تجرأنا على الحلم

“تجرأنا على الحلم”، هذا ما كتبه آلاف السوريين على صفحاتهم.
عشر سنوات مضت، وما زلت أذكر الشرارة الأولى، ما زلت أذكر ذلك اليوم من شهر آذار/ مارس 2011 حين وقفت أمام السفارة السورية وصرخت لوقف نزيف الدم الذي كان قد بدأ.
لم أكن أتصور أنني سأعود إلى الوقوف هناك عشرات المرات لأرفع صوتي دعمًا للثورة، ولم أكن أتصور أنني سأمضي قدمًا في شعارات “إسلامية” اللحن، وأقبل بها لأنها مع الثورة فحسب.
بدأ الربيع العربي، وبدأت حينها الألوان الجميلة الغاوية تظهر متألقة بعد شتاء طويل، وبدأت تتملكني مشاعر مضطربة كأول حب يتخبط بين الممنوع والمتاح.
هاهنا تفتّحت براعم ثورتنا، وهاهنا تفتّح إحساسنا بقرب الحرية والخلاص، كنا نعرف أن الطريق صعبة، لكن لم يخطر في بالنا أننا لن نستطيع الوصول، ومرّ ربيع إثر ربيع، عشر مرات تفتّح الورد في الشجرة قبالة شرفتي، وفي كل يوم كنا نقول غدًا سيكون أجمل، لكن ذاك الغد الجميل لم يأت.
كل يوم قتلى جدد، كل مساء حصيلة يومية دامية.
أردت أن أكون هناك، أردت أن أكون واحدة من الذين يخرجون في الشوارع.

الآن، أشتاق إلى وطني، أشتاق إلى حضن الشام وسرّة قاسيون، أشتاق إلى الياسمين، إلى زهر البرتقال والزنزلخت، أشتاق إلى بردى حتى وإن جفّ، إلى الزحمة في الطرقات، إلى كل زاوية في باب شرقي، إلى كل حارة في باب توما، إلى القلوب التي كفّت عن الخفقان، إلى الشفاه التي نسيت لون الضحكات ولبست الأسود ثوبًا وكفنًا، إلى العصافير التي فرّت من سمائنا، إلى الأحلام التي ضاعت ملامحها.
وما زلنا نغني: “يموت المغني وتحيا القصيدة”.

وطني
“بدنا نكمل باللي بقيو”

أصلّي
كي تكون الشمس أقل حرارة هذا الصيف، وكي يكون القمر أكبر حجمًا، ليته يستطيع أن يكون مرآةً ليعكس قبح الحرب وجمال الحرية.
كنا نتفتّح في مشاعر الحرية كما تتلقى البراعم شمس الربيع بأحضان مفتوحة، نستمد قوة الحلم في غد أجمل مع كل جمعة تحمل اسمًا جديدًا. لكن مع مرور الوقت، انخفضت طاقة الحلم وأصبح البقاء في قيد الحياة هو الهمّ الأكبر.
أقف الآن هنا على حافة الحلم كـ “شاهدة عيان” على الخوف المتأصِّل فينا، لا أعرف حقًا متى ضاع الأمل، لكنني “لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي”، فما زال جزء من الحلم جمرةً متّقدةً تحت الرماد، وما زلنا نعرف أننا “محكومون بالأمل” دومًا وأبدًا.

مشاركة: