الإعلام الرقمي ودوره في التغيير الاجتماعي والسياسي

ملخص

الإنسان كما قيل حيوان اتصالي، ولا تقوم للمجتمع قائمة من دون نظام للاتصال، الذي عدَّه بعضهم شرطًا من شروط بقاء الكائن البشري. وتاريخ البشرية من عصور نقوش الأحجار إلى بث الأقمار، يمكن رصده متوازيا مع تطور وسائل الاتصال الحديثة التي تربط الأفراد والجماعات، ويشهد هذا التاريخ أن الاتصال كان دومًا وراء كل وفاق وصراع، فكلاهما (بحسب ميثاق منظمة اليونسكو)، ينشأ ابتداءً من عقول البشر. لقد ظن بعضهم خطأ أن إعلام عصر المعلومات ما هو إلا مجرد طغيان الوسيط الإلكتروني على باقي وسائط الاتصال الأخرى، لكنه في حقيقة الأمر، أخطر من ذلك بكثير، فالأهم هو طبيعة الرسائل التي تتدفق من خلال هذا الوسيط الاتصالي الجديد، وسرعة تدفقها وكذا طرق توزيعها واستقبالها.

لقد نجمت عن ذلك تغيرات جوهرية في دور الإعلام، جعلت منه محورًا أساسيًا في منظومة المجتمع، فهو اليوم محور الاقتصاد، وشرط أساسي للتنمية. وما يؤكد محورية الإعلام في حياة الإنسان اليوم، ذلك الاهتمام الشديد الذي تحظى به قضاياه في الفكر الفلسفي والتنظير الثقافي المعاصر. لهذا ساد الإعلام ووسائله الالكترونية الحديثة ساحة الثقافة، حتى جاز لبعضهم أن يطلق عليها: ثقافة الميديا، وثقافة التكنولوجيا، وثقافة الوسائط المتعددة. لهذا، عززت أهمية شبكات التواصل الاجتماعي دور المجتمع المدني في البناء الديمقراطي، من خلال استثمار التكنولوجيات الجديدة ووسائل الإعلام البديلة والمجانية، لتقوية المجتمع المدني والتأثير عليه والمشاركة في بناء السياسات العمومية ومساهمته في الحكامة. حيث يستخدم المجتمع المدني شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير لإحداث التغيير.

لهذا، ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي من طرف المجتمع المدني لتقوية التعاون بينه وبين الحكومة فشكل نموذجًا يمكن الأخذ به في ما يخص تعزيز مشاركة المجتمع المدني في البناء الديمقراطي. ذلك أن التجارب أثبتت أن استثمار شبكات التواصل في الحوار بين المجتمع المدني والحكومة، يمكن أن يهيئ بيئة جيدة للديمقراطية، ويساهم في ضمان انتخابات نزيهة، وغيرها من القضايا؛ وذلك بفضل استخدام هذه الشبكات. لكن الأخذ بهذا النموذج يفرض تحدّيًا آخر، وهو ضرورة تأهيل المجتمع المدني وتقوية قدراته في المجال التكنولوجي؛ بمعنى أن رقمنة منظمات المجتمع المدني في البلدان النامية أساسية لتقوية دوره في تحقيق الديمقراطية، ولا سيّما في عصر الذكاء الاصطناعي.

مقدمة

تُعدّ مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك الإعلام الجديد، الذي انتشر في المجتمعات من نطاق ضيق إلى نطاق أوسع، استخدم من خلاله أدوات إعلامية مختلفة مثل المقروءة والمسموعة والمرئية، وأثرت بالاستجابة على المتلقي، وساهمت في تحديد توجهاته وتغيير معتقداته وبناء أفكاره ومواقفه. إن مواقع التواصل الاجتماعي من أكثر المنتجات الالكترونية شعبية، وعلى الرغم من أنها أنشئت للتواصل بين الأفراد إلا أنها تعدت ذلك ليكون الفرد في بنية هذا المجتمع الإلكتروني ممثلًا لمؤسسة معينة، أو شكل من أشكال الإعلام كالصحف، أو هو مثل نسق اجتماعي معين سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو ديني، ويُستخدم الفيس بوك لعرض القضايا السياسية ونقاشها، والدعوة من خلالها لحضور الندوات أو كسب التأييد والمؤازرة في توجه معين، فانتشار هذه الأدوات بشكل سريع لما يتميز بسهولة التعامل معها وانخفاض تكلفتها، يؤدي إلى زيادة سريعة في عدد مستخدميها، فنلاحظ أن عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يزداد إلى مليون شخص كل شهر، وهذا العدد يفوق عدد قراء الصحف التقليدية الورقية، فاستبدال المجتمع لوسائل التواصل بينها وبين الحكومة ووسائل الاهتمام السياسي من الصحف والتلفاز إلى المواقع الالكترونية وتحديدًا مواقع التواصل الاجتماعي فيها، كلها كان لها خصائص سهلة في التعامل والتكلفة وسرعة الوصول، مقارنة مع الوسائل الأخرى [1] . وتُعدّ فئة الشباب هي الفئة الفاعلة والتي لها الدور المهم في مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث لديهم القدرة والمهارات والخبرات التي تتيح لهم التواصل في ما بينهم من خلال المواقع، ومنها يمكن لهم نشر الأفكار والمواقف، وعرض التوجهات والخبرات السابقة، ما يشير إلى مدى أهمية هذه المواقع على المستوى السياسي في الدولة، ومدى أثرها في تحديد التوجهات والتوقعات وتشكلها بين المجتمع والحكومة، وما يقوي الثقة بين الطرفين في صنع القرار.

تعدّ التكنولوجيات الحديثة بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي أداة أساسية للتنمية ولتحقيق أهداف الألفية لأنها تخلق فرصًا جديدة في كل مكان ولها تأثير كبير على حياتنا اليوم. فهي تبقينا على اتصال بقضايا المجتمع الأساسية كلها على الصعيد الوطني والدولي. لهذا السبب، يمكن أن يعزز استخدام الوسائل التكنولوجية، دور المجتمع المدني في التنمية وفي المسار الديمقراطي. لكونها تقوم بخلق نوع جديد من العلاقات بين الفاعلين في مجتمعات العصر الرقمي، كما أن شبكات التواصل الاجتماعي تخلق شكلًا جديدًا من التفكير والعيش مع اختلاف الزمان والمكان، وتساهم بتعزيز دور المجتمع المدني في بناء الوعي الديمقراطي. يندرج هذا الأمر في إطار إعلان مبادئ مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات، الذي نظم في جنيف سنة 2003 [2] . ما يدفع إلى طرح العديد من الأسئلة، أبرزها: ما هو دور الإعلام الرقمي في خلق تواصل فعال بين أفراد المجتمع؟ ما دور الإعلام الرقمي في خلق تغيير المجتمعات على المستوى الاجتماعي والسياسي؟ إلى أي حد ساهم الإعلام الرقمي (خاصة شبكات التواصل الاجتماعي) في خلق وعي جديد يعمل على تعزيز دور المجتمع المدني ومساهمته في المسار الديمقراطي؟ وما هو مستقبل الممارسة الديمقراطية في عصر شبكات التواصل؟

1. عالم الرقميات والثورة الإعلامية

تكمن وراء كل ثورة الإعلام والاتصال عوامل تقنية واقتصادية وسياسية يمكن تلخيصها في ما يلي:

1. العامل التقني المتمثل بالتقدم الهائل في تكنولوجيا الكومبيوتر، ما انعكس على جميع قنوات الإعلام (صحافة مختلفة، إذاعة، تلفزيون)، وانعكس كذلك على طبيعة العلاقات التي تربط بين منتج الرسالة الإعلامية وموزعها ومتلقيها. لقد انكمش العالم مكانًا وزمانًا، وسقطت الحواجز بين البعيد والقريب.

2. العامل الاقتصادي المتمثل في عولمة الاقتصاد، وما يتطلبه من إسراع في تدفق المعلومات، وليس هذا لمجرد كون المعلومات قاسمًا مشتركًا، بل لكونها سلعة اقتصادية في حد ذاتها. تتنامى أهميتها يومًا بعد يوم. حتى غدت نظم الإعلام والاتصال هي وسيلة القوى الاقتصادية لعولمة الاسواق من جانب وتنمية النزعات الاستهلاكية، ووسيلة توزيع سلع صناعة الثقافة من موسيقى وأفلام، وألعاب وبرامج تليفزيونية من جانب آخر.

3. العامل السياسي المتمثل بالاستخدام المتزايد لوسائل الإعلام من قبل القوى السياسية بهدف إحكام قبضتها على سير الأمور، والمحافظة على استقرار موازين القوى، في عالم شديد الاضطراب، زاخر بالصراعات والتناقضات. لقد تداخلت هذه العوامل التقنية والاقتصادية والسياسية بصورة غير مسبوقة، جاعلة من الإعلام الحديث قضية شائكة للغاية، وساحة ساخنة للصراعات العالمية والإقليمية والمحلية.

كان ظهور الإنترنت، بوصفه شبكة في محيط جغرافي صغير للتواصل وتبادل الأخبار، خصوصًا في المجال العسكري، بداية جديدة منذ العام 1989م، هذا التاريخ تحديدًا الذي تزامن مع انهيار ”كفة الميزان” الثانية في العالم المتجلية في القوة العظمى الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية، وهي الاتحاد السوفياتي، فمالت القوة والتأثير ناحية الكفة الأبقى الأكثر ثقلًا، فأضحت علاقات التواصل الاجتماعي تابعة ليس لموازين القوى العالمية، بل تابعة لـ ”كفة ميزان القوة الواحدة” في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية. يقتضي منطق القوة قيام القوى باستحداث الأدوات التي تستديمه وتستبقيه على قمة هرم القوة أطول مدة ممكنة. عندئذ يكون تزايد الفجوة والسيطرة والقوة والتأثير مقصودًا، بين مصممي الشبكة ومخترعيها وبين من يستخدمونها في كل العالم ومع تزايد تقدم وسائل التواصل، وصولًا إلى منصات شبكات التواصل الاجتماعي التي قامت بخلخلة كل التشكلات، والعلاقات، والظواهر، والتفاعلات الاجتماعية في كل أنحاء العالم، على كل الدوائر والمستويات، فقد دعمت هذه الخلخلة خصائص شبكات التواصل الاجتماعي التي تدعم الانفتاح على الآخرين والعالم. ما ساهم في انهيار سياقات الهوية، والوقت والمسافات الاجتماعية، وانهيار سياق التواصل المباشر لمصلحة التواصل الشبكي العميق. ولتحقيق الهدف الأولي والأصيل للمعرفة وهو ”الفهم”.

انتشرت شبكات التواصل الاجتماعي، أو الشبكات الاجتماعية، منها ما استهدفت كل أفراد المجتمع (يوتيوب، فايسبوك)، ومنها ما استهدف فئة الشباب في كل انحاء العالم، في الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، ونيوزيلاندا، وأستراليا، اليابان، سنغافورة، والفلبين، إندونيسيا، ماليزيا، وكوريا، والصين [3] . بعد استحداث شبكات التواصل الاجتماعي، عبر الإنترنت، تزايد انتشارها وتأثيرها نتيجة المميزات التي تقدمها إلى الأفراد، مثل: بناء ملف تعريف عام أو شبه عام ضمن نظام محدد، وتوضيح قائمة المستخدمين الآخرين الذين يشتركون معهم في اتصال، وعرض قائمة الاتصالات التي قام بها. غير أن الخصائص والمميزات والوظائف تتمايز وتختلف بين مواقع الشبكات الاجتماعية المختلفة، لكن توجد أربع خصائص تؤدي دورًا بارزًا في إنشاء مواقع التواصل الاجتماعية، وهي ملفات التعريف الشخصية الموجودة على الشبكة، وقوائم الأصدقاء على شبكات التواصل الاجتماعي، وأدوات التواصل العام لشبكات التواصل الاجتماعي، والانتماءات البنيوية للجمهور الشبكي. دعمت هذه الميزات تزايد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي وسهلت تأثيرها في الجماهير الشبكية. في العالم المعاصر وفي كل مرة ينشئ فيها الفرد تطبيق ويب جديد، تظهر وسيلة إعلامية جديدة، يظهر الفيسبوك، والتويتر،…الخ، بطرق جديدة للتواصل مع الآخرين. ما يستحضر أشكالًا جديدة من الوعي الذاتي، وطرقا جديدة للتفكير حول الذات والآخرين [4] .

إن سرد اهتماماتنا وانضمامنا إلى المجموعات، ومشاركة الصور، ووضع الرموز، وتبادل الأفكار، والخبرات، والتتبع، والتغريد على تويتر، هي طرق للتعبير عن النفس، كذلك طرق جديدة للتأثير فيمن تقدم لهم أنواع جديدة من الانعكاس الاجتماعي لفهم أنفسهم. ولأن هذه التقنيات تتغير بسرعة كبيرة، فقد صدمت الإنسان الأشكال الجديدة من الوعي الذاتي المفاجئ، كما تظهر وسيلة إعلامية جديدة في كل مرة يقوم فيها أي شخص بإنشاء تطبيق ويب جديد. فهي طريقة جديدة للتواصل مع الآخرين، وتحقيق طرق جديدة وأشكال للوعي والتفكير الذاتي في ما يتعلق بالآخرين، وتجاربهم في المدونات وتأثيرها على فهم علاقاتهم مع الآخرين. لهذا، ألغت شبكة “الإنترنت” المسافات، واخترقت الحدود، مازجة بين الصوت والصورة والكلمة في صيغة رقمية، بعد أن دمجت الحوسبة بالاتصال، وأزالت الفواصل بين العمل والترفيه، وفتحت نافذة وسيعة للجماهير الغفيرة كي تشارك في ثورة اتصال تغير كل يوم أنماط الحياة والتفكير في مختلف دول العالم، بدرجات متفاوتة. وتنتج مشاهد ومعالم وأحوالًا. وما جرى في الإعلام خلال السنوات الأخيرة، هو ثورة بكل المقاييس، يمكن أن نصفها بأنها “ثورة إعلامية” أو اتصالية، تضاف إلى الثورات الناعمة التي يشهدها العالم، والتي غيرت حياة الإنسان، ولا سيّما بعد أن صارت بعض الثورات السياسية نفسها تنساب في سلاسة وسلامة عبر التطور الديمقراطي، كما يقول جون فوران وزملاؤه في كتابهم الأثير “مستقبل الثورات” [5] .

وتكسر الثورة الاتصالية تلك النماذج الإرشادية التقليدية، متسقة في هذا مع الطفرات المعرفية التي شهدها العالم في العقود الأخيرة. يمكن فهمهما أو الإحاطة بها اعتمادا على طرق التفسير التقليدية لأداء الإعلام، ونظرياته البسيطة المعهودة، بل تحتاج إلى اقترابات ومداخل مبتكرة وجديدة تواكب التطور الذي شهده عالم الاتصال. ولهذه الثورة سمات عدة. أولى هذه السمات هي توسيع المشاركة الشعبية في صناعة الإعلام، بما جعلنا نشهد ما يمكن أن يسمى بـ “المواطن الصحفي”، إذ بوسع أي شخص أن يكتب ما يشاء ويبثه على الإنترنت في موقع خاص أو مدونة أو حتى في تعقيب على مقالات الكتاب والصحفيين، وأخبارهم وتقاريرهم وتحليلاتهم وتحقيقاتهم. حقق هذا الاتساع كل ما حلم به من كتبوا منذ عقود عن “مسرح المقهورين” متخيلين ومطالبين بأن يشارك المتفرجون في صناعة النص المسرحي وتمثيله والسمة الثانية هي تعزيز الفردية، التي تتغول دوما بفعل التقدم التقني وتغير بعض أنماط المعيشة وطرائقها.

فمثلًا أدى اختراع الطباعة وتقدمها إلى إنهاء التجمعات البشرية التي كانت تتحلق حول شخص يقرأ لهم مخطوطًا، وبات بوسع كل شخص أن يقرأ كتابه مختليا بنفسه. كما أدى اختراع الشطائر إلى انصراف أفراد الأسرة عن التجمع لتناول الوجبات اليومية المعتادة. وعلى المنوال نفسه، فإن الإنترنت ستزيد من عزلة الفرد عن المحيطين به مباشرة من أفراد الأسرة والأصدقاء، وتعيد دمجه في مجتمع افتراضي. ليصبح له أصدقاء من شتى أرجاء المعمورة قد لا يرى وجوههم أبدًا، لكنه يتواصل معهم ويقضي بصحبتهم ساعات طويلة عبر “البريد الإلكتروني” و”الماسينجر” و”الشات” و”الفيس بوك” و”اليوتيوب”. ومثل هذا الوضع قد يعيد في المستقبل تشكيل الهويات والانتماءات. أما السمة الثالثة، فهي إعطاء دفعة قوية لاقتصاديات المعرفة. فإذا كان النفط قد أدى دورًا حيويًا في الثورة الصناعية، فإن عالم الرقميات، سيساهم اليوم في الطفرات الاقتصادية الحديثة، التي تسعى جاهدة للاعتماد على بدائل جديدة للطاقة، وإلى إنتاج سلع جديدة، لم يعرفها العالم من قبل. أما الرابعة، فتتعلق بتحدي السلطة، عبر منازعتها في امتلاك وسائل الإعلام، والرد عليها حين تستخدم هذه الوسائل في التعبئة والحشد وتبرير السياسات القائمة، وتزييف الوعي في شقه المناهض للاستبداد والفساد. وهنا، يكسر الإعلام الجديد تسلطية أهداف الإعلام القديم وأحاديته ورسميته وقدسيته، ويضغط على السلطة من أجل تحسين الأوضاع القائمة، وتغييرها بما يؤدي إلى مزيد من الحرية والكفاية. وقد بلغ الإعلام في هذا حدا عاليا، إلى درجة أنه بات يمثل الرقيب الحقيقي على أداء الحكومات، في ظل نظم تتراوح بين الشمولية والطغيانية، حولت البرلمانات إلى مقهى عام، وسلبتها وظيفة المراقبة، ووظفت دورها في تشريع القوانين لخدمة من هم في سدة الحكم وتابعيهم.

2. الإعلام الرقمي وتفكيك صورة السلطة المهينة

ساهم الإعلام الجديد (الرقمي) في تآكل قدرة السلطة المهيمنة(المستبدة) عن حصاره وتقويضه وكذا إسكات صوته. ما سيؤدي بالتتابع إلى تعزيز الحريات الثلاث حول التفكير والتعبير والتدبير. إذ إنه يساعد الناس على الاطلاع على ما يجري في مختلف أرجاء المعمورة من طقوس وطرق تفكير وتصرف. كما تفتح أمامهم بابًا واسعًا ليعبروا عن آرائهم، ثم يمنحهم وسيلة مهمة للممارسة النضال المدني. حيث يعينهم على التواصل والتعبئة والتحريض على معارضة النظم المستبدة. لكن الإنترنت تظل هنا مجرد وسيلة وليست غاية. لأن الدعوة إلى العصيان المدني والإضرابات والاعتصامات من خلال البريد الإلكتروني أو الفيس بوك، إن لم تتبعها استجابة في الواقع، فإنها تفقد معناها. أما الخامسة، فترتبط بالإفراط في استخدام الإعلام كركيزة أساسية في السجال العقائدي الذي يدور في العالم أجمع، ولا سيّما بعد أن صار الدين يشكل عاملًا بارزًا من عوامل الصراع الدولي الراهن، بفعل إذكاء الولايات المتحدة الأميركية لمسار “الإسلاموفوبيا” في سياق بحثها عن عدو عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، من جهة، وطرحها فكرة “الفوضى الخلاقة” التي تقوم على إشعال النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية، من جهة ثانية. ومع هيمنة العولمة وعودة الاستعمار التقليدي، بعد أن ظنت الأغلبية من علماء السياسة أنه قد ذهب إلى غير رجعة، يتصاعد دور الإعلام في المقاومة، فتظهر قنوات تابعة لتنظيمات مقاومة، مثل “المنار” الناطقة بلسان حزب الله، و”الزوراء” التي كانت تطلقها المقاومة العراقية.

كما تظهر أيضًا مواقع على شبكة الإنترنت لبعض الجماعات والتنظيمات والحركات المناوئة للولايات المتحدة، وفي مطلعها “تنظيم القاعدة” الذي استخدم هذه الوسيلة في التواصل مع أفراده، بعد تشتته إثر إزاحة طالبان عن السلطة في أكتوبر 2001. هذه السمات الخمس، تضع الإعلام القديم أو التقليدي في تحدٍّ واضح، لكن ليس بوسعها أن تهيل عليه التراب كاملًا، فنظريات التحديث على اختلافها تنبئنا بأن القديم لا يموت كله، وتؤكد في الوقت ذاته، أن القديم لا ينطوي دومًا على شرور أو نقائص يجب التخلص منها، بل إن بعضه أجدى للناس من أشياء. فقد ظن بيل جيتس أن الصحف الورقية ستختفي تمامًا عام 2018، لكن الأمر الواقع جعله يعيد النظر في رأيه، ويعترف أنه لا يمكن أن يقطع بشيء خاص بمستقبل لا يراه، ولا يلم بقوانينه وظروفه كافة. ومن ظنوا أن القراءة على الإنترنت ستؤدي إلى اختفاء الكتاب المطبوع عادوا لينتجوا كتابًا إلكترونيًا على شاكلة الكتاب الورقي. وعلى التوازي، زاد توزيع الكتاب المطبوع، ليصل إلى أرقام غير مسبوقة، نرى مثالًا لها في رواية “هاري بوتر” التي وزعت ـأكثر من خمسين مليون نسخة بلغات عدة، ورواية “الخيميائي” للأديب البرازيلي باولو كويليو التي وزعت نحو ثلاثين مليون نسخة. إن بعضهم انساق وراء الثورة الجارفة للإعلام الجديد، وظن أن المطبعة ستدفن مع مخترعها الألماني يوحنا جوتنبرج.

3. الإعلام الرقمي وتشكيل الوعي

3. 1. تشكيل الوعي الاجتماعي

يمثل الوعي الاجتماعي/ Social Consciousness ظاهرة سوسيولوجية تؤدي دورًا أساسيًا في التغيير الاجتماعي. فالوعي يبدأ بمجرد أن يبدأ الإنسان في إنتاج وسائل العيش، تلك الوسائل التي تتحدد بداية بظروف الطبيعة وإمكاناتها، وبإنتاج الوسائل التي ينتج الإنسان بفضلها حياته المادية والعقلية [6] . فالوعي حالة من الاستعداد تتكون من عديد الأفعال العقلية المشتركة والتي من خلالها يعي الفرد هذا الموضوع أو ذاك في نفسه أو بيئته [7] . ولا يمكن فصل الوعي بالمجتمع عن الوعي الذاتي، إذ لا نستطيع التفكير في أنفسنا إلا بالإحالة على جماعة اجتماعية من نوع ما، وما نحن على وعي به، ليس أكثر أو أقل من الكل الشخصي أو الاجتماعي المعقد، فمعظم وعينا انعكاس لحالات عقلنا الواعي. فيصبح وعيًا اجتماعيًا، لأن إحساسنا بعلاقتنا بالآخرين، أو بعلاقات الآخرين ببعضهم، ربما تفشل في أن تكون جزءًا منها [8] .

إن الوعي الاجتماعي ليس إدراكًا للواقع وليس تصورًا له فقط، بل هو نتاج لحركة تبادلية يندمج بها الفردي في الاجتماعي، الذاتي في الموضوعي، والإدراك في التصور، وتعد الأبعاد النفسية مجالات أولية للوعي، وبالتالي فإن الأبعاد النفسية والفكرية والعلمية تعد مجالًا نوعيًا متميزًا من مجالات الوعي، يتميز فيها عن غيره من المجالات بوظائفه والدرجة التي يعكس بها الواقع الاجتماعي [9] . فقد أكد جورج ميد على الأصل الاجتماعي للفعل، ليشير إلى أن الوعي بالذات ليس نتاجًا فرديًا صرفًا، بقدر ما هو محصلة تفاعلات اجتماعية يكون الفرد منغمسًا ومشبعًا فيها [10] ، وبالتالي فإن الشعور بالهوية ليس معطى أوليًا في الوعي الفردي، بل حصيلة آليات اجتماعية، تتداخل في التنشئة الاجتماعية. بمعنى أن الإنسان ليس كائنًا اجتماعيًا فحسب، بل إن وجوده رهين بالآخر، لذا رفض جورج ميد أن يكون الوعي الفردي سابقًا التنظيم الاجتماعي [11] ، فالأنا كائن اجتماعي يتميز بالقدرة على الإنتاج، والإبداع والمحاكاة، ولا معنى لسلوكه خارج المحيط الاجتماعي [12] .

وتمثل التنشئة الاجتماعية مكونًا أساسيًا من مكونات الوعي الاجتماعي، فهي تعد عملية غرضية وموجهة أيديولوجيًا، تتوخى إحداث تغييرات ثقافية معينة، بالنسبة للفرد والمجتمع على السواء، فنمط التنشئة الذي يخضع له الفرد يؤثر إلى حد كبير في استجابته لمختلف المثيرات الاجتماعية، ومدى مشاركته في العملية الاجتماعية، وجدية هذه المشاركة في مرحلة النضج، كما تعد التنشئة الاجتماعية ذات أهمية خاصة وسياسية بالنسبة لعملية التكامل الاجتماعي. وتطور الوعي بالهوية القومية وتأكيد الولاء والانتماء للأمة والدولة القومية التي تحتلها [13] . تساعد التنشئة الاجتماعية على إمعان التمحيص والنقد لبعض الأفكار الاجتماعية، وبذلك تكون هناك مراجعة للجو الاجتماعي العام في المجتمع. وذلك عن طريق تعليم الناشئة القيم والاتجاهات الاجتماعية من خلال الأسرة والمدرسة، ومؤسسات المجتمع الأخرى [14] .

ويتكون الوعي الاجتماعي من ثلاثة أبعاد:

1. الوعي الفردي الذي يعبر عن فرد محدد له ظروفه النوعية الخاصة، ويعكس وجودًا فرديًا عيانيًا محددًا. بمعنى أن الإنسان مدرك لتصرفاته وجميع نشاطه المادي والروحي.

2. الوعي الجماعي والذي يشير إلى وعي طبقة محددة أو مجتمع محدد. وهو إدراك وتصور طبقيان للمجتمع والطبيعة.

3. الوعي المجتمعي الذي يمثل انعكاسًا للوجود الاجتماعي ككل، ويشير إلى إدراك القضايا المجتمعية الأساسية وتصورها.

تأتي هذه الأبعاد على ثلاثة مستويات، ليشير المستوى الأول إلى الوعي اليومي المباشر الذي يعبر عن خبرة الحياة اليومية المباشرة وحاجات البشر اليومية. بمعنى أنه بعدٌ تفصيليٌّ، ويتسم بالتلقائية، إذ ينشأ من الشروط التطبيقية للحياة الاجتماعية، كما يرتبط بالخصائص النفسية الاجتماعية للبشر، أما المستوى الثاني، فهو الوعي النظري الأيديولوجي الذي يعكس وجودًا طبقيًا محددًا، ويأتي إدراكًا وتصورًا للمجتمع وما يحويه من علاقات وتناقضات، ويحاول من منظور تاريخي ومعاصر، فهم جوهر الواقع الاجتماعي وظاهراته والقوانين الأساسية التي تحكم سيرورته [15] . ويعبر عن الوعي الاجتماعي بالمشاركة الاجتماعية والمعرفة الاجتماعية، وتكوين تصور عن المسائل الاجتماعية، وتبني اتجاه سياسي محدد ودعمه مثل التصويت وعضوية التنظيمات الاجتماعية، ولا يقتصر هذا الوعي الاجتماعي على الإدراك والمعرفة، بل يتعدى ذلك إلى الفهم والتقويم وردات الفعل والتصرف من قبل الفاعلين [16] .

أصبح دور الإعلام الالكتروني أكثر أهمية وخطورة في عصر العولمة وما بعد الحداثة، ومن أقوى الوسائل في تشكيل الوعي الاجتماعي وتكوين الصورة الذهنية في أذهان الناس، وعاملًا أساسيًا في تهيئة متطلبات التغيير عن طريق تكوين الوعي في نظرة الإنسان إلى مجتمعه والعالم. لأن المضمون الذي تتوجه به عبر وسائل إخبارية أو ثقافية أو ترفيهية أو غيرها، لا يؤدي بالضرورة إلى إدراك الحقيقة فقط، بل أنه يسهم في تكوين الحقيقة، وحل إشكالياتها، إذ لم يعد إعلامًا ناقلًا بل موجهًا للأفراد والجماعات وتكوين مواقفهم الفكرية والاجتماعية، إذ ساهمت وسائل الإعلام الإلكتروني في توسيع شبكة علاقة الفرد الاجتماعية مع الآخرين على المستولى المحلي والإقليمي والدولي، بصرف النظر عن خلفياتهم السياسية، والاقتصادية، والعرقية، والجنسية. وأتاحت للأفراد فرصة تقديم أنفسهم للآخرين بحرية كبيرة، من دون قيود.

ويلاحظ من خلال مشاهدة الأنماط السلوكية الاجتماعية على أرض الواقع، بأن هناك زيادة مستمرة وإقبالًا مرتفعًا لأعداد الناس، ومن مختلف فئات المجتمع المستخدمين للإنترنت، ولا سيما فئة الشباب فيهم، قد يصل استخدامهم إلى درجة الإدمان. ما قد يؤثر على السلوك الإنساني، وشبكة العلاقات الاجتماعية، وطرق التفكير في التعامل مع متغيرات الحياة، والذي من شأنه تعزيز القيم الفردية بدلًا من القيم الاجتماعية، وقيم العمل الجماعي المشترك الذي يمثل عنصرًا مهمًا في ثقافة المجتمع [17] . وتمارس وسائل الإعلام الإلكتروني تأثيرًا هائلًا في تشكيل رؤية الأفراد لأنفسهم وللآخرين، من خلال إغراقهم بعروض عن الآخرين ومشاعرهم وحياتهم ومأكولاتهم وملابسهم ومشروباتهم، وتتحكم في المواقف وأنماط الاستهلاك والإبداع، وكذلك في أشكال التعبير والتنوع الثقافي، فما هو إلا حقيقة واقعه، فهي توثر في عمليات تحديد الهوية الذاتية على المستويين الفردي والجماعي، وتساهم في تشكيل ”الجماعات المتخيلة” من خلال المشاهد الإعلامية المتخيلة لوسائل الإعلام التي تؤدي بالغ الأهمية في تقرير الكيفية التي نتصور بها حياتنا، ويمكن أن تصبح المشاهد الإعلامية، التي لا يشك في قوة تأثيرها، مصدرًا خبيثًا للنزاعات والتوترات بل وحتى للعنف في مختلف المجتمعات [18] .

كما أدت وسائل الإعلام دورًا حيويًا في دعم الديمقراطية حول العالم بما أتاحته من أدوات تعبير وبيئة وأداة عمل في المجال السياسي العام، وإتاحة فضاء مفتوح أمام المعلومات السياسية والطرح السياسي [19] . حيث ساهمت في جذب الأنظار بعد تفجيرها للعديد من القضايا التي أثارت الرأي العام، واستخدام الشباب المطالبين بالتغيير لوسائل حديثة للتواصل والتنسيق في ما بينهم، وفي مقدمتها شبكات التواصل الاجتماعي (الفيس بك، تويتر، وغيرها). وارتبطت موجة الاحتجاجات والثورات التي اجتاحت المنطقة العربية مطالبة بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، والتي وجد فيها الشباب العربي منفذًا للتعبير عن آمالهم وطموحاتهم ورغباتهم في التغيير، حتى غدت بمثابة محرك فاعل ومؤثر في الثورات والتظاهرات والحوادث التي شهدتها المنطقة العربية [20] .

إن تأثير وسائل الإعلام الإلكتروني في بناء المواقف الفردية والجماعية من الآخرين، قويٌّ ومباشر وفوري على جمهور المشاهدين والمستمعين الذين يسهل التأثير عليهم نفسيًا وأيديولوجيًا، ما يطلق عليه نظرية الطلقة السحرية، وعلى الرغم من عمليات الإدراك والاتصالات مع الآخرين والعوامل النفسية والديمغرافية فقد تلعب دورا في عرقلة التأثير المباشر لوسائل الإعلام الإلكتروني، إلا أن هذه الأخيرة أوجدت مناخًا من الرأي يمكن أن يشوش على القضايا والمواقف الحقيقية. وهذا التأثير لا ينفي قدرتها على تعزيز قيم الناس ومواقفهم وآرائهم ومعتقداتهم ومشاعرهم. وهو ما يصدق بالتالي على الطرق التي يستجيب بها الأفراد للاختلافات الإثنية أو الثقافية [21] . وتشترك وسائل الإعلام الإلكتروني في إيجاد صورة نمطية عن طريق عملية المقارنة مع الآخر، التي تعني تحديد ما يفصل المرء عن غيره من أفراد وجماعات ومجتمعات عن طريق تصنيفهم على أنهم آخرون [22] . فمشاركة الأفراد الاجتماعية في الفضاء السايبري من خلال وسائل الإعلام الإلكتروني، تعد من مكونات الوعي الاجتماعي، وهي مؤشر قوي على مدى تطور المجتمع ونظامه الاجتماعي أو تخلفه [23] .

وتكمن أهمية المشاركة الاجتماعية في أن النمو الديمقراطي يتوقف بدرجة كبيرة على مدى اشتراك أفراد المجتمع بفاعلية في تحديد الأهداف الاجتماعية وتحقيقها، فهي حق المواطن في أن يؤدي دورًا في عملية صنع القرارات الاجتماعية، وتعني في أضيق معانيها حق ذلك المواطن في أن يراقب هذه القرارات بالتقويم والضغط عقب صدورها [24] .

تؤدي المشاركة الاجتماعية عبر وسائل الإعلام الإلكتروني إلى تزايد الوعي الاجتماعي، وتساهم في تحقيق التكيف الاجتماعي. وتتأثر عملية المشاركة الاجتماعية إلى حد كبير بعوامل بيئية اجتماعية وثقافية ونفسية واقتصادية، فالعادات والتقاليد والقيم والثقافة الاجتماعية كذلك تؤثر في طبيعة المشاركة الاجتماعية، وبالتالي في طبيعة التطور الاجتماعي في المجتمع. ومما لا شك فيه تساهم النظم الاجتماعية في تزييف الوعي الاجتماعي بأساليب متعددة، كالتبعية الثقافية وعمليات التضليل الإعلامي، والتبعية الإعلامية، والتكنولوجيا [25] . وتساهم هذه الأساليب في ضعف الوعي الاجتماعي الذي تتضح معالمه في أزمة الهوية التي يخلقها المضمون الإعلامي، وتنوعه وما يحمله من أيديولوجيات متنوعة تشوش ذهن المتلقي، فيجهل أفراد المجتمع هوية نظامهم وطبيعته. فهل هو نظام قبلي أم ديني أم علماني، أم غير ذلك، الأمر الذي يجعل الصورة غير واضحة ومشوشة لدى الأفراد، ما يجعلهم غير قادرين على تحديد حقوقهم وكيفية التعامل مع المواقف والاختلافات الاجتماعية [26] .

إن مساهمة وسائل الإعلام الإلكتروني في تشكيل الوعي الاجتماعي تجد ما يشبهها في التحليلات الاجتماعية، كأن تكون لها علاقة ما بتشكل المجتمعات وفهم التفاعل الاجتماعي وبخاصة حين تتفق معطياتها وأفكارها مع نموذج البيئة الالكترونية. حيث يمكن استخدام منظور عالم الاجتماع إيميل دوركهايم حول الحقائق الاجتماعية لفحص مجموعة من المشكلات الاجتماعية التي تلوح في أفق الفضاء الافتراضي الإلكتروني، والذي يتكون من النظم الاجتماعية الموجودة في المجتمع الواقعي الذي يحدد السلوك الإنساني العام (العائلة، التعليم، الاقتصاد، النظم السياسية والدينية). فالفضاء السايبري الذي يتناول فهم تفاعل الإنترنت مع المجتمعات الحديثة، والثقافة الإلكترونية، وتأثيرات الاتصال الإلكتروني، والتأثيرات السوسيولوجية منها في الآخر،… زاد من هجرة الإنسان نحو العوالم الافتراضية في التواصل مع الآخر [27] .

3. 2. تشكيل الوعي السياسي

على الرغم من قدم المجتمع المدني، فإنه قد استخدم بشكل واسع منذ التسعينيات مع العولمة التكنولوجية. ومن ثَمَّ، فإن مصطلح المجتمع المدني يشمل الجمعيات والمؤسسات ومعاهد البحوث ووسائل الإعلام والحركة النقابية والفاعلين في مجال الأعمال التجارية والفكر والمجتمعات الدينية والتعاونيات والشبكات ومختلف الحركات الاجتماعية وجميع أنواع المنظمات ذات الأنشطة غير الربحية والأهداف المشتركة. ويعتمد فرانسيس فوكوياما على تعريفه للمجتمع المدني على أربع نقط أساسية [28] .

1. العلاقة الجيّدة بين الحكومة والمجتمع المدني، والتي تدل عليها مراقبة حقوق الإنسان.

2. المساءلة بين المجتمع المدني والحكومة: والسؤال المطروح هنا: كيف يمكن للمجتمع المدني أن ينشئ آلية للمساهمة في التغيير؟

3. التمويل المحلي: على الحكومة أن تشجع المجتمع المدني الذي يعمل مع الحكومة على تحقيق التنمية. ؛

4. العلاقة بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي

تكمن القيمة الخاصة للديمقراطية التي يعمل عليها الفاعلون في المجتمع المدني في تأثير هذا الأخير في رسم السياسات العمومية وتنفيذها وتقويمها. المجتمع المدني هو فاعل أساسي في عملية الديمقراطية في القرن الحادي والعشرين. فقد أثبتت الحركات الاحتجاجية التي عرفها العالم العربي خاصة في عام 2011، أن هذا الفاعل عنصر أساسي وفعال في البناء الديمقراطي، كما أكدت قدرة المجتمع المدني على إحداث التغيير. وذلك من خلال سقوط بعض رموز الاستبداد، والمساهمة في إعادة بناء الشأن السياسي المحلي. والواقع أن ظهور المجتمع المدني هو في الوقت نفسه نتيجة للعملية الديمقراطية ومشارك فعال فيها. بمعنى أن هناك علاقة تأثير وتأثر بين توطيد الديمقراطية والمجتمع المدني؛ فالمجتمع المدني يساهم بشكل كبير في العملية الديمقراطية، والديمقراطية شرط أساسي لتعزيز دور المجتمع المدني بوصفه فاعلًا رئيسًا في التنمية، بما في ذلك تطور مفهوم الديمقراطية، ما حول هذا المجتمع المدني بحسب فرانسيس فوكوياما إلى فضاء للتربية المدنية على التعبير عن صوت المواطنين، وإذا كان أداة للأصوات الناقدة [29] ، فهذا يعني أن هناك احتمال معارضته للدولة ومراقبته للعمل الحكومي. وقد استخدم المجتمع المدني الإنترنت بشكل واسع منذ عام 2000، حيث بلغ عدد المستخدمين سنة 2017 إلى (4.3) مليار شخص بمعدل (0,043)، بحسب الاتحاد الدولي للاتصال وهذا الرقم يدلّ على العدد الكبير من أفراد المجتمع المدني الذي يستخدم الإنترنت، والذي يؤثر ويتأثر بكل ما يحدث على المستوى الوطني والدولي؛ ذلك أن من ضمن آثار الاستخدام الواسع للإنترنت ارتقاء دور الفاعلين الجدد والمجتمع المدني في تسيير الشأن المحلي وتنامي دوره في الحكامة الدولية.

فمن المؤكد أن الشبكات الاجتماعية قديمة قدم الوجود البشري. وتكشف دراسة أنجزها ثلاثة خبراء في شبكات التواصل الاجتماعي (فاولر وداويس وكريستاكيس) أن الشبكات الاجتماعية الفردية لها أساس وراثي جزئي، تظهر أنماطًا منهجية مماثلة في سياقات بشرية متنوعة. فمع ظهور شبكة الإنترنت، تطورت شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير، وانعكس هذا الأمر على تحسين وسائل الإعلام والتواصل، ومن المسائل الأساسية لتوطيد الشبكات نجد الثقة المتبادلة بين الأفراد المرتبطة بشكل مباشر بالقدرة على قبول الآخر مهما اختلفت مرجعيته [30] . وبالنسبة إلى المجتمع المدني، من المهم جدًّا أن تنشأ مجالات القرب من دون قيود من حيث الزمان أو الفضاء مع توافر الحد الأدنى من الثقة. كما أثبتت الدراسة نفسها أن الناس لديهم ثقة قوية في شبكات التواصل الاجتماعي مثل: الفيسبوك وتويتر وغيرهما.

وفرت شبكات التواصل الاجتماعي إمكانية الوصول إلى المعلومات والتواصل مع مختلف الفاعلين في أيّ بلد. وقد استخدم المجتمع المدني هذه التكنولوجيا لتحسين نشاطه وفاعلياته، وتقوية مشاركته في البناء الديمقراطي، وتلبية الحاجات الاجتماعية التي تهم المجتمعات. ومن وجهة نظر دافيد فاريس ساهمت شبكات التواصل الاجتماعية في التغلب على الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام في الأنظمة الديكتاتورية [31] . ما ساهم في تدفق المعلومات وسط المجتمع المدني. ففي الحالة المصرية على سبيل المثال، استخدمت شبكات التواصل الاجتماعي لحشد الناس في الشوارع وفي ميدان التحرير قبل أن تقطع الحكومة خدمة الإنترنت. وقد ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي بتحقيق التغيير في مجموعة من البلدان بعد استخدامها من طرف المجتمع المدني. كما يندرج في هذا الإطار نموذج لإحدى المنظمات غير الحكومية التي اعتمدت على هذه التكنولوجيات كأداة ضغط ويتعلق الأمر بأفاز التي طورت شبكة تضم اليوم أكثر من (21) مليون عضو في جميع أنحاء العالم. وقد حصلت على نتائج مثيرة جدًا للاهتمام، حيث إنها وبعد ضغط دولي كبير أثرت هذه المنظمة على قرار الأمم المتحدة بالاعتراف بفلسطين كدولة ملاحظة، واستخدمت الوسائل نفسها لجمع الأموال لمساعدة ضحايا الزلزال في هايتي(2010)، وتناضل الآن من أجل حقوق المرأة، وتجنب انقراض الفيلة، إلى غير ذلك من القضايا التي تثير اهتمام المجتمع المدني ويلتف حولها في إطار علاقات عبر-وطنية تتجاوز الحدود الإقليمية المادية لتجد لها مجالًا أوسع في العالم الافتراضي.

إن استخدام المجتمع المدني لوسائل التواصل الاجتماعي، يجعلها أكثر قوة كفاعل على الصعيدين الوطني والدولي، بل أكثر قوة من بعض المنظمات الدولية، ما يعيدنا إلى نظرية العقد الاجتماعي بين الأفراد والحكومة. وقد تحسنت الرقابة الاجتماعية على العمل الحكومي مع أشكال التواصل والتفاعل والعمل الجماعي. فالحكومات تستمد شرعيتها من الأفراد وهؤلاء يمكنهم بوساطة شبكات التواصل الاجتماعي الضغط على الحكومات لإجراء إصلاحات تلبي حاجاتهم، حيث يمكن استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال من قبل المواطنين للتأثير في السياسات العمومية. بهذا المعنى، تشكل شبكات التواصل الاجتماعي عنصرًا مهمًّا يضمن إدماج الجميع في عملية الديمقراطية وممارسة جيدة للمقاربة التشاركية. بهذا، عملت التكنولوجيا الرقمية على تعزيز دور المجتمع في بناء الديمقراطية، لأن شبكات التواصل الاجتماعي، سهلت التواصل والتفاعل بين الأفراد.

الإعلام الرقمي وبناء الديمقراطية التشاركية

ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في خلق دينامية جديدة تمامًا، حيث أتاحت التكنولوجيات الجديدة المشاركة الفعالة في الديمقراطية. إن استخدام المال له تأثير سلبي على عملية الديمقراطية، لكن التكلفة المرتفعة للحملات الانتخابية تدفع المرشحين إلى البحث عن التمويل، وتقريبًا جميع التبرعات للحملة (90%) يأتي فقط من (1%) من المتبرعين. لذا يقضي المرشحون الكثير من الوقت في جمع الأموال ووقتًا قليلًا للتفاعل مع الناخبين، كما أن العديد من المرشحين المؤهلين مستبعدون بسبب ضعف التمويل. لهذا، يقوم هذا الائتلاف باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز الديمقراطية. فتساعد شبكات التواصل الاجتماعي في الحفاظ على العلاقة بين المجتمع المدني والحكومة، وهذه العلاقة أساسية للبناء الديمقراطي [32] . لأن وسائل الإعلام الحرة لها دور مهم في عملية الديمقراطية؛ لأنها أفضل طريقة لمكافحة الفساد الذي هو عدو الديمقراطية فلا ديمقراطية َمع الفساد.

إن تعزيز دور المجتمع المدني يبدأ بتكوين مواطن يشارك بفعالية في العملية الديمقراطية، وهنا يأتي دور المؤسسات التعليمية التي يجب أن تعمل على خلق روح المواطنة لدى المتعلمين، وجلب الديمقراطية للأقسام، وإشراك الآباء وباقي الفاعلين في بناء المواطن مع ما يقتضيه ذلك من أهداف محددة تعمل المؤسسات التعليمية على تحقيقها، من دون إغفال ضرورة إعادة النظر في العلاقة بين المعلم والمتعلم التي يجب أن تبنى على الاحترام المتبادل والمساواة بينهما في الأنشطة لما لذلك من تأثير إيجابي على العملية التعليمية. في هذا السياق، فإن «جميع الشركاء في الدائرة الرئاسية يفهمون قوة المكان» [33] ، يقصد هنا دور وادي السيليكون في صناعة الأفكار الأميركية حول الديمقراطية، وفي خلق مجتمع مدني يشارك بفعالية، وتكوين المفكرين بدءًا من جيفرسون وماديسون ومونرو، والاستمرار اليوم مع مجموعة مهمة من كبار العلماء والخبراء في أميركا، إلى غير ذلك من القضايا ذات الصلة بالبناء الديمقراطي.

كما ترتهن الديمقراطية أيضًا بالمساواة بين الأفراد، وهذا يحيل على أهمية تمكين النساء، الذي يجب أن يدرج في جميع السياسات العمومية كهدف رئيس، ولا سيّما في السياسات التعليمية؛ لأن المساواة التي هي الهدف الرئيس للتمكين يبدأ تحقيقها من البرامج التعليمية. في هذه الحالة، من الضروري إنشاء برنامج استراتيجي يركز على تنفيذ تدريب تشاركي مرن وميسر لعدد متزايد من منظمات المجتمع المدني والنساء على مستوى القاعدة الشعبية؛ حتى يتمكن من تولي القيادة والمساهمة في عملية إرساء الديمقراطية.

تركيب واستنتاج

تكمن أهمية شبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز مشاركة المجتمع المدني في البناء الديمقراطي، لكن بالمقابل هناك العديد من التحديات المطروحة على هذا المستوى بالنسبة إلى الدول النامية خاصة. أهم هذه التحديات ضرورة التغلب على الفجوة الرقمية، وضرورة تأهيل المجتمع المدني في بلدان الجنوب وتعزيز قدرته على الانخراط في الثورة الرقمية. فارتقاء دور المجتمع المدني على المستوى المحلي والوطني والدولي رهين بمدى استخدامه لشبكات التواصل الاجتماعي ولأنظمتها الذكية، وهذا يعني ضرورة تأهيل الموارد البشرية من خلال: أولًا، تسهيل وصولها للإنترنت كما ينص على ذلك ميثاق حقوق الإنسان والمبادئ على شبكة الإنترنت. وثانيًا، الاستثمار في الدورات التدريبية لتقوية قدرات أعضاء المجتمع المدني في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال والثقافة الرقمية، بل والتعامل مع الأنظمة الذكية والروبوتات.

يعمل المجتمع المدني في بعض البلدان على نحو أفضل من الحكومة، وهو أكثر انخراطًا في المسار الديمقراطي من الدولة. لذا، وبالنظر إلى التحديات الداخلية التي تفرضها أهداف التنمية. وفي هذا السياق، من المهم عدِّ النموذج الأميركي نقطةَ انطلاق لفهم أهمية العلاقة بين المجتمع المدني والحكومة لتحقيق الممارسة الديمقراطية. وقد أثبت الواقع وفي بلدان عديدة أن المجتمع المدني يساهم بشكل كبير في طرح الحلول للعديد من القضايا التي هي في الواقع مسؤولية الدولة، مثل: التعليم، ومكافحة الفقر، وضمان الوصول إلى الخدمات الصحية وغيرها من القضايا. لذلك، فإنه ليس من الصعب إحداث التغيير للأفضل ولا سيّما مع الفرص الجديدة التي توفرها التكنولوجيا، مع العلم أن قوة المجتمع المدني تكمن في عدد المتطوعين الذين يخصصون الوقت لمساعدة الآخرين. وبالنظر إلى دور الموارد البشرية في عملية التغيير، يمثل المتقاعدون قوة بشرية يمكن استثمارها من أجل التنمية، لهذا من الضروري إشراك هؤلاء الأشخاص الذين يملكون العديد من المهارات والخبرة الطويلة في البناء الديمقراطي. وفي الإطار نفسه، يعدّ خلق روح المواطنة لدى الأفراد اللبنة الأساسية لضمان المشاركة الفعالة للمواطنين في البناء الديمقراطي. وهنا يأتي دور التعليم المرتبط بالمدارس والجامعات والأسرة والبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الفرد. والمجتمع المدني شريك على قدم المساواة في العملية الديمقراطية التي تبدأ بضمان انتخابات نظيفة.

في هذا السياق يؤكد البروفيسور روبرت سميث، ممثل المركز الدولي لدراسات جيفرسون، أننا لفهم الديمقراطية، علينا أن نفهم السلطة وممارسة السلطة. لهذا السبب أمضى الأميركيون الكثير من الوقت في قراءة الدستور وفهم الحقوق الواردة فيه، ولهذا يجب على الحكومة والمجتمع المدني التركيز على الفهم الجيد للدستور من جانب المواطنين، ليحكموا أنفسهم بأنفسهم. هذه هي الديمقراطية التي تحدث عنها توماس جيفرسون. الحكومات الديمقراطية يجب أن تكون قادرة على تعبئة الأفراد الذين يشكلون قوة عامة؛ لأن هذه القوة العامة هي التي أضفت الشرعية على الحكومة.

قائمة المصادر والمراجع

1. المصادر باللغة العربية

_ إبراهيم محمد عليان، الإعلام الإلكتروني وحقوق الإنسان، ط1 (بغداد، العربي للنشر، 2019).

_ أحمد زايد، خطاب الحياة اليومية في المجتمع المصري، ط1 (القاهرة، دار نهضة مصر، 2006).

_ أحمد شراك، سوسيولوجيا الربيع العربي، أو الثورات الـتأسيساتية، ط1 (فاس/ المغرب، مقاربات للنشر، 2018).

_ إسماعيل، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير، ط1 (لبنان، الدار العالمية للنشر، 2003).

_ الجمال راسم محمد، الاتصال والإعلام في الوطن العربي، ط1(بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1991).

_ عامر إبراهيم قنديلجي، الإعلام الإلكتروني، ط1(عمان/ الأردن، دار المسيرة، 2018).

_عبد الباسط عبد المعطي، اتجاهات نظرية في علم الاجتماع (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 44، 1981).

_ عبد الحكيم أحمين، دور الإعلام الإلكتروني في التصدي لقضايا الأمة، ط1 (القاهرة، دار الكلمة، 2014).

_ عبد الحليم الزيات، التنمية الاجتماعية، دراسة حالة في علم الاجتماع السياسي، ط1 (الإسكندرية، دار المعرفة الجامعة، 2002).

_ عبد الرحمن عواطف، الإعلام العربي وقضايا العولمة، ط1 (القاهرة، العربي للنشر والتوزيع، 1999).

_ ليت عبد الستار، الاتجاهات والتقنيات الحديثة في الإعلام الالكتروني، ط1 (العراق، المنشورات الجامعية، جامعة بغداد، 2019).

_ محمود حسن إسماعيل، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير، ط1 (لبنان، الدار العالمية للنشر، 2003).

_ محمد علي رحومة، علم الاجتماع الآلي، مقاربة في علم الاجتماع العربي والاتصال عبر الحاسوب (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 347، 2008).

_ مروى عصام صلاح، الإعلام الإلكتروني، الأسس وأفق المستقبل، ط1 (الأردن، دار الإعصار، 2015)

2. المراجع باللغة الأجنبية

_Gillet, R, and McMillan, J, Consciousness and intentionality,( Amsterdam, Netherlands John Benjamin’s Publishing Co, 2001). _ Poster, Mark, Cyberdemocracy, internet and the public sphere , in Porter, David, (New York éd, Rutledge, 2016).

_ S. Coleman, J., & W. Donk, Parliament in the Age of the internet(Oxford, Oxford University press, 1999). _ Terry, F. New media: an introduction, (London, Oxford University Press, 2008).

_ UNESCO (2009), World Report: Investing in culture diversity and intercultural dialogue, United Nation Educational , Culture and Scientific Organization.

3. المراجع المترجمة

_ تايلور، فيليب، قصف العقول، ترجمة: سامي خشبة (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 256، 2000).

_ شيللر، هربرت، المتلاعبون بالعقول، ترجمة: عبد السلام رضوان (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 243، 1999) _ فرانسيس فوكوياما، نهاية الإنسان، ترجمة: أحمد مسيجني، ط1 (القاهرة، سطر للنشر، 2002).

_ مايكل هابت، الإعلام في العالم الثالث في نظام الإعلام المقارن، ترجمة: محمد نجيب، ط1 (القاهرة، الدار الدولية للنشر، 1991)

4. المجلات والدوريات

_ راضي عبيد، استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، مجلة التربية، العدد 15، جامعة عمان الأهلية، عمان، 2003.

_ عبد الكريم الدبيسي، دور شبكات التواصل الاجتماعي في تشكيل الراي العام، مجلة دراسات للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 1، المجلد 40، 2013

 


 

1– محمود حسن إسماعيل، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير، ط1 (لبنان، الدار العالمية للنشر، 2003)، ص: 84

2– عبد الكريم الدبيسي، دور شبكات التواصل الاجتماعي في تشكيل الراي العام، مجلة دراسات للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 1، المجلد 40، 2013، ص: 121

3– محمد علي رحومة، علم الاجتماع الآلي، مقاربة في علم الاجتماع العربي والاتصال عبر الحاسوب (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 347، 2008)، ص: 11

4– Terry, F. New media: an introduction, (London ,Oxford University Press, 2008), p: 106

5– Terry, F. New media: an introduction(ibd), p: 88

6– عبد الباسط عبد المعطي، اتجاهات نظرية في علم الاجتماع (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 44، 1981)، ص: 132

7– S. Coleman, J., & W. Donk, Parliament in the Age of the internet(Oxford, Oxford University press, 1999), p:152

8– راضي عبيد، استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، مجلة التربية، العدد 15، جامعة عمان الأهلية، عمان، 2003، ص: 92

9– أحمد زايد، خطاب الحياة اليومية في المجتمع المصري، ط1 (القاهرة، دار نهضة مصر، 2006)، ص: 134

10– عبد الباسط عبد المعطي، اتجاهات نظرية في علم الاجتماع (مرجع سابق)، ص: 142

11– الجمال راسم محمد، الاتصال والاعلام في الوطن العربي، ط1 (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1991)، ص: 63

12– أحمد شراك، سوسيولوجيا الربيع العربي، أو الثورات الـتأسيساتية، ط1 (فاس/ المغرب، مقاربات للنشر، 2018)، ص: 59

13– عبد الحليم الزيات، التنمية الاجتماعية، دراسة حالة في علم الاجتماع السياسي، ط1(الإسكندرية، دار المعرفة الجامعة، 2002)، ص: 112

14– محمود حسن إسماعيل، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير (مرجع سابق)، ص: 72

15– Gillet, R, and McMillan, J, Consciousness and intentionality,(Amsterdam, Netherlands John Benjamin’s Publishing, 2001), p:32

16– مروى عصام صلاح، الإعلام الإلكتروني، الأسس وأفق المستقبل، ط1(الأردن، دار الإعصار، 2015)، ص: 152

17– عبد الرحمن عواطف، الإعلام العربي وقضايا العولمة، ط1 (القاهرة، العربي للنشر والتوزيع، 1999)، ص: 112

18– UNESCO,(2009), World Report: Investing in culture diversity and intercultural dialogue( United Nation Educational , Culture and Scientific Organization, 2009), p: 172

19– S. Coleman, J., & W. Donk, Parliament in the Age of the internet(ibd), p: 92

20– ليت عبد الستار، الاتجاهات والتقنيات الحديثة في الإعلام الالكتروني، ط1 (العراق، المنشورات الجامعية، جامعة بغداد، 2019)، ص: 26

21– UNESCO, World Report: Investing in culture diversity and intercultural dialogue, (ibd), p: 185

22– IBD, P : 191

23– عبد الحليم الزيات، التنمية الاجتماعية، دراسة حالة في علم الاجتماع السياسي (مرجع سابق)، ص: 81

24– عبد الحكيم أحمين، دور الإعلام الإلكتروني في التصدي لقضايا الأمة، ط1 (القاهرة، دار الكلمة، 2014)، ص: 55

25– عامر إبراهيم قنديلجي، الإعلام الإلكتروني، ط1 (عمان/ الأردن، دار المسيرة، 2018)، ص: 123

26– أحمد زايد، خطاب الحياة اليومية في المجتمع المصري (مرجع سابق)، ص: 72

27– محمد علي رحومة، علم الاجتماع الآلي، مقاربة في علم الاجتماع العربي والاتصال عبر الحاسوب (مرجع سابق)، ص: 112

28– فرانسيس فوكوياما، نهاية الإنسان، ترجمة: أحمد مسيجني، ط1 (القاهرة، سطور للنشر، 2002)، ص: 162

29– فرانسيس فوكوياما، نهاية الإنسان (المرجع نفسه)، ص: 173

30– Poster, Mark, Cyberdemocracy, internet and the public sphere (New York, éd Rutledge,2016), p: 83

31– إبراهيم محمد عليان، الإعلام الإلكتروني وحقوق الإنسان، ط1 (بغداد، العربي للنشر، 2019)، ص: 94

32– إبراهيم محمد عليان، الإعلام الإلكتروني وحقوق الإنسان (مرجع سابق)، ص: 73

33– المرجع نفسه، ص: 82

مشاركة: