إلى أخي وليد
هذه الطريقُ الترابيةُ الطويلةُ…
تنقصُها شجرةٌ واحدة
وهذه الصورةُ العائليةُ
تنقصُها صورةُ طفل شاحبٍ مصاب بالجفاف
وهذا القلب تنقصُه سكينٌ واحدة
وهذا المدى الرحب
ينقصُه قبرٌ تحفّه الرياح من كل جانب
وينام فيه الفرح إلى الأبد
***
كان اسمُك تضادًا مع الموت
لكنه لم يكن مجازًا قابلًا للحياة
وكان قلبُك سمكةَ (كَرْبٍ) تنتظر صيادَها
بلكنته المغربية
وقبعته الشيشانية
وثوبه الأفغاني
كيف ذهبتَ في صباح سوق الأحد
كان أبي ينتظرك
كي تعدّ له إبريق شايِ
وكي تمسح تجاعيد قلبه
بابتسامتك التي لم يستوعبها موتُك الوشيك
موتك المتلطّي وراء شموسٍ سوداء
كان صباحًا خاليًا من الندى والأغنيات
الأطفال يركضونَ
والموت يفتح لهم ذراعيه
ونحن نصرخ بهم: انتبهوا..
انتبهوا
انتبهوا من الحياة التي تركض نحوكم بقدم عرجاء
ولثةٍ مشقوقة
وقلبِ قرصان
أيها الأطفال افتحوا دفاتركم
واكتبوا:
الوطن لا يحب الأولاد الخائفين من الطائرات
أو حقول الألغام
***
وها أنت
لم ترض أن تموت وتترك لنا جثتك المحترقة
أخذتها معك
وتركت لنا بدلًا منها شظايا عبوة ناسفة
وهويةً مكسورة
***
كنت أقرأ (السوريون الأعداء) *
رأيتك تمشي نحوي بقلبٍ مضطرب
وأقدام تصطكّ
وابتسامةٍ تذوب تحت شمس الحرب
***
خيّم الموت علينا منذ يدك الباردة
منذ مصحفك المغلق
منذ (يا وليد لا تنس هويتك)
ومنذ آخر ظهور على هاتفك
منبج – ٢٠٢٠
*السوريون الأعداء رواية لفواز حداد