الصراع على السلطة في سوريا في أثناء الحكم الانفصالي؛ الخريطة السياسية

ملخص البحث
لم يكن الانفصال هزيمة أنظمة وجيوش، بل كان هزيمة أيديولوجيا قومية تقدمية، احتضنها وجدانٌ سوريٌّ مفعم باليقين، لقد سقط البطل التراجيدي سقطته المدمرة، فكيف يمكن النهوض؟ في عقب ذلك، نشأ مزاج سوري حاد مبطن بالمرارة ومسكون بالفجيعة، وساد الإحساس بالإحباط والعقم وعدم الجدوى. لكن اليأس البصير خيرٌ من الأمل الأعمى، إن هذا الواقع السياسي الفاجع الممتلئ بالكوابيس، كان الحاضن التاريخي لمرحلة ما بعد الوحدة، وعلى نحوٍ ما حار الناس واضطربوا بين يقين قديم تقوّض وأحلام تتزيا بزي الأوهام، وازدادت الأمور تعقيدًا وسوءًا عندما حاول البعض تحويلنا إلى هوامش تاريخية ندور في فلك غيرنا. ولا أزعم أن كل المشاريع الوحدوية العربية ستكون على هذه الشاكلة، فهذا زعمٌ يأباه الإنصاف والواقع، ولكنني أظن أن كثيرًا من العبث قد دخل مسار هذه الوحدة حتى انحرفت عن سبيلها انحرافًا شديدًا، فكأن هذه الوحدة السورية المصرية دينٌ إما أن تعتنقه وتدخل فيه دفعة واحدةً، وإمّا أن تنكره وتخرج منه دفعةً واحدةً!
وأخيرًا، نحن في أزمة شاملة مستحكمة تلف وجوه حياتنا جميعًا، نحن نعاني من أزمة انتماء، حتى المتحمسون للانتماء العربي يتحدثون عنه جمجمة، فكأنهم يتحدثون عن شيء من مخلفات الماضي البعيد الذي تجاوزه الزمن!
فهل حقّا تصدق فكرة الفوات التاريخي على العرب؟ هل حقًّا إن الشعوب التي لم تستطع بناء قومياتها في الماضي لن تستطيع بناءها الآن؟ إننا لا ننكر القومية العربية، لكننا نؤمن بها انطلاقًا من انتمائنا السوري لا من التنازل عن هذا الانتماء.
ما الحل إذن؟ الحل أن نطالب باستراتيجيا ثقافية قومية أكثر التصاقًا بواقعنا، فنحن اليوم نفتقد نقطة الارتكاز، أي نفتقد تحديد الانتماء الذي تستند إليه الأمة وتستضيء به، وما انهيار الهوية إلا إيذانٌ بانهيار الأمة؛ لذلك نحن في أمس الحاجة إلى ما يمكن أن يسمى بـ (الهوية الواقية) على حد تعبير العقاد.

كلمات مفتاحية: الانفصال . عبد الناصر . القومية العربية . الوحدة السورية المصرية . عبد الكريم النحلاوي

أولًا: مقدمة
لا أحد ينكر اليوم أن السوريين يقاتلون قتالًا تراجعيًا، فهم مستسلمون يسلمون حصونهم التاريخية حصنًا بعد آخر، ولا أحد ينكر أنَّ الثقافة هي آخر القلاع الحصينة التي توشك أن تقع سبيّةً بأيدي الغزاة، فما العمل؟ إن موقعنا التاريخي يؤهلنا بكل موضوعية لأن نتسم بالندية الحضارية، ولكن ما هو كائن يطبعنا على العكس من ذلك بطابع التبعية والغثائية. فكيف نعلل هذه الهوة السحيقة بين ما هو كائن وما يجب أن يكون؟ هذه التبعية والغثائية تبدأ بخواء الأمة بعد إفراغها من مكوناتها الصحيحة كإثبات الذات، ووجود الهوية، وإبراز معالم الشخصية الثقافية، وهذا ينطبق على واقع أمتنا السورية التي هانت على نفسها، فهانت على الناس، وكان ذلك منذرًا بفقدانها لكل ندية حضارية، ولقد كان خطاب كثير من المثقفين مؤرقًا باكتشاف هذه الذات، وإثباتها وإبراز هويتها وثقافتها، فكأننا اليوم نستدير من جديد إلى الوراء قرنًا من الزمان.
إذًا، ما العمل؟ هل يجدي أن نستمر في تسوّل اعتراف الآخر بنا؟ هل من الحصافة أن نكون غيرنا ليرضى الآخرون عنّا؟ بالطبع علينا ألا نتصرف ونفكر كأننا وحدنا في هذا العالم، نحن في حاجة إلى الآخرين، والآخرون في حاجة إلينا، وإذا هددنا الآخرون، فلنكن قادرين على تهديدهم، نريد أن ننتمي إلى هذا العصر بلا ذوبان أو استلاب كما يليق بأمة عريقة أن تفعل. هذا ما نريده حقًّا، ولكن كيف ينبغي أن نتعامل مع الواقع المأزوم الذي لا يحتمل الانتظار!؟
نحن نتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، فمن النادر أن تكون الضحية بريئةً تمامًا عن مصيرها، في أغلب الأحيان تكون الضحية شريكًا متواطئًا مع جلادها، فلا أعرف أمةً عريقةً واحدةً على ما أصابها من الكوارث والنكبات، وعلى ما عصفت بها الأحداث التاريخية، تنكرت لماضيها وانتمائها، وأعلنت قطيعتها معها، وخرجت من جلدها دفعةً واحدةً، كما تخرج الأفاعي من جلودها وتخلفها وراءها في العراء. إذًا، ليس من حق أحد أن يدعونا -مهما تكن الأسباب- إلى التنكر لانتمائنا وتاريخنا، فالعروبة والقومية العربية لا تتحققان بجلد الذات والتنكر للجذور، وإشاعة اليأس الضرير في الأمة السورية، بل تتحققان في قراءة الواقع الراهن قراءةً علميةً صحيحةً، لا لفهمه فحسب، بل لتغييره أيضًا. إن هذه الدعوة إذا أحسنا الظن بها تعبر عن رؤية سكونية للتاريخ، وعن نفاذ الصبر. بيد أن الثقافة هي حصن الأمة وقلعتها الأخيرة؛ لذلك يجب أن تُبنى وفق استراتيجية قومية سورية، وإلا فإن حس الهوية سينهار، وسندخل في فوضى التعدد، وهذا ما سنراه في الصفحات المقبلة، وفي جوف هذا الطوفان غدا حس الهوية والانتماء أثرًا بعد عين!
1- أهمية البحث
تتجلى في كونه جاء في سياق تفعيل فكر نقدي، ومراجعة بعض المفاهيم والقضايا الفكرية التي هي بحاجة إلى إعادة نظر وتجديد، وبما أننّا نمر بحالة من المراجعة النّقديّة الذّاتيّة أو بمرحلة (الما بين) كما سماها الدّكتور الغذامي، فالتفكير النقدي ضرورة وحاجة ثقافية وحضارية نابعة من متطلبات التغيير وإعادة تشكيل وعي الأمة وفقهها لنفسها وللعالم من حولها، إنها تتعلق بإعادة تجلية الأسس المرجعية وصياغة البناء المعرفي الذي انبني عليه خطابنا، وأصبح يشكل وعينا، وشكّل تاريخيًا لاوعينا الذاتي، إنه إذًا ما نقدم به ذاتنا إلى العالم، والصورة التي نعكس به تصورنا ورؤيتنا للعالم، ومن هنا يصبح التفكير النقدي الذي ننشده جوابًا لتحديات اللحظة المصيرية التي تحياها الأمة، ولا تجدي معها المراوغة البلاغية أو مجرد القول: إن الوحدة العربية هي الحل لكل مشاكلنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إذ أصبح التفكير في الوحدة والتخطيط لها شأنًا متعولمًا، وزادت مدارسة قضاياها، وإشكالاتها تجاوزت مركزها الجغرافي التقليدي، إننا في حاجة إلى نقد الواقع ونقد الأفكار التي تكبح نهوضنا وتقيد انطلاقنا، وتعطل فاعلية عقولنا، وتوكلنا إلى السلبية والقشرية والانغلاق.

2- أهداف البحث
هذا البحث محاولة لإجراء تحقيب معرفي؛ للتعرف على طبيعة التحولات السياسية المفصلية التي مرّت بها سورية وهي تواجه الفكر السياسي لـ الآخر – العربي، وتجابه سلطته من جهة، وتعيد النظر في منظومته الفكرية من جهة أخرى، إذًا فهو ينطلق من المنظومة الفكرية العربية السياسية مفهومًا ومنهجًا، منها وضدّها، بغية إعادة تشكيل رؤيتنا الأيديولوجية المعاصرة وفق استراتيجية بنائية تدرّجية تركيبية، غير تجزيئية أو إسقاطية، تأخذ بالحسبان مدى تعقد تكوينية المجال زمانيًا ومكانيًا وقيميًا وأيديولوجيًا وتقاطعيًا مع مجالات أخرى، وتفصل إجرائيًا بين ما هو جهد فردي (جهد تيارات سياسية) وما هو مشروع فكري متكامل للأمة ككل، إذ تسعى هذه الدراسة إلى لأم وجبر مكونات الرؤية التي اغتربت منذ أمدٍ بعيد أو جهد مفكريها الذي طواه أوضاع معينة في زوايا العتمة والنسيان مؤكدة على قوة الروابط بين وضعية النظرية السياسية ووضعية الثقافة والحضارة ككل.

3- منهجية البحث
استقرائية تحليلية.

4- أسئلة البحث
دعا السياسيون السوريون بحرارةٍ وصدقٍ إلى الحوار من أجل إحياء الوحدة، وإلى ضرورة احترام الكرامة والسيادة، ولكن: هل نحن الذين نرفض حوارهم أم هم الذين يرفضون حوارنا؟ ما جدوى أن نؤمن بالوحدة، وندعو إليها في الوقت الذي يبلغ فيه الصلف والغطرسة بالآخر مبلغًا يصدّه عن حوارنا، ويريه نفسه في مرآة محدبة، ويريه الآخر (نحن) في مرآة مقعرة، فعبد الناصر غير مستعد لحوارنا، لكنه مصرّ على إملاء تصوراته علينا، ولا اعتراض لديه على أن نسمي هذا الإملاء حوارًا. لذلك، كيف نستطيع أن نبني وحدة تحفظ احترامنا وسيادتنا؟ كيف نجبرهم على اعتبارنا أندادًا لهم؟ كيف نقنعهم أن مصالحهم الاستراتيجية في حاجة ماسة لنا، وأننا غير مستعدين لتأمين هذه المصالح، إذا لم يغيروا موقفهم المتعالي منّا؟ إن هذه الأسئلة لا تعني إلغاء الحوار، بل تعني أن نوفر لهذا الحوار شروطًا موضوعية، تجعله خصبًا ومثمرًا.

5- مصطلحات البحث
السلطة(): تعدّ من أكثر المفاهيم السوسيولوجية استخدامًا وخلافًا، فلم تتفق الآراء على تحديد هذا المفهوم. لكن، يمكن القول إن (السلطة) عمومًا هي: “القدرة على عمل شيء”، والسلطة في مواجهة الآخرين هي: ” قدرة شخص على فرض إرادته على الآخرين أو التأثير فيهم” ()، والسلطة تتطلب قوة، أما القوة بلا سلطة فظلم واستبداد، وهكذا فإن السلطة تعني الحق. ومادامت السلطة حقًّا، فيجب أن تطاع بوازعٍ من ضمير، أي على سنة الناس والأحرار، ومن أجل المصلحة العامة() ؛ ولذا يجب أن يحل محل السلطة القائمة على القهر، السلطة القائمة على كل من القهر والاقتناع، أي إن بها عنصرًا داخليًا وآخر خارجيًا، ومن الناحية النفسية تكمن السلطة في إرادة المحكومين وثقتهم بها أكثر من كونها تكمن في إرادة الحاكمين، وهنا يظهر تاريخيًا ما سماه بيرتراند دي جوفينيل (سر الطاعة المدنية)()، أي إن الوصول إلى السلطة بالطرق الديمقراطية أو بالطرق القسرية لا يغير من شرعية هذه السلطة، غاية ما في الأمر أن السلطة غير المشروعة تسمّى سلطة فعلية؛ لأنها تفرض نفسها بالقوة، والسلطة المشروعة تسمى سلطة قانونية. وهكذا فإن رضا المحكومين بالسلطة القائمة هو الذي يضفي عليها صفة الشرعية، ويحولها بالتالي من حكومة فعلية إلى حكومة قانونية، فتكتسب بذلك قوة معينة().
وأحب أن أضيف احترازًا من النقص، هل التزم السياسيون السوريون مصلحة الشعب السوري؟ حقيقةً لا، إذًا، لماذا يحيد السياسيون عن فكرة مصلحة الجماعة؟ لخص أرسطو الإجابة عن هذا السؤال بقوله: ” إن الناس لا يعملون شيئًا مطلقًا إلا لفائدتهم”، هنا يكمن التناقض الذي يفسر خروج الحكام على فكرة الجماعة عن الخير المشترك (على حد تعبير جورج بيردو) وحاصل القول إنه: لا ينبغي أن نغفل ونحن ندرس غاية السلطة، أهواء ورغبات الحكام، وهكذا فإن غاية السلطة مركبة من عنصرين: العنصر الأول هو فكرة الجماعة عن الخير المشترك، والعنصر الثاني هو أهواء ورغبات الحكام، والوضع الأمثل للسلطة هو الوضع الذي تستطيع فيه تحقيق التوازن بين الغايتين().
الانفصال: حدث الانفصال بين سورية ومصر من خلال حركة الضباط الدمشقيين في 28 أيلول/ سبتمبر 1961م، ومدة الحكم الانفصالي 18شهرًا، تعاقبت خلال هذه الفترة خمس وزارات، أغرقت سوريا في متاهة الفوضى، وما هذا إلا دليل على القلق والتخبط بين مساري العودة إلى الوحدة، أو الثبات على الانفصال ().
وثيقة الانفصال: وهي الوثيقة التي اتفق على إعلانها السياسيون السوريون الذين عقدوا اجتماعًا في 2 / 10 لمناقشة الانقلاب الانفصالي ومواقفهم منه. اشترك في هذا الاجتماع كثير من رجالات الأحزاب السابقة المنحلة ممن كانوا يميلون إلى تأييد الانفصال عن الحكم الناصري تمامًا، سواء من حزب البعث أو الحزب الوطني أو حزب الشعب والإخوان المسلمون، وقد وضعت الوثيقة مسؤولية الانفصال على عبد الناصر وحكمه الديكتاتوري الذي أوجد التفرقة بين مصر وسوريا، فأفقد الوحدة بينهما معانيها السامية، وأبعدها عن أن تكون نواة للوحدة العربية الشاملة الصحيحة، وأيدت الوثيقة (الثورة المباركة للقوات المسلحة السورية).

ثانيًا: الإطار النظري
1- الخريطة السياسية السورية في أثناء الانفصال
ساعدت عوامل شخصية وعوامل عامة () وعوامل إقليمية على وقوع الانفصال بين سورية ومصر()، ويذكر الدكتور مصطفى الفقي :” أنَّ التصادم العنيف بين حزب البعث وجمال عبد الناصر كان من أهم الأسباب التي أدت إلى سقوط الجمهورية المتحدة()”، علمًا أن حزب البعث وجه اتهامًا مباشرًا للرئيس عبد الناصر في مسؤوليته عن الانفصال()، وقد اعترف حزب البعث بأخطائه تجاه قياداته() .
حقيقةً، كل هذه الأسباب التي قيل: إنها رسخت الانفصال، أغفلت سببا لا يقلّ أهميةً، فالوحدة تحتاج إلى وحدة حياة اجتماعية، فلا يجوز إلغاء الواقع الاجتماعي ومعطياته، إن كان في سورية أو في مصر، حتى لا نحصل على وحدة مشوّهة كما حدث، وهذا يذكرنا بتجربة الوحدة الباكستانية التي كان مصيرها الانفصال، وهذا ما تنبأ به اللورد ماونتباتن()، إذ وجد أن تقسيم باكستان إلى إقليمين منفصلين، تفصلهما مئات الأميال من الأراضي الهندية، إقليم غربي تفوق مساحته مرات عدّة الجزء الأول، وإقليم شرقي كان كـ”كائن غير حي()”، لقد كان وضعًا شاذًا ينذر بحدوث توترات مستقبلية()، لم يكن العامل الجغرافي الوحيد الذي أدى إلى الانفصال، إذ أدت عوامل أخرى دورًا بارزًا، فعلى الرغم من أن الإسلام يجمعهما لكن اختلاف الحياة الاجتماعية ساهم في وقوع الانفصال() .إذًا، إنّ وحدة الحياة الاجتماعية أهمُّ من أي عامل آخر، فالتجارب الاتحادية القديمة، اقترنت بالاستبداد على الصعيد السياسي، والقطعية الوثوقية على الصعيد المعرفي، والاحتكار على الصعيدين الاقتصادي والثقافي، لكن قدمت تجربة الاتحاد الأوروبي تجربةً فريدةً، تمثل إثباتًا على أهمية وحدة الحياة الاجتماعية في تحقيق وحدة حقيقيةً حرّة، تضع من أولوياتها خدمة المجتمعات المدنية وفقًا لمبادئ العدالة والمساواة.
أخيرًا، كثيرًا ما تستوقفني الأسئلة الآتية:
⦁ ما الغاية من أن يكون حل الأحزاب السياسية شرطٍ لقيام الوحدة()؟ هل تمّ حلّ الأحزاب السياسية أم تصفيتها؟ هل تمّ ذلك في ظل الوحدة أم قبل حدوث الوحدة؟ هنا أرغب في الإشارة إلى مقتل العقيد عدنان المالكي، وما كان له من أثر في الحياة السياسية السورية ().
⦁ ما الغاية من جرّ سورية إلى تحقيق وحدة بإجراءات لم تدرس بواقعية وبحياد، ولم تؤخذ مصالح شعب سورية وسيادته وكرامته في الحسبان؟
⦁ لماذا لم يعتذر أحد عن الدمار الذي أصاب الاقتصاد السوري، وعن تحويل سورية إلى بلد يمون مصر بالقمح والخضروات وليكون سوقًا للصناعة المصرية، حتى وصل الأمر إلى إعلان إفلاس سوريا لأول مرة في تاريخها قبل أن يعلن عن موافقتها على قبول المساعدات الأمريكية أيضًا() ؟
⦁ لماذا كل هذا الاستسلام والانسياق وراء الوحدة وقادتها؟
أمّا المبررات التي قُدمت لإحياء الوحدة، فالقارئ يقف حائرًا أمامها، يحاول استنطاقها فتستعجم، لقد غدت مبررات الوحدة بدعة فاشية، يزين بها السياسيون ما يقولونه، وكأن البدع لا تكون ضلالةً إلا في الدين!

 أ- حركة الضباط الدمشقيين 28 أيلول/ سبتمبر 1961م 
  أدرك السوريون أننا أمام نهجٍ جامحٍ في التفكير، وصناعة القرار السياسي، وأن الأحداث الداخلية الجسيمة() التي وقعت لا تمثل النتائج الأخيرة لهذا النهج بل تمثل مقدماته الأولى، ولم يكن هذا الإدراك كله رجمًا بالغيب أو حدسًا قويًا بأمور تلمح من وراء، بل كان إدراكًا لسياسة معلنةٍ لا يداخلها الرياء.
 فقد قام جمال عبد الناصر بضرب البرجوازية السورية من خلال قوانين التأميم الصادرة في 20 تموز/ يوليو 1960م، ولم يكن يتوقع أن تحاول تحريك عناصرها في الجيش() للدفاع عن نفسها ضد إجراءات حكمه، أمّا المشير عامر() الذي مُنح صلاحيات واسعة في سوريا، كان هو المسؤول عن إعادة توزيع القوى في الجيش السوري لصالح البرجوازية (الضباط الدمشقيين) في قيادات المناطق العسكرية وفي مناصب إدارية مهمة، إذًا، بقيت الأمور مسندة إلى مجموعة من الضباط الدمشقيين الذين كان على رأسهم المقدم عبد الكريم النحلاوي معاون العقيد أحمد علوي()، وقد ساعد الوضع السياسي والموقع العسكري الذي شغله في إجراءات تنقلات لصغار القطعات المحاربة بصورة تلائم الخطة التي وضعها هو ورفاقه ممن نفذوا الانقلاب حيث أطلقت كلمة السر من دمشق()، لكن المقدم النحلاوي وأتباعه أخذوا يشعرون بالخطر وبملاحقة المخابرات الحثيثة، وهذا ما دفعهم إلى المناداة بضرورة تحديد الموعد بأقصى سرعة والاستفادة من أول فرصة سانحة(). وكانت الفرصة السانحة هي خلاف المشير عامر وعبد الحميد السراج، ووقوف أعوان عبد الحميد السراج من عناصر المباحث والمكتب الخاص، والأمن الداخلي والنقابات العمالية والطلابية وغيرها في صفه ضد المشير عبد الحكيم عامر، ما ساهم في نجاح هؤلاء الضباط في تخطيط وتنفيذ حركتهم الانقلابية في 28 أيلول/ سبتمبر.
 وصلت أنباء إلى المشير عبد الحكيم عامر() عن تحركات قطعات عسكرية ودبابات من معسكرات قطنا باتجاه دمشق في ليلة 27 / 9، فأوعز المشير عامر بدوره إلى عناصر القيادة بوجوب اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحباط العملية() ومع تحركات القطعات العسكرية الأخرى، استطاع كل من العميد موفق عصاصة والعميد زهير عقل والمقدم عبد الكريم النحلاوي الوصول إلى مبنى القيادة وفرض شروطهم للبدء بالمفاوضات، ثم قرر ضباط الثورة تسفير الرهائن الذين كانوا في مبنى القيادة العامة، وذلك بعد أن تمكنوا من حركتهم ووثوقهم بأن زمام الأمر أصبح بأيديهم()، ووضعت طائرة خاصة تحت تصرف الضباط الرهائن ونقلتهم إلى القاهرة، وعندما تطورت المفاوضات أرسلت طائرة ثانية إلى القاهرة حاملة الوزراء العسكريين (أكرم ديري وجادو عز الدين وطعمة العودة الله وجمال الصوفي وأحمد حنيدي).

ب- موقف عبد الناصر من حركة الضباط الدمشقيين 28 أيلول/ سبتمبر 1961م
واجه الرئيس عبد الناصر الحركة الانفصالية من خلال عدّة خطوات، تراوحت بين الإجراءات العسكرية والإجراءات السياسية:

  • الإجراءات السياسية والرد عليها:
    ⦁ ألقى جمال عبد الناصر خطابًا في الساعة التاسعة صباحًا من إذاعة القاهرة()، أعلن في الخطاب عن تمسكه بالوحدة، وأكد على خطر تفكك سوريا، وأضاف قائلًا :”ماذا عن موقفنا الآن، إننا نريد أن نتجنب سفك الدماء، إن قواعد الجيش الأول في كل مكان تتحرك الآن إلى دمشق؛ لتقاوم هذه القوة التي تمردت على إرادة الشعب التي قامت لتهدد سلامة الجمهورية بعد أن صدرت له الأوامر ليوقف هذه الحركة وليوقف هذا التمرد . فأنا مسؤول عن هذه الجمهورية من القامشلي إلى أسوان()”
    ⦁ ألقى خطابًا ثانيًا في الساعة السابعة مساء يوم الانفصال، ندد فيه بالانفصاليين، وحض على ضرب الانفصال، وطلب من الشعب العربي السوري إسقاط الخونة من بين صفوفه.
    ⦁ توجيه اتهامات من إذاعة صوت العرب والصحف المصرية إلى قادة حركة الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر، واتهامهم بالرجعية والعمالة.
    الرد: ضباط حركة الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر وجهوا نداءً إلى الرئيس جمال عبد الناصر ردًا على خطاباته التي اتهمهم فيها باتهاماتٍ جائرةٍ، وقد عدّ الضباط في ندائهم بأن ما حدث في سوريا هو تحقيق لرغبة الشعب العربي السوري، كما أكدوا أن زمام الأمور في الجمهورية العربية السورية بيد قادة أقوياء آمنوا بالله والعروبة، ولم يكونوا يومًا رسل إقطاع أو استغلال أو انفصال()، كما قامت وسائل الإعلام السورية برد الصاع صاعين للصحف والإذاعات المصرية، الأمر الذي ترك أثرًا سلبياَ في أوساط الشارع السياسي ولدى ضباط الجيش، حيث كانت الصراعات على دوائر النفوذ على أشدها بينهم().
  • الإجراءات العسكرية والرد عليها:
    ينقل عبد الهادي البكار حديثًا عن صبري رئيس الوزراء المصري الأسبق، قال فيه: إن الرئيس جمال عبد الناصر كان جادًا في مقاومة الانفصال عسكريًا عقب وقوعه، وإنه لم يرسل قوات عسكرية محمولة جوًا من مصر إلى اللاذقية إلا على هذا الأساس()؛ لذلك قام بالآتي:
    ⦁ أصدر قرارًا بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة ينص على عزل المتمردين وتجريدهم من رتبهم، وإعفاء ضباطهم وجنودهم من كل ولاء لهم.
    ⦁ أصدر أوامره بالتحرك العسكري بإنزال قوات المظليين والصاعقة في مطار اللاذقية، وأن تتحرك المدمرات مساءً؛ لتصل إلى ميناء اللاذقية في 29/ 9 في الساعة الرابعة بعد الظهر(). كما تمّ إرسال لواءين من المشاة بأسلحتهما، وكذلك لواء مدرع عن طريق البحر، وأن يتم الاستيلاء على كل بواخر النقل العربية لاستخدامها في نقلهم، على أن يبدأ إبحار تلك القوة في مساء اليوم التالي().
    ⦁ أمر أسراب الطائرات الحربية بالإقلاع من قواعدها في الأراضي المصرية باتجاه الأجواء السورية.
    الرد: أجرى سفير الاتحاد السوفيتي في مصر اتصالًا هاتفيًا بالرئيس جمال عبد الناصر وأبلغه رسالة شفهية من الكرملين تقول: دع سوريا وشأنها()، فأمر بإعادة بقية أسراب الطائرات إلى قواعدها في مصر، وأمر قائد السرب جلال هويدي بتسليم نفسه وعناصره إلى السوريين من دون مقاومة()، كما أنّ العديد من قطعات الجيش في المحافظات السورية التي أمرها عبد الناصر بالتحرك، أعلنت تأييدها للانقلاب الانفصالي، وقامت قيادة الانقلاب بترحيل المشير عامر القائد العام للقوات المسلحة، وجمال فيصل قائد الجيش الأول وجميع الضباط المصريين إلى مصر في مساء 28 أيلول/ سبتمبر. كما أن تتالي اعتراف الدول الأجنبية والعربية بدولة الانفصال، واستعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1961م، أجبر الرئيس جمال عبد الناصر على الاعتراف بواقع الانفصال في البيان الذي أذاعه في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر 1961 ()، وقال: لن ينوي إقامة حصار دبلوماسي حول سوريا، وإنه لن يمانع في عودتها لاحتلال موقعها في هيئة الأمم المتحدة، ولكن الرئيس جمال عبد الناصر أبقى في هذا البيان معركة إعادة سوريا إلى وحدتها مع مصر مفتوحة، من خلال قوله :” وستبقى الجمهورية العربية المتحدة رافعة راياتها، مرددة نشيدها، باذلة في سبيل العروبة …إلخ ” ()

ت- تورط عبد الناصر في انقلاب 28/ 3/ 1962م
كانت المحاولات الإسرائيلية لتحويل مجرى نهر الأردن وسحب مياهه إلى صحراء النقب، تشكل هاجسًا مقلقًا للحكومة والشعب في سوريا؛ لذلك عمدت سوريا إلى إقامة تعاون دفاعي واتفاق سياسي واقتصادي وتعاون مشترك بمشاريع الري وسد الفرات مع العراق، صدر عنه بلاغ بتاريخ 25/ 12/ 1962م، وقد وافق مجلس الجامعة في أثناء اجتماعه بتاريخ 26/ 2/ 1962 على دعوة مجلس الدفاع العربي إلى جلسة استثنائية تعقد في 5/ 3/ 1962م بناءً على المذكرة التي تقدمت بها سوريا في أن إسرائيل جادة في إقامة المنشآت اللازمة لضخ مياه نهر الأردن من بحيرة طبريا؛ لإيصالها إلى النقب، ولكن أمين الجامعة ألغى هذا الاجتماع بداعي أن القرارات السابقة التي اتخذها مجلس الجامعة قد أصبحت آلية، والسبب الحقيقي هو ممانعة مصر قيام الاجتماع، كما كتبت الصحف المصرية في تلك الفترة()، ما حمل رئيس الجمهورية ناظم القدسي على عقد اجتماع مع الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم وطلب مساعدة عسكرية منه .
ثم بدأت تتسع الانشقاقات بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية في سوريا () وفي جلسة 27 آذار/ مارس التي لم يتجاوز افتتاحها ورفعها أكثر من خمس دقائق، تغيب عن حضورها مأمون الكزبري وأعضاء الحكومة وجميعهم، وكان عدد الحضور من النواب قليلًا، فقدمت الحكومة استقالتها أمام الضغط العسكري، وفي 28 / 3 قام الجيش باعتقال صبري العسلي وناظم القدسي ومعروف الدواليبي وعدد من النواب بينهم خالد العظم().
وفي صبيحة 28/ 3 / 1962 قام العقيد زهير عقل والعقيد محمد منصور والرائد فايز الرفاعي () بتنفيذ انقلاب 28 آذار/ مارس، وبدأت الإذاعات السورية تذيع البلاغات بأن الانقلاب كان تحقيقًا لرغبات الشعب وحفاظًا على مكاسبه، وقد تبين أن مقابلة هؤلاء الضباط الثلاثة لـ عبد الناصر هي التي شجعتهم على ذلك()، لكن قادة الجيش لم تتجاوب مع قادة الانقلاب، وتمّ عقد مؤتمر شارك فيه قيادات الجيش السوري كافة في حمص 1/4/ 1962، وقد قرر هذا المؤتمر عدّة قرارات من شأنها إعادة الأمور إلى نصابها في الجيش غير أن مجموعة من الضباط أهمهم جاسم علوان ولؤي الأتاسي() انسحبوا من مؤتمر حمص إلى مدينة حلب، وشكلوا قيادة جديدة أطلقوا عليها اسم (قيادة الضباط الأحرار)، وطلبوا الدعم العسكري من القاهرة، وبدؤوا بتسليح المقاومة الشعبية، وساهمت إذاعة القاهرة في توسيع الشرخ، لكن العصيان باء بالفشل في 4 / 4/ 1962م.
كان هذا الانقلاب المزدوج بالتآمر مع القاهرة، كما أشار الفريق لؤي الأتاسي فيما بعد()، وعلى أثر فشل هذا الانقلاب دعا قائد الجيش عبد الكريم زهر الدين بتاريخ 10/ 4/ 1962 عددًا من القيادات السياسية والاقتصادية للاجتماع في وزارة الدفاع()، ثم تمّ الافراج عن ناظم القدسي وإعادة مكانته من خلال بيان صادر عن قيادة الجيش ().
لكن، لماذا كل هذا التآمر المصري الناصري على سوريا؟ هل القومية العربية شعور جمعي لدينا فقط أم هي مجرد خيالات جميلة في أذهان بعض المفكرين السوريين؟
ومن الجدير ذكره أنّ عبد الناصر الذي سعى إلى إعادة الوحدة مع سوريا بكل الطرق، تخلى عن السودان التي تمثل البعد الحيوي لمصر، لم يصّر جمال عبد الناصر على الوحدة مع سوريا من أجلنا ومن أجل مصالحنا، إنما تعلّم من التاريخ، وأدرك أن الأمن القومي المصري يجب أن يمتد في عمق سوريا من حيث أتى الهكسوس()؛ لذلك اندفع الفراعنة في الماضي مثلما اندفع عبد الناصر الآن لإقامة إمبراطورية تمدّ نفوذها على البحر الأحمر وعلى جنوب سوريا وشرق المتوسط (). إذًا، هي لم تكن وحدةً، والمقدمات الخاطئة مهما لوينا عنقها، لن تعطي نتائج صحيحة.

ث- تيارات ضباط الانقلاب الانفصالي
تضررت البرجوازية السورية من الحكم الوحدوي؛ لذلك استغلت الخلافات بين الضباط السوريين والمصريين، وتصاعد السخط والنقمة في صفوف الجيش السوري؛ من أجل جرّ العناصر التي كانت على صلة بهم (الضباط الدمشقيين) إلى القيام بانقلاب عسكري، هدفه ليس الانفصال التام عن مصر، بل تصحيح المسار بما يضمن احترام كيان سوريا وحقوق وكرامة مواطنيها. ولكن بمجرد تنفيذ الانقلاب ونجاحه في 28 أيلول/ سبتمبر، وبدء المفاوضات مع عامر، باشرت البرجوازية السورية مساعيها في أوساط ضباط الانقلاب، الذين أطلقوا على أنفسهم (القيادة العربية الثورية العليا للقوات المسلحة)، من أجل حملهم على حويل الانقلاب من حركة تصحيحية إلى حركة انفصالية عن مصر()
نتيجة لذلك انقسم ضباط الانقلاب إلى():
التيار اليميني أمثال حيدر الكزبري وفيصل سري الحسيني وموفق عصاصة، من ذوي الصلات الواسعة مع البرجوازية السورية الكبيرة، وقد عمل لانفصال سوريا التام عن مصر.
التيار المعتدل: أمثال عبد الكريم النحلاوي ومحمد منصور وزهير عقيل وفايز الرفاعي، وقد مال إلى الضغط على الحكم الناصري من أجل تصحيح الأخطاء، وأكدّ على ضرورة الاحتفاظ بالوحدة وعدم الإساءة إليها() .
ساهمت وعود المشير عامر بالإصلاح الداخلي وبترحيل الضباط المصريين، وبالعمل على التماثل بين السوريين والمصريين في المراكز المدنية والعسكرية() في ترجيح كفة التيار المعتدل، وهذا ظهر من خلال إصدار بلاغ رقم (9) () الذي أعلنت فيه الحركة الانفصالية عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي اعتمادًا على ثقتها بوعود المشير عامر، وقد اختلفت المواقف بعد إعلان البلاغ، فقوبل بابتهاج واضح من المستنكرين للحركة الانفصالية، وغضب من مؤيدي الحركة حتى وصل الأمر إلى التهديد بقصف القيادة على رؤوس من فيها(). ولكن تراجع المشير عامر عن وعوده()، ورفضه إصدار بيان علني يتعهد فيه بعدم اتخاذ أي إجراء بحق قادة الحركة الانقلابية فيما لو أنهوا عصيانهم، قد حملهم جميعا دفاعا عن أنفسهم، على المضي في حركتهم إلى نقطة الانفصال التام عن مصر وبالتالي رجحان كفة التيار اليميني.
كثير من المراجع التاريخية، حمّلت المشير عامر مسؤولية الاستهانة بالحركة الانفصالية، لكن القرار لم يكن للمشير عامر، إنما كان للرئيس جمال عبد الناصر، فقد أجاب بانفعال شديد: “إزاي توافق؟ سنطبق الخطة؟()”. وكان هذا الاتصال مراقبًا وتحت سمع أحد ضباط الحركة الانفصالية، ما أسفر عن البيان رقم (10)، ثم صدر عن ضباط الانفصال البلاغ رقم (11)، بمنع التجول، ولحقه البلاغ رقم (12) الذي كان رصاصة الرحمة للوحدة().
لم يطلب عبد الناصر التريث أو الاستشارة، لم يطلب موفد من ضباط الحركة، يشرح له حقيقة الأمر، لم يقرر القدوم شخصيًا إلى دمشق، ولم يدافع عن الوحدة بقوةٍ عسكريةٍ، حقيقةً كان موقفه هزيلًا مقارنةً بموقفه مع اليمن بـ 1962م! لم يكن عبد الناصر على المستوى الذي رفعناه إليه قوميًا.

ج- التأييد الشعبي والرسمي السوري لقادة الحركة الانفصالية
⦁ التيار السياسي: صنّاع الوحدة من سياسيين ووزراء ونواب، كانوا أوّل من دعموا قادة الحركة الانفصالية ()، فقد اجتمعوا في دمشق في 2/ 10 واستعرض المجتمعون الوضع السوري المتردي، وأجمعوا الرأي على تأييد القوات المسلحة السورية في ثورتها، وعلى توجيه الشكر إليهم ضباطًا وصف ضباط وجنودًا ().
⦁ التيار الاقتصادي والصناعي: الهيئات والمؤسسات التجارية والاقتصادية والصناعية والزراعية، وفي بيان للفعاليات الاقتصادية أيدت الغرف التجارية السورية الحركة لجملة الأسباب ().
⦁ التيار الشعبي: الهيئات والنقابات الأهلية، ففي بيان للاتحاد العام لنقابات العمال في 1 تشرين الأول/ أكتوبر أيد الاتحاد الحركة التي قام بها الجيش العربي السوري، والرامية إلى تصحيح الأوضاع وإعادة الحق السليب إلى نصابه. كما أصدر الاتحاد العام لطلاب سوريا بيانًا أيد فيه قادة الحركة، ودعا إلى محاولة إحياء اتحاد الطلاب العرب، وطالبوا أن تكون دمشق المتحررة مركزًا لعقد مؤتمر تمهيدي لتشكيل اتحاد الطلاب العرب ()
التيار الديني: علماء الدين الإسلامي، ورجال الدين المسيحي، الذين أعلنوا تأييدهم للحركة التي أعادت سوريا إلى مكانتها الطبيعية، وأوصدت الباب أمام ممارسات العهد السابق().
وفي يوم الثلاثاء العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1961م، وجه الدكتور مصطفى البارودي وزير الدولة السورية للدعاية والأنباء من الإذاعة والتلفزيون البيان الآتي:” تلقى رئيس مجلس الوزراء الدكتور مأمون الكزبري من الرئيس شكري القوتلي()، الموجود حاليًا في المستشفى في ألمانيا بيانًا، وقد أعلن عن اغتباطه لوثبة الجيش المظفرة، والتفاف الشعب حول الجيش والحكومة، وهو يقدم التهنئة الخاصة إلى الشعب والجيش والحكومة على هذا العمل الجيد والنجاح المظفر، ويسأل الله مزيدًا من التوفيق لهذه الحرك ة المباركة العاملة على تحقيق الوحدة الصحية الحقيقية الكبرى على أساس سليم متين لا ينفر منها أحد من شعوب العرب. ولقد حمّل الرئيس شكري القوتلي الرئيس الكزبري تحياته وأمنياته إلى رجال الثورة الأشاوس وإلى السادة الوزراء، وإلى أبناء الشعب جميعًا () “، وكان لـ خالد العظم رأي يستحق الذكر هو:” عندما جلا الفرنسيون عن سورية لم يشغل بالنا إلا الاستقلال وصون البلاد واليوم لا يهمنا إلا هذان الأمران، فكل تفكير بغير ذلك هدر للوقت والجهد، وزوال الاستعمار يومئذٍ عن سورية يماثله هذا اليوم الذي تخلصنا فيه من السيطرة المصرية()”

ح- التيارات السياسية في سوريا بعد الانفصال، وأبعادها الإقليمية
كانت الصراعات الإقليمية على سوريا تتركز في ثلاثة محاور:
⦁ مصر: التي كانت تسعى إلى إعادة وحدتها مع سوريا
⦁ العراق: التي كانت تسعى إلى إبعاد سوريا عن الحكم الناصري
⦁ السعودية والأردن: تعملان لفصل سوريا عن مصر وإسقاط حكم عبد الكريم قاسم في العراق، وتصعيد الخلاف بين الحكمين التقدميين في العراق ومصر، لأن أي تقارب بينهما انتصار للخط القومي الاشتراكي التقدمي ويعني بالتالي خطرًا على استمرار ملكيتهما، هذا انعكس على الصراع السياسي الداخلي السوري، فظهرت تيارات متوافقة مع الصراع الإقليمي.
التيار الأول ظهورًا وانتهاءً: (السعودي – الأردني)
⦁ أبرز مؤيديه: فيصل سري الحسيني وحيدر الكزبري ومأمون الكزبري، رئيس الوزراء الأول في دولة الانفصال الذي أعلن في بيان وزارته عن إيمانه ” بالوحدة العربية الحقيقية الشاملة، وبإعادة الحق السليب إلى عرب فلسطين الأبية، وبمساندة نضال الشعب العربي في الجزائر وفي شتى ديار العرب والعروبة()”
⦁ بداية التيار: قبل حدوث الانفصال()
⦁ هدف التيار: التحالف مع السعودية والاتحاد مع الأردن.
⦁ نهاية التيار: استقالة مأمون الكزبري واعتقالات الحسيني وحيدر الكزبري وغيرهما دلت على تصفية هذا التيار.

التيار الثاني ظهورًا وانتهاءً: (العراقي)
⦁ أبرز مؤيديه: ناظم القدسي ومعروف الدواليبي.
⦁ بداية التيار: ظهر بقوة في المجلس النيابي المنتخب في 12 كانون الأول/ ديسمبر 1961م، من خلال وجودعناصر من حزب الشعب، فضلًا عن تأييد حزب البعث لهذا التيار.
⦁ هدف التيار: الاتحاد مع العراق، وساهم هذا التيار في تحسين العلاقات بين سوريا والعراق التي فتحت أبوابها لسوريا بعد الانفصال دون أي قيد أو شرط في سبيل تعويض ما خسره التجار والصناعيون السوريون من إغلاق أسواق القاهرة().
⦁ نهاية التيار: بدأت بوادر نهاية أثر هذا التيار مع لقاء القدسي بعبد الكريم قاسم في 12 آذار/ مارس 1962م في الرطبة() ورغبة القدسي في التعاون العسكري مع العراق، وطلب قوة دفاعية لمساعدتنا ضد العدوان الإسرائيلي() ولكن الرفض المستمر() من قبل القيادة العليا للجيش، تدل على ضعف تأثير هذا التيار في قرارات القيادة العسكرية السورية التي كانت تقرر مجريات الأحداث في سوريا.
التيار الثالث ظهورًا وانتهاءً: (الوحدة على أسس جديدة، يوافق عليها عبد الناصر)
⦁ أبرز مؤيديه: عبد الكريم النحلاوي وهشام عبد ربه ومهيب الهندي وفايز الرافعي الذين كانوا على صلة مع القاهرة().
⦁ بداية التيار: ظهر من خلال النجاح بانقلاب 28 آذار/ مارس 1962 وقاموا بعده بحل مجلس النواب وإقالة وزارة الدواليبي نظرًا لسيطرة الاتجاه العراقي والعدائي لإعادة الوحدة مع مصر عليهما، ثم قاموا بتكليف الدكتور فريد زين الدين بتحضير مشروع عن الخطوات والمراحل الواجب اتباعها لإحياء الوحدة.
⦁ هدف التيار: إعادة الوحدة على أسس جديدة يوافق عليها عبد الناصر، ولم يرَ مانعًا من التساهل في شروط عبد الناصر في سبيل ذلك، وقد باشروا بالمفاوضة مع العناصر الوحدوية الناصرية من أعضاء البعث وحركة القوميين العرب من أجل تشكيل وزارة وحدوية يوافق عليها عبد الناصر، لتقوم بمفاوضات معه لإعادة الوحدة.
⦁ نهاية التيار: مع بروز تيار خامس أكثر قوة في أوساط الضباط السوريين القياديين وهو الاتجاه الذي كان يصر على الاحتفاظ بكيان سوريا، ويدعو إلى الوحدة العربية التي تحفظ لسوريا كرامتها وكيانها.
التيار الرابع ظهورًا وانتهاءً: (حركة القوميين العرب- الوحدة مع عبد الناصر دون قيد أو شرط)
⦁ أبرز مؤيديه: (الخماسي الناصري) المؤلف من علي بوظو وعبد الصمد الفتيح وراتب الحسامي ونهاد القاسم وعبد الوهاب حومد، ومعظمهم من القيادة السابقة لحزب الشعب ()
⦁ بداية التيار: كانت بعد حلّ الاتحاد القومي في 1 تشرين الأول/ أكتوبر.
⦁ هدف التيار: شكلت حركة القوميين العرب القوة الناصرية المنظمة الوحيدة على الساحة السياسية في سوريا وكانت على صلة بعبد الناصر والناصريين()، وقد عدّت الانفصال مؤامرة رجعية ونكبة للحركة العربية الثورية شبيهة بنكبة حرب 1948م().وبادرت صحف الحركة وبياناتها بالطلب إلى السلطة السورية البدء بالمباحثات لإعادة الوحدة، وباشرت بالتعاون مع بقية العناصر الناصرية من أجل تنظيم التظاهرات الجماهيرية التي كانت تطالب بإسقاط الانفصال، وإعادة الوحدة فورًا إلى سابق عهدها() من خلال استغلال وفرة العناصر الناصرية وسيطرتها على الشارع السوري().
⦁ نهاية التيار: قام ضباط الحركة الانفصالية منذ اليوم الثاني للانفصال بمداهمة مراكزها، وإغلاقها وبمصادرة وثائقها()
التيار الخامس ظهورًا والأقوى تأثيرًا: (وحدة تحفظ لسوريا كرامتها وكيانها)
⦁ أبرز مؤيديه: القائد العام للجيش والقوات المسلحة الفريق عبد الكريم زهر الدين()، واللواء نامق كمال، واللواء ميخائل ورد، وصبري السيد إلخ… وقد استطاع عناصر هذا التيار التخلص من معظم عناصر مجموعة النحلاوي()، وترحيلها من سوريا في 2 نيسان/ أبريل 1962م، والاتفاق من جديد مع ناظم القدسي().
⦁ بداية التيار: تشكل مع المجلس الأعلى للأمن القومي الذي تألف في أوائل كانون الأول/ ديسمبر 1961 وكانت أكثرية أعضائه من أعضاء القيادة العليا العسكرية للجيش.
⦁ هدف التيار: الاحتفاظ بكيان سوريا، ويدعو إلى الوحدة العربية التي تحفظ لسوريا كرامتها وكيانها، فقد جاء في الاتفاق أن على رئيس الجمهورية أن “يسعى إلى تحقيق وحدة عربية مع الأقطار العربية المتحررة، وفي طليعتها مصر على أسس صحيحة سليمة، تحفظ لسوريا العربية كرامتها وكيانها، على أن تعرض هذه الأسس في استفتاء شعبي حر، وعلى أن تتخذ الخطوات الإيجابية لتحقيق ذلك بالسرعة الممكنة ()”
خ- التيارات السياسية البعثية
التيار الانفصالي (الانفصال): أبرز مؤيديه: الحوراني والبيطار، ما يسوغ وجود توقيعهما على وثيقة الانفصال()، أيد هذا التيار الانفصال نظريًا وعمليًا من خلال المشاركة في الحكم منذ أيامه الأولى وحتى نهايته.
التيار القومي (الوحدة مع عبد الناصر أو من دون عبد الناصر): أيد الحوراني والبيطار في شيء وخالفهما في شيء آخر، فقد حمّل مسؤولية الانفصال “للحكم الإقليمي الفردي الذي طبقه الرئيس عبد الناصر في دولة الوحدة ()”، إلا أنه رفض تأييد الانفصال، وعدّه نكسة ومؤامرة رجعية إقليمية مدعومة من الاستعمار()، وحاول هذا التيار إنقاذ الوحدة رغم التقاطها أنفاسها الأخيرة()، فقد دعت قياداته في اجتماعها الأخير في آب/ أغسطس 1961م إلى العمل على إصلاح أخطاء الحكم الناصري في ظل الوحدة ومحاربة أية دعوة انفصالية()، حتى لو وصل الأمر إلى إعلان عبد الناصر استقالته، زاد هذا الطلب من غضب عبد الناصر، فصعد من هجومه وهجوم مؤيديه على البعثيين، متهمًا البعث بالتخلي عن الوحدة العربية وبالمساهمة في ضرب دولة الوحدة، والتعاون مع الانفصال(). هذه الاتهامات التي تمّ كيلها جزافًا ساهمت في تقليص جماهيرية حزب البعث في أوساط الشعب السوري آنذاك.
التيار القطري (الوحدة من دون عبد الناصر): رأى عناصر هذا التيار أن إحدى عوائق الوحدة مع مصر الطبيعة الفردية والديكتاتورية لعبد الناصر؛ لذلك كانوا لا يؤيدون الوحدة معه. تألف هذا التيار من القياديين البعثيين في النسق الثاني ومن القواعد الحزبية المثقفة، ممّن كانوا قد بدؤوا في أواخر الحكم الوحدوي عقد اجتماعات، غلبت عليها المسائل التنظيمية الحزبية فضلًا عن مناقشة الأوضاع التي وصلت إليها سوريا ودولة الوحدة والحزب. انقسم هذا التيار إلى ثلاثة اتجاهات:
⦁ اتجاه مال إلى تيار الحوراني الانفصالي: كعيون السود وقنوت وعلي عدي، وهم الأغلبية.
⦁ اتجاه مال إلى التيار القومي: كنبيل شويري ووسيم سفرجلاني، وهم الأقلية
⦁ أما الأغلبية العظمى: فقد عدّت الانفصال واقعًا يجب استغلاله من حيث المباشرة فورًا في النضال من أجل” إزالة العوائق التي تعترض الوحدة من رجعية وإقليمية انفصالية ودكتاتورية ()”، وحمّلوا الحوراني وعفلق والبيطار قسمًا من مسؤولية الانفصال، لتسرعهم في تسليم سوريا من دون ضمانة إلى عبد الناصر المعروف بفرديته وديكتاتوريته، والمسؤولية الكاملة لتشتت الحزب وضياعه؛ لذلك فقد قررت عناصر هذا الاتجاه إعادة تنظيم الحزب من خلال استبعاد القيادات البعثية السابقة ().
التيار الناصري() (الوحدة مع عبد الناصر حصرًا): أبرز مؤيديه سامي صوفان وفايز إسماعيل وسامي الجندي وأديب النحوي، عدّ هذا التيار الانفصال مؤامرة اشترك فيها الاستعمار والرجعية، وطالب بإعادة الوحدة فورًا ومن دون قيد أو شرط، وهذا الجناح هو الذي سيشكل “حركة الوحدويين الاشتراكيين” فيما بعد(). آمن هذا التيار بأحقية عبد الناصر في زعامة الحركة القومية العربية، ودافع عن مواقفه، وتبنى خطه النضالي، ومبادئه الاشتراكية. ومن الجدير ذكره أن عناصر هذا التيار أرسلوا مذكرة إلى عبد الناصر تمّ الاتفاق عليها من خلال اجتماع حمص حزيران/ يونيو 1961م، شرحوا فيها أخطاء الحكم الوحدوي في سوريا، والأوضاع التي نتجت عن هذه الأخطاء، وخطورتها، والسبيل إلى حلها، لكن الانفصال حال دون إرسالها().

ثالثًا: خاتمة
لم يكن الانفصال هزيمة أنظمة وجيوش، بل كان هزيمة أيديولوجية قومية تقدمية، احتضنها وجدان سوري مفعم باليقين، لقد سقط البطل التراجيدي سقطته المدمرة، فكيف يمكن النهوض؟ عقب ذلك، نشأ مزاج سوري حاد مبطن بالمرارة ومسكون بالفجيعة، وساد الإحساس بالإحباط والعقم واللاجدوى. لكن اليأس البصير خيرٌ من الأمل الأعمى على حد تعبير أدونيس، إن هذا الواقع السياسي الفاجع الممتلئ بالكوابيس، كان الحاضن التاريخي لمرحلة ما بعد الوحدة، وعلى نحوٍ ما حار الناس واضطربوا بين يقين قديم تقوّض وبين أحلام تتزيّا بزي الأوهام، وازدادت الأمور تعقيدًا وسوءًا عندما حاول بعضهم تحويلنا إلى هوامش تاريخية ندور في فلك غيرنا. لا أزعم أن كل المشاريع الوحدوية العربية ستكون على هذه الشاكلة، فهذا زعمٌ يأباه الإنصاف والواقع، ولكنني أظن أن كثيرًا من العبث قد دخل مسار هذه الوحدة حتى انحرفت عن سبيلها انحرافًا شديدًا، فكأن هذه الوحدة السورية المصرية دينٌ إما أن تعتنقه وتدخل فيه دفعة واحدةً، وإمّا أن تنكره وتخرج منه دفعةً واحدةً!
وأخيرًا، نحن في أزمة شاملة مستحكمة تلف وجوه حياتنا جميعًا، نحن نعاني من أزمة انتماء، حتى المتحمسون للانتماء العربي يتحدثون عنه جمجمةً، فكأنهم يتحدثون عن شيء من مخلفات الماضي البعيد الذي تجاوزه الزمن!
فهل حقًّا تصدق فكرة الفوات التاريخي على العرب؟ هل حقًّا إن الشعوب التي لم تستطع بناء قومياتها في الماضي لن تستطيع بناءها الآن؟ إننا لا ننكر القومية العربية، لكننا نؤمن بها انطلاقًا من انتمائنا السوري لا من التنازل عن هذا الانتماء.
ما الحل إذًا؟ الحل أن نطالب بأيديولوجيا ثقافية قومية أكثر التصاقًا بواقعنا، فنحن اليوم نفتقد نقطة الارتكاز، أي نفتقد تحديد الانتماء الذي تستند إليه الأمة وتستضيء به، وما انهيار الهوية إلا إيذانٌ بانهيار الأمة؛ لذلك نحن في أمس الحاجة إلى ما يمكن أن يسمى بـ (الهوية الواقية) على حدّ تعبير العقاد.

فهرس المصادر والمراجع

⦁ إبراهيم الشريقي، الدكتاتورية والاستعمار، دار الجامعة، دمشق، 1962.
⦁ أكرم الحوراني، مذكرات أكرم الحوراني، دار زغلول، القاهرة، 1991م.
⦁ أكرم نور الدين الساطع، تاريخ ووثائق النصف الثاني من القرن العشرين (1950-2000) در النفائس، ط1، بيروت، 2008م.
⦁ جاك ماريتان؛ الفرد والدولة، ترجمة: عبد الله أمين، ومراجعة: د. صالح الشماع ود. قرياقوس موسيس، دار مكتبة الحياة، بيروت، طبعة 1962.
⦁ جرجي زيدان، العرب قبل الإسلام، دار الحياة، بيروت، الطبعة الأولى، د.ت.
⦁ جمال واكيم، صراع القوى الكبرى على سوريا، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الطبعة الثانية، 2013م.
⦁ حشاد عدلي، عطية عبد الجواد، سقوط الانفصال، سلسلة كتب قومية، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1968م.
⦁ خالد العظم، مذكرات خالد العظم، الدار المتحدة للنشر، بيروت، 2003م، المجلد الثاني والثالث.
⦁ خلدون الحصري ويوسف خوري، الوثائق العربية، دائرة الدراسات السياسية والإدارة العامة للجمعة الأمريكية، بيروت، 1971م.
⦁ خليل كلاس، أردناها وحدة، وأرادوها مراوغة، مطبعة الجمهورية، دمشق، 1962.
⦁ روجر باركنسن، موسوعة الحرب الحديثة، بيروت، 1986م.
⦁ رياض المالكي، ذكريات على درب الكفاح والهزيمة، مطبعة الثبات، دمشق، 1972م.
⦁ سامي جمعة، أوراق من دفتر الوطن، دار طلاس، دمشق،2000م.
⦁ سامي عصاصة، أسرار الانفصال، دار الشعب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1989م.
⦁ سليم بركات، الوحدة السورية المصرية، مطبعة الاتحاد، دمشق، 1996م.
⦁ سليم حسن، مصر القديمة، القاهرة، 1948م.
⦁ صلاح نصر، عبد الناصر وتجربة الوحدة، القاهرة، 1970م.
⦁ طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات، بغداد، 1973م.
⦁ عبد الكريم زهر الدين، (مذكراتي في فترة الانفصال في سوريا ما بين 28 أيلول/ سبتمبر و8 آذار/ مارس)، دمشق، الطبعة الأولى، 1965م.
⦁ عبد اللطيف البغدادي، مذكرات عبد اللطيف البغدادي، المكتب المصري الحديث، القاهرة، 1972م.
⦁ عبد الله الإمام، الناصرية، دار الشعب، القاهرة، 1971م.
⦁ عبد الله فكري الخاني، الدبلوماسية السورية في عقدين 1959-1980، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 2004م.
⦁ عبد الهادي البكار، صفحات مجهولة من تاريخ سوريا الحديث، دار الذاكرة، 2003م.
⦁ عفيف البرزة، الناصرية في جملة الاستعمار الحديث، وثائق الشكوى السورية، دمشق، آب، 1962.
⦁ فليب برو؛ علم الاجتماع السياسي، ترجمة: د. محمد عرب صاصيلا، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 1998م.
⦁ . الأمين كمال نادر، عقيدة الحزب السوري القومي الاجتماعي، منشورات عمدة الإذاعة، بيروت، 2017م.
⦁ محسن إبراهيم، الديمقراطية والثورة والتنظيم الشعبي، بيروت، منشورات حركة القوميين العرب، 1962م.
⦁ محمد حرب فرزان، الحياة الحزبية في سوريا دراسة تاريخية لنشوء الأحزاب السياسية وتطورها بن 1905-1955، منشورات دار الرواد، الطبعة الأولى، 1955.
⦁ محمد حسنين هيكل، سنوات الغليان، دار الشروق، القاهرة، 2004م.
⦁ محمد فاروق الإمام، الحياة السياسية في سوريا عهد الاستقلال، دار الإعلام، الطبعة الأولى، 2012م.
⦁ مصطفى دندشلي ويوسف جباعي، حزب البعث العربي الاشتراكي 1940-1963، الأيديولوجيا والتاريخ السياسي، صيدا، 1979م.
⦁ مصطفى طلاس، مرآة حياتي، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، 2002م، العقد الأول والثاني والثالث.
⦁ مطيع السمان، وطن وعسكر -قبل أن تدفن الحقيقة في التراب (مذكرات 28 أيلول/ سبتمبر 1961- 8 آذار/ مارس 1963)، بيسان، الطبعة الأولى، د.ت.
⦁ منصور سلطان الأطرش، الجيل المدان، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2008م.
⦁ منيف الرزاز، التجربة المرة، بيروت، 1967م.
⦁ نجاح محمد، الحركة القومية العربية في سوريا، ج1، دمشق، دار البعث.
⦁ هاشم عثمان، تاريخ سورية الحديث، دار رياض الريس للكتب والنشر، الطبعة الأولى، 2012م.
⦁ يحيى سليمان قسام، الموسوعة السورية الحديثة، دار نوبلس للنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 2005م.
مراجع أخرى
⦁ بقلم سياسي مطلع، مؤتمر شتورا، نهاية طاغية، دار الحياة، دمشق، د.ت.
⦁ عبد الناصر بدأ في دمشق وانتهى في شتورا، مطابع ألف باء، دمشق.
⦁ مجموعة من الرسائل المفتوحة الموقعة بقلم مطلع، السجل الأسود، السراج ومؤامرات الناصرية، دار الحياة، دمشق، د.ت، مؤتمر شتورا نهاية طاغية ….الغادري، الكتاب الأسود …رسائل مطلع مع وثائقها إلى عبد الناصر والسراج، لا مكان ولا تاريخ .
⦁ بيان عفيف البرزة المطبوع في دمشق في 14 حزيران/ يونيو 1962م.

مراجع أجنبية
⦁ Carl J .Friedrich and Charles Blitzer, The Age of Power, Ithaca ,New York: Cornell University Press.1957.
⦁ Prelot (Marcel) et Boulouis (Jean), Institions politiques et droit constitutionnel, Paris, Dalloz, 7 edition, 1978.
⦁ Mohammed Ayoob,Conflict and Intervention in the Third World, London, 1980
⦁ Khalil,Houssan El dawla:The Soviet foreigns policy towards Egypt 1955 (Ph.D.Howard Un Dept .Of political sc.1979)
⦁ Itamar RABINOVIH, Syria under the Baath 1963-1966.New York.1972.
⦁ Kamal Salibi, A History of Arabia,New York: Caravan.1980
⦁ SAAB,op,cit.p110
وثائق
⦁ وثائق الخارجية البريطانية _FO-371-158733-0025
⦁ وثائق الخارجية البريطانية _FO-371-158733-0001
⦁ وثائق الخارجية البريطانية _FO-371-157827-0001
⦁ وثائق الخارجية البريطانية _FO-371-157827-0012
⦁ وثائق الخارجية البريطانية _FO-371-157827-0005
⦁ وثائق الخارجية البريطانية _FO-371-158786-0085
⦁ أرشيف وزارة الخارجية التركية، كرتونة رقم 197/ ل
رسائل وأطروحات
⦁ عبد الله إبراهيم ناصف؛ مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدول الحديثة، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق بجامعة القاهرة، 1981م.

⦁ غسان عرنوس، مبدأ التلازم بين السلطة والمسؤولية في النظم السياسية المعاصرة بين النظرية والتطبيق، رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق في جامعة دمشق، 2012م.

أبحاث محكمة
⦁ حسن البحري؛ السلطة، بحث منشور في الموسوعة القانونية المتخصصة الصادرة عن هيئة الموسوعة العربية التابعة لرئاسة الجمهورية السورية، المجلد الرابع، دمشق، الطبعة الأولى، 2010م.
⦁ صلاح رشيد الصالحي، بابل وآشور ونادي القوى العظمى (العلاقات الدولية في عصر العمارنة)، مجلة آداب الفراهيدي، العدد الأول، كانون الأول/ ديسمبر، 2009، العدد الخاص بالمؤتمر الثالث.
⦁ عبد العزيز العجيزي، المؤامرة الانفصالية في باكستان الشرقية، السياسة الدولية، مجلة القاهرة، 1978م.
⦁ عبد المنعم المشاط، انعكاسات الحرب الأهلية في باكستان، السياسية الدولية، عدد 26، السنة السابعة، تشرين الأول/ أكتوبر، 1971م.

مقابلات
⦁ عبد الكريم النحلاوي في حواره مع الصحافي أحمد منصور في برنامجه (شاهد على العصر) في قناة الجزيرة.
⦁ حزب البعث في الطريق المسدود، حلقة 5 (الأحد، عدد 751، 15/ 8/ 1965م).
⦁ حزب البعث في الطريق المسدود، حلقة 6، الأحد عدد 752، 22/ 8/ 1965م.
⦁ مقابلة مع برمدا في 3/ 6/ 1976.
⦁ مقابلة مع بوظو في 26/ 4/ 1976م.
⦁ مقابلة مع أحمد إسماعيل (أحد الأعضاء المعروفين في الحزب الوطني ثم أصبح من قياديي الناصريين) في 3/ 5/ 1976م.
⦁ مقابلة مع سامي ضاحي في 24/ 4/ 1976م.
⦁ مقابلة مع فايز إسماعيل في 2/ 2/ 1977م، ومع حسن إسماعيل (أحد القياديين لمعروفين في حركة الوحدويين الاشتراكيين ثم في الاتحاد الاشتراكي) في 19/ 4/ 1976م.
⦁ مقابلة مع حومد في 28/ 12/ 1976م.
⦁ مقابلة مع عيون السود في 11/ 3/ 1977.
⦁ مقابلة مع قنوات في 13/ 2/ 1977م.
⦁ مقابلة مع الكوش (أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة الوحدويين الاشتراكيين) في 5/ 5/1976م.
⦁ مقابلة مع سامي صوفان (الأمين العام الأول لطليعة حركة الوحدويين الاشتراكيين) في 23/ 6/ 1976م.
حوارات صحفية
⦁ مصطفى الفقي، مقالة البعث وعبد الناصر، صحيفة الحياة، العدد21021 الصادر بتاريخ 11/4/ 2000م.
⦁ الحوار بين عبد الناصر وبعض قادة الانفصال في الأهرام، عدد 27530، 27 نيسان/ أبريل 1962م.
⦁ محاكمات المسؤولين عن الانفصال في الصحافة السورية في أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر 1963م.
⦁ مقابلة مع شريف الكوش. “حركة 16 تشرين الثاني/ نوفمبر التصحيحية وحزب الوحدويين الاشتراكيين”، مجلة الرأي، بيروت، عدد 27، تشرين الثاني/ نوفمبر 1976م.
⦁ الشام، عدد 18 و24/ 12/ 1962م.
⦁ الجريدة، عدد 26/ 12/1962.
⦁ الأهرام، عدد 11/ 6/ 1962م.
⦁ الحرية، أعداد تشرين الأول/ أكتوبر 1961 وحزيران/ يونيو 1962م وأيلول/ سبتمبر 1962م.
⦁ الصحافة السورية 4/ 11/ 1961.
⦁ الصحافة السورية، تاريخ 14/ 9/ 1962.
⦁ البيان في الصحافة السورية في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 1961م.
⦁ نشرة الصحافة العربية عدد 1349، 30/ 9/ 1961 – 30/ 10/ 1961.
⦁ مجلة آخر ساعة عدد آذار/ مارس 1988م.
نشرات حزبية
⦁ النشرة الداخلية الدورية، القيادة القومية، نيسان/ أبريل 1962م.
⦁ بيان القيادة العربية الثورية العليا للقوات المسلحة في نشرة (الصحافة العربية) عدد1349، 3-9/ 10/ 1961م.
⦁ إدارة الشؤون العامة والتوجيه المعنوي للجيش العربي السوري، حقيقة الثورة وأهدافها، 28 أيلول/ سبتمبر 1961م، ج1، دمشق، 1961م.
⦁ بيان البعث في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 1961.
⦁ نضال البعث: 6/11-14.
⦁ التعميم الداخلي في كانون الأول/ ديسمبر 1961.
⦁ بيان البعث في 14/ 10/ 1961م في الكفاح، عدد 110، 17/ 10/ 1960م.
⦁ نضال البعث: 6/ 15-19.

مواقع إلكترونية
⦁ من خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في 28 أيلول/ سبتمبر 1961م، موقع مكتبة الإسكندرية الإلكتروني.
⦁ موقع الجزيرة نت، برنامج شاهد على العصر، أحمد أبو صالح، الحلقة الخامسة، تاريخ 10/ 8/ 2003.
⦁ صحيفة الزمان http://www.azzaman.com/articies/2002/01/1-20/a99157.htm
⦁ بيان الرئيس جمال عبد الناصر في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر 1961م، موقع مكتبة الإسكندرية الإلكتروني.

مشاركة: