ذهب ليلعب بالتراب

كيف أتفاهم مع العتمة
إذا انكسرت شمعتي
ماذا أقول للصمت
ماذا أفعل بالزوايا والأماكن المهجورة
ما نفع النوافذ والمرايا الفارغة
ما نفع الإضاءة بلا ظلال
ما نفع المذابح والمآذن والنواقيس
بلا منافقين
وكيف أجلس مع الجهات الأربع
إلى طاولة واحدة

(عنب مرٌّ) هذه البلاد
فماذا أفعل بالعناقيد الحامضة
وماذا أقول للثعالب الماكرة
واللاجئين الطيبين
هل نشرب البحرَ وحدنا
يا “إيسوب”
هل نسكر وحدنا أيها الإغريقي
وكيف نرقص في حضرة الصمت
كيف نتفاهم مع هذا البحر
إذا تحطَّم زجاج الكون
وسقط علينا
هل نلجأ إلى محطات سفرٍ
مخصّصة للغيومٍ

وماذا بشأن العواصف
إنها تلوك النوارس
ثم تلفظها فوق الصخور قشوراً
فكيف أشرب والخمر مالحٌ
وكيف أسكر والسُّكر صحوٌ
وكيف أنام والنوم نازحٌ
وكيف أحدق في وجه أمٍ
فقدت طفلها في اليمِّ
وصاحت: يُما
هل أستطيع مقابلة امرأة
لم تستطع وداع وحيدها:
لم يسعفها الهلال الأحمر
لترى وجهه
لم يسعفها الصليب الأحمر
لتلمس جرحه
لم تضع روحه فوق راحتها
مثل عصفور صغير
يتدرب على الطيران
ودّعته هكذا، عن ظهر قلب
لوّحت له من بعيد
كأيّ غراب يلوِّح للموت
ثم يغيب
وماذا أقول لطفلةٍ ذبحوا أخاها
أمام عينيها؟
سافرَ
صعد إلى السماء
كي يحضِر لها لعبة
ويعود بعد انقشاع الضباب؟
أم أقول لها
ذهب ليلعب بالتراب؟

مشاركة: