عرض سلمى عبد العزيز
اسم الكتاب: الربيع العربي؛ ثورات الخلاص من الاستبداد “دراسة حالات”
اسم المؤلف: مجموعة من المؤلفين
الناشر: الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
تاريخ النشر: تموز/ يوليو 2013
محتويات الكتاب:
تمهيد
الربيع العربي وعملية الانتقال إلى الديمقراطية، حسن كريّم
تونس: ثورة “الحرية والكرامة”، أحمد كرعود
25 يناير الثورة السلمية لشباب الطبقة الوسطى وتحديات المستقبل، عماد صيام
ثورة مصر: تفاعلات المرحلة الانتقالية الممتدة وسيناريوهات المستقبل، فؤاد السعيد
تحديات العملية الانتقالية في ليبيا، بول سالم وأماندا كادليك
الكتلة التاريخية لثورة الحرية والتغيير في اليمن من التشكل إلى التفكك، عادل الشرجبي
البحرين بين الكماشة وحلم الديمقراطية، غنية عليوي
في الجذور الاجتماعية والثقافية للفاشية السورية، ياسين الحاج صالح
المغرب: تحول في إطار الاستمرارية، عبد العزيز قراقي
الربيع العربي في طبعته المغربية، أحمد الخمسي
الحراك السياسي في الأردن، موسى شتيوي وسليمان صويص
تطورات الوضع السياسي في الجزائر في سياق التغييرات الجارية في العالم العربي، ناجي سفير
النساء في الثورات العربية، مائلا بخاش
نساء مصر من الثورة إلى العورة، شيرين أبو النجا
دور الإعلام الاجتماعي في الربيع العربي، نزيه درويش
خلاصات أوليّة: أي تحديات ما بعد الثورات، زياد ماجد
يتألف هذا الكتاب من مجموعة دراسات للثورات العربية وبعض التحولات التي رافقتها بين بين عام 2010 و2013 في سياق الربيع العربي.
الربيع العربي وعملية الانتقال إلى الديمقراطية، حسن كريّم
يقدِّم كاتب هذا الفصل، تفسيرات لتأخر موجة التحرر في المنطقة العربية “التغيير الذي طرأ على دور الدولة، وأدى إلى تراجع وظيفتها “الرعائية” في المجالات الاجتماعية، وارتفاع أسعار الغذاء، والأزمة المالية العالمية، فضلًا عن أثر المعلوماتية وتغير الثقافة السياسية لدى فئات واسعة من الشباب، وأثر التغيير في العراق، والثورة الخضراء الإيرانية”. أمّا السبب البنيوي –حسب الكاتب- فيعود إلى ازدياد أعداد فئة الشباب (..) وأن وتيرة تزايد فئة الشباب، كانت دومًا أسرع من وتيرة تطوير الموارد وتأمين فرص العمل (..) فتفاقمت معدلات البطالة.
ويضيف الكاتب عوامل أخرى، تختلف بالدرجة من دولة إلى أخرى في المنطقة العربية: اصطدام الشباب بواقع تفشي الفساد، وبتخلف النظام السياسي وتسلطه (..)، ما أدى إلى تعاظم القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في التغيير (..) وقد برز عامل جديد له علاقة بتأثير المعلوماتية، وانفتاح وسائل التواصل في توفير معرفة واسعة بالعالم وبالقيم الإنسانية، أدى إلى تغير الثقافة السياسية عند فئات واسعة من الشباب، لتصير ثقافة واقعية غير شعبوية وغير أيديولوجية؛ تتبنى مطالب معنية بالحرية والخبز والكرامة والعدالة الاجتماعية”.
في تناول الكاتب “للظواهر المشتركة والمختلفة للتجارب المختلفة والأوضاع المتفاونة في المنطقة العربية”، يقول: أبرز ما هو مشترك؛ التطلع نحو الحرية عبر إسقاط الأنظمة التسلطية، وصولًا إلى نوع من إحلال الديمقراطية. ويضيف الكاتب: تطور سير الأمور في معظم بلدان الربيع العربي؛ أدخل قوى سياسية منظمة إلى الحراك، أبرزها القوى الإسلامية، وحركة الإخوان المسلمين. فنتج من ذلك “تمكّن حزب “العدالة والحرية” وهو الاسم السياسي لإخوان مصر، من انتخاب مرشحهم رئيسًا للجمهورية، كما نجحت “حركة النهضة التونسية” بالدخول إلى ائتلاف مع القوى الأخرى الليبرالية والعلمانية، التي نجحت في الانتخابات، وتشكيل حكومة ائتلافية بقيادتها”.
الظاهرة المشتركة الثانية: “وجود مناخ إقليمي ودولي مشجع للحراك وداعم له، أو متعاطف معه.
أما الظاهرة المشتركة الثالثة، فهي “المشاركة الواسعة للمرأة في الحراك”
كما يصنّف الكاتب الظواهر المختلفة: “مدى وجود وتأثير الانقسامات العمودية في المجتمع، وقدرة نظام التسلط على استغلاله لمصلحته والدور الذي يضطلع به الجيش والقوى الأمنية في الدفاع عن النظام أو التزامهم الحياد ومدى توافر شرعية تقليدية تاريخية للأنظمة (مواثيق اجتماعية معقودة قبليًا أو طائفيًا).
ويضيف الكاتب عاملين آخرين أثّرا في الحراك الاجتماعي، وهما “دور الفضائيات في تسليط الضوء على تحركات أو إخفاء حركات اجتماعية أخرى، وقد أثّر ذلك سلبًا في الحراك في البحرين” و”مستوى تداخل الصراعات الإقليمية وتأثيرها في الصراعات الداخلية”.
في معرض تناول الكاتب خصائص المرحلة الانتقالية؛ يقول الكاتب: هناك ثلاث مراحل يجب التنبّه لها؛ أولًا: إسقاط النظام التسلطي. ثانيًا: انتقالية وسيطة تهدف إلى وضع أسس الانتقال إلى الديمقراطية، وتتناول تغييرات تطال الدستور والقوانين وإجراء الانتخابات، لقيام سلطة بديلة. ثالثًا: ترسيخ الديمقراطية ببناء مؤسساتها الثابتة ونشر ثقافتها. كما أشار الكاتب إلى “أربع من أهم القضايا التي سيدور الصراع حولها في بلدان الربيع العربي، وهي قضايا مشتركة في الفضاء الثقافي العربي”: الصراع حول هوية الدولة (مدنية أم إسلامية) – الصراع حول إعادة تحديد دور الجيش والمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، وضبطها ضمن الأصول الديمقراطية – الصراع حول حقوق المرأة – صراع حول دور الدولة في الاقتصاد والتوزيع.
تونس: ثورة “الحرية والكرامة، أحمد كرعود
يقدم كاتب هذا الفصل عرضًا تحليليًا للأحداث التي جرت في تونس، بوصفها منطلقًا للربيع العربي، وما هي الأسباب المباشرة لهذه الثورة (تفاقم البطالة، انتشار الفساد، انتقاد الدبلوماسية الأميركية للقمع والفساد في تونس، استمرار التظاهر وتنظيمها شبابيًا ليلًا ونهارًا، خرق المدونين الحصار الإعلامي بنقلهم أخبار التظاهرات والاشتباكات مع أجهزة الأمن، احتضان “الاتحاد العام التونسي للشغل” للاحتجاجات، الاستخدام المفرط للقوة في قمع الاحتجاجات، رفض قيادة الجيش استخدام القوة ضد المتظاهرين). كما يعرض الكاتب “الأسباب الهيكلية” لهذه الثورة، منذ استقلال تونس سنة 1956، وبناء الدولة الوطنية، وانتهاج السلطة في عهدي بورقيبة وبن علي تعميم التعليم وإنشاء مؤسسات اقتصادية جيدة، وارتفاع دخل الفرد، إضافة إلى ما شهدته تونس من هزات اجتماعية عنيفة (الإضراب العام 1978، انتفاضة الخبز 1984، وأخيرًا ثورة الحرية والكرامة 2011).
ثم يعرض الكاتب “أهم خصائص المرحلة الانتقالية التي عاشتها تونس بكونها جزءًا من المرحلة الثورية”، لينتقل الكاتب إلى تحليل خصائص النظام السياسي السائد، ونمط التنمية والسياسات التعليمية التي اتُبعت طيلة العقدين الأخيرين، ثم يتناول الكاتب المرحلة الانتقالية عقب هروب بن علي.
25 يناير الثورة السلمية لشباب الطبقة الوسطى وتحديات المستقبل، عماد صيام
يتناول الكاتب “الملامح الأساسية لنواة كتلة المحتجين في مصر، وهم شباب من أبناء الطبقة الوسطى بشرائحها المختلفة، معظمهم حصّل تعليمه الجامعي، وتعاني نسبة كبيرة منهم من البطالة، تنامت لديهم أزمة الثقة تجاه المؤسسات السياسية والاجتماعية والثقافية الرسمية”. ويضيف الكاتب: برزت مؤشرات تعكس توجه الشباب نحو البحث عن قنوات ومسارات أخرى للمشاركة المجتمعية، وتجسدت، على سبيل المثال، بظهور نماذج جديدة من منظمات المجتمع المدني، مثل جمعية “رسالة”، أو انخراط الشباب في حركات اجتماعية ذات طابع احتجاجي، مثل حركة “كفاية” وجماعة “16 أبريل”. واستطاعت هذه الكتل الشبابية “من خلال شبكة التواصل الاجتماعي، أن تنطلق من أرضية توافقية تتجاوز الأيديولوجيا (..)، وكان يغلب عليها التوجه الديمقراطي والاحتجاجي بوجه عام”.
يقول الكاتب: العوامل والمؤثرات التي ساهمت في تفجّر ثورة هؤلاء الشباب بشكلها السلمي، إضافة إلى نجاحهم في كسب تعاطف الملايين حولهم في ميادين محافظات مصر، وتطور الأوضاع الموضوعية للواقع السياسي والاجتماعي للمجتمع المصري في سنوات العقد الأخير؛ ساهم في خلق واقع موضوعي مكّن الشباب من الانطلاق بالثورة، ومن أبرز مؤشرات التطور النوعي في وعي قدرات الشباب: نجاح حركة الشباب في تحويل مشاركتهم السياسية من المجال الافتراضي إلى المجال الواقعي. ظهور التشكيلات والحركات المستقلة للشباب. اختبار الأدوات التي وفرتها لهم تكنولوجيا الاتصالات. تنامي قدرة الشباب على تجاوز الحواجز الأيديولوجية، وهو ما ساهم في صياغة شعارات ثورة 25 يناير.
يستكمل الكاتب فصله هذا، بتناول وسائل وآليات “طمس الوجه السلمي للثورة وتهميش قواها الشبابية” من نظام مبارك، ورموزه من بعده.
ثورة مصر: تفاعلات المرحلة الانتقالية الممتدة وسيناريوهات المستقبل، فؤاد السعيد
يناقش كاتب هذا الفصل، المرحلة الانتقالية في مصر، فيقول: القلق هو عنوانها. الكل يراجع أفكاره، ويعيد طرح الأسئلة الأولوية من جديد: هل كانت ثورة أم انتفاضة؟ هل لا يزال ربيعًا ديمقراطيًا ثوريًا أم تحول –عبر صناديق الانتخابات- إلى ربيع إسلامي فقط؟ هل سينتهي الأمر إلى مجرد “إحلال نخبوي” محدود؟ هل يتغير شكل الخطاب السياسي ليتخذ مظهرًا إسلاميًا مع استمرار هيكل النظام الاقتصادي والاجتماعي نفسه كما كان؟ كما يضيف الكاتب سؤالًا كبيرًا: ثورة أم إعادة إنتاج للنظام؟ لينتقل الكاتب إلى تفنيد المراحل الانتقالية، ويطرح من خلال هذا التفنيد، عناوينًا فرعيةً من مثل:
“المرحلة الانتقالية الأولى، الالتفاف على الثورة”، “النظام يغير جلده”، “المشترك الثقافي بين العسكر والإخوان”، “المرحلة الانتقالية الثانية، الإخوان في الحكم، تنسيق وصراع مع الجيش”، “ارتباك وفشل الإدارة الإخوانية”، “الإسلاميون وخيانة الديمقراطية”، “رئاسة بطعم الخلافة”.
وفي معرض تناوله للخلاصات واستشرافات المستقبل يقول الكاتب: قيمة ثورة 25 يناير التاريخية تكمن في “أنها كسرت حالة التجميد المتعمد لحركة تطور المجتمع وتفاعلاته الطبيعية، (..) وإذا كان حرق المراحل السياسية ممكنًا في بعض التجارب الثورية في العالم، فإن حرق المراحل “الثقافية” المتجذرة في المجتمع يكاد يكون مستحيلًا. مصر، ومجتمعات الربيع العربي لا بد أن تنهي “الحقبة الثقافية الوهابية” أولًا، عبر تجديد الفكر الإسلامي ذاته، قبل أن تحلم بالدولة المدنية الحديثة”.
كما يشير الكاتب إلى “أن الإسلاميين لم يحسنوا استثمار تجربتهم الأولى في الحكم، وفقدوا كثيرًا من رأسمالهم السياسي والأخلاقي الذي كان يمثل رصيدهم الجماهيري الأثمن”.
تحديات العملية الانتقالية في ليبيا، بول سالم وأماندا كادليك
يتحدث هذا الفصل عن أن “فرص نجاح العملية الانتقالية ليست قاتمة، (..) حيث يوجد توافق عام حول الخطوات الرئيسة التي يتم اتخاذها: إجراء الانتخابات، وصياغة الدستور الجديد، وإنشاء مؤسسات الدولة الديمقراطية”. ليورد الكاتبان، بعد ذلك، سردًا يحيط بسير الأحداث “من التحرير إلى الدستور”. كما يتطرقان إلى “المجلس الوطني الانتقالي” والجدول الزمني للمرحلة الانتقالية، إضافة إلى “الشؤون المالية والسياسية”. كما يتناول الكاتبان إلى “التحدي الأمني” المتمثل “بالكتائب والسلطات المركزية”، والذي عده الكاتبان “أكبر تحدٍ مباشر للعملية الانتقالية في ليبيا”. كما يعرض الكاتبان ماهية تحدٍ آخر متمثل بـ”إعادة بناء القوات النظامية”، الأمر المرتبط بتحدٍ جديد هو “المخاوف العابرة للحدود”.
من التحديات المهمة الأخرى التي يتناولها الكاتبان، والمتعلقة بالعملية الانتقالية وسيرها، مسألة “التحديات الانتخابية” ومن ضمنها تحدي “تحديد الأهلية”. لينتقل الكاتبان إلى تناول ما يتعلق “بمشهد الأحزاب السياسية”، ويتطرقان إلى مسألة “صياغة الدستور” التي تنطوي على تحدٍ آخر متمثل “بتشكيل لجنة لصياغة الدستور”. كما ناقش هذا الفصل، “الصراع بين زعماء من الشرق والجنوب، وبين زعماء طرابلس والغرب، حول “الفدرالية واللامركزية”. وفي تناول “شكل السلطة التنفيذية وتفاصيلها” يمر الكاتبان على المحاججات التي قدمها كل من أنصار الأنظمة (الرئاسية والبرلمانية، والنظام شبه الرئاسي)، وعن “مكان الدين” في الدولة. ليفرد الكاتبان ما تبقى من هذا الفصل، في استقراء تحديات “ما بعد المرحلة الانتقالية”: بناء مؤسسات دولة فعّالة وشفافة، إكمال عملية دمج الثوار واستعادة احتكار الدولة للقوة، رعاية المجتمع المدني، وغيرها.
الكتلة التاريخية لثورة الحرية والتغيير في اليمن من التشكل إلى التفكك، عادل الشرجبي
يتناول كاتب هذا الفصل بداية الثورة اليمنية “بدأت من خلال نشاط عدد من الحركات الاجتماعية الجديدة التي شكلت الكتلة الحرجة للثورة، وفي مقدمتها “حركة 15 يناير الطلابية بجامعة صنعاء” “حركة شباب من أجل التغيير (إرحل) في تعز، حركة 3 فبراير في صنعاء”. كما يتناول كل حركة على حدة، تاريخها ودورها في ثورة اليمن، وعدَّ الكاتب أن “بيان 15 يناير الذي أعلنت فيه المنظمة الطلابية للحزب الاشتراكي اليمني بجامعة صنعاء، بداية كرة الثلج للثورة اليمنية”. ويضيف الكاتب: على الرغم من تواصل الأعمال الاحتجاجية الطلابية بشكل شبه يومي، إلا أنها لم تنجح في حشد الجماهير، وظلت محصورة في طلاب جامعة صنعاء، وبعض المثقفين والناشطين السياسيين والمدنيين، ومع انطلاق الثورة المصرية في 25 يناير، استلهم طلاب جامعة صنعاء، أسلوبًا جديدًا في نشاطهم الاحتجاجي، يتمثل في تحويل التظاهرات إلى اعتصام دائم (..)، كما شكل إعلان حسني مبارك تنحيه عن السلطة، دافعًا قويًا لشباب تعز، للاستجابة لمطالبة حركة 3 فبراير بالثورة على النظام”. وهذا ما حدث. ليتابع الكاتب سرد التفاصيل والمستجدات الاحتجاجية والسياسية؛ كما تناول الكاتب “مشاركة المرأة في الثورة”، ويذكر الكاتب اسم توكل كرمان، واسم بشرى المقطري، ودورهما في الاحتجاجات، وما تتبناه الأخيرة، من مشروع للتغير. كما رصد الكاتب، الإجراءات التي قام بها نظام صالح ضد الثورة، وتناول، أيضًا، دور عبد الملك الحوثي في الاحتجاجات. ليتناول –بعد ذلك- “تفكك الكتلة التاريخية” مركّزًا على المبادرة السعودية “الخليجية” وعنوانها “رحيل صالح عن السلطة دون إسقاط النظام”. (..) هكذا استطاعت السعودية إقناع النخب السياسية والاجتماعية والعسكرية التي أعلنت دعمها للثورة وحماية الثوار، بتبني مقاربتها للتعامل مع الثورة اليمنية، ويبدو أن استراتيجية المماطلة والتهرب التي اتبعها صالح في التعامل مع توقيع المبادرة الخليجية، كان وراءها السعودية وليس هو فقط، وذلك من أجل ترتيب أوضاعها، ومن أجل البحث عن بديل ملائم لليمن”.
عد الكاتب “أن التحاق القوى التقليدية بالثورة؛ قد شكل بذرة تفكك الكتلة التاريخية للثورة”، وبدأ مع تلك البذرة، الانقسام والتفتت. ثم ينتقل الكاتب إلى تناول “مستقبل الثورة” وأهم التحديات التي تقف أمام إنجاز أهداف الثورة الشعبية اليمنية”.
البحرين بين الكماشة وحلم الديمقراطية، غنية عليوي
تتناول الكاتبة في فصلها هذا تاريخية الاحتجاج في مملكة البحرين، فقد عدت الكاتبة أن “الحركات المطلبية ظاهرة ملازمة للمجتمع البحريني” منذ 1919، حيث ثورة الغواصين. وتمر الكاتبة على تناول كل من: هيئة الاتحاد الوطني عام 1954، ومطالبه: انتخاب برلمان وطني، وضع قانون مدني وجنائي موحد. كما تعرّج الكاتبة على انتفاضة مارس 1965 التي بدأت بإضراب عمالي.
وتنتقل الكاتبة إلى مرحلة انتهاء الوجود الإنكليزي في البحرين لمصلحة الوجود الأميركي، وترتيبات المنطقة “طالبت إيران بأحقيتها في حكم البحرين، وجرى استطلاع لآراء المواطنين، سنة 1970، وكانت أغلبية آراء المواطنين في البحرين تميل إلى تأسيس دولة مستقلة، واتضح لاحقًأ، أن بريطانيا وأمريكا، قد أعطيتا إيران الجزر العربية الثلاث (طمب الكبرى، وطمب الصغرى، وأبو موسى) مقابل تخلي إيران عن مطالبتها بالبحرين”. لتستكمل الكاتبة سردها التاريخي وصولًا إلى عهد الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، مرورًا “ببرلمان 1974 وقانون أمن الدولة” وصولًا لـ “سياسة الاحتواء والاختراق” وهي ما انتهجته حكومة البحرين لاحتواء الحركات الوطنية. كما تناولت الكاتبة أحداث الثمانينيات، والمتزامنة، وأحد أسبابها، انتصار ثورة الخميني. وانتقلت الكاتبة إلى الحركة الشعبية في التسعينيات “الانتفاضة التسعينية” 1994-2000م التي ضمت قوى يسارية وليبرالية وإسلامية، وتلخّصت مطالبها في إعادة الديمقراطية من خلال إعادة انتخاب المجلس الوطني، والإفراج عن السجناء السياسيين، وإعادة المنفيين، ومنح المرأة الحقوق السياسية والمدنية.
ومن مسارات الاحتجاج في البحرين، “حركة 14 شباط” ومواكبة الربيع العربي، ومحاولة الحركة محاكاة آليات ووسائل الاحتجاج التونسية والمصرية. كما تشير الكاتبة بوضوح إلى الإجراءات القمعية والاحتيالية التي قام بها الملك حمد لإنهاء الحراك ضده بالعنف حينًا، وبمحاولة شراء الشارع حينًا آخر. كما تسرد الكاتبة أهم محطات الحراك، الاعتصام في دوار اللؤلؤة، وموجات العنف التي تعرض لها المحتجون. وصولًا إلى وثيقة “المنامة” وهو ما صاغته خمس جمعيات سياسية معارضة، بعنوان: طريق البحرين إلى الحرية والديمقراطية.
في الجذور الاجتماعية والثقافية للفاشية السورية، ياسين الحاج صالح
“ينظر هذا النص في ثلاثة تكوينات اجتماعية وثقافية، غذت هذا العنف المهول (..) وهي العروبة أو الصيغة البعثية من القومية العربية، ثم الطائفية (..) ثم البرجوازية الجديدة، وهي الطبقة التي تكونت في كنف النظام الأسدي”. المقصود بالفاشية –بحسب الكاتب- العدوان العنيف على العامة، واسترخاص حياتهم وحريتهم وكرامتهم، واستخدام منهج الحملات التأديبية في التعامل مع احتجاجاتهم.
في تناول “الصيغة البعثية من القومية العربية” يقول الكاتب: إن الوظيفة الأبرز للعروبة البعثية، تتمثل في فرض مجانسة سياسية وفكرية تامة في الداخل السوري، تتطلع إلى التطابق التام بين السوريين كلهم وحزب البعث بوصفه حقيقتهم، (..) لكن التطابق بين النظام والوطنية سهّل تضييق الشق بين النشاط المعارض والتعامل مع العدو، فسورية في حالة “حرب” مع العدو الصهيوني، (..) وكل معارضة داخلية هي إضعاف للوطن أو تواطؤ مع العدو”.
عن “الطائفية وبناء الكراهية” يتناول الكاتب، الآليات الطائفية التي أسسها وقوّاها حافظ الأسد، نظامه وسلطته، ومن هذه الآليات “إشاعة الاعتقاد بأنهم سيقتلونا إن لم نقتلهم، وهذا خوف يبدو مستغربًا ولا أساسًا واقعيًا له في تاريخ سورية الحديث، لكن يبدو أن السند الأقصى للتماثل الطائفي والتمييز الحاسم بين “هم” و “نحن” أو هو التأسيس الأصلب لضرب من الطائفية المطلقة التي تحاكي العروبة البعثية المطلقة”.
وعن “البرجوازية الجديدة وثقافتها” يقول الكاتب: مكونة نواتها الصلبة من أبناء المسؤولين وأتباعهم، (..) رامي مخلوف، هو رمز هذه الطبقة. ويستكمل الكاتب: وبالتناسب مع ظهور البرجوازية الجديدة وموقعها في السلطة العمومية، تجري اليوم خصخصة جزئية للعنف المضاد للثورة، ليس فقط من حيث القائمون به “الشبيحة” بل كذلك من حيث ممولوه.
من الخلاصات التي أوردها الكاتب: “القومية العربية المطلقة، هي القالب الذهني الأساس والطبقة الأعمق من تسويغات الفاشية السورية”، “الطائفية هي مصدر التغذية الانفعالي الذي يشحن الفاشية السورية بالعاطفة ويؤسس للتفاصل بين السكان”، “أما الامتيازات الطبقية للبرجوازية الجديدة، فهي المصلحة التي يجري الدفاع عنها”.
المغرب: تحول في إطار الاستمرارية، عبد العزيز قراقي
يقول الكاتب: إن فهم الحراك السياسي في المغرب، يقتضي فحصه من خلال مسار حقوق الإنسان، ومنعطف تداول السلطة، ثم مخرجات الربيع العربي. ويضيف: إن ظهور المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، تؤشر إلى تحول نوعي على مستوى علاقة المجتمع المدني بالسلطة السياسية. ويعلّق: أصدر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان توصية تتعلق باستحداث لجنة تسمى هيئة الإنصاف والمصالحة، بقصد الطي النهائي لملف انتهاكات حقوق الإنسان. حيث يعدد الكاتب هنا مهمات هذه الهيئة. لينتقل إلى مناقشة “تحقيق المساواة بين الجنسين” و”منعطف التداول على السلطة” والذي انطلق في المغرب بناءً على اتفاق بين الملك الراحل الحسن الثاني وعبد الرحمن اليوسفي زعيم الاتحاد الاشتراكي.
كما يتناول الكاتب مسألة “القوى السياسية الإسلامية” في المغرب، وحول هذا يقول: عرف المغرب لفترات طويلة انسجامًا تامًا بين الدين والسياسة، وكرّس الدستور المغربي ذلك، باستمرار الفصل التاسع عشر، والذي عد الملك أمير المؤمنين، منذ ستور 1962 إلى دستور 1969.
حول “مخرجات الربيع العربي” يقول الكاتب: لم يكن من الممكن أن يبقى المغرب العربي في منأى عن التحولات التي أحدثتها ثورة تونس، (..) حيث أطلقت السلطة السياسية مبادرة لتعديل الدستور، (..) وقد سمحت فترة إعداد الدستور لجميع القوى السياسية بالتعبير عن مواقفها منه، وبرزت مسألة الملكية البرلمانية على أنها اختيار بديل وضع له البعض مرتكزات محددة وكان على رأسها: الاعتراف الصريح بأن الشعب هو صاحب السيادة والمنبع الأصلي للشرعية ومصدر كل السلطات. ويختتم الكاتب بالقول: لقد أكد الربيع العربي أن البلاد التي كانت فيها إمكانية الحوار منعدمة أو تكاد، أدت إلى سقوط أولئك الحكام، أما البلاد التي توفرت فيها إمكانات الحوار، فقد كانت الثمرة، هي تحقيق مكتسبات مهمة على طريق ترسيخ الديمقراطية.
الربيع العربي في طبعته المغربية، أحمد الخمسي
يقول الكاتب في فصله هذا، بغض النظر عن دور المخابرات وردود أفعالها تجاه الاستعدادات الشبابية، منذ أول دعوة على صفحات فيسبوك للنزول إلى الشارع، أسوةً بتونس ومصر، تميز سلوك الدولة بمستويين: مستوى التكيف مع الاحتجاجات، ومستوى تحريك المؤسسات وخلق أجهزة أو تعديل مسميات قديمة بأسماء جديدة؛ لاستيعاب الرأي العام الناتج عن الاحتجاجات، لتبقى الدولة سيدة المبادرة السياسية. (..) تحولت المؤسسة الملكية إلى قيادة سياسية فاعلة في الجزء المغربي من الربيع العربي، عندما سمحت بنوع من الندية لحركة 20 فبراير، بوصفهم فاعلين سياسيين جدد، من صلب الحركة والاحتجاج. ويضيف الكاتب: إن اكتشاف منفذ تفجير مقهى الأركانة ألقى الضوء على مدينة أسفي، وعلى حضور الحركات الدينية ضمن حركة 20 فبراير، (..) ولأن الدولة تحسّبت لما قد ينشأ من تحول خطر في تجربة الحركة الاحتجاجية بأسفي، بكونها نموذجًا لمدن أخرى، فقد شددت سلطات البوليس المعاملة العنيفة مع المتظاهرين هناك، ما أدى إلى سقوط أول قتيل من حركة 20 فبراير”.
في نهاية السرد الذي قدمه الكاتب، لأهم محطات الحراك الاحتجاجي في المغرب؛ طرح سؤالًا حول: هل يعيش المغرب تأسيس دولة ديمقراطية جديدة؟ وفي معرض إجابته يقول: تعد الإجابة بنعم، تبنيًا لموقف الاتحاد الاشتراكي، (..) الذي عاين ما كان يقتضي الطعن في الكيفية التي مارستها الدولة للتعبئة من أجل التصويت بنعم على دستور 2011، (..) واتضح أن المفاوضات مع الدولة، ورطت الاتحاد الاشتراكي في مساندة الدولة في أن تشرف وزارة الداخلية، على أنها سلطة متبقية من عهد ما قبل الدستور وما قبل الربيع العربي، على تنظيم الانتخابات”. ويختتم الكاتب بقوله: انطلق الموسم السياسي لما بعد الربيع العربي وما بعد تبني الدستور الجديد، بإنشاء تحالف من ثمانية أحزاب، التحقوا بالموالاة، ما ألقى بظلال التراجع المطلق عن التنزيل الديمقراطي للدستور.
الحراك السياسي في الأردن، موسى شتيوي وسليمان صويص
في “المشهد الخلفي للحراك السياسي” في الأردن؛ يتناوله الكاتبان بدءًا من عام 1967 وإعلان حالة الطوارئ، إلى احتجاجات 1989 في مدينة معان التي امتدت إلى باقي مدن المملكة، نتيجة الأزمة الاقتصادية، مرورًا بـ “العنف المجتمعي” الذي اندلع في نهاية 2008 وامتد لأكثر من عامين.
“ونتيجة مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية” بدأت مظاهر الاحتجاجات على الحكومة تأخذ منحى جماهيريًا في أواخر 2010، وانتشرت الاحتجاجات المطلبية قبل اندلاع ثورتي تونس ومصر، ومع اندلاعهما؛ أخذت المشاركة الشعبية في الاحتجاجات تمتد وتأخذ أبعادًا جديدة”. ليتناول الكاتبان مسائل عديدة متعلقة بالحراك، منها: “أنماط التعبير والاحتجاج” و “قضايا ومطالب الحراك السياسي” و”الإصلاح السياسي بين المطلوب والممكن”.
في الفصول الأخيرة من هذا الكتاب، تتناول الكاتبة مائلا بخاش موضوع “النساء في الثورات العربية”، إذ تناولت: التنوع الذي صبغ مشاركة النساء في كل بلد خلال الثورة: مواصفتها، العلامات الفارقة، عناصر القوة، وأهم التحديات في الفترة الانتقالية التي تعيشها كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، ومن ثم إلقاء الضوء على أهم القضايا المشتركة لنساء بلدان الربيع العربي.
كما يتناول نزيه درويش، دور الإعلام الاجتماعي في الربيع العربي، ولينتهي الكتاب بما كتبه زياد ماجد حول “خلاصات أولية: أي تحديات ما بعد الثورات”. يقول الكاتب: يمكننا الوقوف على مستويات ثلاثة من الاستنتاجات بعد مضي عامين ونص العام على انطلاق الحراك التغييري في بلدان الربيع العربي، (..) المستوى الأول، مرتبط ببعض الأوضاع التي تضافرت لتجعل الثورات ممكنة ابتداءً من أواخر 2010. المستوى الثاني، مرتبط بما يُعد إنجازات يصعب على أي نظام عربي الانقلاب عليها مستقبلًا. المستوى الثالث، يتعلق بالتحديات القائمة نتيجة ما يمكن تسميته بعودة السياسة، والانتخابات، والخيارات، والمقايضات.