– 1 –
الاشتراكية ضرورة يجب أن توعى. الاشتراكية ليست حتمية.
لا شيء حتمي، على الإطلاق. أو: وحده محتوم الواقع. وحده حتميٌّ ما وقعَ. ما لم يقع فهو غير محتوم.
متى يوجد شيء من الأشياء؟ متى يقع واقع؟
الجواب: حين تكتمل شروط الشيء المعنيّ، حين تكتمل تعيّنات الواقع المعيّن.
ما لم تكتمل فهو ليس.
إذا توفّرت 99% من شروطه، فهو عينه ليس بعد.
وهذا الواحد بالمئة المتبقي لكي يوجد الشيء، يمكن أن يكون حاسمًا. بالأصح، في حال توفرت الـ99%، فإن الصغير المتبقي هو هو الحاسم. عليه يتوقف وجود أو عدم وجود الشيء المعنيّ.
وهذا الواحد بالمئة، ما دمنا نحدد قضية العمل الإنساني، يمكن أن يكون هو الوعي..
وما قصدناه هو الوعي. يمكن أن نصغّر النسبة واحد في المئة أو أن نكبرها: هذا لا شأن له، ليست القضية عددية، بل هي منطقية. ليس من شيء، موجود من دون علّة كافية، يقول لايبنتس وهيجل إن محاكمتنا موجهة ضد “الحتمية” الشهيرة. وهي محاكمة صائبة وبدائية أيضًا.
إذا كان هذا الحجر موجودًا في هذا المكان عند سفح الجبل وهيجل يشدد: إن الصفة “كاذبة” نافلة، زائدة، وهي بالتالي إضعاف. إن علّة غير كافية ليست علّة.
إن محاكمتنا موجهة ضد “الحتمية” الشهيرة، وهي محاكمة صائبة وابتدائية أيضًا، أو عنصرية Élémentaire كما يقول الفرنسيون. عنصرها العقل. العلّة عقل raison. هكذا الفرنسية ولغات غيرها.
هيجل “يستنتج” الوجود، وجود شيء من الأشياء. إن وجود هذا الشيء نتيجة، نتاج، ناتج، مُنتَج. على هذه المفاهيم التي هي بالفرنسية effet، réseltat، conséquence وproduit، اللغة العربية تحيل على جذر واحد نتَج. وهذا جيد شرط أن نعيه وأن نستثمره.
إنه يقيم مبدأ “استقراء الواقع استنطاق الواقع”، مبدأ “عقل الكون كون العقل”.
إن استثماره لغويًا عربيًا ليس استحلابه من اللغة العربية. بل الانتقال من المنطلق، إلى الفلسفة، إلى علم الكلام.
هيجل يستنتج الوجود، أي يعلن أنه ليس في المباشر، الفوري، البداهة، ليس في جوهر، أصل، إنه ناتج سيرورات، عمليات، تحولات.
ثمة شكلان للسيرورة الموضوعية: الطبيعة، فاعلية الإنسان الذي اتّخذ هدفًا، يقول لينين في خلاصة منطق هيجل: الكون كونان: “الطبيعة” و”العالم”.
طبيعة: هذا ليس، ليس بعد، “عالَم”. إذا كنتم تقولون العالم وتعنون الطبيعة، فهذا تكرار لا فائدة منه، وإن ذهنكم، روحكم، عقلكم يجنح نحو الكوسموس، ويعيدنا إلى ما قبل علم الكلام إلى ما قبل مفهوم الإنسان.
الطبيعة يلزمها بعد كثير من التعيّنات لكي تصير عالمًا Monde.
الأشياء من حولكم ليست طبيعة، بل هي “في أحسن حال” طبيعة محوّلة. الطاولة والكرسي والجدار والبيت والشوارع والسيارات والمصانع والمدن والحقول والأغنياء والأبقار وجميع الأنواع الأهلية، كل هذه الموضوعات- الأغراض، هي نتاج العمل الإنساني، الصناعة البشرية، الاختراع. حتى “نصل” إلى “الطبيعة” مجردة، علينا أن ننظر إلى السماء والنجوم فوق رؤوسنا، أن “نفكر” في الهواء الذي نتنفسه، في الماء أصل جميع الأشياء بحسب طاليس، في الضوء الذي بفضله نرى الأشياء لكننا لا نراه هو بحسب علم الفيزياء في المدرسة. علينا أن نفكّر بالطبيعة المهدَّدة اليوم. الطبيعة، للمعرفة، ليست في المباشر. إنها مقولة فلسفية كبيرة، جبارة، متنوّعة العلاقات والاتجاهات والمعارضات، ولا سيما ثنائية العلاقات إزاء العمل وإزاء الروح، مع الرابطة بين الاثنين، العمل والروح.
التاريخ، تاريخ البشر، هو تاريخ إنتاجهم لوجودهم اجتماعيًا. وجودهم منتَج، ناتج، نتاج.
وجودهم أي حياتهم، عيشهم، بقاؤهم، طعامهم …إلخ، وعلاقاتهم كافة، مجتمعهم. البشر ينتجون وجودهم ومجتمعهم، دائمًا.
لستَ موجودًا بالبداهة الأصلية، ولستَ موجودًا لأن رجلًا وامرأة مارسا فعل الحب. هذا عنصر لا أكثر. أنت موجود لأنك استهلكتَ كميات من الحليب والخبز واللحم والحبوب والخضار والألبسة والعناية المتنوعة. هذا كله إنتاج دائم واجتماعيّ.
الماء موجود. الفرات والعاصي والسنّ موجود منذ آلاف السنين. مع ذلك على امتداد آلاف السنين ترى عطشى، وليس المهم اليوم أن الماء موجود، ها هو، ترونه أمامكم أو على الخريطة، بل المهم الموجود فيه من عناصر لا تُرى هكذا، المهم مسألة نقاء الماء. مسألة التلوث، ومسألة المستقبل، قضية المجتمع.
إذًا ليس الوجود من جهة والعدم من جهة أخرى، قطبين بعيدين مستقلين ميتين، بل المهم “الوجود والعدم” معًا في عالم التعيين. إذا لم يجاهد البشر ضد العدم فهم ينتكسون ضد العدم. “الله خلق العالم من العدم” أُعطيت في الروح والفكر هذا المعنى: العدم مادّة العالَم. “الوجود مادة وشكل” (أرسطو). هذا يعني المادّة وحدها هي عدم وجود.
المنطقة العربية منطقة معينة مناخيًا وجغرافيًا (منطقة نصف جافة، متوسطية) مصير الأراضي الهامشية أو الحدّية في تاريخنا تكشف جدل الوجود والعدم، وحدة الضدين المفهوميّين. حين لا يكون هناك نضال “يومي”، اجتماعي، عام، ضد الجفاف، التصحّر …إلخ، عندئذ الصحراء تتقدم، الوجود يتقلّص.
إذن فكرة “الوجود” العربية السائدة فكرة باطلة، هامدة، تنوب عن فكرة الكون Etre، وتلغي الثنائي المفهومي ممكن وواقع، تلغي المفهومية والتاريخية، المنطق والتاريخ.
الاشتراكية ليست “حتمية”. الاشتراكية ضرورة يجب أن توعى فعليًا. يمكن الآن أن تتحول البشرية نحو الاشتراكية ويمكن أن تسير نحو الفناء.
إذا لم تسيطر البشرية على النتائج غير المباشرة، على النتائج الاجتماعية والطبيعية، لأفعالها، عندئذٍ فالفناء هو المحتوم. إذا قامت حرب نووية، فالهلاك هو المؤكد، لا الاشتراكية. لقد وصلت البشرية إلى أكبر مفترق في تاريخها. إن نمو الإنتاجيّة هو، وانكشف الآن أكثر من أي وقت مضى وبشكل مفاجئ على أنه، نمو التدميرية أيضًا، نمو قدرة الإنسان على تدمير ذاته وعالمه. إن النهاية لآتية: فإما أن تكون نهاية تقدّم ونظام وحضارة وعالم آخر، نهاية تاريخ من أجل تاريخ آخر، ونهاية “ما قبل تاريخ” من أجل تاريخ أحقّ، أو أن تكون نهاية الجنس البشري.
إما… أو: هكذا هو الخيار. وهو وحده يتفق مع التصور الجدلي المادياني للواقع والتاريخ، مع عشر أطروحات صحيحة عرّف بها ماركس وإنجلز مشروع “تحويل العالم”. هذا المشروع أرهن اليوم مما كان في زمنهما.
- 2 –
الاشتراكية حركة تاريخية فعلية. وهذه الحركة الواقعية تنتمي للعصر الحاضر.
الاشتراكية ليست، لم تعد حلمًا، يوتوبيًا، مجرد حلم ومحض يوتوبيا.
الاشتراكية واقع موجود أمامنا، نظام دنيوي تمامًا، نظام قائم في دنيا البشر وتاريخ العالم، له ما له وعليه ما عليه.
الاتحاد السوفياتي ليس فردوسًا. ولا الصين. ولا أي من البلدان الاشتراكية الأكثر أرثوذكسية، إن كان لهذا التعبير معنى.
ولا أكثر انحرافًا عن الأرثوذكسية. لا الاتحاد السوفياتي ولا ألبانيا ولا بولونيا. لا الصين ولا كمبوديا أو فيتنام أو كوبا أو اليمن الجنوبي أو أنغولا، وهكذا دواليك، بدءًا من النموذج الأعلى وصولًا إلى أصغر وأحدث بلد أعلن في إحدى القارات الثلاث اعتناقه الاشتراكية ومعارضته لاقتصاد السوق، أو للملكية الخاصة …إلخ.
في هذا المشروع الأكبر (تحويل العالم) الذي أعلنه ماركس سنة 1845، القضية تبدو في كثير من البلدان تأمين العيش لملايين الأفواه المتزايدة.
الاشتراكية مجتمع “الكفاية والعدل” بحسب صيغة عبد الناصر. مبدئيًا، تقوم على الركيزة الرأسمالية كنقيض لها. واقعيًا وعمليًا، إن الاشتراكية في القرن العشرين قامت بدون الكفاية، من أجل تأمين الكفاية والعدل. جميع الدول الاشتراكية واجهت قضية التنمية كقضية أولية.
هذه المسألة “أضيفت” إليها المسألة الديموغرافية في أواسط القرن العشرين والربع الثالث من القرن العشرين، ارتفعت وتيرة نمو السكان إلى ما بين 2% و4% في بلدان العالم الثالث. والصين، بعد شرود طويل، لجأت أخيرًا إلى تدابير جذرية لتخفيض هذه الوتائر: ولد واحد للأسرة الجديدة في المدينة وولدان في الريف، فقط. بعض الأسر تتخلص من الوليد إذا كان بنتًا. بدلًا من أن يكون ميزان الولادات حسب الجنسين هو 51% للذكور و49% للبنات -وهو الحالة الطبيعية- الميزان هو 53% و47%، وهذا يعني بلا أي جدال ممكن انتكاسًا إلى قتل الأولاد لدى البعض، لنقل 4% من الأولاد. وهذا القتل يتم بطريقة من الطرق. ومن يطاله القانون يعاقب بطبيعة الحال، لكن ليس للقانون والدولة والمجتمع قدرة إلغاء هذه الظاهرة. والصين مصرّة على منع انفجار الصين، وعلى تأمين نمو حقيقي للاقتصاد والدخل والحياة لمليار من البشر الآن وصولًا لمليار وربع أو مليار ونصف لا أكثر بعد ربع قرن أو نصف قرن، كسقف أخير. لقد نجحت الصين في سياستها هذه. وإن ظاهرة قتل البنات تحيلنا في القرن العشرين وفي بلد اشتراكي إلى ماضي البشرية. الماضي ليس ماضيًا وحسب. والنهاية تعيد، في جوانب منها، البداية.
لقد بدأت البشرية من قتل البشر وأكل لحومهم، ومن قتل الأولاد. وإن تقدّمها تقدُّم على ذلك.
انطلاق التاريخ كان الانتقال من افتراس البشر إلى أسرهم واستعبادهم وتشغيلهم: الإنسان عبد. التاريخ تاريخ العبودية. والعبودية تفوّق كبير على ما قبلها.
الاشتراكية حركة راهنة. مئات الملايين من البشر منحازون للاشتراكية، في الشمال والجنوب، في الشرق والغرب.
لا أدري ما إذا كانت فروق الدخل القومي للفرد من الناس تقدَّر بـ 1 إلى 50 أم بـ 1 إلى 100 بين بنغلاديش والولايات المتحدة، بين مالي والسويد، ولن أتوقف عند محدودية هذا المفهوم والمصطلح (الدخل القومي للفرد)، ولكن المعنيّ مُرْعِب على أي حال، وقد نما واستفحل في ربع القرن الأخير، لا العكس.
داخل فرنسا، مثلًا، رغم كل التطور الاجتماعي والديمقراطي (بما فيه التضامن الاجتماعي) في نصف القرن الأخير، ورغم النمو الجبّار للإنتاجية في الصناعة والزراعة …إلخ، فإن الفروق الطبقية المعاشية ما زالت كبيرة جدًا، وهذه الفروق أكبر أيضًا في تسعة أعشار بلدان العالم الثالث، وبكثير.
التضخم النقدي وسيلة إفقار وإغناء جبارة، تفعل فعلها بلا هوادة داخل بلدان بلا ديمقراطية، بلا حريات، بلا صراع طبقي شعبي حرّ وقانوني ضد النهب الداخلي المربوط بآلية عالمية.
إن التفاؤل البورجوازي المبتذل الذي بشّر بالرفاه للجميع، تباعًا، بفضل نمو التقنية والعلوم، قد انكشف وينكشف كباطل كبير. لقد نمت “الإنتاجية” عشرات المرات، بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل نصف قرن أو قرن. والفقر قائم في كل مكان.
توجد فعلًا قضية علاقات إنتاج، ملكية، توزيع، أي هذا المستوى الذي ركّزت عليه “الاشتراكية العلمية” نظرها…
في سنة 1917، بدأ مشروع “تحويل العالم”. أعلن العمال الروس جمهورية السوفيات الكونية. إن ثلث البشرية يعيش اليوم في ظل النظام الاشتراكي الموجود. خلافات كثيرة، اتجاهات مختلة إلى هذا الحد أو ذاك، “انحراف” التاريخ عن التوقع (توقع لينين ورفاقه، وتوقع ماركس وإنجلز والبيان الشيوعي وحركة العمال البادئة منذ نيف وقرن)، المدّة أطول، الواقع أكبر …إلخ، …إلخ، ولكن أولًا: هذا العالم الاشتراكي وهذه الحركة في العالم شيء جديد، لم يكن موجودًا في القرن الماضي.
الاشتراكية تنتمي لهذا العصر: هذا معناه النظام الاشتراكي لم يوجد في عصور سابقة. ولا المذهب الاشتراكي وُجد في عصور سابقة للعصر البورجوازي. رغم قِدم الفكرة. ثمة فرق بين فكرة اشتراكية ومذهب اشتراكي.
لا مصر القديمة، ولا الصين أو الهند، ولا العرب، ولا سواهم، وُجد في تاريخهم حقبة اشتراكية أو مذهب اشتراكي.
الأديان الكبرى مثلًا، ولا سيما المسيحية أو الإسلام، موقف قبول بالعالم الموجود ودعوة إلى تحسينه. وهذا أسجّله لصالح هذه الأديان. إنه اعتراف بالدنيا بحفظ حق التاريخ.
إن إقامة الاشتراكية أو ما شابه شيء محال قبل ألف سنة أو ألفي سنة أو حتى مئة سنة. نحن الآن في سنة 1987، ولا أعتقد أن أحدًا في الاتحاد السوفياتي أو الصين يعتقد أنهم بلغوا “المثل الأعلى” مهما خفضنا مدلول هذا المصطلح. إن الذين يعتقدون عندنا أن الاشتراكية أو العدالة والحرية …إلخ كان يجب أن تتحقق منذ 1400 سنة أو 1200 سنة، يجب أن نقول لهم: ما زال غيرنا بعيدًا اليوم عن حلمكم مع افتراضنا صدقه. الاتحاد السوفياتي أسقط منذ عشرات السنين وأنهى الطبقات والإقطاعية والرأسمالية والبورجوازية …إلخ وأقام مجتمعًا يختلف جذريًا عن الغرب الرأسمالي، عدا عن الأنظمة السابقة والمزامنة في العالم، ومع ذلك فالمسائل قائمة الآن، وهي مسائل كبيرة. وإذا ما توصل أحفادنا إلى عالم عدالة اجتماعية “نسبية”، فإن ذلك سيكون نصرًا كبيرًا لهم ولتاريخ الإنسان.
هذا في عداد بديهيات التصور المادياني للتاريخ. إذا كان لمصطلح “الماديانية” معنى، معنى إيجابي، صحيح، فهو هذا المعنى: الاعتراف بالواقع، هذا الاعتراف الذي هو أصعب من “المعرفة”، لكنه الشرط الأوّلي لكل معرفة حقّة.
ما نريده شيء وما يحصل شيء آخر. هذا تعليم الماديانية على التاريخ. والاعتقاد بأن هذا ينطبق على الماضي فقط، أو الاعتقاد بأن “الاشتراكية العلمية” تنقلنا بقفزة من اللاوعي إلى الوعي، من عدم التطابق إلى التطابق بين النتائج والأهداف، بين الوقوع والتوقّع، بين الموضوعي والذاتي …إلخ، اعتقاد باطل، يحوّل الماركسية إلى سحر، وحركة العمال والشعوب إلى أبطال وملائكة أو إلى ملائكة أبطال. هذا المفهوم الأخير متناقض. فالملائكة ليسوا أبطالًا والأبطال ليسوا ملائكة.
الماركسية تحقق قفزة، لكن ليس من الصفر إلى التمام، من مطلق إلى مطلق. هذان المطلقان عَدَم.
يريد النجار أن يصنع طاولة معينة، يصمّمها يصنعها فعلًا. النتيجة تتطابق مع الهدف بنسبة 99% أو أكثر. إن تحويل العالم ليس صنع طاولة. إن تحويل العالم هو أولًا تحويل العالم. المتعدّي يرتكز على اللازم. العالم ذاتٌ. ليس خشب النجار أو جلد الحذّاء أو المادة الصوتية في أذن بيتهوفن. الواقع له منطق، منطقه، لا منطق الذات الثورية. الموضوعية هي الاعتراف بأن الموضوع ذات sujet، الذاتوية تحط الموضوع إلى مادّة.
ثمة فرق بين النتيجة والهدف، بين الموضوعي والذاتي. البشر ينتجون وجودهم، يصنعون تاريخهم، دائمًا، لكن ليس كما يريدون.
التصور المادياني للتاريخ هو هذا التأكيد ببنوده الثلاثة.
الماركسية الستالينية ألغت إنتاج الأشياء والوجود، أكّدت صنع التاريخ، ضخمت الوعي والحزب. ألغت مفاهيم ومسائل التموضع، التوقعن، التخورج، التغرّب. هذا الإلغاء سُمّي المادية التاريخية والمادية الجدلية.
بالحقيقة، إنه مثالية، ذاتوية، إرادوية.
التاريخ جوهريًا، ليس تاريخ الثورات الشعبية. وفي التاريخ، ثمة فرق كبير بين الثورات- الانتفاضات والثورات- التحولات.
الثورة- التحول غير الثورة- الانتفاضة هي انتفاضة أو ثورة ملايين الناس، الفقراء، الكادحين …إلخ، ضد الظلم والاستغلال، من أجل العدالة، وبدافع واقع لا يطاق أو لم يعد يطاق. الانتفاضات الشعبية في تاريخ البشر تعدّ بالآلاف بعضها كبير جدًا. لعل أول ثورة شعبية هي ثورة فلاحي مصر في عهد المملكة القديمة بعد بناء الأهرامات، أي منذ أربعة آلاف عام. تاريخ الصين مليء بالثورات الفلاحية الشعبية، الكبيرة والصغيرة، المتكررة خلال ثلاثة آلاف سنة، والتي لا مثيل لها من حيث العدد والحجم في تاريخ الشعوب الأخرى. أشهر ثورات العبيد في إمبراطورية روما ثورة أونوس (يونس؟) السوري الصقلّي وثورة سبارتاكوس الذائعة الصيت. لنضف ثورة الزنج في العصر العباسي الأوّل وثورة توسان يوفر تور أواخر القرن الثامن عشر في سان دومنغ. وهناك أيضًا عشرات الثورات التي قام بها الفلاحون الأقنان في شتى بلدان أوروبا ولنذكر بشكل خاص حرب الفلاحين الألمان (سنة 1525) وثورة بوغاتشوف في روسيا (القرن الثامن عشر) وهناك الثورات البورجوازية الأربع أو الخمس: الهولندية (1600)، الإنكليزية الأولى والثانية (القرن السابع عشر) الأميركية، الفرنسية (1789)، وثورات القرن التاسع عشر، أميركا الإسبانية، اليونان، الصرب، ثورة 1830 (باريس، بروكسل …إلخ)، ثورات 1848 أو “ربيع الشعوب”، كومونة باريس 1871 …إلخ. وأخيرًا ثورات القرن العشرين… هذه هي الثورات- الانتفاضات.
الثورة- التحول هي الانتقال من حال إلى حال. حسب الديالكتيك، في أبسط وأشهر أشكاله، التحول= قفزة، تغيّر الكيف، انقطاع في سلسلة التطوّر.
المثال الأشهر هو تحوّل الماء (أو أي مادّة أخرى، مثلًا الحديد) من حالة فيزيائية إلى حالة فيزيائية أخرى. الحالات الفيزيائية ثلاث: صلب وسائل وغازي. الأجسام من حولنا صوالب وسوائل وغازات هذا حالها، حالتها، وضعيتها، شكلها. حين يقول بعضنا سوائل وغازات ويمتنعون عن كلمة “صوالب” ويقولون بدلًا عنها “أجسام صلبة” فهم يبقون دون المفهومية، دون المنطق، يبقون مع الصلب، أو يعارضون “الحلّ”، إذن العلم. يبقون في مستوى الإدراك: فعلًا، الأجسام من حولي هي جميعًا أجسام صلبة. ولكي أصل إلى سائل يجب أن أذهب إلى المطبخ لأتناول ماء من البرّاد وإذا أردت الوصول إلى غاز، يجب أن أفكر في الهواء الذي أتنفسه حاليًا. العلم الفيزيائي يتخطى هذا المستوى، يخرقه، يتكلم عن ذرات، وعن ترتيب وعلاقات …إلخ، والفلسفة المفهومية تذكّرني بأن الماء- السائل وبخار الماء والثلج هم جميعًا ماء، H2O. وإذا ما قال لي أحد، بالمقابل، هذا هو الجوهري: H2O، وهو واحد في الحالات الثلاث، يجب أن أردّ عليه فورًا: لا تبالغ، الحالات الثلاث هي أيضًا جوهرية “تمامًا” أو لا شيء جوهري: كل الأشياء في النسبية، في التعالق، في التعاقل.
لكن مثال الماء الشهير هو بالضبط الميكانيك، ميكانيك التحول. ميكانيك علم الحركة، منطق الحركة، ديالكتيك الحركة. والحركة مفهوم بسيط جدًا. هنا نحن مع التحوّل كحركة. ونؤشر على كم وكيف، نفصل القضية إلى كم وكيف، نقيم المجرّدات المفهومية: الحركة، النقطة، النقطة العقدية، علاقات القياس. تحول الماء الظاهر يقودني إلى المستوى غير الظاهر، إلى الكتيلات والتكاتل كتفسير للحالات.
لا التحوّل مستنفَذ في مجرّد الحركة، ولا التاريخ البشري، تاريخ الوجود البشري، مستنفذ في التحول. ولا معنى للتحول بدون فكرة الحال أو الحالة état.
هذه الفكرة الأخيرة تُضَمَّن فكرة ثبات، استقرار. وهي تعطي لغويًا عند الأوروبيين فكرة الدولة état. كما تعطي فكرة الستاتستيطيقا، منطق الحالة، أو في ترجمتنا العربية المتداولة علم الإحصاء.
هذا العلم، الذي أدعوه منطق الحالة، قائم لا على رفض (؟) المصادفة، بل على إعلان المصادفة، العَرَض، هيمنة العرض، كونية العرض …إلخ، وعلى كشف منطق هذا العَرَض. بتعبير آخر، إنه اعتراف جذري بالعشوائية وقوننةُ العشوائية. لنقل أيضًا أنه “علم الزهر”. كلمة “الزهر” (زهر الطاولة) العربية أعطتle hasard، المقولة الفلسفية العلمية السيّدة: المصادفة. علم الزهر، نظرية الحظوظ، حساب الاحتمالات، علم الستاتسطيقا، علم باسكال وهايزنبرغ وديموقريط.
وشعار هذا العلم المادياني والميكانيكي الجبار وهو: قانونية الكبائر ترتكز على عشوائية الصغائر.
أي: إذا كان هذا الجسم أو الكتلة ثابتًا وصامدًا في مكانه، فلأن الجسيمات أو الكتيلات molecules الملايين التي تتألف منها متحركة جدًا ولأن حركتها عشوائية، متضاربة، متحايدة. هي متحركة، هو هامد، ساكن، جامد.
وفكرة القانون فكرة ثبات. هذا واضح عند هيجل ولينين (مملكة القانون الهادئة أو ملكوت القوانين الهادئ). ولذلك فإن الديالكتيك هو أساسًا وبين جملة أمور تجاوز لفكرة القانون، أي معرفة ما القانون والإعلان أن فكرة القانون ناقصة، غير كافية، وأن فوق جميع القوانين قانون (بالمفرد)، لوغوس…
لنقل: لهذا السبب، كرهًا بالثبات، هناك جيل “ماركسي” كبير أدار ظهره لفكرة القانون، رفع لواء الصير ضد الكون، هيراقليط ضد بارمنيد، وكأن “القانون” (بالمفرد) ليس بالضبط موقف هيراقليط أولًا. عند هيراقليط، الأسماء قوانين الطبيعة، قوانين العالم …إلخ، والمقام الأعلى عند هيراقليط هو لـ: الله، اللوغوس، الاسم، القانون (بالمفرد).
التراث الماركسي المؤسف (ستالين) أشاع “إلحاد هيراقليط” (؟) نشر بعشرات الملايين من النسخ قوله: العالم لم يخلقه أي إنسان ولا أي إله، ستالين الذي نقل هذا القول من ملخص لينين لكتاب لاسال عن هيراقليط، استغنى عن الشكل الآخر لهذا القول نفسه: العالم لم يخلقه أي من الآلهة. واستغنى بالتمام عن “الله، اللوغوس، الاسم، القانون”. إن القارئ إذا تحمّل عناء العودة إلى ملخص لينين، لوجد فيه الله Dieu بحرف أول كبير مقابل وضد أي إله ancun dieu بحرف أول صغير. لنقل: الله الهيراقليطي نافي الآلهة. كذلك هيجل “النكرة المطلقة” ضد فكرات ومخططات بعض علماء الطبيعة بصدد تطور الأنواع، حسب شرع ممتاز لإنجلز في جدل الطبيعة. و”المفهوم” بمعنى هيجل كحادّ للمفاهيم بالمعنى العادي أو الأرسطوطيلي.
مذهب هيجل هو مذهب الإنسان والتاريخ، مذهب الصير- التقدم والارتقاء (بخلاف هيراقليط!). الإنسان غير الطبيعة- الكوسموس. تاريخه خط صاعد.
في كل ديالكتيك، الدائرة سيّدة. الديالكتيك الحديث- هيجل الآتي، عدا عن اليونان، من شيء آخر- يضيف الخطية، التقدم، الصعود، تاريخ الإنسان.
نظرية ستالين المعلنة استوعبت الإنسان في الطبيعة، عمّمت التطوّر التقدمي الصاعد أزليًا على الطبيعة، شملت كل الأمور تحت جبروت كلمة développement الدامجة، واعتبرت الدائرة والدائرية والدوران فيتافيزيائية لا جدلية، صوّرت الأمور وكأن هيراقليط ليس دورانيًا بل هو صعودي ارتقائي… وهذا كله محال. محال من وجهة النظر الماديانية ومن وجهة نظر الديالكتيك. وهو يتعارض مع عشرات الأقوال لإنجلز وماركس ولينين على حدّ سواء.
لكن واقع ستالين الروحي غير نظريته المعلنة. ستالين يدعي استنتاج علم المجتمع والسياسة من الطبيعة. بالحقيقة إنه يفعل العكس. ستالين يبسط الإنسان وتاريخه سياسة وحزب البروليتاريا على الطبيعة وتاريخها. إنه “أوغسطيني طبيعي” وهذا تناقض في المعنى، أو “هيراقليطي- أوغسطيني” (تناقض أيضًا!) يرفع لواء هيراقليط ويجهل أوغسطين.
لكن لنأخذ بمخططه عن تاريخ الإنسان: المشاعية البدائية، مجتمع الرق، المجتمع الإقطاعي، المجتمع البورجوازي الرأسمالي. هذه فعلًا نماذج، أنماط، حالات كبيرة. لنترك جميع “التفاصيل”، ولنسأل التاريخ والثورتين اللتين نحن بصددهما: الثورة- التحوّل والثورة- الانتفاضة. أي لنسلك، بوعي، مسلك التجريد، لنقبض على الخط.
إن الانتقال من المشاعية إلى النظام العبودي هو ثورة- تحوّل. كذلك الانتقال من النظام العبودي إلى النظام الإقطاعي. وهكذا دواليك.
إذا كان لكلمة ثورة أو لكلمة قفزة استحقاق، فهو هذا الاستحقاق، وإذا كان لمثال الماء الذي ركب عليه ستالين فائدة بالنسبة لمعرفة التاريخ (تاريخ البشرية) فهو هذه الفائدة.
الانتقال من المشاعية إلى العبودية، من ما قبل التاريخ إلى التاريخ، من الهمجية والبربرية إلى الحضارة والمدنية، من القنص إلى الإنتاج بحصر المعنى، من الصيد والقطف إلى الزراعة والرعي، من قتل البشر وأكل لحومهم إلى أسرهم واستعبادهم وتشغيلهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــ
أخيرًا، لا أدري بماذا أنهي هذه الرحلة الطويلة.
لعل أفضل خاتمة من رجل يدرك ويعلن، أنه يتكلم باسمه الشخصي، رغم كثرة شواهده غير الثانوية أو الجانبية من أعلام الماركسية الثلاثة إنما يتكلم دومًا باسمه الشخصي، ويعلن أنه حتى حين يقول إن هذه الطاولة موجودة أو دمشق عاصمة سوريا أو ماركس ألف كتاب رأس المال أو لينين انحاز بعنف لهيجل ضد الماركسية السائدة ولا سيما الماركسية الثورية السائدة، فهو يُفْصح عن رأيه الشخصي أولًا وأخيرًا، تاركًا للقارئ أن يقوم هو بواجبه الشخصي كقارئ ومفكّر وعامل، هي ما يلي:
لا يوجد، بالنسبة للفكر العربي اليوم، وللوعي العربي، ولوعي كل إنسان في بلاد العرب جميعًا بلا استثناء ولا فرق سوى مسألتين عُليَتَيْن: المسألة الماركسية والمسألة الدينية.
هاتان المسألتان عالميتان. المسألة الدينية عند العرب هي أيضًا أو أساسًا المسألة الإسلامية.
مسألتان. هناك عندنا من يحب “القضية” ولا يحب المسألة. بالنسبة لي، لا توجد قضية جديرة إلا وهي أيضًا مسألة ومشكلة ومعضلة، دومًا.
كونهما عالميتين يفرض كونهما عربيتين. أكاد أقول: لا فرق في ذلك.
إذا سُئلتُ ما نقطة الضعف في المجلات العربية الفكرية والثقافية اليوم وإذا فرضت عليّ الإجابة بسطر واحد فأنا أقول: بُعْدُها عن المسألتين المذكورتين.
فالمسائل المطروحة بديل ثانوي أو مشتق دوني أو شيء تالٍ.
هكذا في حيثية المسألة الأولى المسائل المسماة التقدم، الاشتراكية، الحداثة، العقلانية، العلمية، الليبرالية …إلخ.
هكذا في حيثية المسألة الثانية المسائل المسماة التراث، الثقافة، الحضارة.
والمسألة القومية، في نظري، التي هي فوق كل شيء، مسألة الوحدة العربية، هي، كمسألة وقضية، حاصل المسألتين، بالنسبة للعمل الفكري المسؤول، يريد بعض المفكرين إغراق الدين في الثقافة. هذا باطل كبير. الدين غير الثقافة وغير الحضارة وغير القومية. الدين يدخل في تكوين الطابع الثقافي- القومي. يمكن أن أبين أيضًا أن التصريح يتّفق مبدئيًا مع ستالين ذاته الذي اهتم اهتمامًا مشهورًا بالأمة والقومية، ويتّفق مع الماركسية وتراثها الجيّد مع الفكر الماركسي. إنه نوعًا ما بديهيّ. وبديهيّ أيضًا أن الطابع الثقافي القومي يأتي أيضًا بالضبط من الوجود المعيّن، من الواقع والحياة، من الإنتاج وشروطه الجغرافية- التاريخية. والدين من جهة لا يستنفد بتاتًا في الثقافة والطابع القومي والشخصية القومية والحضارة الدين إيمان وعقيدة. وإذ يغدو من البداية وحكمًا، بحكم الدنيا الزمكانية دومًا، إيديولوجيةً وثقافة، وتشريعًا بشريًا وإيجابيًا فهو “يؤوب” كإيمان وكعقيدة في جملة كبيرة متدامجة تفرض نفسها على الوعي كوحدة لا تنفكّ. والعنصر الخالد في الاعتراض هو الاعتراض على هذا الإغراق وهذا “التشاكل”، هذا الاعتراض يتخذ في التاريخ ألف شكل، تستحق جميعًا التثمين، أي وعي عنصرها الاعتراض المعني والمحدَّد تمامًا.
وقد لا يكون بلا فائدة أن أتكلم عن المسيحية والعالم المسيحي وفكرة الكنيسة العُليْا. إن المسيحي المؤمن والواعي دينه إنما يؤمن على نحو أو آخر أن المسيحي الحقيقي وكل مسيحي حقيقي، إنما هو أرثوذوكسي (العقيدة العليا، السنّة العليا والسنّة الأولى أو السلف وكلاهما دومًا موضع خلاف. لكن بالضبط إذن يبقى مسعى الحقيقة والحياة) وكاثوليكي (مَسْكونيّ، عالمي، كوني، الجامعة أو الأمة المسيحية. أمة المسيح، أمة الله) وبروتستانتي (محتج، معترض). والوصف الثاني يتراوح في تاريخ الدنيا، بين أمّة البشرية، أمة آدم -المميَّز في الخليقة والذي من التراب- فكرة الخلاص الكونية، من جهة وطائفة مسيحية بعينها تعتبر نفسها سفينة نوح المحاصرة بطوفان الوثنيين أو الكفار والأميين (الأمم غير المسيحية، الضالّة، البدائية، التي لم تبلغ الحقيقة، العدوّة، والتي تستحق الشفقة) و”المنشقين” و”الهراطقة” مع مكان ما داخل هذا المجموع لليهود والمسلمين. هكذا عصر توما الأكويني وقشتالة وما قبله وما بعده الذي يمكن أن يستمرّ حتى زمن الـ Syllabus أو “مختصر أغلاط من زمن” (1866) أو حتى 1948 بل وحتى اليوم وغدًا عند البعض أو عند الكثيرين. لكن مما لا شك فيه أن تحوّلًا إيجابيًا متناقضًا بدأ منذ مئة عام، اشتد في القرن العشرين، وتحقّق في الثلاثين سنة الأخيرة. اليوم كما أعتقد، إن المبدأ السائد في الكنيسة الكاثوليكية الرسمية ليس فقط في لاهوت التحرير أو لاهوت التقدم أو لاهوت الثورة هو -بمصطلحات أو مفاهيم المسيحية- أن الخلاص هو لجميع البشر.
قد يعتقد القارئ أن مثل هذه الأمور لا شأن ولا قيمة لها فهي أمور دينية وبعيدة عن العلم أو قد يعتقد أنها مفيدة تكتيكيًا …إلخ، أنا أعتقد أنه مخطئ بالتمام. هكذا أمور هامة، وحيوية، راهنة. وهي ذات أهمية حاسمة في مستوى نابض الروح والذهن والفكر والمعرفة، في مستوى الضمير والوعي. والمهمّ جدًا أن يُشار إلى أن الموقف الحالي في الكنيسة -وعند غالبية رجال الدين وغالبية شعب الإيمان، على ما أعتقد- هو عودة إلى موقف الآباء الأوائل والكنيسة الأولى من فوق ركام العصور التي تُقَدَّر إيجابيًا ونقديًا. وبالمقابل، حتى لاهوت التحرير الثوري الأميركي اللاتيني، إذ يتبنى فكرة الثورة، فهو يعترف بالتقدم، بالعمل التقدّمي والبنائي الذي صنعه التاريخ البشري الذي معه وفيه الكنيسة المرئية، المؤسَّسة الراعية والشعب الرعية.
وبالمقابل، إذا ما قرأنا كتاب الأب كونغار Congar وهو من “الرسميين” أو الوسطيين عن “الكنيسة الكاثوليكية وفرنسا الحديثة” فسنجد فيه سجلًا بأخطاء وجرائم الكنيسة، عبر التاريخ، مع إدانة جليّة “لا ريب فيها” لكن فيها تحذيرًا من تبسيطات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ