قراءة نقدية أولية في خطاب الإخوان المسلمين السوريين في زمن الربيع العربي

ملخص البحث
بات الإعلام، والخطاب الموجه من خلاله، أداة مهمة إن لم يشكل سلطة رابعة في العصر الحديث، خاصة مع تطور ثورة التقنية والمعلوماتية ووسائل الاتصال الاجتماعية. من هنا تبدو أهمية فحص الخطاب الإعلامي وأثره عملية مشروعة، وتكتسي أهمية خاصة عند فحص الخطاب الإعلامي للجماعات الإسلامية، في أخطر مرحلة تعيشها سورية سياسيًا والمنطقة برمتها.
سنعمل في هذا البحث على محاولة فحص وقراءة أداء فئة من المعارضة السورية بشقها الإسلامي، ممثلة بجماعة الإخوان المسلمين في سورية، ساعين لتحقيق أهداف عديدة من هذا البحث وهي:
أولًا: تصنيف الأداء الإعلامي للجماعة في سياق أحد أهداف الرسالة الإعلامية العامة وفق نظريات الإعلام.
ثانيًا: قياس مدى الانسجام بين الخطاب الإعلامي للجماعة والوقائع المتحركة على الأرض.
ثالثًا: يبرز هدف نقد الحالة الإعلامية الإخوانية بوصفه ذا صلة بإمكانية مراجعة خطاب المعارضة السورية في شقها الإخواني بعد عشر سنوات من عمر الثورة السورية.
وربما تبرز إشكالية البحث الرئيسة من أهدافه العامة، وهي الآتية: أين يتموضع خطاب جماعة الإخوان المسلمين السوريين في حيز النظريات الإعلامية؟ هل يقع ضمن إطار التأثير العاطفي؟ أم العقلاني؟ أم التخويفي؟
ويمكن للمنهج الوظيفي أن يمدنا بأدوات مساعدة في تتبع كل ذلك عبر التمييز بين ما هو معلن من وظائف تقوم بها الجماعة وما هو مضمر لديها، تحقيقًا لحلم لا يني يداعب مخيلة منظريها ومحازبيها ومناصريها وهو حلم الحاكمية وتطبيق شرع الله في الأرض خاصة عبر تتبع وتقصي ما تصرح به الجماعة وما يمكن أن تضمره من مشاريع ماضوية.
ولعل نظريات الإعلام تكون عاملًا مساعدًا بقوة لتحديد تموضع ذاك الخطاب الإخواني ضمن جملة خطابات المعارضة السورية؛ كما تمدّنا وسائل التواصل الاجتماعي بما تحويه من مواقع بآلية مساعدة في ملاحقة الخطاب الإخواني المنشور ودلالاته من أصوله وفروعه، ومردّ ذلك كما سنلاحظ لاحقًا ربما يكون غياب حركية التأليف لدى الجماعة، واعتمادها حاليًا على المواقع الالكترونية في الترويج لخطابها.
على أن نضيء على نتاج الجماعة الفكري الالكتروني في هذه السنوات العشر، ومدى قدرة أعضائها على الاجتهاد والتجديد من خلال ملاحقة ما يكتب وينشر على مدوناتهم ومواقعهم.
وربما وفق كل ذلك نحاول استخلاص جملة من النتائج التي تمخضت عن تلك القراءة، والتي تزودنا بمجموعة من المؤشرات التي لا تقصي أحدًا، بل تحاول الاقتراب منه يومًا ما نتمناه قريبًا، يوم سيجلس فيه السوريون في حوار مفتوح في محاولة إنقاذ مستقبلهم وليس ماضيهم الذي لن يعود.

الكلمات المفتاحية:
الإخوان . التجديد . الانتصار الميتافيزيقي . البارادوكس . التقية الانتقائية

مدخل
إذا تم الاتفاق على أن الإعلام اليوم أصبح وفق العبارة المتداولة سلاحًا يحاول به كل صاحب خطاب، أو مشروع، أن يشرح نفسه، أو يعبر عنها، أو يروج لها من جهة، ويوسع من دائرة تأثيره المباشر، وغير المباشر في البقية ممن لا يشاطرونه ربما المشروع نفسه، أو الخطاب، أو الأيديولوجيا عمومًا، وإذا أضفنا الأدوار المهمة التي أدتها وسائل الإعلام التقليدية، ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في العصر الحديث من تغييرات طالت بمخالبها مجتمعات، ودولًا، وأنظمة سياسية بأكملها، أقول إذا تم الاتفاق على كل ذلك، ربما تبدو عملية فحص الخطاب الإعلامي للجماعات السياسية عملية مشروعة من جهة، وضرورية من جهة ثانية، فكيف والأمر يتعلق بواحدة من أعقد وأخطر الأزمات التي عاشها شعب في حقبة ما بعد الحربين الكونيتين الأولى والثانية، وأقصد الحالة السورية التي باتت تشكل أزمة ليس لعموم السوريين فحسب بل وللمنطقة والعالم من دون مبالغة.
بداية، تعد جماعة الإخوان المسلمين السورية امتدادًا طبيعيًا للحالة الأم المصرية التي تأسست على يد حسن البنا في العام 1928، والتي بدأت توسع نشاطها انطلاقًا من محافظة الإسماعيلية المصرية إلى كامل الجغرافية المصرية، وخصوصًا الجامعات حيث نشط البنا ورفاقه بشكل كبير.
وفي العام 1933 توجه ابن مدينة حمص السورية مصطفى السباعي إلى مصر للدراسة الجامعية في الأزهر، مشاركًا إخوانه في النشاط السياسي في التظاهرات ضد الاحتلال البريطاني عام 1941 متعرفًا على حسن البنا الذي ربطته به علاقة وثيقة حتى بعد أن عاد إلى سورية، حيث تمت دعوة جمعيات إسلامية عديدة في المحافظات السورية عام 1942 بحضور ممثل عن الجماعة الأم المصرية وهو سعيد رمضان ليتم بعد ذلك في العام 1945 الإعلان عن تأسيس الجماعة في سورية، ويعين مصطفى السباعي أول مراقب عام للإخوان المسلمين في سورية.
الإخوان المسلمون الذين دخلوا البرلمان السوري ممثلين بشخص الدكتور السباعي، لم يطل حراكهم السياسي بعد ذلك طويلًا، ولا سيّما بعد انقلاب البعث في العام 1963، فخاضوا صراعًا مع السلطة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين وصولًا إلى العام 1980 عندما صدر القانون 49 القاضي بحظر الجماعة، والحكم حتى على المشتبه فيه بالانتماء إليها بالإعدام.
وقد مهد لهذا القرار طبعًا جولات من أحداث العنف التي تبنتها الجماعة بعد انقسامها إلى تيارين، أحدهما دعوي، والآخر يريد الدخول في معترك السياسة، بل وجناح عسكري وطليعة مقاتلة قادها آنذاك مروان حديد ومجموعة من الشخصيات الإخوانية، إلى أن كان الهجوم الساحق الذي شنه النظام بواسطة سرايا الدفاع وقطعات عسكرية أخرى على مدينة حماه الذي أدى إلى هدم المدينة فوق رؤوس ساكنيها، فكانت ضربة قصمت ظهر الجماعة التي نُفي بعض قادتها، وسُجن بعضهم الآخر، وأعدم وقتل القسم المتبقي.
ومع اندلاع الثورة السورية، أسوة بشقيقاتها من الدول العربية التي انتفض أهلها في وجه أنظمة الاستبداد التي حكمتهم خلال العقود الخمسة الأخيرة بقبضة أمنية، ودوائر فساد اقتصادية، وسلطات اجتماعية من فصائل ما قبل الدولة، وهيئات دينية على صورتها ومثالها، تفتق كل ذلك على شكل ثورات الربيع العربي التي جابت العواصم بمدنها وأريافها، واستطاعت بشكل متفاوت إحداث تغيير حقيقي ولو منقوص في تلك الأنظمة. وسورية في كل تلك المعمعة لم تكن استثناء..
من هذا الباب، ومع تعقد الحالة السورية بدءًا من تظاهراتها السلمية إلى مرحلة التسلح مع تشكيل الجيش الحر، مرورًا بتشكيل الفصائل ذات الصبغة الإسلامية، إلى أخواتها المتطرفات كتنظيمي داعش والنصرة، وتدخّل الفصائل الشيعية من خارج الحدود على مراحل بدءًا من عام 2011، وصولًا إلى التدخل الروسي عام 2015 الذي أحدث فارقًا نوعيًا في مسألة السيطرة الميدانية لمصلحة النظام. كل ذلك ترافق سياسيًا مع تأليف عديد الكيانات التي حاولت مجاراة الواقع الميداني لتكون معبرة عن الطرف المعارض الأضعف، فمن المجلس الوطني إلى الائتلاف إلى هيئة التفاوض إلى اللجنة الدستورية، كان الشعب السوري يرزح منتظرًا تحت نافذة الانتظار، والترقب، والتعويل على تلك الكيانات، علها تمثله، وتنتصر لقضيته وعلى تعدد الأطياف المشاركة في كل تلك الكيانات من يساريين، وعلمانيين، ومستقلين، وإسلاميين وممثلين للمجتمع المدني.
أولًا: التجديد تحت خط الفقر
ربما كانت معضلة الفكر الإسلامي في كثير من توجهاته الدعوية أكانت أم السياسية، تكمن في عدم قدرة هذا الفكر على تجديد نفسه، والانسجام مع معطيات الحداثة، وعندما أقول الحداثة لا أعني بذلك وضعية العالم العربي عمومًا، وسورية من ضمنه، والذي نعلم جميعًا أنه يقع وللأسف الشديد خارج تلك المنظومة بأبعادها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، بل أعني ودون مواربة جملة القيم الإنسانية التي يراعي الدين الإسلامي أغلبها وفق كثير من المجددين المكروهين من الجماعة وأخواتها، تلك القيم التي أضحت دعائم راسخة للدولة العصرية، التي على الرغم مما يشوبها من نقائص، إلا أنها تلبي مساحة واسعة من الحقوق الفردية، وتراعي التنوع والاختلاف، دون إقصاء لباقي الآراء، وكل ذلك يتم تكريسه في ظل مواد دستورية واضحة، وناظمة لكل تلك الحقوق والمكتسبات، وقوانين تحمي وتظلل نفسها بتلك المواد الدستورية، ولا تجرؤ على الانتقاص منها، أو نقضها وفق أمزجة فردية، أو حتى توجهات يسارية كانت، أم يمينية في ظل الدول الديمقراطية.
تلك المعضلة تلقي بظلالها دائمًا في حالة الدول التي لم تنجز بعد استحقاقاتها التاريخية التي تعاني معاناة مضاعفة ليس لموقعها الاستراتيجي والغني بالثروات فقط، بل لناحية خيارات أهلها فيما يتعلق بأنظمة الحكم القائمة فيها، فتلك الدول التي خضعت ولفترة طويلة ومظلمة لحقبة الاستعمار بأشكاله المختلفة بين وصاية، وانتداب، واحتلال مباشر وجدت نفسها بعد الاستقلال عن كل تلك القوى الخارجية ولأسباب تاريخية، داخلية، وخارجية محكومة بأنظمة عسكرية أرادت صناعة الناس على صورتها ومثالها، ومنها سورية التي ما إن نالت استقلالها عام 1946، حتى وقعت في براثن الانقلابات العسكرية منذ العام 1949 مرورا بالتجربة الوحدوية الفاشلة مع مصر التي انفصلت عراها عام 1961، التجربة التي فتحت المجال واسعًا للقبضة الأمنية ممثلة بالمكتب الثاني للقضاء على حالة التنوع المشرقي، وصولًا إلى العام 1970 الذي كرس سلطة الفرد الحاكم فيما عرف بـ ( الحركة التصحيحية).
وفي كل تلك المعمعة كانت الحركات الإسلامية تدفع أثمانًا باهظة وفقًا للمسارات التي اتخذتها في عموم الوطن العربي وسورية على وجه التحديد، واستمر هذا الأمر حتى وصلنا إلى ثورات الربيع العربي التي انفجرت في وجه حالة لا تاريخية، وشاذة في منطق العصر مثلتها كل تلك الأنظمة الشمولية.
وأخذت الجماعات السياسية التي اضطهدت في سياق تلك الأنظمة تفصح عن نفسها، مرة عبر امتطاء تلك الثورات، ومرة عبر وجود فعلي وغير منكر في ساحات كثيرة، ومن ثمّ بدأت تعمل على كل الجبهات للترويج لبضاعتها الفكرية والسياسية، ومنها بالطبع جماعة الإخوان المسلمين في سورية.
ملاحظة أولية
إن من يتابع الأداء الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، ربما سيتوقف عند جملة من النقاط التي يجب التنبه لها، وقراءة دلالاتها في محاولة الإجابة عن أسئلة البحث الرئيسة، ومن الملاحظات الأولية التي يمكن تسجيلها في هذا المجال، هي غياب الجهد الفكري الممثل بالتنظير لدى الجماعة السورية، فقد كان المؤسِّسون الأوائل غزيري الإنتاج كالدكتور مصطفى السباعي وخريج السوربون محمد المبارك، ويقدم الجدول التالي استعراضًا لبعض العناوين التي كتبها المؤسِّسون.

جدول (1): بعض من عناوين كتب المؤسسين في جماعة الإخوان المسلمين
الحقل المؤلف عنوان الكتاب
سياسي مصطفى السباعي الاشتراكية والإسلام
سياسي مصطفى السباعي نظام السلم والحرب في الإسلام
سياسي مصطفى السباعي الدين والدولة في الإسلام
تشريعي مصطفى السباعي الأحوال الشخصية
تشريعي مصطفى السباعي المرأة بين الفقه والقانون
تشريعي مصطفى السباعي المرونة والتطور في التشريع الإسلامي
سياسي محمد المبارك الأمة العربية في معركة تحقيق الذات
سياسي محمد المبارك المجتمع الإسلامي المعاصر
اجتماع محمد المبارك نحو صيغة إسلامية لعلم الاجتماع
سياسي محمد المبارك الأمة والعوامل المكونة لها

ويكاد موقف الجماعة يتضح في فكر مؤسِّسها في سورية مصطفى السباعي خاصة في ما يتصل بالعلاقة بين الدين والدولة من خلال كتابه “الدين والدولة في الإسلام” الذي يجري فيه عرضًا حصيفا للعلاقة بين الدين والدولة في كل من اليهودية والمسيحية ثم الإسلام، ليخلص إلى أن الحالة الإسلامية:

  • عقيدة تحرر العقل وتدعو إلى العلم.
  • عبادة تسمو بالروح وتؤدي إلى القوة.
  • خلق ينمي الشخصية ويحمل على التعاون.
  • قانون يحقق المصالح ويضمن العدالة.
    ليخلص في نهاية الكتاب بعد تبيان حالة عدم الانفصال بين الدين والدولة إلى العبارة الأخيرة في الكتاب التي تحكم أيديولوجيا الجماعة، يقول:
    “اللهم إنا نشهدك بأنا على صراطك المستقيم، وسنظل نعلن مدى الحياة ما أعلنته في شرعك الخالد، الإسلام دين ودولة”.
    وهنا لا بدّ أن نسجل ملاحظة دقيقة من الدكتور طيب تيزيني تعليقًا على أصل تلك الفكرة حين يلاحظ أن التكلم عن فكر ديني (سياسي) سوف يعني أن الدين سُيِّس وأُدخل عالم السياسة قسرًا، ولما كانت هذه الأخيرة متغيرة في الزمان والمكان، وتقوم على مفهوم المصالح البشرية المتحولة، فإنه سيغدو قولًا لا يتوافق مع المفهومين الإسلاميين، الشورى والبيعة.
    نجد أن الجماعة بعد ذلك قد توقف نتاجها الفكري. وإن حدث التجديد من خارج المنظومة الإخوانية فدائمًا ما يتهم صاحبها بالابتداع، والخروج عن الأصول، فعلى سبيل المثال لا الحصر انصبت جهود الدكتور محمد شحرور في مشروعه الفكري على ذلك، وكان له وجهة نظر في عموم المشروع الإخواني أي الحاكمية، وبدلًا من أن تكون مهمة الدولة تطبيق الإسلام، طرح شحرور القيم الإسلامية على أنها مرجعية أخلاقية للدولة، كاستبدال المادة المتداولة دستوريًا أي (الإسلام دين الدولة)، العبارة التي تحمل كثيرًا من المغالطات.
    فميزة التنزيل الحكيم وفق شحرور هي ثبات النص وحركة المحتوى، وبالتالي فإن أطروحة الدولة الإسلامية تحمل مفهومًا تاريخيًا مغلوطًا وغير قابل للتطبيق.
    ونظرًا إلى غياب الاجتهاد لدى الجماعة، توجه معظم كتابها لنشر المقالات على المواقع الالكترونية ولا سيما بعد تأسيس موقعهم الرسمي على الإنترنت، والذي سنستقي منه مقالات كتابه لتكون دلالات على ما نحن بصدده من أسئلة.
    فلنحاول الاقتراب أكثر من محاولة إجابتنا عن أسئلة البحث عبر تقصي ما يكتبه كتاب الجماعة بعد مضي عشر سنوات على الثورة السورية، والفشل الذي منيت به قوى المعارضة بشكل عام في تحقيق أهداف الثورة لعوامل عديدة لسنا بصددها الآن، لكن كيف ينظر الإخوان اليوم إلى الثورة بعد هذه السنوات العجاف ولا سيّما مع التجربة الإخوانية المصرية التي فشلت أو أفشلت في تموز/ يوليو من العام 2013، والتي كان أحد تجلياتها تراجع الآلة الإعلامية للإخوان المصريين، ونقل أذرعها الإعلامية إلى تركيا، وقد تذرعت الجماعة بالصعوبات المالية التي تعانيها ولا سيما مع انعدام القدرة على جذب الإعلانات، ما أدى إلى إغلاق كثير من المؤسسات الإعلامية التابعة لهم.
    والمدقِّق في الباب الذي تعمل به آلة الإخوان السوريين الإعلامية، سيجد فيها مجموعة من السمات، ولا سيّما أن الجماعة ليست غافلة عن دور الإعلام في عملية المناصرة، ولكن كيف؟ أو بمعنى آخر إذا علمنا أن أسلوب الاستمالات المستخدمة في الرسائل الإقناعية في نظريات الإعلام التي يمكن أن تتوزع بين:
  • الاستمالة العاطفية بما فيها من أساليب لغوية، وشعارات، ورموز، ودلالات ألفاظ، وعرضٍ للرأي على أنه حقيقة.
  • الاستمالات العقلانية: التي تعتمد الحجج والشواهد المنطقية وتفنيد الآراء المضادة.
  • استمالات التخويف: التي تعتمد تنشيط العواطف، مثل إثارة خوف الناس بهدف استمالتهم.
    أقول إذا علمنا ذلك، ربما سيساعدنا في معرفة الفلك الذي يدور فيه إعلام الإخوان المسلمين في سورية لناحية الأداء.
    ثانيًا: المواطنة في الفهم الإخواني
    في مقالة بعنوان “الذكرى العاشرة للثورة المباركة، استراتيجية المواطن الفرد لا يملك غير نفسه وإرادته”،
    يفاجأ القارئ المتحفز بحديث الكاتب الإخواني عن مفردات من قبيل المواطن، الفرد، الإرادة ويتشكل لديه أمل بتغيير ما يطال الخطاب الإخواني، باتجاه إعطاء المواطن الفرد الحر ذي الإرادة المستقلة مكانه الطبيعي في صناعة العقد الاجتماعي المقبل للسوريين المسحوقين داخلًا، وخارجًا وكل ذلك وفق استراتيجية ما. لكن قارئ المقالة سيصدم منذ البداية عبر توصيف الكاتب لعودة المواطن إلى نفسه لنبذ طرفي الاستبداد ولعبة الأمم ليقول المواطن على لسان الكاتب طبعا:
    “نجدِّد العهد مع الله فنظل ننادي كما نادى الشهداء والأطهار: هي لله هي لله”.
    وهنا نبدأ بتلمس محاولة التأثير العاطفي للخطاب، بإلباسه الشعور الديني الحميم، الأمر الذي يبدأ بإعطائنا مؤشرات حول النمط الإعلامي للجماعة، وربما يوضح التناقضات بين ما تقوله الجماعة من مفاهيم، ومصطلحات، وشعارات، والقيد الأيديولوجي الذي تحاول الجماعة شدنا إليه، متناسية أن الثورة في بداياتها لم تطرح هذه الشعارات، كما أن هذا الشعار لا يمكن أن يبني تعاقدًا ينقذ من تبقى من السوريين، وينسجم مع توجهات اللاعبين الدوليين الذين يعانون الإسلاموفوبيا.
    وفي مكان آخر يحضر اعتراف صريح بعدم قدرة الجماعة، ووصولها إلى طريق مسدود في كيفية التأقلم مع الواقع وثبيت معالم مشروعها، خاصة في ظل حرب شرسة تستهدف وجود الجماعة فكرًا وتنظيمًا.
    لكن في الوقت نفسه يسبغ الكاتب صفة الشرعية التمثيلية، والأحقية، والتأهيل على الجماعة على أنها بديل من الاستبداد السياسي التي عاشته سورية، ويظهر في هذا السياق الجانبان الجهادي والعسكري في غياب تام لفكرة المشروع الوطني عبر القول:
    “إن الجماعة بتاريخها الجهادي، والعسكري ضد النظام في ثورة الثمانينيات، كانت هي الطرف المؤهل الذي يحق له المشاركة بفاعلية في هذا المجال دون تردد أو خوف”.
    وبالتالي، فإن فكرة المواطنة، وإن نطق بها الإخوان لفظًا، فإن وراء اللفظة ما وراءها من أفكار لا تستقيم مع منطق العصر، وحركية الواقع وما آلت إليه الدولة الحديثة من منجزات يشعر معها مواطنوها بمساواتهم أمام قانون عادل لا يميز بينهم وفق أي معيار، لكن المشكلة لدى الإخوان تكمن في ترجمة بعض المفاهيم إلى الواقع المعاصر الذي لم يعد فيه الدين هو أساس الجماعة السياسية، ففي المجتمعات المعاصرة توجد أقليات غير مسلمة في الدول الإسلامية مثلما توجد أقليات مسلمة خارجها.
    وفي سياق آخر، وفي غمرة احتفال من تبقى من السوريين بذكرى الثورة، يطالعنا عنوان” ثورة حرية وكرامة ونبع صمود وبطولة”، وضمن حديث كاتب المقالة عن التغير الديموغرافي، وهنا المفارقة لدى الإخوان يتم استبدال الفكرة الوطنية بما قبلها دائمًا، يقول الكاتب:
    “فهم أي عصابات الحكم، يغتصبون أرض الوطن وعقاراته من أصحابها السنة ليملكوها للغرباء من الروافض الصائلين على سورية بالموت والدمار وخرافات المطبرين المجوسية والغنوصية”.
    هنا أيضا، تتوضح الاستمالة العاطفية لخطاب الإخوان عبر (الشعارات، والأساليب اللغوية) لتمرير رسالتهم. ويتابع الكاتب مقالته حتى النهاية مستشهدًا بشاعر لم يسمه طبعًا في تعزيز لفكرته حول المتواطئين مع عملية التغيير الديموغرافي في سورية، ناقلًا عن الشاعر المجهول ما خلاصته:
    ” شبران ولا تطلب أكثر
    لا تحلم في وطن أكبر
    هذا يكفي
    فالشرطة في الشبر الأيمن
    والمسلخ في الشبر الأيسر
    قالت خيبر:
    إنا أعطيناك المخفر
    فتفرغ للثورة وانحر”
    مرة أخرى يعود خطاب العنف إلى فكر الإخوان بعد المذبحة السورية الكبيرة، وكأن كاتب المقالة لم يسمع بأن من يطالبه بالتفرغ للثورة إما قتل، أو هجر، أو سجن، أو غيب، أو ينتظر على طوابير الوطن المفتت ربطة خبز.
    ثالثًا: في أبعاد الانتصار الميتافيزيقي
    “بموازين السماء لا الأرض ستنتصر الثورة السورية”، هذا العنوان يطالعنا على موقع الإخوان أيضًا، حيث تظهر النبرة الغيبية في مواضيع أرضية، سياسية، اجتماعية، عسكرية حد الثمالة، وكأن لدى الإخوان خطابين، كلاهما مفارق، الأول أيديولوجي ثابت ينضح من التراث ما يخدم قضاياه الراهنة، والآخر أيديولوجي استثماري يريد عرض بضاعته الفكرية والترويج لها، ولكن بأسلوب مفارق للواقع الشديد التكثيف والتنوع أيضًا، وهنا يتم دائما تفضيل الأيديولوجيا الأولى على الثانية، فالإخوان الذين هزئوا بمقولة النصر الإلهي الذي تلت حرب تموز في لبنان 2006، والتي وردت على لسان زعيم ميليشيا حزب الله اللبناني حسن نصرالله عادوا لتكرار الثيمة نفسها بالاعتماد على الغيب لتحقيق انتصاراتهم المزعومة.
    “لقد أخبرنا القرآن العظيم أنه حين استيقظ الإيمان في نفوس بني إسرائيل، وانتفضت العقيدة في قلوبهم، طلبوا من نبيهم أن يجعل لهم ملكًا يقودهم لمواجهة أعدائهم بعد أن ضاع ملكهم، وذلوا لعدوهم الذي استباح أرواحهم وأبناءهم وأموالهم وأعراضهم”.
    مرةً أخرى يعود خطاب الإخوان إلى الإيمان كرافعة لتحقيق “الانتصارات”، في عالم يكاد يتلاعب تقنيًا بأدمغة البشر، ويسيرهم بذكائه الصناعي، وهذا ما يقع ضمن خانة المفارقة.
    وهذا يعطينا مؤشرًا إضافيًا على حالة التبني الواضح للنموذج العاطفي في خطاب الإخوان، الذي يحاول استمالة الناس عن طريق النص الديني بوصفه محركًا فاعلًا لعواطف الناس، ومشاعرهم، والدليل الأكبر على تهافت هذا الخطاب، هو ميل الفئة نفسها أي القيادات السياسية التي ورثت بني إسرائيل اليوم إلى تعزيز الصيغة اليمينية ذاتها في التفكير المستثمرة للشعارات والرموز و الخطاب العاطفي الشعبي وتبني خطاب مغلق في دفاعها عن فكرتها، ما يعزز الفرضية الأساسية للبحث التي تفترض اعتماد التيار الديني ممثلًا بجماعة الإخوان على هذه الآلية في التعاطي مع المستجدات.
    رابعًا: في خطاب الخلود
    قد تختلف الأيديولوجيات من حيث الطروحات، وهذا أمر وارد تبعًا للمعين الفكري والتاريخي الذي تنضح منه كل أيديولوجيا جملة مفاهيمها، ومصطلحاتها، لكن تشابه أيديولوجية دينية مثل أيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين مع أيديولوجيات أخرى، تعرِّف نفسها بأنها “علمانية”، مثل أيديولوجية البعث والأيديولوجية الشيوعية، يشير إلى التشابه بينها على مستوى التفكير والخطاب أيضًا.
    كثيرًا ما اعترضت الجماعة، مثل غيرها من القوى السياسية، على مصطلح “الخالد” الذي كان لصيقًا بشخص الرئيس حافظ الأسد بعد وفاته على أنه تكريس مباشر للحضور الطاغي والمكرس لعبادة الفرد، وإذ بالإخوان وبعد كل ذلك الاعتراض، يروجون للشعار الذي يمثل كفرًا بالنسبة إلى معظمهم، عبر تكريس نموذج جديد للخلود ممثلًا بشخصية المؤسِّس الأول للجماعة، حسن البنا، الذي استدعاه أحد كتاب الإخوان من قبره، ليسبغ عليه صفة الخلود، يقول:
    “وحسن البنا، هو أحد هؤلاء الخالدين، بنى دعوة منظمة، وأنشأ جيلًا من المسلمين متميزًا بالتفاني، والتضحية في سبيل الله تعالى”.
    خامسًا: البارادوكس الإخوانية مرة ثانية
    “بعض الناس يظن أننا عندما نقوِّم آستانا نقوِّم الدور التركي في سورية وهذا خطأ مبين، الدولة التركية دولة ذات سيادة تمتلك أولوياتها، ومصالحها، وإمكاناتها، وعلينا أن نحترم كل ذلك”
    هنا تبدو النظرية البنائية الوظيفية مهمة جدًا على سبيل التفكير والتمحيص والنقد لذاك الفكر الإخواني الاستنسابي، ففي المعلن من الخطاب تبدو مفردات من قبيل (سيادة، مصالح، إمكانات) حاضرة في الخطاب الإخواني، لكن في المقابل لا تحضر هذه المفردات لدى الحديث عن الطرف الذي يفترض أن يكون مناوئا للإخوان “صفوية، رافضة، مجوسية، غنوصية، مطبرين”، كل ذلك لمصلحة وظيفة مضمرة وهي التماهي مع الحالة الأردوغانية الإخوانية.
    ولعل المفارقة تتوضح أكثر مع الاطلاع على النظام الداخلي للجماعة، حيث تتبنى الجماعة داخليًا فصل السلطات الثلاث، التشريعية ممثلة لديهم بمجلس الشورى، والتنفيذية ممثلة بالمكتب التنفيذي الذي تحول لاحقًا إلى (القيادة)، والقضائية ممثلة بالمحكمة العليا التي يعينها مجلس الشورى، وبالمحاكم المحلية ومهمتها البت بقانونية القرارات، والفصل في خصومات الصف الأول كالمراقب العام، وأعضاء القيادة، ومجلس الشورى.
    وكان قد سبقه في عهد الجماعة وميثاقها المنشور على موقعها الرسمي، في بنده السابع، ما يلي:
    “دولة تحترم المؤسسات وتقوم بفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية”.
    والسؤال أي منهما لدى الإخوان هو المشروع الأساس، هل هي المحاكم الدينية المستندة إلى الشرع فحسب؟ أم هناك هامش للقوانين الوضعية في فكر الجماعة؟
    ومن جهة ثانية، أيهما ستختار الجماعة في مشروعها السياسي، مجلس الشورى؟ أم البرلمان الذي يحمل الطابع التمثيلي المتنوع لبلد متنوع بالأصل كسورية؟
    ومن جهة ثالثة، من سيكون مرجعية السلطة التنفيذية لدى الجماعة، هل هو النظام الرئاسي، أم النظام البرلماني؟ أم قيادة الجماعة؟
    هل نحن أمام منطق وفق الصيغة اللبنانية المكرسة وفق التوجيهات الإلهية للولي الفقيه، ممثلة بميليشيا حزب الله، أي دولة ومؤسسات داخل الدولة؟
    وفي استحضار للتجربة المصرية في حكم الإخوان يبدو أن القناع الذي ارتداه الإخوان للوصول إلى الحكم لم يسفر إلا عن خيبة أمل كبيرة، فحين تقلد الإخوان الحكم في مصر عام 2012، توهم كثيرون أنهم ذاهبون نحو التنصل التدريجي من معاهدة كامب ديفيد، ولكنهم فعلو العكس حتى إن الرئيس الراحل محمد مرسي لم يتورع عن مخاطبة شمعون بيريز، رئيس الكيان الإسرائيلي، بعبارة: صديقك الوفي محمد مرسي.
    سادسًا: التقية الانتقائية
    ثمة سؤال يمكن أن يكون حاضرًا في البال لدى فحص الحالة الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين في سورية وفحواه هو التالي:
    لماذا لا تحضر الفئات كلها في الخطاب الإعلامي لجماعة الإخوان انسجامًا مع زعمها بـ “التعددية”، ذلك أنه وباستثناء الحالة الكردية حالةً قومية، لا يتم التطرق أبدًا وفق الموقع الرسمي للإخوان، ولو تلميحًا، إلى بقية مكونات الشعب السوري وموقف الجماعة الصريح منها بما فيها ” الطائفة الحاكمة”.
    فعندما يطالعنا أحد كتاب الإخوان بعبارة تخفي ما تخفيه من التباس في فهم المواطنة المتساوية بوصفها مفهوم عصري حين يقول:
    “لا ينبغي للمسلم أن يصطنع خطابًا يعبر عن هزيمة نفسية أمام إعلام الأقوياء”.
    وحتى حين يوجه الخطاب إلى غير المسلمين برأي الكاتب الإخواني، فإنه يجب الحذر من الانجرار إلى معركة مع فصيل إسلامي آخر، فإن أي معركة بين مسلم ومسلم إنما يبتهج لها غير المسلم.
    “وهنا يجب أن نسجل وللتاريخ حالة الحبور التي سادت بين المسيحيين السوريين لدى مشاهدتهم تلك المناظرة الشهيرة التي دارت بين الدكتور طيب تيزيني، والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، بل وسنسجل شماتة كل المكونات الباقية بتلك المناظرة الراقية”.
    إلا أن كاتب المقالة لا يكتفي بموضوعة الخلاف الداخلي بين أبناء الطائفة الواحدة، بل يوسع دائرته وبرؤية ضحلة جدًا بالمعنى الوطني للكلمة ليقول:
    “في خطابنا للآخر العلماني، وغير المسلم، ليس مطلوبًا منا ولا مقبولًا، أن يكون فحوى هذا الخطاب فوق أنه مغاير للحقيقة إنما يدفع الآخر ليقول لنا: ما دام الأمر كما تقولون فتعالوا أنتم لتكونوا مثلنا”
    هنا يجب التوقف عند وجهة النظر هذه التي تضرب بالتنوع والاختلاف مرة أخرى عرض الحائط، وهما الميزتان العضويتان للمجتمع السوري، بل وفي ثنايا ذلك الخطاب إنما نلمح دسيسة ما لما يريده ممثلو التيار الإسلامي انسجامًا مع أيديولوجيتهم المغلقة والمنتهية، والمفارقة لما كانت عليه سورية من نهج وطني تمثل ربما أحسن تمثيل بشخصية وطنية جامعة كفارس الخوري الذي قال عنه الشيخ علي الطنطاوي “كانت رئاسته عجبًا من العجب، وكان الوافدون على دمشق لا يريدون إذا رأوا جامع بني أمية الكبير، والربوة، وقاسيون، إلا أن يروه على منصة الرئاسة، كان النواب بين يديه كالتلاميذ، بل إن أكثرهم كانوا تلاميذه فعلًا، وكان يصرفهم تصريفًا لا يوصف.”
    حتى في موضوع العابثين، وليس اللاعبين في الشأن السوري، طبعًا هنا العبث يأخذ مغزى المصلحة دائما وفق علم السياسة، فالحالة الانتقائية حاضرة بقوة، وينظمها البعد الطائفي معيارًا لمعرفة العدو والصديق، ففي ذلك يقول المراقب العام للجماعة: “مصالح تركيا ومصالح الثورة السورية قد تقاطعت، عندما تحارب تركيا في سورية فإنها تحارب من أجل أمنها القومي”.
    والمتابع لمقالات الرأي المنشورة على موقع الجماعة الرسمي، ربما سيتوقف عند جملة من الملاحظات ذات الدلالة التي سنفرد لها حيزًا بعد أخذ عينة من تلك المقالات وقد آثرنا أن تكون من جملة المقالات الأخيرة كي تتوضح لدينا محاولة الإجابة عن سؤالنا الإشكالي في هذا البحث، وتساعدنا أكثر وأكثر في تحديد الفلك الإعلامي الذي يدور فيه الخطاب الإخواني، والعينة المنتقاة في الجدول أدناه تغطي ما نشر على مدى ستة أشهر على الموقع بشكل تنازلي من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2020 إلى حزيران/ يونيو 2020.

جدول (2): مقالات الرأي المنشورة على موقع الجماعة الرسمي
الكاتب على الموقع تاريخ النشر عنوان المقالة
زهير سالم 10 نوفمبر 2020 بغيا بينهم
زهير سالم 10 نوفمبر إيران تعزز نفوها في سوريا
محمد عادل فارس 10 نوفمبر 2020 تطوير الخطاب الإعلامي
المحرر 4 نوفمبر 2020 معالم دعوية هامة
المحرر 4 نوفمبر 2020 جويرية بنت الحارث
محمد عادل فارس 4 نوفمبر 2020 دلائل الحب في الله
محمد بسام يوسف 31 أكتوبر 2020 وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
محمد بسام يوسف 28 أكتوبر 2020 فداك قلبي يا رسول الله
إخوان سورية 23 أكتوبر 2020 تجمعنا معاداة الظالمين مع المخالف في المنهج
المحرر 19 أكتوبر 2020 زينب بنت جحش الأسدية
المحرر 14 أكتوبر 2020 أم سلمة هند بنت أبي أمية
المحرر 4 أكتوبر 2020 حفصة بنت عمر بن الخطاب
محمد عادل فارس 4اكتوبر2020 عندما يضعف أثر الإيمان
إخوان سورية 29 سبتمبر 2020 عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها
محمد عادل فارس 17 سبتمبر 2020 لا تحدثوا فجوة بين أهل الفقه وأهل الحديث
محمد بسام يوسف 29 أغسطس2020 قتلوا الحسين وما يزالون يمارسون اللطم والتطبير والخيانة
إخوان سورية 29 أغسطس 2020 خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
محمد بسام يوسف 20 أغسطس 2020 يوم الهجرة في وطن الثورة
إخوان سورية 20 أغسطس 2020 أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
محمد عادل فارس 13 أغسطس 2020 ذكريات إخوانية
محمد عادل فارس 21 يوليو 2020 التربية بالسلوك والجمال قبل أن يكون بالوعظ والمقال
إخوان سورية 21 يوليو 2020 الإخوان السوريون رؤية وطن
زهير سالم 12 يوليو 2020 أربعون عامًا على القانون 49
د مصطفى السباعي 7 يوليو 2020 عقدة النقص
إخوان سورية 7 يوليو 2020 حكاية فرع قطري من حزب قومي
محمد عادل فارس 7 يوليو 2020 البدايات والنهايات
محمد بسام يوسف 28 يونيو 2020 أنصتوا ألا تسمعون صدى تكبيراتهم
زهير سالم 27 يونيو 2020 الذكرى الأربعون لمجزرة تدمر
زهير سالم 17 يونيو 2020 في ذكرى استشهاد الرئيس الحق محمد مرسي
زهير سالم 6 يونيو 2020 إهابة بالتيارات العملية للشعوب العربية الأكثر تضررا

ولعل ما يلفت النظر في تلك العينة هي جملة من الملاحظات:
أولًا: ميل الجماعة لتغليب الجانب الدعوي على الجانب السياسي على موقعها الرسمي، انسجامًا مع توجه الجماعة البراغماتي للقول إن السياسة ليست من أولوياتها، ولا سيما مع تشكيل الجماعة حزب وعد، سبيلًا لتفرغ الجماعة للعمل الدعوي وفق تعبير المراقب الحالي للجماعة محمد حكمت وليد، الذي أجاب عن سؤال حول الفصل بين العمل الدعوي والعمل السياسي بالقول:
“حاليًا جسم الجماعة يقوم بكل الأنشطة الدعوية، والسياسية، ونطمح من خلال تشكيل حزب وعد إلى أن نبلغ مرحلة تتفرغ فيها الجماعة للدعوة، ويوكل فيها العمل السياسي للحزب، ونحن نعتقد أن الإسلام شامل لكل مناحي الحياة، لكن ذلك لا يعني أن تكون الجماعة شاملة لكل ذاك وهذا لا يعني أن الجماعة تنفصل عن السياسة، لكنها لا تخوض المعترك السياسي”.
ثانيًا: البعد الماضوي المزمن في إعلام الجماعة الذي ينضح من التاريخ البعيد للدعوة الإسلامية، وكأن الساحة الإسلامية خلو من أي صوت إسلامي جديد، ومجدد للبناء عليه، والاستشهاد به، وتكريسه على أنه حالة وسطية معتدلة كما توصف الجماعة خطها العام، ولا سيما أولئك الذين نقضوا أطروحة الدولة الإسلامية دون تخل عن كونهم مسلمين من جهة، وعن كونهم رجال دين لهم ثقلهم، ووزنهم الفكري من أمثال علي عبد الرازق، والشيخ محمد عبده، وحديثًا محمد شحرور المسلم الوفي لمعاني القرآن ولكن المجدد والمتنور فيه بما يستقيم مع العصر.
ثالثًا: حضور البعد الطائفي تجاه المخالف في التوجه حتى ولو كان مواطنًا سورية اختلف مع الإخوان في الرأي، بل ونقدهم، فعبارات من قبيل “تجمعنا معاداة الظالمين مع المخالفين في المنهج، أو قتلوا الحسين وما زالوا يمارسون اللطم والتطبير والخيانة”، إن هي إلا عبارات تنم على نفس طائفي معاد للمختلف بالعموم، وليس انتصارًا للفكرة الوطنية، ومما يحضر في إعلامهم على سبيل المثال في نقد مخالفهم حتى لو كان من الطائفة نفسها، هو ردهم في باب شبهات وردود على موقعهم الرسمي بحق المعارض كمال اللبواني بالقول:
“كمال اللبواني، خطة محاربة الإخوان المسلمين إعلاميًا” فيصدر الإخوان حكمهم النهائي المبرم على اللبواني بالقول: “العبد غير الشرعي لآل الأسد”.
في هذا المثال يقصي الإخوان النموذج الثاني من نماذج الاستمالات، وأعني الاستمالة العقلانية التي ذكرنا سابقًا أنها تعتمد على الحجج، والشواهد المنطقية، والتفنيد المعتمد على الأرقام والإحصاءات، بل يكتفي خطابهم بالإشارة إلى زيارة الرجل لإسرائيل بما فيها من رمزية معادية للعرب والمسلمين ، في لعب على الوتر العاطفي للناس، أي العودة إلى مربع الاستمالة العاطفية.
مع أن الإخوان يشدِّدون لفظًا دائمًا على النأي بأنفسهم عن خطاب الإقصاء والتخوين في العهد والميثاق الذي يقترحونه، وربما يتناسون أن حرية التعبير عن الرأي حق مقدس لا يجوز المساس به، وهذا على وجه التحديد ما حمل السوريين على لدفع تكاليف باهظة في سبيل الدفاع عنه، والقتال في سبيله وكل ذلك ليس دفاعًا عن اللبواني الذي ربما نضمر في أنفسنا ألف تحفظ على أسلوبه، ولكن في سبيل الانتصار لحرية الرأي وشرعية مجادلته بالحجة والمنطق وليس بالتخوين والإقصاء.
سابعًا: شبهة الشبهات
في باب تخصِّصه جماعة الإخوان، على موقعها الرسمي، للرد على بعض الأسئلة والاستفسارات، بل وتمرير بعض الرسائل، من دون حاجة إلى السؤال أو الرد وبعنوان “شبهات وردود” منها ما ذكرناه آنفًا في مثال التعامل مع ناقد لسلوك الإخوان مثل اللبواني، لكن نظرة أكثر تدقيقًا في هذا الباب، ستكرس ما ذهبنا إليه في فرضية البحث الأساسية لناحية اعتماد الخطاب الإخواني على الخطاب الإعلامي العاطفي، وابتعادهم عن النموذج العقلاني، وتحريكهم للنموذج الثالث وفق الحدث أي استمالات التخويف، ولا سيما حين يتعلق الأمر بالمخالف في المعتقد.
ففي ردهم مثلًا على سؤال أحدهم التالي:
“ذكرتم أن رؤية الجماعة لسورية المستقبل هي دولة مدنية ديمقراطية، فكيف تتلاءم هذه الرؤية مع هدف الجماعة لتحكيم شرع الله والعيش في ظل الإسلام”؟
جاء جواب محرِّري الموقع على الشكل التالي:
“لا تعارض أبدًا بين الرؤية والهدف، فالدولة المدنية أي العسكر والجيش لا يحكمها، بل تحكم من خلال مؤسسات مدنية، والديمقراطية المقصود بها الوصول إلى الحكم من خلال آليات ديمقراطية”.
أنتحدث هنا عن ضعف في صوغ العبارات من قبيل (أي العسكر والجيش لا يحكمها) أم نتحدث عن رؤية بسيطة ومختزلة لموضوعة الدولة المدنية والمسألة الديمقراطية؟!
ولعل النظر إلى تعاريف الديمقراطية التي صدرت وفق كتاب تشارلز تيللي الذي يحمل عنوان” الديمقراطية” ربما لنواحي المشاركة الفعالة والمساواة في حق التصويت والتفهم المستنير وتنظيم جدول الأعمال وشمول البالغين ومعاني الحماية وغيرها، من مفاهيم وعناصر تدخل ضمن مفهوم الديمقراطية المعقد وليس البسيط وفق التصور الإخواني.
وذلك واضح جدًا في كتابات المؤصِّلين لجماعة الإخوان كأبي الأعلى المودودي في كتابه “الإسلام والدولة الحديثة” حيث يحضر الفكر الاختزالي التبسيطي كأيديولوجيا تبريرية لفكرة الحاكمية عبر نقد العلمانية والقومية والديمقراطية كثالوث صانع للدولة الحديثة، عبر القول إن الديمقراطية أو تأليه الإنسان عبر حاكمية الجماهير أي أن يكون قانون هذا القطر تابعًا لأهوائهم.
وفي سؤال آخر يوجه إلى الجماعة مضمونه “ما مفهوم الوسطية لدى الإخوان المسلمين؟”، يأتي الجواب وفق المحرِّرين بالآتي:
“تدعو جماعة الإخوان المسلمين إلى الوسطية من خلال أنها دعوة متكاملة تتبنى رأي جماهير علماء الأمة، قال تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا”، والوسطية لا تعني بحال من الأحوال الترخص والتنازل والقبول بالدونية في المواقف”.
مالت هذه الوسطية الإخوانية، في محطات عديدة، على مستوى المواقف السياسية، إلى النهج البراغماتي، أو في الأحرى إلى التنازل عن بعض القضايا المبدئية في رؤية الجماعة ذاتها، مثل موقفها الذي تمثَّل بتعليق معارضتها للنظام الحاكم في سورية في عقب العدوان على غزة في عام 2006 تحت عنوان “دعم محور الممانعة والمقاومة”.
ثامنًا: استنتاجات
الآن، وبعد مضي عشر سنوات من عمر الثورة السياسية وفي سياق الضياع الشامل للسوريين بين مجموعة فئات، بعضها سيء الحظ، وبعضها الآخر سيء الأداء، وهي:

  • فئة المعتقلين الذين لا يعرف أحد مصائرهم.
  • فئة المهجرين من سورية الذين وعلى الرغم من جهد نخبتهم في استمرار النضال ضد النظام القائم سياسيًا وحقوقيًا وإنسانيًا وتأليفهم مجموعات ضغط في كثير من الدول الأوروبية، إلا أن قدرتهم على إحداث تغيير جذري محدودة جدًا.
  • فئة الواقعين تحت سطوة النظام القائم في الداخل التي تكفي جولة سريعة في ما يعانونه من انقطاع لكل سبل الحياة كي نكتشف موقعهم بوصفه حلقة مسحوقة في عملية التغيير.
  • فئة المعارضات الخارجية، ومن ضمنها جماعة الإخوان المسلمين، بولاءاتها المتعددة، وبأدائها الركيك في كل المستويات، وفي ظل غياب قرارات دولية من الدول العظمى المتدخلة في الشأن السوري، ويضاف إلى ذلك حالة الفساد التي استشرت في تلك الهياكل السياسية التي أفقدتها كثيرًا من صدقيتها.
  • فئة المعارضة الداخلية التي لا تملك حق التنقل بين محافظة وأخرى، إذ من الممكن أن تطالها في أي لحظة الأذرع الأمنية التي ستعيد اتهامها بـ (وهن نفسية الأمة)، والتخابر مع الخارج وغيرها من التهم الأمنية الرخيصة.
    انطلاقًا من القراءة الآنفة لحضور الإخوان الإعلامي على الساحة، هل انطبقت حسابات الحقل الإخواني على حسابات البيدر الوطني؟
    هناك سمات عامة يمكن أن تلحظ في الخطاب العام لحركات الإسلام السياسي، ومنها جماعة الإخوان المسلمين في سورية، ويمكن تلخيصها بالعموم في جملة الاستنتاجات التالية:
    أولًا: غياب المجدِّدين على مستوى الخطاب الإخواني، بل وقوفهم ضد بعض المجددين من التيارات الإسلامية أو الشخصيات الإسلامية المستقلة، وذلك يبدو جليًا في غياب حالة التأليف الفكري لدى الجماعة عكس نتاج المؤسِّسين الأوائل للجماعة واكتفائهم إما عن قصور أو عن تماش مع حالة الثورة التكنولوجية وأثرها في المجتمعات المعاصرة.
    ثانيًا: ينحصر خطاب جماعة الإخوان المسلمين وفق أدائهم الإعلامي بالاستمالة العاطفية التي اعتمدت عدة آليات أهمها:
    أ- استخدام الأساليب اللغوية المشحونة بلغة ووقائع الماضي انسجامًا مع الحامل الأيديولوجي للجماعة.
    ب- استخدام الشعارات والرموز في الخطاب، وهذا ما تظنه الجماعة تثويريًا على المستوى الانفعالي، إلا أنه وفق الوقائع يعد ذا حصيلة محدودة التأثير.
    ج- الخطاب الانتقائي لدى الجماعة خاصة في ما يتعلق بالمواقف السياسية المتحركة وشيطنة الآخر المختلف معهم بالرأي في كثير من المحطات.
    د- وقوع الخطاب الإعلامي الإخواني في بعض الأحيان في براثن الخطاب الطائفي على الرغم من حديثهم وفق أدبياتهم عن التنوع والمكونات السورية.
    ه- الاعتقاد بامتلاك الحقيقة، مثل سائر القوى السياسية الأخرى، وهذا ما يظهر على المستوى اللغوي في تكرار عبارات من قبيل”في الحقيقة” و”دون أدنى شك” والتي حضرت دائمًا على لسان قياداتهم المتعاقبة ومراقبيهم في الإطلالات الإعلامية المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة.
    ثالثًا: الابتعاد عن الخطاب العقلاني المعتمد على تفنيد الآراء ودحضها بالحجج والشواهد المنطقية، وهذا ما لوحظ عند متابعة موقعهم الرسمي وفي عدة مواضع.
    رابعًا: عدم انسجام الخطاب الإعلامي للإخوان مع وقائع الميدان، واعتمادهم لغة الغيبيات في التعاطي مع الوقائع السياسية الشديدة التعقيد عبر الاعتماد على موازين السماء لا الأرض، وفق تعبير أحد كتابهم المذكور سابقًا في عملية تحقيق “الانتصارات”، وربما وفق تعبير الكاتبة الأميركية كارين أرمسترونغ “هذه المعركة من أجل الله كانت محاولة لملء الخواء الثاوي في قلب مجتمع قائم على نزعة عقلانية علمية” طبعًا لا نقول إن تلك النزعة كانت مكرسة في سياق مجتمعنا عقليًا وعلميًا ما خلا محاولات كثير من التنويريين بل نحاول فهم ذاك الخطاب المتشنج ضد العلمانية والحداثة والديمقراطية.
    خامسًا: في الوقت الذي يدعو فيه قارئو السياسات إلى تجاوز الماضي وليس نسيانه ولا الهروب من العدالة خاصة لمن نكل بالإخوان وغيرهم، بل العمل على قاعدة ماذا ينتظرنا غدًا من استحقاقات وطنية، نرى الجماعة توجه دعوة مفتوحة عبر إعلامها نحو الماضي، ما يعطل مسار التاريخ وصيرورته.

خاتمة
لم يكن هذا الاستعراض للحالة الإعلامية الإخوانية والوقوف عند منشوراتها بهدف نقد الجماعة فقط، لأنه للأسف هذا ليس حال الإخوان وحدهم، بل حال كثيرين من قوى المعارضة التي وقعت في كثير من الأحيان في مطبات من هذا النوع لناحية أدائها الإعلامي في مسار الثورة السورية.
اليوم، بعد كل ذلك لا بد من وقفة جريئة مع الذات لدى كل الطيف السوري المعارض خاصة التيار الإسلامي إخوانيًا كان أم غيره، لتصحيح المسار وإعادة إنتاج خطاب جديد ينسجم مع معطيات العصر ووقائع الميدان ويكون وفيًا لتلك التكاليف الباهظة التي دفعها السوريون في مأساتهم المستمرة.
إن محاولة تصحيح ذاك المسار إنما يجب أن تبدأ من إعادة الاعتبار للفكرة الوطنية الجامعة التي تستلزم حوارًا جديدًا بين السوريين في أثناء وبعد التخلص من نظام الاستبداد، وقد قلت (في أثناء) لأن الحوار بين الهيئات السورية المعارضة المختلف في الداخل والخارج هو أمر لا يحتمل التأجيل من جهة، والتوجه بخطاب منطقي وعقلاني ومدني نحو البقية الباقية الرازحة تحت خط الفقر في مناطق النظام من جهة ثانية، أما بعد ذلك فلدى السوريون ما يكفي من ملفات واستحقاقات يحتاجون إلى كثير من الوقت كي ينجزوها، من مسألة الميليشيات والسلاح إلى الفصائل وآليات ضبطها ودمجها في جيش وطني، والتحضير لملفات العمل السياسي كإدارة مرحلة انتقالية والتحضير لكتابة دستور للبلاد وما يعقبه من انتخابات نيابية ورئاسية.
من دون تلك المراجعة، التي نتمناها جريئة وسريعة لتصحيح المسار السوري المتعثر في كل النواحي، لا يمكن في رأينا أن نعيد الاعتبار لتلك البقعة التي نعشق المسماة سورية، بل سنساهم في حال لم نفعل في ترك سورية أغنية في صحراء على حدّ تعبير الشاعر السوري رياض الصالح الحسين، فلنقدها إذًا إلى الينابيع.

المصادر والمراجع

مصطفى السباعي، الدين والدولة في الإسلام، بيروت، لجنة الطلاب الجامعيين في عباد الرحمن، 1953.
الطيب تيزيني، الأصولية بين الظلامية والتنوير، دمشق، الدار السورية اللبنانية للنشر، دار جفرا للدراسات والنشر، 2012.
حسن عماد مكاوي، عاطف عدلي العبد، نظريات الإعلام، (القاهرة، مركز بحوث الرأي العام، 2007).
النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية 2004.
(عهد وميثاق) جماعة الإخوان المسلمين في سورية 2012.
مقابلة مع المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية محمد حكمت وليد في الثالث عشر من آذار 2020 على تلفزيون الحوار.
مقابلة مع المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية محمد حكمت وليد في العشرين من تشرين الثاني نوفمبر 2015 تلفزيون أورينت.
أبو الأعلى المودودي، الإسلام والدولة الحديثة، منبر التوحيد والجهاد، بلا تاريخ.
تشارلز تيللي، الديمقراطية، ترجمة محمد فاضل طباخ، ط 1، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2010
كارين أرمسترونغ، النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام، ترجمة محمد الجورا، دمشق، دار الكلمة للنشر والتوزيع، 2005.

مشاركة: