجلسي البرلمان، الرباط: 2014.
  • الوسيط من أجل الديمقراطية. ملاحظتنا بخصوص النظام الداخلي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان توجهات أساسية. أبريل 2011.

الأطروحات والرسائل الجامعية:

  • الأحمادي، يسير. “الضمانات الدستورية لحماية حقوق الإنسان-المغرب نموذجا”، رسالة ماستر. كلية العلوم القانونية والاقتصادية. جامعة الحسن الثاني. الدار البيضاء. 2016- 2017.

وثائق رسمية:

  • المملكة المغربية. الأمانة العامة للحكومة، الدستور. يوليوز 2011.

المملكة المغربية. القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان. الجريدة الرسمية. عدد 6652. مارس 2018. المادة 35.


[1] مكتب الأمم المتحدة، مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التاريخ والمبادئ والأدوار والمسؤوليات، (نيويورك وجنيف، 2010)، ص3.

[2] تم تحديدها خلال مؤتمر باريس لسنة 1991، واعتمادها من طرف لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بموجب القرار 54/1992 ومن طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 134/48 سنة 1993، وهي مبادئ تتعلق بوضع ووظائف وتكوين المؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان.

[3] مكتب الأمم المتحدة، ص 10.

[4] محمد البزاز، حقوق الإنسان عالميا وإقليميا ووطنيا، (السنة الجامعية، 2019-2020)، ص54.

*  ظَهيرٌ شَريفٌ: مَرْسومٌ مَلَكِيٌّ يُصْدِرهُ الْمَلِكُ في ما يَخُصُّ قَضايا الدَّوْلَةِ من تَعْييناتٍ وَقَراراتٍ عُلْيا.

[5] الوسيط من أجل الديمقراطية، ملاحظتنا بخصوص النظام الداخلي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان توجهات أساسية، (نيسان/ أبريل 2011)، ص3.

[6] المرجع نفسه.

[7] أمل المرشدي، حول المجلس الوطني لحقوق الإنسان، دراسات، محاماة نت، 12/10/2016، شوهد في 24/5/2021، في: https://www.mohamah.net/law

[8] المملكة المغربية، الأمانة العامة للحكومة، الدستور، تموز/ يوليو 2011.

 [9]المرشدي، حول المجلس الوطني لحقوق الإنسان، دراسات.  

[10] البزاز، حقوق الإنسان عالميا وإقليميا ووطنيا، ص66.

[11] أمل المرشدي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان من مؤسسة استشارية إلى مجلس وطني، دراسات، محاماة نت، 07/02/2017، شوهد في 29/05/2021،  https://www.mohamah.net/law

[12] و م ع، المجلس الوطني لحقوق الإنسان: المهام والمكونات استقلالية معززة وتعددية قوية واختصاصات واسعة، الاتحاد الاشتراكي، 05/03/2011، شوهد في 17/05/2021، https://www.maghress.com/alittihad/124740

[13] المرشدي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان من مؤسسة استشارية إلى مجلس وطني، دراسات.

[14] المرجع نفسه.

[15] الوسيط من أجل الديمقراطية، ص 7.

[16] المرشدي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان من مؤسسة استشارية إلى مجلس وطني، دراسات.

[17] المملكة المغربية، القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الجريدة الرسمية، عدد 6652، آذار/ مارس 2018، المادة 35.

[18] المرجع نفسه، المادة 37.

[19] المملكة المغربية، القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الجريدة الرسمية، عدد 6652، آذار/ مارس 2018، المادة 54.

[20] المرشدي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان من مؤسسة استشارية إلى مجلس وطني، دراسات.

[21] المملكة المغربية، القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المادة 12.

[22] وعددها 12 لجنة جهوية تغطي التراب المغربي.

[23] التوفيق بين مبادئ التعددية الفكرية الاجتماعية والمناصفة والتنوع الثقافي واللغوي والتمثيلية الجهوية، وتمثيلية جمعيات المغاربة المقيمين بالخارج وفئات الشباب….

[24] المرشدي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان من مؤسسة استشارية إلى مجلس وطني، دراسات.

[25] المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019، آذار/ مارس 2020، ص8.

[26] المرشدي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان من مؤسسة استشارية إلى مجلس وطني، دراسات.

[27] تحدد إجراءات تلقي الشكايات ومسطرة قبولها ودراستها ومعالجتها وتتبع مآلها من قبل المجلس، بموجب نظامه الداخلي.

[28] يسير الأحمادي، “الضمانات الدستورية لحماية حقوق الإنسان-المغرب نموذجا-“، رسالة ماستر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، 2016- 2017، ص115.

[29] المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقرير السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمام مجلسي البرلمان، الرباط، 2014.

[30] المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019، ص8.

[31] المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019، ص9.

[32] المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019، ص9.

[33] المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كوفيد 19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد، التقرير السنوي 2020 حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب، (آذار/ مارس 2021)، ص 15.

[34] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا والسبل الممكنة لتجاوزها، (الرباط: 2020)، ص 12-13.

[35] المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كوفيد 19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد، ص 20.

[36] المرجع نفسه، ص 21.

[37]– المرجو الاضطلاع على الموقع الرسمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان: https://www.cndh.ma/ar/rubriques/ltwthyq/ltqryr-wldrst/ldrst

[38]– الأحمادي، “الضمانات الدستورية”، ص 137.

[39]– المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقرير السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمام مجلسي البرلمان، ص 8.

[40] المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقرير السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمام مجلسي البرلمان، ص 8.

[41] المرجع نفسه.

[42] المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كوفيد 19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد، ص 136.

[43] المملكة المغربية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كوفيد19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد، ص 138.

[44] المرجع السايق، ص 140.

[45] “محدودية الأدوار وضعف الاستقلالية في المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان”، صدى كارانجي، 12/08/2008، شوهد في 21/05/2021، في https://carnegieendowment.org/sada/20559

مشاركة: