تعدّ عودة الحركة الديمقراطية السورية إلى النشاط بصيغتها “الليبرالية” حديثة العهد نسبيًا، إذ تواكبت هذه العودة مع سقوط الاتحاد السوفياتي، وجدار برلين واجتياح رياح الديمقراطية كثيرًا من بلدان شرق أوروبا، وغيرها من البلدان ذات الحكم الشمولي. حينها برزت جمعيات حقوقية في أكثر من بلد عربي، تبنت الفكر الديمقراطي المرتبط ارتباطًا وثيقًا بمنظومة حقوق الإنسان. وفي هذا السياق كان إنشاء لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية 1989 فاتحة عهد جديد، في الفكر الديمقراطي وقضايا حقوق الإنسان في سورية، تلتها مجموعة من الحالات السياسية الديمقراطية، ولجان إحياء المجتمع المدني ومنتدى الأتاسي، وغيرها.
أدى ظهور التيار الديمقراطي إلى خلق إيقاع دينامي جديد في الحقل السياسي السوري، على الرغم من القمع السلطوي الوحشي الذي ناله، والذي ساهم إلى حدٍّ ما مع عوامل خارجية سبق ذكرها، إلى إحداث تصدعات في المشهد السياسي والفكري السوري، انعكست على الأحزاب الشمولية الكلاسيكية القائمة حينذاك، بحدوث انشقاقات فكرية وتنظيمية داخلها، لصالح المسار الديمقراطي “الليبرالي المصبوغ بصبغة يسارية”. فمن انشقاق المكتب السياسي وتشكيل حزب الشعب الديمقراطي، إلى انشقاق حزب العمل الشيوعي على الأرضية ذاتها، بيد أن سياق تطور هذه الخلافات السياسية، أكدّ على عدم نضوج التوجه الديمقراطي بالقدر الكافي، لتمثيل العقل والثقافة الديمقراطية، على الأقل على مستوى النهج السياسي، كتحالف حزب الشعب الديمقراطي مع حركة الإخوان المسلمين المناهضة أيديولوجيًا لأيِّ حركة ديمقراطية.
جاءت انتفاضة 2011 لتكشف هشاشة هذا التيار، بمختلف توجهاته وتعبيراته، وعجزه عن التجاوب مع التحديات التي طرحتها الانتفاضة السلمية في بداياتها الأولى، هذا العجز أدى إلى إقصائه عن دائرة الفعل السياسي، وترك فراغًا سياسيًا في المشهد السوري، ملأه التيار الديني السلفي، إلا أنه، وعلى الرغم من هذا الانكفاء للتيار الديمقراطي، وعزلته، فإنّ الواقع السياسي أفرز مزيدًا من المجموعات المبعثرة تنظيميًا، التي تنادي بقيم ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإن كانت بصورٍ سياسية مختلفة.
وقد طرح هذا الواقع تحديًا مصيريًا، يمسّ الوضع الراهن لتلك المجموعات، ومآلاتها المستقبلية، يتمثل بأهمية اتحاد أو تحالف هذه “المبعثرات الديمقراطية”، في كيان سياسي متماسك تنظيميًا، ومتوافق فكريًا.
شروط التحالفات
من المنظور السوسيولوجي العام، تنبع الحاجة إلى قيام تحالفات بين القوى السياسية، من ضرورة خلق إمكان تعديل ميزان القوى، في المعترك السياسي القائم في المجتمع المعني، ومحاولة كل تيار أو قوة سياسية، أن تُميل كفة الميزان لصالح مشروعها، عبر التحشيد السياسي والشعبي لهذا المشروع، ما يقتضي توافر مجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية، وتهيئة المناخ للقيام بهذا الإجراء، ويمكن لنا الإشارة بهذا الصدد إلى عوامل ثلاثة ذات أهمية، تساهم في تشييد التحالف المنشود.
العامل الأول: أن تشتغل هذه القوى في خضم المعترك السياسي، وعلى الأرض مباشرة، ما يجعلها فاعلة ولو بالحدود الدنيا في مسار العملية السياسية الجارية في البلاد.
العامل الثاني: أن تمتلك هذه القوى (الإرادة السياسية) لإنشاء التحالفات المطلوبة، وتحديد مستوى وصيغة هذه التحالفات.
أما العامل الثالث، وهو الأهم: ضرورة وجود مشروع ونهج سياسي، محمول على رأس مال رمزي، تتبناه شرائح اجتماعية، تدافع عنه، وتمنحه القدرة على الحركة، والتفاعل مع الواقع السياسي ومعطياته، بما يوفر (الإمكان) لإجراء فعل التحالف المطلوب.
واقع الحال
يشير واقع الحال إلى أن فائض القوة المفرطة التي استخدمتها الدول الكبرى المتدخلة في المسألة السورية، في تنفيذ سيناريوهاتها، لرسم المشهد السياسي السوري، وتحديد مساراته ومآلاته، قد أخرج السوريين بمختلف مواقعهم (موالاة/معارضة) خارج حلبة اللعبة السياسية، المقررة لمصيرهم، وأضحوا بذلك أوراقًا هامشية، إما تتلاعب بها وتديرها تلك الدول، أو مجرد أوراق شجر خريفية، تتلاعب بها رياح المناخ السياسي المعقد، والمتعدد المستويات والاتجاهات.
لم تكن الحركة الديمقراطية السورية خارج أزمة التهميش والإقصاء تلك، بل ربما كان وقع الأزمة أشدّ وطأة عليها مما هي على القوى المعارضة الأخرى، فعلاوة عن الغربة الجغرافية لمعظمها، واغترابها الفكري، جاء المدّ الديني الجارف، الذي تصدر المشهد السياسي المعارض للنظام، معتمدًا على التحريض الأيديولوجي الشعبوي الرث، لشرائح شعبية مستلبة الوعي، لصالح ثقافة دينية قومية، مترافقًا مع بذل الجهد لإيقاظ نزعات ما قبل وطنية، مضادة للفكر الديمقراطي، ليفاقم من تعقيد وضع الحركة الديمقراطية، ويزيد من المصاعب والعراقيل، في سعيها للخروج من شرنقتها، ويحدّ من عملية انتشارها الاجتماعي، ولا شكّ في أن قمع النظام ومنذ بدء الانتفاضة للناشطين الديمقراطيين، والتركيز على تشتيت قواهم، بكل الوسائل الوحشية التي ابتدعها، من قتل وتشريد واعتقال وملاحقة، للإجهاز عليهم، لعب دورًا أساسيًا في إلحاق أبلغ الضرر في مسار العمل الديمقراطي وتعبيراته.
لم يكن العامل الموضوعي وحده، هو المسؤول عن عملية الإقصاء، والتشرذم، والضعف، الذي يعيشه التيار الديمقراطي، فقد لعب العامل الذاتي دورًا أساسيًا أيضًا، في مزيد من الانحسار، والانكفاء، والتشتت، والاستكانة لهذا الوضع المزري.
تبلورت الحركة في بروز ظواهر هوائية تفتقد إلى أيّ قيمة سياسية وآفاق عملية، فمن المؤتمرات العابرة، إلى كثرة الإعلان عن الهيئات والكيانات الإسمية، إلى تزايد الجدل النظري السفسطائي غير المجدي، جميعها تحمل دلالات واضحة، عن حصول افتراق أو انفصال عن الواقع، وعن حالة الضياع، وقصور في قدرة الوعي الذاتي عن هضم الواقع واستيعابه.
متلازمة التشظي السوري و”ارتكاس الإرث الاستبدادي”
لم تقتصر نزعات التشرذم والتّشظي، وتفاقم مرض التوالد، والانشقاق، على الكيانات الجماعية التي تعمل في الحقل السياسي السوري العام، وعلى المجموعات المشتغلة في الشأن الديمقراطي فحسب، بل إنها طاولت الأفراد الناشطين في هذا المجال أيضًا، ونال منها ما نال من ناشطي الحركة الديمقراطية، حيث برزت أعراض تلك الحالة، بتمدد الناشط، وتحوله إلى أخطبوط سياسي، فنراه تارة عضوًا في حزب يدعو إلى الديمقراطية، وتارة أخرى عضوًا في حزب آخر، يرفض الديمقراطية ويدعو إلى دولة مدنية، أو ينتمي إلى حزبين متناقضين من حيث الرؤية والبرنامج، كالانتماء إلى حزب قومي، وآخر أممي، عداك عن مزاجية الانضمام، واستسهال الانسحاب، والانتقال المتتالي من كيان إلى آخر، من دون أدنى شعور بالمسؤولية.
على الأغلب يجد هذا المرض جذوره، ليس فحسب في الاستبطان اللاواعي لمحمولات الإرث الثقافي الاستبدادي، الذي استحضر بفعل تحريض قطيعي زائف، عممته قوى الطغيان الديني والسلطوي، وفي الحرمان السياسي المزمن، الذي مارسه النظام على الشعب السوري، وإنما يكمن أيضًا في انهيار التماسك النفسي، والفكري الداخلي للناشط، والذي تتجلى إحدى أهم مظاهره في النزعة القوية، لامتلاك أكبر حصة من كل شيء، حتى لو أدى ذلك إلى عدم حصوله على أي شيء مما أراده، وألّا يناله سوى تبديد الجهد، والوقت، والغرق، في مزيد من الضياع والتشتت. ومن جهة أخرى، يعكس هذا التمدد الأخطبوطي للناشط، خفة سياسية، وهشاشة في انتمائه الوطني، وفهم مشوه للوطنية والعمل الوطني الديمقراطي، ويعكس أيضًا مدى استناده على نرجسية شخصية بحتة، وتوق مرضيّ للظهور.
الديمقراطية الكردية والرهان القلق
لم تكن الحركة الكردية السورية بشقيها الرئيسين، “الإدارة الذاتية” وتعبيراتها السياسية المختلفة من طرف، و”المجلس الوطني الكردي” من طرف آخر، بمنأى عن المسار المتعثر للحركة السورية السياسية العامة، فكلا الطرفين الكرديين مقربان بهذا المقدار أو ذاك، من الولايات المتحدة أو من تركيا، من دون إغفال العلاقة الملتبسة للإدارة الذاتية بالنظام السوري، علاوة على الولاءات الفرعية ذات الطابع القبلي أو السياسي الكردي القومي لإقليم كردستان، بشقيه البارزاني والطالباني، بل زادت عليها في المواقف السياسية لتلك الحركة، والتي بدت مرتبكة وغير مستقرة، “براغماتية” ربما تاخمت حدود الانتهازية السياسية.
أوصلت هذه المواقف والسلوكيات المتباينة حواضن الطرفين إلى حالة من التمزق السياسي والعداء، لم تنفع معه الضغوط الأميركية حتى اللحظة، في إنجاح أي تقارب بينهما عبر الحوار الكردي-الكردي، وانعكس هذا التخبط السياسي بصورة سلبية على صناعة “الاستراتيجيات” لدى الطرفين، والتي تفتقد إلى الوضوح والشفافية والتماسك.
وجد المجلس الوطني الكردي مُستقرًّا له في ما يسمى “الائتلاف الوطني”، الذي تسيطر عليه حركة الإخوان المسلمين، المدعومة بشكل مباشر من تركيا، ونرى أن الإدارة الذاتية وملحقاتها السياسية، قد فشلت في بناء جسور من الثقة السياسية مع القوى الوطنية، والديمقراطية السورية، على الرغم من أنها تطرح نفسها بديلًا وطنيًا ديمقراطيًا، ومركز استقطاب افتراضي، ورافعة سياسية للحركة الديمقراطية السورية عامة، لكن نَوسان حركتها واستراتيجيتها، ما بين الانشغال الكلي في تحقيق مكاسب تخصّ القضية القومية الكردية، وبين محاولة الاستثمار في البعد الوطني السوري، تمخضت عنه نتائج سلبية عكسية، إذ خلق هذا التأرجح شعورًا شبه يقيني لدى أغلبية القوى الوطنية السورية الأخرى، ولدى أغلبية القاعدة الشعبية السورية “العربية خصوصًا” بوجود نزعات انفصالية لدى هذه الحركة، ترافق مع شكوك لدى أغلبية هذه القوى الوطنية السورية، بمدى صدقية الطرح “الوطني” للإدارة الذاتية وملحقاتها السياسية، وخلق نوعًا من الشكوك القوية حول وجود نزعة انفصالية لديها، عززه استيلاء (قسد) على أراض سورية واسعة من جهة، وبسط سلطة الأمر الواقع، وسياسات تعليمية ذات طابع أيديولوجي، وارتباط هذه التجربة بحزب تركي شمولي يكرس عبادة الفرد pkk من جهة أخرى.
نهاية القول، إن الحركة الكردية خسرت رهاناتها حتى اللحظة، في أن تتبوأ ما كانت تصبو إليه أو ما كان يفترض بها أن تكون “رأس حربة” لقوى الحركة الديمقراطية السورية، يُسمح بالاستناد إليها كحائط قوي، أو الرهانِ عليه لنجاح المشروع الديمقراطي.
مهّد هذا الفشل الطريق لظهور حالة من التنابذ والاحتقان الكردي/ العربي، إن صحّ التعبير، بدأ يتنامى ويتصاعد لنشهد نشوء بضعة حالات شوفينية قومية متعصبة لدى الطرفين، ذات طابع شعبوي رثّ، ينذر بمستقبل كارثي على مستوى العلاقات بين المكونات السورية، والحال يفرض على كلا الطرفين (الكرديين) لتجاوز الأزمة، أن يعيدا تقويم سياساتهما واستراتيجياتهما، على أسس وطنية سورية، أكثر تجذرًا وشفافية، تؤدي إلى إعادة بناء جسور الثقة في ما بينهما، ومع الأطراف السورية الأخرى، ويفرض على الأطراف العربية أن تتبنى استراتيجيات أكثر تفهمًا للواقع الجيوستراتيجي، المتمثل في أحد جوانبه، بوجود تنوع قومي وإثنيٍّ مرتبط بوعي التمايز بين المكونات السورية.
إن التخندق وراء الفكر القومي العربي، والديني الإسلامي، وعدم إبداء أيّ مرونة تجاه التغييرات الجارية، على صعيد الفكر السياسي، يؤسس حتمًا إلى مزيد من المواجهات المجهولة الآفاق، التي تضر ضررًا بالغا بمستقبل سورية الديمقراطي، الوطن والدولة الواحدة.
مؤشرات لا يمكن تجاهلها
على الرغم من تعقيدات الوضع السوري الذي وصل إلى حدّ الاختلافات الشائكة، وضيق الحيز الإيجابي، للوصول إلى أيّ تسوية للمسألة السورية، لصالح الشعب السوري وتطلعاته في بناء دولة ديمقراطية، ثمّة مؤشرات ضعيفة طرأت على المشهد السياسي العام، تحمل شحنات إيجابية، من دون الوقوع في وهم الركون إليها كليًا، تسمح للمشروع الديمقراطي بهذا القدر أو ذاك، الاشتغال عليها والاستثمار فيها.
المؤشر الأول: يتعلق بالإدارة الأميركية الجديدة، حيث أرى أن السياسة الأميركية ستعود إلى طبيعتها المعتادة، بعد القطيعة التي أحدثتها الفترة الترامبية، أتوقع معها وبعد فشل سياسة إدارة أوباما الديمقراطية، في الرهان على المشروع الإسلامي، والتعاطي الإيجابي مع تعبيراته، أن توجه بعض أنظارها نحو المشروع الديمقراطي، والرهان عليه، لا بديلًا، بل رديفًا لإعادة توازن القوى المحلية، في عملية إجراء تغييرات تقود إلى الخروج من النفق السوري وصوغ سورية جديدة.
الثاني: إن المزاج المتنامي للقاعدة الشعبية، بدأ بالانزياح نحو معارضة جميع المشاريع القائمة راهنًا (المشروع الإسلامي-القومي والمشروع السلطوي، والكيانات السياسية القائمة عليهما، المفروضة قسرًا) هذا التحول التدريجي في المزاج الشعبي، وحتى لدى النخبة، والذي نتج من انكفاء، ما لم نقل انهزام المشروعين الإسلامي والقومي، ربما يوفر مساحة طيبة، تسمح بالاشتغال عليها ديمقراطيًا وتطويرها إلى حالة شعبية مناصرة للمشروع الديمقراطي.
الثالث: العقوبات الاقتصادية الأميركية المتعاظمة، على الرغم من أن النظام وبفضل خبرته، بالاشتراك مع الخبرة الإيرانية، في التعاطي والالتفاف، حول حالات الحصار والعقوبات الاقتصادية، والبراعة في إحالتها فوق أكتاف الشعب السوري، وتحميله أغلب عواقبها الوخيمة، على حساب أوضاعه المعيشية، ودفعه إلى حافة الجوع والفقر، بيد أنها في آن تصيب إلى حد ما، الحلقة الصلبة للنظام. تجدر الإشارة هنا بشكل خاص إلى العقوبات الأخيرة، حيث طاولت المصرف المركزي، وما يعنيه ذلك من ضرر اقتصادي بالغ، يصيب قلب النظام المالي والاقتصادي، للدولة والنظام والعائلة المالكة، الأمر الذي قد يزعزع تصلّب تلك الحلقة المتصلبة وما ينبثق من ذلك من تغييرات إيجابية.
الأمل صناعة، وليس انتظارًا
في ظلّ هذا الوضع الرمادي والشائك للحركة الديمقراطية، والمشحون بكثير من التشاؤم والإحباط، تندر الخيارات وتتقلص إلى حدودها الدنيا، إلا أن سبل الخلاص تبقى قائمة، وإن كانت في أشدّ المناطق والزوايا عتمة، فلو أمعنا النظر في المشاريع، والرؤى السياسية، لكثير من المجموعات والأحزاب التي تتبنى الديمقراطية، سنكتشف من دون أدنى عناء، مدى التماثل والتوافق في المبادئ العامة، والخطوط العريضة، مع السعي لإيجاد معايير متفق عليها لتفسير المفاهيم الأساسية، تسهّل عملية التقارب والاتحاد بينها، بما يقتضي الحال تغليب الإرادات على الإغراق في جدل النظريات، وكبح جماح الانغماس بالإشكاليات النظرية المجردة، وفتح الطريق واسعًا للفعل السياسي العملي، الساعي للتوحيد، بأشكاله المختلفة، بين كيانات الحركة الديمقراطية، لتتمكن من تحقيق توازن دقيق بين النظرية والعمل السياسي المباشر.
إن خلق وإعادة إحياء الإرادة السياسية، ذات السمة النضالية البعيدة، عن المناورات الرثّة الهادفة إلى تلميع أو تعويم شخصيات معينة، لا بدّ أن يتمخض عن هذه الصيرورة. وإن إمكان قيام كيانات ديمقراطية مستقلة، تُحدث تغييرات في الواقع السياسي السوري، وتفرض على مراكز القرار السياسي الدولي الفاعلة في المسألة السورية، التعاطي معها على الأقل، كشريك إلى جانب الكيانات الوطنية الأخرى، فضلًا عن كون وجودها يخفف من هيمنة الثقافة الدينية، والاستبدادية السائدة في المجتمع، والمعيقة لأيّ تحول ديمقراطي عميق.
عمليًا، التركيز على المعاناة اليومية للشعب السوري، وعلى حاجاته المعيشية وقضاياه المطلبية، في الحرية والعيش الكريم، يعدّ وسيلة أساسية، لتوسيع مروحة الحاضنة الديمقراطية.
ختامًا:
ربما تكمن كلمة السرّ لإحداث اختراق أوّلي بهذا الستار، في استنهاض الروح الوطنية، وإعادة استحضار عزيمة الكفاح الديمقراطي.