مدخل
شهد النصف الأول من القرن العشرين حربين عالميتين كانتا الأكثر ضراوة في التاريخ من حيث حجم الدمار وعدد الضحايا، فيما شهد النصف الثاني منه الصراع المكتوم والحرب المستحيلة بين معسكري الحرب الباردة، نظرًا إلى عدد الرؤوس النووية عند الطرفين، التي يمكنها تدمير الكرة الأرضية بمن وبما عليها مراتٍ عدة. كما انزاحت في أواخر القرن العشرين غمامة الحرب الباردة بانهيار المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي، ليلتحق بمنافسه الرأسمالي عن طيب خاطر، وبفارق زمني لن يتم تجاوزه خلال وقت قصير، فيما كانت الصين الاشتراكية قد قررت السير بمحاذاة العالم الرأسمالي سياسيًا والانخراط فيه اقتصاديًا، ولو إلى حين.
وترك انتهاء الحرب الباردة الأنظمة الدكتاتورية في منطقتنا في حيرة من أمرها، مع أنها لم تكن مرتبطة بالمعسكر الاشتراكي إلى الدرجة التي يمكن فيها أن تسقط بسقوطه. تمثل هذه الأنظمة بقايا الحركة القومية العربية التي كانت قد وصلت إلى أوجها في المرحلة الناصرية، وخلّفت وراءها أنظمة مستبدة مقلدة لهذه التجربة في أكثر من بلد عربي، خاصة في العراق وسورية وليبيا واليمن. من جهة ثانية، لم يكن الأمر ملحًا للدول الرأسمالية المنتصرة أن تتخلّص من هذه الأنظمة، التي كانت تقوم بأدوار وظيفية عند اللزوم، ولم تنقطع علاقاتها المباشرة أو غير المباشرة بالغرب، خاصة في مجال التعاون الأمني في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ولو أن الولايات المتحدة الأميركية كانت تضع معظم هذه الأنظمة على قائمة الإرهاب!
وكان لا بدّ من حدثٍ جلل يعيد خلط الأوراق، وجاء تفجير منظمة القاعدة الإرهابية برجي التجارة العالميين في نيويورك في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، حجةً للولايات المتحدة لتسقط أول، وربما أقسى، نظامٍ دكتاتوري عربي-النظام العراقي- بالقوة عام 2003، بعد اتهامه بمساندة الإرهاب. وكان العراق قد وقع في الفخ الأميركي بعد احتلاله الكويت (1990)، وتراجع مهزومًا أمام قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في ربيع العام التالي، بما سمي حرب الخليج الأولى، لكن من دون أن تُسقط النظام في بغداد.
ثم عاد الركود إلى المنطقة العربية، وتكيفت باقي الأنظمة الدكتاتورية مع الأوضاع الجديدة، آخذةً العبر من الدرس العراقي، وحصل النظام السوري على فترة جديدة من الأمان بعد مشاركته الشكلية في حرب تحرير الكويت، فيما بقيت علاقة الولايات المتحدة الأميركية غير الودية مع النظام الليبي على حالها، وتحول اليمن إلى موطئ قدم آخر لتنظيم القاعدة، فيما حكم السودان نظامٌ دكتاتوري أقرب إلى الحركة الإخوانية ومتهم بالإرهاب من الغرب. وفي المغرب العربي، كانت الجزائر قد خرجت منهكة بعد الحرب الأهلية في التسعينيات، ونَعُمَ النظامان المصري والتونسي بعلاقات مميزة مع الغرب، وكانت حالهما أفضل من حيث وجود فسحة أكبر للحريات الاجتماعية، وأقل منها للحريات السياسية. وكانت باقي الدول العربية المحكومة بأنظمة ملكية أو ما يشبهها أكثر استقرارًا بسبب الرخاء المادي و/ أو علاقتها المميزة مع الغرب.
طريق غير سالكة قبل الانفجار
يمكن القول بكثير من الثقة إن الطريق لم تكن سالكة نحو المستقبل في البلدان العربية التي تحكمها أنظمة مستبدة وفاسدة، تفتقد إلى إرادة التغيير السياسي بصورة تدريجية وآمنة، أما فكرة المستبد العادل فهي مجرد حالة استثنائية مشتهاة، ورواية تاريخية مشكوك في أمرها! فالعلاقة بين الاستبداد والفساد بينة، لأن المستبد لا يمكن أن يكون شفافًا، وهالة الغموض التي تحيط به هي التي تسهل إبرام الصفقات والقيام بالمزيد من عمليات النهب والاحتكار، ولا من رأى أو سمع. في هذه الأجواء تتراكم المظالم وتضيع الحقوق، ويعتاد المواطنون – الرعايا على نيل حقوقهم من الفتات من أجل المحافظة على دوران عجلة الحياة.
لكن عدم القدرة على تنفيس الاحتقان الاجتماعي، وحصر العمل في السياسة بما يصب في مصلحة السلطة، وغياب حرية التعبير، وسيطرة الأجهزة الأمنية على الفضاء الاجتماعي، وعدم تجدد دورة الحياة السياسية؛ قاد إلى ركود واستنقاع اجتماعيين، وأفضى إلى تفاقم حالة من الاحتقان تتناسب ودرجة استبداد الأنظمة، في الوقت الذي تسارعت فيه التغيرات في العالم من حولنا، وجلها ذات طابع ديمقراطي وتحرري.
أدى ذلك إلى نكوص اجتماعي تمثل بالعودة للاحتماء بالبنى الأهلية السابقة للدولة، لكونها حواضن وحيدة للهرب من سطوة الاستبداد، واجترار الماضي عوضًا عن استلهامه، وشيوع النفاق وسيلة للنجاة. في هذه الأجواء، وجد الإسلام السياسي حاضنته واستعد لفك الارتباط مع حليفته اللدودة – الأنظمة المستبدة، وقد جمعتهما المصلحة في التحالف من أجل تثبيت الواقع الاجتماعي للحيلولة دون حدوث أي حركة تحررية ستكون، بالضرورة، في غير مصلحة الطرفين المستبدين. بالنتيجة، بدا أن محاولة للتحرر من الاستبداد الدنيوي سترتمي في حضن الإسلام السياسي، وهو ما تجلى إلى هذه الدرجة أو تلك في ثورات الربيع العربي، وبالتالي تم تفريغ حركة التحرر من الاستبداد من مضمونها، أي تحقيق المزيد من الحريات والحقوق والرخاء في دول ديمقراطية حديثة.
من جهة ثانية، قاد غياب الحلول السياسية إلى أن يرتبط التغيير بحدوث مصادفات داخلية أو خارجية، كأن تتسبب شرارة ما بانفجار الأحداث التي تتناسب شدتها طردًا مع شدة الاحتقان، ويحل الخراب لفترة طويلة، كتحصيل حاصل؛ أو أن يحصل التغيير بفعل خارجي، كما حدث إبان الاحتلال الأميركي للعراق (2003).
هكذا، قبيل انفجار أحداث الربيع العربي، كانت الأغلبية الشعبية قد انحدرت إلى حافة اليأس، علاوة على ما هي عليه من بؤس، وانكفأت على نفسها تبحث في تاريخها عما قد يحميها من الضياع. في هذه الأثناء، كانت الفجوة الحضارية ما تنفك تتسع، ليس مع دول الغرب وحسب، بل حتى مع بلدان الهند الصينية وأميركا اللاتينية والأفريقية. وتحول الناس إلى السعي المحموم وراء المظاهر والسلع الاستهلاكية إن أمكن، تعويضًا عن حالة الضياع، مع إصرار بعضهم على رفض أنماط التفكير والعقول التي أنتجت الحضارة الحديثة، انطلاقًا من حالة العجز عن الفعل أو مجرد الرفض العقائدي. لكن، للمفارقة، فقد كانت وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة هي التي ستؤدي الدور الأساس في إعادة جمع الناس وحشدهم عند بدء فعاليات أحداث الربيع العربي، الربيع الذي غرق في وحل التاريخ في أكثر بلدانه، لكنه فتح ثغرة في الجدار الأصم، وتركها مشرعة على الاحتمالات كافة.
ثغرة في الجدار الأصم
بدأت أحداث الربيع العربي بشرارة من تونس، حيث كانت ثمة حرية في التعبير تسمح للبوعزيزي بحرق نفسه احتجاجًا على منعه من التكسُّب! وبسبب تشابه الحال، ومنها وجود مؤسسات لها بعض الاستقلالية ومجتمع مدني يمتلك شيئًا من الحياة، فقد وجدت شرارة بوعزيزي طريقها إلى مصر. لكن الأمر كان مختلفًا حين انتقلت هذه الشرارة إلى ليبيا، فاليمن، فسورية، حيث ترك الاستبداد شروخًا كبيرة في البنى الاجتماعية الهشة لهذه البلدان التي لم يوجد فيها تراكم للحريات ولا دور فاعل للمجتمع المدني، فكان من الصعب التحكم بالانتفاضات الشعبية، خاصة مع لجوء السلطات للقمع العاري. يختلف ذلك عما اعتادت عليه الأنظمة المستبدة من قمع المعارضين الأفراد، أو الأعضاء في منظمات وأحزاب.
وبكون أن مجتمعات البلدان التي داهمتها انتفاضات الربيع العربي كانت تفتقد إلى التنظيم السياسي، لم يتأخر الوقت قبل أن تصبح ضحية لاستغلال القوى الداخلية الأكثر تنظيمًا التي لها حاضنة شعبية معقولة كالإخوان المسلمين، والخارجية الإقليمية التي عملت على إيجاد موطئ قدم لها في الفوضى. ولم يكن للجهود التنظيمية المبتكرة للمتظاهرين، كالتنسيقيات في سورية على سبيل المثال، أن تصمد أو تمتلك استقلاليتها في مواجهة القمع وكل هذه التدخلات، وأن تحول دون اجتياح الأسلمة والعسكرة وظهور مختلف التناقضات الاجتماعية، القبلية والطائفية والقومية إلى العلن، واندلاع حروب أهلية مركبة وعنيفة في كل من ليبيا واليمن وسورية.
في هذه الأثناء، كانت التحولات الحاصلة منذ انهيار المعسكر الاشتراكي (1989) قد همشت القوى اليسارية، وهي قوى ضعيفة أصلًا ليس لها قواعد شعبية يعتد بها، فضلًا عن طبيعتها الاستبدادية وعلمانيتها السطحية والملتبسة. بخلاف ذلك، امتلكت قوى الإسلام السياسي، التي طالها القمع على نحوٍ أشدّ في بلدان الربيع العربي، امتلكت امتداداتٍ شعبية معقولة استخدمتها حاضنة للتسرُّب داخل الانتفاضات والتحكم بمسارها، علاوة على الارتباطات الإقليمية التي وفّرت لها الدعم والتمويل. من جهة ثانية، وبوجود تنافسٍ إقليمي حاد، إيراني – خليجي، أخذ الصراع مظهرًا سنيًا – شيعيًا خادعًا، وتحولت الانتفاضات الشعبية إلى حروبٍ تداخلت فيها مختلف العوامل الداخلية والخارجية، ترافق ذلك مع انقسام مؤسسة الجيش في هذه البلدان بدرجات مختلفة، أو أنها لم تؤدِّ الدور الوطني المطلوب منها، بخلاف ما حصل في تونس ومصر.
حدث تاريخي بامتياز
لم يكن يتوقع أحد أن تجري الأمور بسلاسة في أحداث الربيع العربي، بغض النظر عن التمنيات، فدروس التاريخ قاسية والأثمان باهظة عند حدوث التحولات الكبيرة بعد فترة طويلة من الركود والاحتقان. والربيع العربي، على الرغم من مأسوية مجرياته، حدث تاريخي بامتياز، فهو غير عكوس، وسيفتح الآفاق نحو مستقبل أكثر إنسانية يرتقي فيه الفرد والمجتمع. ومع أن القوى المستبدة تمتلك القدرة على المناورة والتعطيل والتخريب، بفضل خبرتها في ذلك وتحالفاتها الإقليمية والدولية مع الأنظمة المشابهة، إلا أنها قوى متقهقرة في نهاية المطاف، وهي التي تتحمل مسؤولية مأسوية أحداث الربيع العربي بالدرجة الأولى، من خلال منع ومقاومة آليات التغيير التدريجية والآمنة.
وكانت أوروبا قد دفعت الكثير من الضحايا في ما سمي أيضًا بالربيع الأوروبي (1848)، بحروبه المعقدة، والذي تمخض عن تحولات اجتماعية وثقافية وتحررية هائلة، على الرغم من بطء التحولات السياسية. ويمكن ملاحظة أن أوروبا الشرقية، التي لم تطلها ثورات الربيع الأوروبي، بقيت متخلفة حتى الآن عن أوروبا الغربية والوسطى.
الخروج من النفق
لم يعد سؤال كثيرين عن مآل هذه الفوضى سديدًا أو مفيدًا، فالسؤال الأهم هو كيفية العمل للإسراع في تجاوز هذه المرحلة، بعد الاقتناع بأن لا عودة إلى الوراء، وأن الاحتماء بالماضي لن يوفر الأمان، إنها الخطوة الأولى للخروج من النفق إلى المدى المفتوح لاستكشافه واختيار السبيل الأقصر للوصول إلى أفضل صيغة سياسية واجتماعية يمكن أن يتحقق من خلالها مستقبل أكثر استقرارًا ونفعًا للأجيال الجديدة. وهي اللحظة التي تترسخ فيها القناعة بأهمية الانتقال من الصراع المسلح إلى التنافس السلمي. في هذا الخصوص، تمنح عملية الانتقال السياسي الأمل بالخروج من حالة الكبت والبؤس التي تعيشها أغلبية الشعب، على أنها مقدمة لا بدّ منها لضمان مشاركة الناس بفعالية في بناء أوطانهم وتقدمها وازدهارها.
في الانتقال إلى الواقع الملموس، تتمثل العقبة الرئيسة في مرحلة الانتقال السياسي لدول الربيع العربي في استمرار الصراعات العقائدية. على سبيل المثال، لقد رأينا كيف أفضى النضال التحرري من الحكم العثماني إلى تبلور الوعي القومي العربي واصطدامه بالإسلام السياسي في النصف الأول من القرن العشرين، وما تسبب به هذا الصراع من نتائج مؤلمة وعدمية لاحقًا. كما أن مسألة التجاذبات الدينية – العلمانية ستكون حاضرة بقوة، ولو أنها تخفي ميولًا استبدادية، فليس ثمة تعارض مبدئي بين الدين والعلمانية، كون العلمانية الحقة (لتفريقها عن علمانية الاستبداد) تصون الأديان وتُخرجها من مستنقع التسييس. ومع ذلك، يمكن إيجاد صيغٍ مخففة، كالدولة المدنية، مع وجود ضوابط تحد من استغلال هذا المصطلح.
وباستثناء الليبرالية، التي لا ترقى إلى مستوى عقيدة متماسكة، فإن الاتجاهات العقائدية عابرة للأوطان، وهي تفرّق أصحاب المصالح ولا تجمعهم، وغالبًا ما يتم التعبير عنها بالشعارات والمثل، وليس من خلال برامج ملموسة، عدا عن كونها متجابهة ومتنافرة بالضرورة، وتتعامل بمنطق الغلبة، وتحاول أن تُثبّت أفكارًا ومقولات متبدلة بمرور الزمن، وقد تكون مجرد أوهام.
يقودنا ذلك إلى البحث عن طريقٍ مفتوحة نحو المستقبل، من دون معوقات جدية تعيدنا إلى نقطة الصفر أو ما دونها، أو تؤخر تقدمنا على الأقل، كما حدث في العقود السابقة. السبيل الجامعة هذه هي بناء دولة المواطنة الحديثة والحيادية تجاه عقائد الناس وأفكارهم وانتماءاتهم الدينية والإثنية، الدولة الديمقراطية التي تضمن الحقوق وتحدد الواجبات، مدعومة بمجتمع مدني فاعل ومنظم.
دروس السنوات العشر
الأنظمة المستبدة والخراب صنوان. إن إلقاء نظرة مقارنة على أحداث الربيع العربي، وقبله العراق، تثبت بوضوح أن درجة الخراب تتناسب طردًا مع شدة الاستبداد وشموليته، ويكفي المقارنة بين تونس وكل من ليبيا واليمن وسورية للوصول إلى هذا الاستنتاج. أما تأثير العوامل الخارجية فهو نتيجة الحماقات التي لا بدّ أن يرتكبها نظام مستبد لتكون أحد أسباب موته، لنتذكر احتلال نظام صدام حسين للكويت وما جلبه من ويلاتٍ على العراق.
فشل النخب التقليدية. لقد تبين أن أغلبية النخب العربية، السياسية والثقافية، أسيرة ماضيها العقائدي، ليس لديها المقدرة والحنكة للتعامل مع الثورات الشعبية وعصر الديمقراطية، نظرًا لأن الاستبداد عزلها عن مجتمعاتها فتكلست وتحولت إلى ظواهر صوتية.
ضرورة تجاوز طرفي الصراع. في أي حل سياسي قابل للاستدامة لا يمكن لطرفي الحرب أن يكونا الأساس فيه، وإلا أصبح الأمر مجرد تقاسم للسلطة لا بدّ أن يختل توازنه نحو أحد الطرفين يومًا ما ويفجر أزمات وحروب أهلية جديدة. في هذا الصدد، تعطي الصيغة اللبنانية أوضح مثال، فقد كان بوسع لبنان أن يتجاوز الحرب الأهلية عام 1975 لو كان من نتائجها في اتفاق الطائف إلغاء الصيغة السياسية لعام 1943، التي أنتجت لبنان وأزماته، مع أنها كانت شكلًا من أشكال الديمقراطية. ومع أن ملامح الحلول السياسية في بلدان الربيع العربي التي شهدت حروب مدمرة، ليبيا واليمن وسوريا، لم تتضح بعدُ، فإن الحل الذي أُعلن عنه مؤخرًا في ليبيا، من خارج طرفي الصراع، أمر مبشِّر بالفعل ويمهد لبناء دولة لجميع مواطنيها.
خطر العقائد وصراعاتها. لقد ضاعت الوطنية في بلداننا بين انتماءين؛ انتماء إلى البنى الأهلية ما قبل الدولة، وانتماء إلى عقائد عابرة للوطنية، إسلامية وقومية وشيوعية. إذ لا بدّ من إعادة الأهمية للوطنية بكونها انتماء جامعًا وملموسًا. لا ينفي ذلك اعتناق الأفراد العقائد وتشاركها، إنما عدم بناء الأحزاب والدول على أساسها.
أهمية وجود مجتمع مدني فاعل. يحتل المجتمع المدني الحيز بين المجتمع الأهلي والدولة، ويشمل مختلف أنواع النشاط التطوعي والمبادرات الفردية والجماعية (منظمات المجتمع المدني)، وهو أساس وجود المواطنة في الدولة الديمقراطية الحديثة، ويؤدي دورًا مهمًا في تعميم الخدمات الاجتماعية ومساعدة مؤسسات الدولة ومراقبتها في آنٍ معًا. وحتى في الأنظمة المستبدة، من الضروري استغلال أي حيز ممكن للقيام بنشاط مدني تطوعي أو التحضير له، ما يخفِّف من شمولية الأنظمة المستبدة.