العتبات النصيّة في الرّواية السجنيّة في تونس بعد الربيع العربي

مقدمة
نشأ جيل المثقفين التونسيين على إيقاع عبارة أثيرة في نفوسهم، قدّها الأديب محمود المسعدي (بين 1911 و2004م) من صميم تأصيل كيان تجربته الإبداعية خلال الحربين العالميتين وفترة الاستعمار، وهي أنّ “الأدب مأساة أو لا يكون”، ومن ثم اتسع حجم المأساة لينفذ إلى أعماق الأنفس، فتنقله بصدق العبارة، وخالص الإشارة، لتصوير معاناة تونس بين حقبتين من الاستبداد، فكانت الكلمة رسالةً، والحكاية ملحمةً، والقصّة أسطورةً من عالم اليوم لا الأمس البعيد.
ولمّا حانت فرصة خوض تجربة النضال في مواجهة الاستبداد، انبرى الكتّاب والمناضلون يدوّنون مأساتهم بحجم شوقهم إلى الحرّية، وبحجم الطوق الذي يكبّلهم، فانبلجت نصوص لا تخلو من تدوين مشاهد العذاب الجسدي، والعذوبة النفسية بالتخلص من الألم الجاثم، أي بعبارة محمّد التومي تصوير الانتقال من محنة السّجن إلى “محنة الكتابة”.
ولا تكمن مأساة الكتابة في المتن الحكائي فحسب، بقدر ما تنطّ منذ العتبات الأولى من الحكاية أو الرّسالة أو المذكرات، لتفيض على أرجائه، شاهدةً على أنّ الألم أعدل الأشياء قسمةً بين مكوّنات حياة المناضلين، واقعًا وتوقّعًا، وحقيقةً وخيالًا، وتصوّرًا وتصويرًا، فيستوي في ذلك المتن والهامش، والمركز والأطراف.
لذلك نتوقف عند خطاب العتبات النصية في الكتابة السجنية، بوصفها نصوصًا موازيةً لا تقلّ شأنًا عن الحوادث والحديث، ونتخذ من التجربة الإبداعية في تونس أنموذجًا لما تنطوي عليه من عمق تاريخي لا يزال مغمورًا قياسًا على ما شاع من أنباء “شرق المتوسط”، وما تحفّ به من رمزية موصولة بمهد الربيع العربي.
ولا يعني هذا التوقف تهميش الوقائع التي نحتها أصحابها من رحم آلامهم، ولا الاستخفاف بقدراتهم في نسج الحكاية الطريفة والملحمة الظريفة، بل توسيع دائرة الاهتمام ومجاله، للحفر بدقة في طبقات المأساة الجاثمة في مختلف أرجاء النصوص التي تهجس بعشق الوطن.
إننا نتساءل إذًا عن ماهية الكتابة السجنيّة شكلًا ومضمونًا، ونبحث في دلالات النصوص الحافة والموزاية لنستكشف المعاني الثاوية فيها وفي النصوص المنطوقة، فما يرسمه السجين بالصمت أبلغ مما يقدّه أحيانًا بصرخاته، وقد يكمن ذلك الصمت في الصورة، أو الكلمة المندسة في الصفحات الأولى التي يتخطاها القارئ المتلهف من دون أن يلقي لها بالًا، أو في عبارة طائشة تبدو غير ذات معنىً من أول وهلة.
فما خصائص النصوص الموازية في عتبات النصوص السجنية في تونس؟ وما أبعادها القصدية ومستوياتها التأويلية التي يمكن استخلاصها وترجمة أشواقها وأطواقها؟ وما الوظائف التي تنهض بها؟ وإلى أي مدىً تشكل التجربة التونسية في الكتابة السجنيّة مدرسةً إبداعيةً؟ وما ضوابط الإبداع والتوثيق فيها؟
تقتضي الإجابة عن هذه الأسئلة استقراء المدوّنة الإبداعية التونسية بعد الربيع العربي بمختلف مسالكها الفنية والأيديولوجية للوقوف عند رسائلها الظاهرة والمضمَرة، والتعرّف إلى خصائصها الجمالية والتاريخية، إذ شهدت مرحلة ما بعد الثورة التونسية إنتاجًا وفيرًا في هذا المجال، بما يمثل مصدرًا ثريًا في استقصاء حقيقة هذه المرحلة.
على أنّ ذلك لا يعني ضرورة أن نشيح بوجوهنا عن التجارب المقارنة التي تمثل معينًا خصبًا في الدراسة، ولحظةً تأسيسيةً في هذا الفن تساعدنا في إدراك منابت اللحظة الإبداعية، أو ما يُطلِق عليها محمد لطفي اليوسفي لحظة المكاشفة الشعرية التي تنبثق منها الفكرة، ومنها تنقدح شرارة الصّورة والعبارة وبها يؤلَّف النسيج السردي.
أولًا: المدخل المفاهيمي
العتبات
حظي خطاب العتبات بالاهتمام بوصفه حقلًا معرفيًا مفيدًا في سياق دراسة النصوص، وتكمن أهميته في تجسير الصلة بالنص مباشرةً من خلال أركانه الداخلية والخارجية، من دون وسائط معرفية أخرى، وعلى الرغم من عراقة هذا المبحث في السياق العربي، فإن ترسيخ أركانه كان أمكن في السياق الغربي مع جيرار جينيت Gérard Genette، فقد أفاض الدلالة على النص لتتعلق بمحيطه ومختلف عناصره السابقة واللاحقة والظاهرة والمضمرة.
فبدأ التسلل من محبس السياقات النفسية والاجتماعية والتاريخية التي تدور خارج فضاء الإبداع، ليعود الاعتبار إلى النص ومحيطه، فيكون للمتقبّل دور في استخلاص الدلالة واستنباط المعنى خارج تأويلية المؤلف الذي بشّر النقد الحديث بموته.
ولمّا كانت آداب الضيافة العربية قائمةً على مقولة “وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا” فقد وجب احترام هذه القاعدة لبلوغ المرام، وإدراك مقصد الزيارة وغايتها، وغايتنا هنا استكناه بيت الرواية من داخله ومحيطه أيضًا.
ولمّا كان أوّل البيت عتـبته، فقد وجب الولوج عبرها حتى لا تكون حالنا كحال من يتسوّر البيت من دون أن يطرق بابه، ووجب الانتباه إلى أن الأبواب لا تترجم حقيقة البيوت سعةً وضيقًا ولا فقرًا وغنىً، فقد تكون دالةً على التواضع أو البهرج بخلاف حقيقتها.
وتنطلق المساءلة البحثية لخطاب العتبات انطلاقًا من ماهيته اللغوية والاصطلاحية فمعنى “عتب: العَتَبَةُ: أُسْكُفَّةُ البابِ الَّتِي تُوطأُ؛ وَقِيلَ: العَتَبَةُ العُلْيا. والخَشَبَةُ الَّتِي فَوْقَ الأَعلى: الحاجِبُ؛ والأُسْكُفَّةُ: السُّفْلى؛ والعارِضَتانِ: العُضادَتانِ، وَالْجَمْعُ: عَتَبٌ وعَتَباتٌ.” فهي المرقى الذي يعتمده الداخل إلى البيت، واصطلاحًا يحيلنا اللفظ على مشغل سردي، يتخذ من الدلالة اللغوية معنى مدخل البيت، أو البهو، فالعتبة “البهو الذي نلجه لنتحاور فيه مع المؤلف الحقيقي أو المتخيَّل”
تحتمي هذه التعريفات بالاستعارة لتوصيف مشغل أدبي مخصوص يشتغل خارج المتن السردي، وهو ذو نسب عريق بالمتعاليات النصية التي تدور حول الهوامش والمحيط النصي.
العنوان
اخترنا إحدى المتعاليات النصية لدراسة براعة الاستهلال في عبارة الهميسي، وهي العنوان، أول الأشياء في الأرض وفي السماء؛ كونه من أهم مداخل النص، لما يتمتع به من أفق دلالي رحب، إذ يستهدف جمهورًا واسعًا من المهتمين بالأثر الأدبي وغيرهم، ويعبّر عن رهانات الكاتب سواء في علاقته بالنص أو بالمتلقي.
والعنوان “بمعنى الأثر؛ لأن عنوان الكتاب [أثر بيان] فهو كأثر السجود على الجبين، “والعنوان كالعلامة، دالّ على مرتبة المكتوب إليه من المكتوب عنه.” ويمكن للناظر في مادتي “عنن” و”عنا” في لسان العرب أن يستخلص جملة من الدلالات الحافة باللفظ، ومنها الظهور، والخروج والإرادة والعلامة، فـ”عَنَنْتُ الكتابَ وأَعْنَنْتُه لِكَذَا أَي عَرَّضْتُه لَهُ وصرَفْته إِليه.” ومنه الوسم “قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: العُنْوَانُ والعِنْوَانُ سِمَةُ الكِتابِ.” ومنه الأثر، “قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي جَبْهَتِه عُنْوانٌ مِنْ كَثْرَةِ السُّجودِ أَي أَثَر”.
فالعنوان بما هو نظام سيميائي واسع الدلالات يمكن أن يساعدنا في تفكيك شفرة الأثر الأدبي بلا كبير عناء لاستقصاء باطنه، إلا بما يساعد في استخلاص العلاقة بين العام والخاص والمجمل والمفصل، لما يقوم عليه من تكثيف لغوي إجاعةً للفظ وإشباعًا للمعنى.
وله في مختلف اللغات دلالة مشتركة وردت في الموسوعة الكونية باللغة الفرنسية سواء في اللغة الفرنسية Titre أو الإنكليزية أو الإيطالية Titroأو الإسبانية Titoloأو اللاتينيةTitulus فهو اللافـته تُعلَّق على الدكان، والملصقة توضع على القارورة والمعلّقة في عنق العبد أُعدّ للبيع.
وممّن برز في دراسة هذه العتبة بوصفها نصًا موازيًا لوي هوك HOEK Leo H. في كتابه “وسم العنوان” وقد عرّفه أنه: “مجموع الدّلائل اللسانية (كلمات، وجمل، وحتى نصوص) قد تظهر على رأس النص لتدلّ عليه، وتعينه، وتشير إلى محتواه الكلّي، ولتجذب جمهوره المستهدف.”
ولقد أشار جيرار جينيت Gérard Génete في “عتبات” Seuil إلى انتساب العنوان إلى المتعاليات النصية وهي النصوص الموازية المحيطة بالنص، ومنها العنوان، والعنوان الفرعي، والمقدّمات، والهوامش ما يجعله في منزلة بين منزلتين أي بين داخل النص وخارجه.
ومن ثم كان النظر في هذا المستوى إلى مكانته الاختزالية ودوره في اقتصاد المعنى بما يناسب في تغطية النصوص الكثيرة والنفاذ إلى أعماقها في الوقت نفسه، إحاطة بها من جهة المبنى والمعنى. وقد اخترنا نماذج من الأدب التونسي لمعالجة عتبة من عتباتها لتساعدنا في استخلاص “أدبية” أدب السجون أي ما “يُعنى بتلك الخصائص المجرّدة التي تصنع فرادة الحدث الأدبي” أو “روائيـته” بعبارة صلاح الدين بوجاه، بوصفها “مناط وصف وفهم وتفسير وتأويل للنص الروائي.”
أدب السجون
تتعدّد التسميات الواسمة لهذا الأدب، فلئن كان أشهرها “أدب السجون” فإنّه يسمّى أيضًا أدب القمع، وأدب الاعتقال والمعتقلات، والأدب السياسي، وأدب القهر، وأدب الحرية، لما يرومه من سرد أطوار حياة السجين السياسي في بيـئته المغلقة طالت أو قصرت.
وهو تعبير إبداعي عن تجربة واقعية أو تخيـيلية تدور حوادثها في السجون أو في خيال الكاتب، ولا يخرج الأدب في تونس عن هذا التوصيف العام، إذ تمحّضت بعض الكتابات لتوثيق تجربة السجن، بقلم الكاتب الرّاوي والبطل في آن، أو على لسان أحد الأبطال الحقيقيين أو الوهميين.
غير أنّ ظهور هذا الأدب شهد تفاوتًا في التأليف بحسب اتساع دائرة الحرية وضيقها، فقد كانت تجربة السجن إثر الاستقلال حكرًا على رسائل بورقيبة زعيم دولة الاستقلال (من 1903 إلى 2000) بوصفه “المجاهد الأكبر”. وبعد بورقيبة فتح المجال لكتابة مذكرات وزرائه وزعماء الحركة الوطنية الذين عاشوا رحلة النفي والعزل والتهميش.
ولمّا شهدت البلاد مرحلةً عنيفةً في بداية تسعينيات القرن الفارط خلال المواجهة بين السلطة والإسلاميين انحسرت دائرة الحرّيات، فكثرت حالات القتل البطيء أو تحت التعذيب والمراقبة الإدارية الشديدة التي دفعت بسجيـنين سياسيـين إلى الانتحار، وقد جنّدت السلطة أكثر من 160 ألف عون أمن مدني ورسمي ليحصدوا حصيلة أكثر من 25 ألف سجين سياسي في الفترة بين 1990 و2005م.
فكانت أشواق الحرية بذلك بحجم وقائع القمع ومسارات الحصار والقهر، لذلك لم تتوانَ فئة من المساجين والمبدعين عن توثيق حصاد ما سمي بـ”سنوات الجمر” من خلال الأعمال الأدبية والدرامية والفنية التي احتفلت بالشهداء والسجينات والسجناء والمهجَّرين والمطارَدين.
فما خصائص الكتابة الأدبية السجنيّة في تونس بعد الربيع العربي؟ وإلى أي مدى تنطق العناوين الروائية بمضمرات المتن الحكائي؟
ثانيًا: أدب السجون في تونس بعد الربيع العربي
يقتضي التعيين التاريخي منذ البداية التغاضي عن المؤلفات التي أنشئت قبل هذا التاريخ، سواء أكانت من جنس التوثيق أم التخييل، ونقصد بذلك بعض النصوص المؤسسة والسابقة للحظة الحرية والانبثاق الثوري، ومنها “كريستال” لجيلبار النقاش، و”الحبس كذّاب والحيّ يروّح” لفتحي بلحاج يحي، و”مناضل رغم أنفك” لعبد الجبّار المدّوري، لانتسابها إلى الحقبة البورقيـبية أو النوفمبرية وهي نصوص نضالية ساخرة لمناضلـين يساريين ترجموا مشاهد من النضال السجني، ومنها نصوص إبداعية تخييلـية مثل “آخر الرعية” لبوبكر العيادي، و”دروب الفرار” لحفيظة قارة بيبان، و”عيد المساعيد” لرضوان الكوني، و”أبناء السحاب” لمحمد الجابلي، و”تراتيل لآلامها” لرشيدة الشارني، وهي نصوص يمكن تصنيفها ضمن رواية القمع في تونس لاشتغالها على واقع الاستبداد السياسي وقهر المواطنين في مختلف مجالات الحياة اليومية “ورهانها تقليم مخالب القمع والاحتجاج عليه”.
فهذه المدوّنة خارج الحساب لما فيها من تصوير مشاهد القمع والقهر، رسمت في مرحلة الاستبداد، فآثرت التلميح والإيماء من دون التصريح والمكاشفة السّردية التي تنفـتح فيها أحوال النفس على البوح والاعتراف تعريفًا بعذابات الذات والمجتمع.
لذلك آثرنا التوقّف عند مدوّنة أدبيّة ظهرت إثر المسار الثوري، في سياقات تسمح بالتعبير الحرّ والكلمة الحرّة على سبيل التوثيق أو الإبداع أو المحاسبة، وتتكوّن من نصوص متفاوتة، من حيث حجم التخييل، والتوثيق، والتصوير، والتعبير، ومتنوّعة الروافد وإن غلب عليها المنتج الإسلامي الذي شهد حضورًا لافتًا من جهة الكم والنوع في هذه الحقبة الثورية، وقد كانت تونس مهد الربيع العربي منذ 14 كانون الثاني/ يناير 2011.
ثالثًا: خصائص العنوان
نلج خطاب العتبات النصية بوصفها نصوصًا موازيةً تفسح لنا مجال التدرج في معالجة النصوص، انتقالًا من الخارج إلى الداخل، وتحوّلًا من الداخل إلى الخارج، من دون التوقف عند أثر على حساب البقية، من أجل استخلاص المشترك الفني والدلالي معًا، أو ما يسمّيه التومي بـ”محنة الكتابة وكتابة المحنة”.
وسندرس العنوان بما هو أهم العتبات وأوّلها ظهورًا وبروزًا، سواء على مستوى التشكل البصري أو لحظة الكتابة، بهدف استقصاء خصائصه المعجمية، وأبعاده المرجعية، ومحموله الرّمزي والدّلالي، من أجل التعرّف إلى المكوّنات الجماليّة والروافد التاريخيّة التي يمتح منها الكتّاب نصوصهم.
الرقم عنوان الكتاب الكاتب سنة النشر الخصائص
1 من أيام سجينة خارج الأسوار بختة الزعلوني 2015 الطول
من جنس اليوميات
الخلفية النسوية
المعجم السجني
2 المدغور بشير الخليفي– رحمة بن سليمان د. ت معجم العنف والقوة والجريمة
مفردة معرفة– استعمال العامية
3 دراقة – 2011 معجم سجني
كلمة مفردة نكرة
4 غصة

2014
معجم وجداني نفسي
كلمة مفردة نكرة
5 سيلون – 2018 معجم سجني مكاني
كلمة مفردة نكرة
6 جمرة في القلب حميد عبابدية 2012 انزياح واستعارة وتركيب
معجم وجداني
7 الشتات خديجة التومي 2011 كلمة مفردة
معجم التهجير والنفي.
8 حصاد الشتات – 2013 مركب- انزياح بلاغي- معجم التهجير والنفي
9 برج الرومي: أبواب الموت سمير ساسي 2011 معجم سجني مكاني
عنوان فرعي
عنوان قبلي وبعدي
10 بيت العناكش – 2019 معجم سجني مكاني
مركب إضافي تعريفي
11 خيوط الظلام – 2010 معجم طبيعي- الشعرية
مركب إضافي تعريفي
12 درب العلاني عادل النهدي 2014 معجم مكاني -التهجير والمنفى
13 تحت الرماد عبد الجبار المدوري 2013 المعجم الأسطوري
الشعرية
14 حصاد الغياب: اليد الصغيرة لا تكذب عبد الحميد الجلاصي 2016 مركب إسنادي
الطول
الإيحاء والغموض
15 الدكتاتور عبد الحفيط الخميري 2012 معجم سياسي
مفردة معرّفة
16 المنعرج عبد الحميد العداسي 2018 معجم مكاني
مفردة معرفة
الغموض والتعمية
17 مريم وإبراهيم – 2018 أسماء الأعلام
التركيب والترميز
18 الفريد. مجموعة الإنقاذ الوطني – 2021 العنوان الفرعي
المعجم السياسي
19 أسوار الجنة
عبد اللطيف العلوي 2018 الشعرية
التركيب باٌلإضافة
المعجم الديني
20 بيض الأفعى

2018 الشعرية
التركيب بالإضافة
الغموض
معجم الطبيعة
21 الثقب الأسود – 2017 الغموض
التركيب الإضافي
22 أززلف: حرقان فتحي بن معمر 2015 ازدواجية لغوية (الأمازيغية والفصحى)
23 أحباب الله كمال الشارني 2012 معجم ديني
تركيب إضافي
الشعرية
24 انتماء لطفي السنوسي 2012 معجم سياسي
التكثيف الدلالي
خنساء في سجن النساء محمد عز الدين الجميل 2022 الشعرية
التناص
الرمزية والإيحاء
24 من أيام المحتشد: محنة طلبة مجندين في معتقل رجيم معتوق في سنين الجمر محمد الساسي المنصوري 2019 الطول والتفصيل
اليوميات
المعجم السياسي
العنوان الفرعي
25 مضايا: صراع الذاكرة والجدار مراد العوني العبيدي 2016 العنوان الفرعي
المعجم السجني
26 9 أفريل منذر العربي 2020 معجم سجني
الرمزية والإيحاء

لما ضبطت نظرية العنونة مع لوي هوك شروطًا مخصوصةً في صناعة العنوان بوصفه نصًا موازيًا مفضيًا إلى المتن الحكائي، فقد وجب التنبيه عليها لتحويل العتمات إلى عتبات مشرقة ومنيرة، يهتدي بها القارئ إلى مقاصد الكاتب وأغراضه من الكتابة.
فمن شروط العنوان أن يكون متميزًا spécifique فلا يشابه غيره من العناوين تجنبًا للبس والتداخل في الإحالة والتعيين، وقد تبيّنّا إخلالًا بهذا الشرط في كتاب “المنعرج” لعبد الحميد العداسي، إذ يماثل نصًا مألوفًا في الذاكرة المدرسية وهو رواية مصطفى الفارسي بالتسمية نفسها. وإن كان المقصود بالمنعرج عند العداسي هو الانعطافة من الحياة العسكرية إلى العمل الميداني في مواجهة السلطة ضمن مجموعة الإنقاذ الوطني 1987، يقول الكاتب” كان يوم 20 تشرين الثاني/ نوفمبر بمنزلة البرزخ أو الفاصل بين فترة كنتُ فيها أنا نفسي، ذلك الموظف المنضبط والضابط الناجح والمكوّن للأجيال، المخلص لله ثم لبلده؛ وبين فترة أخرى كنتُ فيها أنا نفسي، ذلك الراضي بقضاء الله تعالى، الناطق بكلمة الحق”. خلافًا لما أراده الفارسي من انعراج في المسار المهني لأحد ابطاله من الحياة الصحافية إلى العمل الزراعي التنموي.
والشرط الثاني هو الوضوح حتى يستهدف العنوان غرضه ويبــين غايته من دون تعمية وإلغاز، ويكون ذلك بتجنب الاستعارات البعيدة، والرموز الغامضة، مراوحة بين البلاغة والإبلاغ، فلا يحتاج المؤلف حينئذ إلى الاتكاء على العناوين الفرعية أو الثانوية لمزيد الإيضاح وتجلية الغموض، ولا يترك الأمر إلى القارئ لاكتشاف رهانات العنوان خلال الغوص في المتن الحكائي.
فحينما نطّلع على عنوان” اليد الصغيرة لا تكذب” من سلسلة حصاد الغياب لعبد الحميد الجلاصي، فلا نفهم المقصود إلا بعد الغوص في عدة صفحات، فاليد الصغيرة هي يد ابنته التي ترسم، أو تحيي، أو تكتب، فتكون منبئة بما تحلم به من لقاء وانفراج قريب: “كانت أمّي تعاتبني: دع البنية فهي لا تزال صغيرة، ولا يمكنها استيعاب ما تكتبه لها، وكنتُ أجيب: ستفهم ما أكتبُ، يومًا ما.” فهل يهتدي المتلقي إلى هذا المعنى قبل مباشرة النص؟ وهل يحقق العنوان ههنا شرط الوضوح والتخصيص؟
وقد يحيلنا العنوان في نماذج كثيرة على مسيرة الحوادث، رحلة في السجن أو خارجه، أو سياحة في المنفى، فيكون بمنزلة العقد مع القارئ ليسلك مسالكه الوعرة وهو ماسك بخارطة طريقه، كالمتهيئ لخوض المغامرة وهو يستضيئ ببعض النور الذي يبدو في نهاية النفق، من ذلك أنّ “حصاد الشتات” عنوان منبئ برحلة التيه والفرار من السجن والمطاردة، شأن هيثم في هذه الرواية “وبدأت رحلتي مع التخفي في هذه الصحراء، لم ييأسوا فبثوا العيون ونفذوا المداهمات الغادرة ولكني طوّرت حاسة التوقع، كان يلقي بي الكثيب إلى الكثيب أنتقل من واحة إلى أخرى”
ويشترط ثالثًا أن يكون العنوان جذابًا محققًا مقصد التسويق والانتشار، إذ لا يكتب المؤلف لنفسه بل لجمهور عريض وقارئ مخصوص، فالعنوان نقطة اللقاء مع المتلقي العرضي الذي يصادفه الأثر الأدبي من دون أن يكون معنيًا بمطالعته، فحسبه منه أوّله كبرق خلب يوعده بالمطر من دون أن ينزل أو نهايته وقد يكون وميض خير وبركة.
فعنوان “أحباب الله” جاذب ومثير شأن “أسوار الجنة” لكونه مفارقًا لحقيقة السّجن الجحيم، غير أنّ تحوّل حياة السّجين السّياسي إثر إطلاق سراحه إلى ضرب من المراقبة الأمنية والإدارية اللصيقة حتى تحول دون الارتزاق، والتنقل، والعلاقات الاجتماعية، تجعل من السّجن جنّةً، ومن أسواره أشواقًا إلى الحرية لا أشواكًا فحسب.
يقول عبد اللطيف علوي: “كنت في سنّ الرابعة والثلاثين، وكان قد مضى عامان على خروجي من سجن برج الرومي إلى السجن الكبير؛ وبعد أن تقلبت على جمر الحاجة والبطالة وجرّبت حظي في أكثر من حيلة باءت كلها بالفشل” فتكمن جاذبيّة العنوان حينئذ في رسمه لصورة للسجن متمايزة عن المألوف، وفي ذلك ترجمة لمحنة السّجين السّياسي في تونس إذ تتجاوز حدود الأسوار لتحوّل الوطن إلى سجن كبير.
ومن أوجه جاذبية العنوان توازنه، وكثافته، واختزاله للمعنى من دون الحاجة إلى الإطالة والشرح وإضافة العناوين الفرعية التي تحوّل لافتة العنوان إلى جملة طويلة على شاكلة عنونة المتون القديمة، وقد عثرنا على نماذج كثيرة من العناوين التي آثرت اقتصاد اللفظ وتكثيف المعنى شأن “انتماء” الموحي بالنسب إلى الأيديولوجيا المعارضة للسلطة، من أصحاب الصبغة الخاصة، وقد كانت تهمة “الانتماء إلى جمعية غير مرخّص بها” سببًا في سجن الآلاف من المناضلين والمتعاطفين معهم، والأبرياء من عامة المجتمع، لمجرد الشبهة.
ولم يكتفِ لطفي السنوسي صاحب الكتاب بالعنوان المكثف بل أضاف له عنوانًا فرعيًا شارحًا “شهادات حية من مسلك التعذيب السجني في تونس بين 1990 و2008” وفكك الكلمة المفردة (انتماء) ليحوّلها إلى مركبة من ضمير المخاطب (أنت) وشتائم ملحقة بها في شكل طريف (أنت صفر- أنت كلب- أنت خنزير) فالانتماء جريمة وأيّ جريمة في عرف الاستبداد والقهر، طالما أنه معارَضَة للسلطة القائمة، لذلك تشقـقت منه عبارات منتقاة من معجم الشتم والبذاءة الذي يجلد به السّجان سجناء الرأي.
ومن المهم أن يكون للعنوان موضوعًا la Thémathiqueيحيل عليه، وقضية يومئ إليها ليكون نصًا لافتًا ذا معنى ومضمون واضحين، لذلك اختار بعض الكتّاب الاعتماد على موضوع المكان (برج الرومي: 9 أفريل- سجن النساء- المحتشد- درب العلاني- بيت العناكش) بما يجعل القضية بيّنة، حتى يعلم الجمهور الواسع أنه إزاء نص أدبي من أدب السجون، وأنّ الفضاء من صميم الواقع التونسي، ومن أعماق سجونه التاريخية التي احتضنت معارضي السّلطة من اليساريين والقوميين والإسلاميين طيلة عقود منذ فجر الاستقلال.
وقد يرتبط موضوع العنوان بالزمان، “من أيام سجينة خارج الأسوار” ليكشف عن جنس اليوميات وجنس البطل وفضاء حركته من خارج السجن لا من داخله، ويعبر عن خصوصية التجربة الموصولة بالنضال الطلابي مثلًا “من أيام المحتشد” لاستقطاب فئة معينة من القراء تشدها وشائج الذكرى إلى ذلك الزمان أو المكان. وقد تضبط هذه العتبة جنس البطل “سجينة –خنساء” وتعين الأسماء المستعارة “مريم وإبراهيم” وتضبط الفئة السياسية المقصودة “محنة طلبة مجنّدين في معتقل رجيم معتوق” ليتعرف الجمهور المستهدف، وهو غير القرّاء طبعًا، لأنه يمكن أن يكتفي بالعتبة من دون ضرورة المرور إلى المتن القصصي، على موضوع الكتاب ومضمونه ومسالكه الأيديولوجية وعوالمه السردية ومساراته الفنية.
تحيلنا هذه الخصائص على كون العنوان عتبة ضرورية لولوج عوالم النص، وقد تنوّعت صيغه، فمنها الموجز والطويل، ومنها الشعري والمباشر، ومنها الدّيني والسّياسي، ومنها الزّماني والمكاني، بما يوجّه مسار اهتمام المتقبّل وفق استراتيجيات في الإغواء والإغراء فاتنة ومثيرة بل مستفزّة أحيانًا، فهي تعتني بالنص على نحو ما ألحّ عليه الشكلانيون والبنيويون في دراسة الفضاء النصي.
رابعًا: أشكال العناوين
يصنف العنوان اليوم مبحثًا من مباحث “شعرية التجريب والحداثة في الرواية العربية” إذ يشكل جزءًا من الحداثة الروائية/ أو الرواية الحداثية، وقد انسلخت الرّواية من الأشكال القديمة القائمة على السجع والتوقيع بحثًا عن “أنساق جمالية ودلالية تسم مختلف العناصر التكوينية للعمل الروائي” ولمّا كان كتاب الرّواية السجنية واعين بجمالية العنوان وشعريته وقد تجاوزوا محنة التخفي والتعمية إلى منحة الوضوح والتجلية، فقد اشتغلوا على نجاعة العنوان “الرّسالي” الذي يضمر رسائل إلى الرائي أو القارئ تنذره بألغام النص وأنغامه، ويتوّج صاحبه بتاج الانتماء إلى قوافل المناضلين الذين ساهموا في صناعة فجر الرّبيع العربي.
وتمثل شعرية العنوان انزياحًا عن المألوف، وخَرْقًا للسائد اللغوي، “فبمجرد ما يتحول الواقع إلى كلام، يضع مصيره الجمالي بين يدي اللغة، فيكون شعريًا” وانتهاكًا لقواعد الاستعمال، بما يسميه رولان بارت جاوز الدرجة الصفر من الكتابة، حتى يغدو العنوان نصًا والنص عنوانًا. لذلك نقف عند أوجه الانزياح الدلالي ومستويات الخرق الأدبي لاستقصاء ماهية العناوين المتداوَلة في أدب السجون في تونس وحقيقتها:
العنوان متناصًا: تحضر “الخنساء” عنوانًا لرواية سجنية “خنساء في سجن النساء” لتحيل القارئ على قصة المرأة العربية المكافحة، وهي صابرة ثابتة في مواجهة الفواجع.
والخنساء في الذاكرة الشعرية عنوان لافت لبكائية المرأة وفاجعتها في أخيها صخر عند مواجهة رحى الحرب. وتمثَّلُ في الرّواية في صورة المناضلة “سلوى البجاوي” في علاقتها بشقيقها حين خوفها عليه من الاعتقال، أو خوفه عليها من الاغتصاب، فيدفعها إلى الذود عن شرفها في الأحوال كلّها قائلًا: “لا تقبلي النيل من شرفك مهما كانت الأوضاع والأحوال، حتى لو اضطررتِ إلى الانتحار، حتى لو قتلتِ نفسكِ.”
فصمدتْ في وجه جلادها وأبت تحرير طلب العفو من السلطة لبراءتها من الجرم، وقد كانت واعيةً بأنها تدفع ضريبة التزامها، ووعيها بضرورة الدّفاع عن قناعاتها وواجب حماية أخيها من الاعتقال في فترة المطاردة الأمنية “وفي سبيل الله يهون كل شيء” ولم تكن الخنساء في نهاية الأمر غير شابة سجينة روت معاناتها السجنيّة للكاتب فصاغها على نحوٍ فنيٍ يستجيب إلى مقتضيات الفن والتوثيق معًا.
العنوان القناع: تمثّل شعريّة العنوان وجماليته انزياحًا عن النمط الكلاسيكي في التوقيع بالسّجع، إلى التوقيع بالصّورة والتخييل، واستنفار القاع الأسطوري الذي يحقق مقصد التكثيف، لما يقوم عليه من استعارات ذات عمق دلالي منبئ بالانبعاث والحياة الجديدة المبشّرة بالحرّية والحياة والحق، وكانت رواية “تحت الرماد” أنموذجًا لذلك، إذ تحجب خلف العنوان أسطورة طائرة الفينيق، لتجعله قناعًا للثورة والتمرّد على السّائد السياسي في عهد الاستبداد والقهر.
العنوان الإشاري: تتكثف العناوين ذات البعد الإشاري إحالة على الزّمان أو المكان، وقد كان هذا الضرب من العناوين محظورًا لحساسية المسألة الحقوقية قبل انبثاق فجر الربيع العربي، فكانت الإحالة جاذبة لجمهور أدب السجون، ومفجّرة للحظة المنع، ومتجاوزة الخطوط الحمراء المسطَّرة سابقًا، لتستحيل مفردات السجن بمختلف فضاءاته الداخلية والخارجية موضوعًا للحكاية، ومسرحًا للحوادث، وكانت رواية “برج الرومي” سابقةً في هذا المجال، إذ تحيل على أفظع السجون التي تحضن أصحاب الأحكام المطوّلة والمؤبدة، ثم تلتها روايات إشارية متعدّدة توثق أسماء السجون التي أزالها النظام المستبد قبل الثورة على الرغم من قيمتها التاريخية “9 أفريل”، وتحتفظ باسم المعتقلات “رجيم معتوق” وتحيل على الفضاءات الداخلية من زنازين انفرادية وساحات التعذيب “سيلون”، فالرّواية ذات بعد توثيقي بعناوينها قبل أن توثق بحوادثها وشخوصها.
العنوان المفارق: لم تخلُ بعض العناوين من مفارقات بلاغية ودلالية انزياحًا في الأسلوب وعدولًا في الصّور البلاغية، تحقيقًا للجمالية التي تخرج بالرّواية من سياق المباشرة والوضوح إلى التعمية والغموض والإثارة، وقد تكون هذه العناوين علامةً فارقةً بين الكاتب الفنان حين يبدع صوره وينحت لافتاته، والكاتب الإنسان الذي يتألّم ويرسم بأوجاع الذاكرة مشاهد من معاناة الذات المفردة والجماعية، وعلى هذا النحو نجد رواية “أسوار الجنة”، و”جمرة في القلب”، و”خيوط الظلام”، و”من أيام سجينة خارج الأسوار” وقد تفرّدت بمفارقات في صلب العنوان من جهة، وفي علاقته بالمتن الحكائي من جهة أخرى.
العنوان اللافتة: يحيل العنوان اللافتة على شعار سياسي أو مفردة ذات محمول نقدي بارز في مواجهة السلطة والسلطان، وهي وسيلة صادمة للفت الانتباه إلى تحوّل منطق الرواية من التخفّي إلى التجلّي ومن التلميح إلى التصريح، ومثال ذلك رواية “الدكتاتور” التي تومئ إلى رمز سلطة الاستبداد والقمع في سنوات الجمر، بما يجعل محور الحديث والحوادث كشفًا لسياسات القمع وتشهيرًا بممارسات أجهزة التسلط على الجميع، وهو ما يتعذر التفكير فيه من قبل.
فهذه الأشكال المتنوّعة علامة على تنوّع مستويات الكتابة، وتفاوت مستويات أصحابها، إذ ينحدرون من مشارب سياسية متباينة، ومن مستويات تعليمية شتى، ومن تخصّصات علمية وأدبية مختلفة، لذلك تتنوّع درجات تجاوز لحظة التوثيق والتذكّر إلى لحظة التخييل والإبداع.
خامسًا: بنية العناوين
للعناوين بنية لسانية تقوم على أطراف التواصل الثلاثة، تحقيقًا لوظيفة الإبلاغ والبلاغة والإبداع، فالعنوان من حيث هو خطاب يبلّغ رسالةً للرائي والقارئ معًا، هي رسالة منـبئة بماهية المتن الحكائي ومدار وقائعه، ومن جهة كونه فنًا يحقق بالبلاغة وظيفةً جماليةً استقصاءً لشعرية الحديث والحوادث، ومن موقعه الأدبي ينتهي إلى مراقي الإبداع تكثيفًا وترميزًا.
ويمكن أن نقف عند هذه العناصر الأساس المكوِّنة لبنية العنوان، من أجل استجلاء المقوّمات الإبداعية، والأبعاد التداولية التي يستهدفها، سواء في مستوى البعد الإنجازي أو المستوى التأثيري الممكن، في علاقة بسياقات المقالة أو الفضاء القصصي.
المعنوِن: Titreur
تهتمّ دراسة العناوين بواضع النص الأصغر الذي يتدلّى ثرية من ثريات النص الأكبر أي الرّواية، ونقصد بذلك المؤلف الذي يكون عادةً كاتب النص، غير أنّ الناشر في بعض المرّات قد يكون شريكًا في التأليف، أو هو معدّل المقترح الأول، أو صاحب الكلمة الأخيرة وفق مقتضيات التسويق في الداخل وفي الخارج.
والمعنوِن أصناف ثلاثة: فهو المؤلف الناقل، والمؤلف الناقد، والمؤلف المبدع، فالناقل يوثق الوقائع، والناقد يتخذ منها موقفًا ومسافةً للمراجعة، والمبدع يعيد بناءها ليؤلف بها عالمًا جديدًا، فهو الذي يتخيّر عباراته وينتقي مفرداته، بما يعبّر عن قدرة إبداعية، تترجم خلفيةً فنيةً تجلوها حالة الانزياح، والتكثيف، والإيحاء، والترميز.
والمعنوِن كاتب مناضل ينحت بالقلم سيرته ويدوّن بالحبر مسيرته، بديلًا عن الرّصاص في القصاص من جلاده، فعبد الحميد العدّاسي مثلًا عسكري برتبة نقيب يدوّن محنته ليستعيد سلطته على زناد القلم، ويطلق أوامره للحروف لتصطفّ وفق إرادته، منتظمة في مغامرة الكتابة، ورحلة العذاب والتعذيب، وبشير الخلفي مناضل ميداني يستل الحروف من معجم شعبي يراوح بين لغة السجون وحقل الإجرام “المدغور. دولة وكانتلو بلاعة” و”دراقة” و “سيلون” ليعبّر عن عمق تجربته السجنية.
فيكشف المعنوِن حينئذٍ عن تجربته النضالية حين ينتصب اسم المؤلف إلى جانب العنوان، فيبدو علامةً مميزةً في ظلّ تنافس على تصدّر قائمة رموز الثورة، وأقطاب العدالة الانتقالية، في مرحلة انتقالية دقيقة، تتسم بالمزايدات السياسية ومحاولة تتـفيه التضحيات وتهميش النضالات التي كانت لبنة من لبنات صرح الثورة.
وقد كان الحضور الإسلامي في هذه المرحلة لافتًا من جهة تدوين النضالات الفردية والجماعية في مواجهة الاستبداد، وكان المعنوِن واعيًا بضرورة اكتساب جمهورٍ من المتعاطفين قد يكون له صداه في التجارب الانتخابية وقد يكون رصيدًا معنويًا في مواجهة الثورة المضادة التي تواصل تشويه سرديّة الثورة.
العنوان: Titre
العنوان بمنزلة الرّسالة، وقد عرفت الأدبيات الإسلامية مصطلح “الأدب الرسالي” الذي يوازي مفهوم الأدب الهادف، أو الأدب السياسي، إذ ينطوي على رسالة دعوية تبشر بالخلاص من خلال مسلك النضال والتضحية في سبيل المبدأ و”المشروع” وعرفت الأدبيات الماركسية نظرية الأدب الاشتراكي الواقعي الذي يدافع عن الطبقات الكادحة ويبشر بالثورة العمالية والطبقية.
غير أنّ ما يميّز عناوين الإسلاميين في هذه الحقبة الثورية خلافًا للمتوقع، أنها لم تشتغل بهاجس التأصيل، عبر آلية التسجيع أو التناص مع القرآن أو الاقتباس من الحديث النبوي شأن عناوين أيمن العتوم الرّوائية، رغم التماهي مع كتاب “أيام من حياتي” لزينب الغزالي، في عنوان “من أيام سجينة خارج الأسوار” لبختة الزعلوني، وتناص رواية “أحباب الله” لكمال الشارني مع النص القرآني.
فقد كانت العناوين تخوض مسلك التجريب الحداثي وتهدف إلى الانصهار في سياق المشهد الثقافي بما يحقق مقصد التنصّل من شبهة الانتماء السلفي من جهة، والندية مع رموز الإبداع من اليساريين السابقين من جهة أخرى، فلا يخفى التنافس حول ريادة المشهد الروائي من خلال الكتابة السجنية في الفترة اللاحقة للثورة، بل يتجلّى بوضوحٍ حضور العناوين أداةً في الاستقطاب والتحاور المضمَر داخل الساحة الأدبية، إذ أطلّت بعض الكتابات المحظورة لتتصدر المشهد بمفردات جديدة في عالم الإبداع الأدبي.
المعنوَن له Titraire
يمكن أن نكتشف المعنوَن له من جهتين فهو الرائي العابر الذي يمثل الجمهور العريض من الذين يصادفهم الكتاب في واجهة مكتبة أو في رفوفها أو في محمول رقمي، فيلتفتون إلى النص الصغير ليكتشفوا صلته بضرب من القول يروي حكاية معاناة سجنية وتجربة سياسية قد تغريهم فيقبلون عليها وقد لا تصادف هواهم فينفرون منها، وهذا الجمهور صنفان فمنهم المتسيّس سواء من اليسار أو اليمين ومنهم غير العابئ بالمسائل السياسية.
أو قد يكون القارئ المعنيّ بالأدب السياسي من الراغبين في استطلاع أحوال المناضلين قبل الثورة وتضحياتهم على سبيل التعاطف معهم، استعاضة عن الانسحاب من ساحة المعركة اضطرارًا أو اختيارًا، وقد يقود الفضول هؤلاء لمعرفة أطوار المحنة، وقد يدفعهم التعرّف على أصناف الكتابة والتصوير وضروب التعبير والتسجيل.
وبين الجمهور العريض والقارئ المخصوص ينهض العنوان بمقصدية ربط أولئك القوم بالمتن الحكائي، فيشدّهم إليه شدًّا أو يدفعهم عنه إلى غيره من المشاغل، وقد نشأ جيل من الجمهور الرائي أو القارئ تحرّر من هاجس الخوف وسطوة الرّقابة البوليسية فأضحى حرًّا في خياره وقراره، لذلك يمارس اختياره إما مساندة لمن يشاركه الاتجاه الأيديولوجي والسياسي وإما نفورًا ممن لا يراه أهلًا للإبداع أو النضال، على سبيل التنافر الأيديولوجي والمقاطعة التجارية والمعنوية.
إن هذه المستويات الثلاثة من العنوان بمنزلة المكوّنات الأساس التي تنبني عليها العتبة الأولى من الرّواية، فبها يتحقق التفاعل مع المتن بحسب جاذبية النص، أو فتنة الدعاية وغواية الأسئلة التي تثيرها العتبات الأولى في مستوييها الداخلي والخارجي.
سادسًا: وظائف العناوين
ينهض العنوان بوظائف ضبطها جينيت ولوي هوك ودوشيه وتوسّعت في دراسات سواهم، وهي تدور حول التعيين، والوصف، والإغراء، والوظيفة الأيديولوجية، ويمكن استقصاء بعض هذه الوظائف في المدوّنة الروائية بين أيدينا:
الوظيفة الأيديولوجية:Fonction ideolgique
لمّا كان العنوان مفتاحًا تأويليًا يرتبط أحيانًا بالمضمون، ولكنه يبتعد عنه في الكثير من الأحيان فإنّه محمول بدلالات مكثّفة تجلو شحنته الأيديولوجية، ليعبّر عن انتماء صاحبه وميوله السّياسية والأيديولوجية المعادية لسلطة الاستبداد، والموالية لخط الثورة في مواجهة الثورة المضادة وسطوة الدّولة العميقة التي تتعامل مع مقتنيات الكتب لفائدة وزارة الثقافة من خلال عناوينها الرئيسية والفرعية.
فقد تلاقي بعض العناوين هوىً في نفس الرقيب الثقافي المكلَّف باقتناء الكتب الجديدة لفائدة المكتبات العمومية فيوافق عليها، وقد يعترض على أخرى لعدم توافقها مع ميوله الأيديولوجية، وذلك من خلال قراءة العنوان والاطلاع على الغلاف الذي يتضمن اسم المؤلف وبعض الرموز والصور والأشكال المشفرة فيرفضها، إذ “يجسّ به السيميولوجي نبض النص” ليتحسس حقيقته.
فمهمة العنوان حينئذ هي الولوج إلى مضمرات المؤلف، بما يستوجب أحيانًا قراءةً أيديولوجيةً للرواية الأيديولوجية وتتشكل هذه القراءة عند ربط العنوان بالقضية أو المشروع أو الانتماء الذي ينخرط فيه المؤلف، ولنا مثال رواية “انتماء” للطفي السنوسي، و”الفريد. مجموعة الإنقاذ الوطني” لما ينضحان به من شحنة أيديولوجية خطِرة تحيل على الانتساب إلى حضيرة الجماعات ذات العمق العقائدي والأيديولوجي الذي كان محظورًا بشدّة قبل شرارة الربيع العربي.
الوظيفة الإغرائية/ التحريضية Fonction seductive
ينزع العنوان تداوليًا، تحقيقًا لبعده الإنجازي، إلى إغراء الجمهور وإغوائه ليُقبل على الكتاب، تعرّفًا إلى مضمونه، واعترافًا بنضال صاحبه وإبداعه، فيعمد المؤلف إلى توظيف الإحالات السجنية انفتاحًا على عوالم مغلقة، وسردًا لحكايات عجيبة وغريبة من عالم الإنس لا الجنّ، لما فيها من إيماء إلى التعرّي والاغتصاب الوحشي، والعبث بالأعضاء، والتعذيب حدّ الجنون والانتحار، في صور هي أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع.
فما حال “خنساء في سجن النساء” تلك الفتاة التي انتُزعت من طفولتها ليُلقى بها في سجن نسائي مع المجرمات؟ هي “سلوى البجاوي” التي صمدت في وجه جلاديها حتى أبكت حارسة السجن حزنًا لحالها، وكيف كانت حال “السجينة خارج الأسوار” وهي تطارد زوجها من سجن إلى آخر لتمدّه بقفة الطعام فتقبل منها مرّة، وترفض مرات عديدة بعد قطع مسافات طويلة موحشة بمفردها؟
هي عناوين مغرية ومثيرة، بل تبعث على الفضول لاستقصاء حقيقة صمود المرأة المناضلة في مواجهة آلة القمع، وقد أضحت أداة مصوّبة نحو العائلات السّياسية والفئات الاجتماعيّة جميعها، لذلك تشوِّق بعض العناوين جمهور القرّاء والعابرين إلى معرفة أسرار الحديث والحوادث، إما فضولًا وإما تعاطفًا، فقد فتحت الثورة أبواب الأسرار فكشفت الفضائح الرّسمية، والتجاوزات الحقوقيّة على مصراعيها، ولا يمنع من البوح بها كلها إلا الستر والحياء في الكثير من المناسبات.
الوظيفة التعيينية Fonction designative
يضبط العنوان انتماء الكتاب إلى صاحبه، وإلى مجال مغاير لسواه وهو عالم الرّواية والحكاية، وإلى فضاء أدب السجون والاعتقال، بما يحفل به من مفردات، وما يومئ إليه من عوالم تحيل مباشرةً إلى فضاء المحتشد أو السجن أو الغربة والنفي والتهجير، وهي عوالم خبِرها جمهور الأدب في التاريخ الحاضر، بل هي جزءٌ من كيانه الاجتماعي والسياسي، لذلك يعتبر جينيت هذه الوظيفة رئيسةً من دون الوظائف الأخرى.
لذلك يشتغل المؤلّف على العناوين التي تضبط هويّة الكتاب، فتخرجه من التستر والغياب إلى الحضور والتبرج في حلّةٍ تعلن مواجهته لآلة القمع، وسلطة الرقيب، ومقولات الحجب والمنع التي كانت العنوان الأبرز لسنوات الجمر ولحظة القمع والقهر.
خاتمة
تميزت رواية أدب السجون في تونس بعد الثورة بدكّ حصون الصّمت وعبور ألغام المحظور، وإعلان الانعتاق من أسر القيد والقهر، وقد سلكت مسالك التجريب الرّوائي على درب الحداثة، فكانت متحرّرةً من سلطان القديم، ومن سطوة الموروث الأدبي، بقدر تحررها من سطوة الرّقيب، لتنخرط في فضاء الإثارة والإمتاع بالقدر الذي حققت فيه مقصد الإخبار والتوثيق، فقد كانت الحاجة ملحّةً إلى بلوغ مراقي التعريف بجرائم الاستبداد والاعتراف بصمود أجيال متواترة من العائلات السّياسية المختلفة من اليمين واليسار.
فانبـنت هذه الرّواية على مبدأ الكشف، والاكتشاف، والمكاشفة، كشفًا لأوجه القمع والاستبداد، واكتشافًا لمسالك جديدة في الكتابة الإبداعية بمختلف مقولاتها الأجناسية: رواية ومذكرات ويوميات ورسائل… إلخ، ومكاشفة لبطولات خارقة من النّضال السّياسي والتجريب الرّوائي بين التوثيق والتخييل، والإثارة والاستفزاز والإغراء، وهي مقاصد نجح بعض الكتّاب في بلوغ ذُراها في حين ظل البعض الآخر عند سفحها.

قائمة المصادر والمراجع
المصادر والمراجع باللغة العربية
ابن منظور. جمال الدين، لسان العرب، ط3 (بيروت: دار صادر، 1414هـ).
بلحاج يحي. فتحي، الحبس كذّاب والحيّ يروّح: ورقات من دفاتر اليسار في الزمن البورقيبي- كلمات عابرة، ط3 (د. م: د. ن، 2010).
بلعابد. عبد الحق، عتبات: جيرار جينيت من النص إلى المناص، سعيد يقطين (مقدّم)، ط1، (الجزائر/ لبنان: منشورات الاختلاف/ الدار العربية للعلوم ناشرون، 1429هـ/ 2008م).
بن جمعة. بوشوشة، شعرية التجريب والحداثة في الرواية العربية المعاصرة (تونس: المغاربية لطباعة وإشهار الكتاب، 2021).
بن سالم. المنصف، سنوات الجمر: شهادات حيّة عن الاضطهاد الفكري واستهداف الإسلام في تونس، ط1 (د. م: د. ن، 2014).
بوجاه. صلاح الدين، مقالة في الرواية، ط1 (بيروت: الدراسات الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1414هـ- 1994م).
التومي. خديجة، حصاد الشتات، ط1 (د. م: مكتبة تونس، 2013).
التومي. محمد، أدب السجون في تونس ما بعد الثورة بين محنة الكتابة وكتابة المحنة، سلسلة مرايا السرد، (تونس: كلمة للنشر والتوزيع، 2020).
الجابلي. محمد، أبناء السحاب (تونس: مطبعة فن الطباعة، 2010).
الجلاصي. عبد الحميد، حصاد الغياب: اليد الصغيرة لا تكذب (د. م، مكتبة تونس، 2016).
الجميّل. محمد عز الدين، خنساء في سجن النساء (تونس: دار يس للنشر، 2022).
حمداوي. جميل، سيميوطيقا العنوان، ط2 (المغرب: در الريف للطبع والنشر الإلكتروني، 2020).
الخلفي. بشير، دراقة: ستار يحجب الحقيقة، ط2 (تونس: دار ميارة للنشر والتوزيع، 2015).
الخلفي. بشير، سيلون. كوم: مذكرات سجن 9 أفريل (تونس: دار ميارة للنشر والتوزيع، 2018).
الخلفي. بشير؛ وبن سليمان. رحمة، المدغور: دولة؛ وكانتلو بلّاعة، ط1 (د. م: طبع الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم، د. ت).
الخميري. عبد الحفيظ، الدكتاتور (تونس: دار ميارة، 2012).
الزعلوني. بختة، من أيام سجينة خارج الأسوار، ط1 (قرطاج: مطبعة تونس قرطاج، 2015).
زنكنة. هيفاء، دفاتر الملح (تونس: دار كلمة للنشر والتوزيع، 2019).
زيتوني. لطفي، “عنوان”، معجم مصطلحات نقد الرواية، ط1 (لبنان: مكتبة لبنان ناشرون/ دار النهار للنشر، 2002).
ساسي. سمير، برج الرومي: بواب الموت، (تونس: منشورات كارم الشريف، 2011).
السنوسي. لطفي، انتماء، ط2 (د. م: د. ن، 2012).
الشارني. رشيدة، تراتيل لآلامها (بيروت: دار العربية للعلوم، 2011).
الصدقاوي، فوزي، قلم ومتاريس: مقالات في تاريخ الزمن الحاضر، ط1، (تونس: مطبعة بلكاهية، 2011).
طودوروف. تزفيطان، الشعرية، شكري المبخوت ورجاء بن سلامة (مترجمان)، ط2 (المغرب: دار توبقال للنشر، 1990).
العدّاسي. عبد الحميد، المنعرج (د. م: د. ن، 2018).
العربي. منذر، 9 أفريل: ذكريات طفولة وحبوس (تونس: دار عليسة، 2021).
علوي. عبد اللطيف، أسوار الجنة (تونس: دار إشراق للنشر، 2018).
العيادي. أبو بكر، آخر الرعية. ط2/ ط1 (تونس- بيروت/ باريس: مسكلياني للنشر/ د. ن، 2018/ 2002).
الفارسي. مصطفى، المنعرج (تونس: دار الحركات للنشر، د. ت).
قارة بيبان. حفيظة، دروب الفرار (تونس: سراس للنشر، 2003).
قارة بيبان. منية، رواية القمع في تونس: نقوش عربية، ط1 (تونس: د. ن، 2013).
القاضي. محمد، الخبر في الأدب العربي: دراسة في السردية العربية (د. م: منشورات كلية الآداب منوبة، 1998).
القاضي. محمد، تحليل النص السردي بين النظرية والتطبيق (تونس: دار الجنوب للنشر، 1997).
قطوس. بسام موسى، سيمياء العنوان، ط1 (الأردن، وزارة الثقافة العامة، 2001).
القلقشندي. أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (بيروت: دار الكتب العلمية، د. ت).
الكوني. رضوان، عيد المساعيد، ط1 (د. م: الشركة التونسية للنشر، 2005).
كوهين. جان، بنية اللغة الشعرية، محمد الولي ومحمد العمري (مترجمان)، ط1 (المغرب: دار توبقال للنشر.
لحمداني. حميد، بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، ط1 (لبنان/ المغرب: المركز الثقافي العربي، 1991).
المدّوري. عبد الجبار، تحت الرماد (تونس: دار الفينـيق، 2013).
المدوري. عبد الجبار، مناضل رغم أنفك (تونس: دار الفينيق، 2011).
النقاش. جيلبار، كريستال (تونس: دار صلامبو للنشر والتوزيع، 2017).

المراجع باللغات الأجنبية
Duchet. Claude, La famille abondonnée et La bete humaine: elements de titrologie romanesque, Litérature, N° 12, (Déc, 1973).
Genette. Gerard, Palimpsestes- La littérature au sécond dégréé. Col. Poétique. (Paris: Seuil, 1982).
Harry. Levin, The Title as a literary genre: The Modern Language Review. Vol. 72, N° 4, (Oct. 1977).
Hoek. Leo H., La marque du titre: Dispositifs sémiotiques d’une pratique textuelle, (New York: De Gruyter Mouton, 1981).

  • أستاذ اللسانيات وتحليل الخطاب في جامعة الزيتونة بتونس، كاتب روائي وناقد وباحث في الإسلاميات التطبيقية، عضو فريق مجلة مداد- تونس، عضو فريق مجلة مسارات- تونس، عضو مخبر البحث في الظاهرة الدينية بجامعة منوبة- تونس، ساهم في تقديم عدة روايات من أدب السجون بتونس (المنعرج، 9 أفريل، انتماء، الفريد..).

مشاركة: