شعر موسمُ النّمل

لقلبي ذيلٌ لا ينامُ
دلَّني عليكَ ذاتَ يومٍ
….
كمثلِ هذه الأيّام
منتصفَ الظُّهرِ
خبّأتُ مسامات جلدي
فصارَ العَرَقُ يتصبّبُ من مقلتيَّ
كدتُ أُطبقُ عليهما ولم أفعلْ!
قلتَ: ” تعالي نحتسيها معًا
ونسقي بها الزّنزلخت”.
كمثلِ هذه الأيّام
في موسم النّمل التقينا
“شفتاكَ مزرقّتان
وعظامكَ جافّةٌ
هل عصروكَ جوعًا
وتركوا قلبكَ بلا سقاية؟”
قلتَ: “خيالكِ في ظلّي أحياني..
خبّأني في شقٍّ بين بلاطتين
وتركَ لهم جسدًا فارغًا ينهشونه
كالفينيقِ بُعثتُ إليكِ”
منذُ أيّامٍ بعيدة
وذيلُ قلبي لا يزال يدغدغني
كشعاع حياةٍ هائمٍ بدبيب نملة.

باء

فاتَني كلّ شيءٍ سريعًا
كذبابةٍ خائفةٍ
لم يبقَ لي سوى
عدّ أصابعي
وتقشير البصل..
بعتُ خردواتي
صفّيتُ حسابي مع الله
فغلبني النعاسُ
ونمتُ حالمةً
بشجرةِ توتٍ
عصيّةٍ على الديدان
لا تهزّها أصداء القنابل

عنقي سقفُ منزلٍ مهدَّم
ذاكرتي.. حصى متطايرة
تحت عجلات قطار
وأقدام كلاب شاردة
تجول الأزقةَ صيفًا.
….
وطني.. عاملُ نظافةٍ أرمل
لم يتقاضَ راتبه
منذ عهد “توت عنخ آمون”
يبكي كلّ مساء
أمام مخازن الحبوب
والمعلّبات الفاسدة

هكذا أكون
هكذا نكون
حين نأكل ونشربُ
أمام نشرات الأخبار
نبصق على الشاشة
ثمّ نختلي
لنمارس عاداتنا السرّيّة
حين..
نكذبُ لنكتُبَ
حين نحتفل بالأعياد لأنّ ثيابنا نظيفة
حين ينذر المنجّمون بالقيامةِ
فنصدّقهم
وننسى أنّنا دُفِنّا
تحت رماد الوقت
والمجازر المكرّرة كفروض الصّلاة
حين ندّعي أنّ الفجر سيبزغ غدًا
…لنا
أنّ الريح ستقتلعنا
وتطير بنا إلى المقدّمة
ونحن متّكئون على معجزات السماءْ
نتحدّثُ بصوتٍ خافتٍ
كالنّقطةِ النّائمةِ أبدًا
تحت حرف الباءْ.

مشاركة: