السياسة الثقافية في المغرب بين الإنصاف الدستوري وعوائق التنزيل

ملخص تنفيذي

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على التعاطي الدستوري مع المسألة الثقافية، فهذه الأخيرة ما تزال تشهد تخبطًا كبيرًا، وغموضًا وتعقيدًا على مستوى السياسات المعتمدة، ما يخلق صعوبات في معالجة ملف الثقافة وتنزيل مقتضياته الدستورية بطريقة شاملة؛ وهو ما ينعكس بشكل سلبي على المجال الثقافي. الأمر الذي يستوجب وضع الأسس لسياسة ثقافية عمومية منسجمة مع المقتضيات الدستورية، تسمح بانخراط جميع الفئات والفاعلين لضمان بزوغ وعي ثقافي، وخلق جو ملائم يجسد الديمقراطية الثقافية.

تقديم

إن الحديث عن السياسة الثقافية بالمغرب اليوم يمثل قضية استراتيجية، تنبع من الأهمية القصوى التي أصبحت تحظى بها الثقافة[1] بالنسبة لمختلف الدول، ومرد ذلك إلى التغير الفكري والسياسي الذي عرفه العالم في السنوات الأخيرة، مما ساهم في تغيير التراتبية القديمة التي كانت تولي درجة أقل للمجال الثقافي، من تلك التي توليها للأبعاد الأخرى المتمثلة فيما هو اجتماعي واقتصادي.

وبهذا المعنى، فإن السياسة الثقافية عملية مجتمعية مفتوحة تنمو بجانب التدافع الحضاري والاجتماعي، لتستوعب التنوعات والاختلافات وتحولها إلى أرض خصبة وموقع تأثير في الجسم الثقافي المغربي؛ خاصة وأن المغرب بلد قديم ازدهرت فيه عدة حضارات واندمجت فيه الكثير من الأعراق، بسبب موقعه كملتقى جغرافي يربط بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، مما جعله موطنا لتراث ثقافي غني ومتنوع، شكل ملامحه الحضارية والثقافية وتقاليده الاجتماعية.

ومن هذا المنطلق، فقد شهد المغرب منذ سنوات الستينيات إحداث أول وزارة دولة مكلفة بالشؤون الثقافية، لتظهر لأول مرة كلمة ثقافة في أسماء الوزارات المحدثة آنذاك، كما تم إدماج الثقافة بطريقة مستقلة في المخططات الاقتصادية، مما أسفر عن حركية في الحياة الثقافية والفكرية، بظهور مجلات وجرائد تتناول الشأن الثقافي إلى جانب فرق مسرحية وموسيقية؛ كما تم إحداث مجموعة من المؤسسات المهتمة بالشأن الثقافي، منها المجلس الأعلى للثقافة وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومعهد الدراسات والأبحاث للتعريب والمركز السينمائي المغربي والمؤسسة الوطنية للمتاحف.

إلى جانب ذلك، فكما نعلم أن الدساتير السابقة في المغرب (1962-1970-1972-1992-1996)، وعلى الرغم من انخراطها في الدستورانية المعاصرة بمعاييرها ومؤسساتها وآلياتها وإقرارها بكيفية شاملة الحقوق الأساسية للمواطنين، فإن المسألة الثقافية ظلت ناقصة وغير واضحة ولا تعبر عن كل المكونات والروافد الثقافية، في ظل تلك الدساتير.

وانطلاقًا من هذه الخلفية، ونظرًا إلى ما تمثله المسألة الثقافية ضمن مضمار التغيير من أجل إرساء ثوابت الديمقراطية، فإن الحركة الاحتجاجية بالمغرب وقبيل لحظة المراجعة الدستورية كثفت ضغوطاتها على المشرع قصد الاعتراف بمطالبها عبر خلق تحالفات مع مختلف الأيديولوجيات والتيارات (الأمازيغية والإسلامية…)، وهو ما سينعكس في الوثيقة الدستورية لسنة 2011 التي جاء استجابة لمطالب الشارع المغربي.

وبذلك جاء الإصلاح الدستوري مؤكدًا في فصول مختلفة على أهمية التنمية الثقافية وحق المواطن في التعبير الثقافي والتعدد الثقافي للمغرب، من خلال التنصيص على خلق مجموعة من الآليات القانونية والمؤسساتية؛ لكن يبقى التساؤل المطروح، هل حقق الدستور الجديد إنصافًا على مستوى المسألة الثقافية بالمغرب؟ وما مدى تفعيل المستجدات الدستورية لوضع سياسية ثقافية شاملة؟

أولا: هل دستور 2011 خطوة نحو الإنصاف الثقافي؟

جاء الإصلاح الدستوري كأحد الآثار المباشرة لدينامية الربيع العربي، لإعادة تعريف الهوية المغربية انطلاقا من روافدها المتنوعة[2]، إذ تناول الدستور المغربي لسنة 2011 المسألة الثقافية من زوايا مختلفة يمكن إجمالها في أربعة مستويات شملت، الثقافة في الهوية الوطنية والتعدد اللغوي والثقافي والحقوق الثقافية كبعد من أبعاد التنمية.

ومن خلال استقراء بنود دستور سنة 2011، نجد أن هذا الدستور أعاد تعريف المسألة الثقافية المغربية من خلال الاعتراف بغنى الهوية المغربية وتنوعها وانصهار مكوناتها الأساسية العربية والإسلامية والأمازيغية والصحراوية والحسانية، مع الإقرار بتبوُّؤ الدين الإسلامي مكانة الصدارة، في ظل التأكيد على تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية.

وفي هذا المنحى، نص دستور 2011 على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في المغرب؛ إلى جانب ذلك منح التعديل الدستوري اللغة الأمازيغية صفة رسمية بترسيخها كلغة مكتوبة في الفصل الخامس، وبذلك فهذا الفصل يمثل تقدمًا واضحًا، إن نظرنا إلى المكانة التي تم إيلاؤها للغة الأمازيغية بوصفها رصيدًا مشتركًا لجميع المغاربة، إلى جانب تنمية استعمال الحسانية وحمايتها وباقي اللهجات المستعملة بالمغرب، وهو ما يمثل منعطفًا غير مسبوق لتأسيس نوع من التوازن بين المكونات الثقافية المغربية والإحاطة بالشعب في تعدديته المركبة والمعقدة[3].

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ترسيم الأمازيغية، شكل تتويجا لمسار من النضال والترافع لمختلف الفاعلين في الحركة الأمازيغية على امتداد زهاء نصف قرن، كانت أبرز محطاته “ميثاق أغادير” لسنة 1991 و”البيان الأمازيغي” لسنة 2000 و”خطاب أجدير” سنة 2001 الذي أدى إلى نقلة نوعية للقضية الأمازيغية، وكان من ثماره تأسيس المعهد الملكي للثقافية الأمازيغية وإقرار حرف تيفيناغ وإدماج اللغة الأمازيغية في قطاع الإعلام والتعليم[4].

علاوة على ذلك، ومن أجل التأطير المؤسساتي للمسألة الثقافية وتدبير التعدد اللغوي والثقافي، نصت الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس من الدستور، على إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، مهمته على وجه الخصوص حماية اللغتين العربية والأمازيغية وتنميتهما ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، بوصفها تراثًا أصيلًا وإبداعًا معاصرًا ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات، ويحدد قانونٌ تنظيميٌّ صلاحيتَه وتركيبته وكيفياتِ سيره.

وبذلك، أكد الدستور الجديد على التعدد الثقافي للمغرب في إطار الهوية الوطنية كأولوية للبلاد تستمد مبادئها من حكمة جميع الثقافات التي تشكل المجتمع؛ هذا التعدد الثقافي الذي تم التنصيص عليه دستوريًا، هو انعكاس للصحوة التي عرفتها الساحة الإقليمية والوطنية وعودة للنقاش حول المسألة الثقافية، كما ساهمت مجموعة من العوامل المتداخلة والمرتبطة التي عاشتها البلاد في إثارة هذا النقاش.

أخذًا في الحسبان، أن الحقل الثقافي المغربي يتسم بتعدد منابعه ومكوناته وتجلياته، وكذا بتنوع الخطابات والأصوات التي تعكسه في صورة منظومات فكرية تمثل الانتماءات المجتمعية والتموقعات الثقافية والأيديولوجية للنخبة الفكرية والإبداعية[5].

واستنادًا إلى هذه الأسس، نجد أن الدستور قد تولى التطرق إلى مجموعة من المقتضيات والإجراءات الدستورية الموجهة لتدبير الحقل الثقافي الذي يشكل سوقًا تتبارى فيها الممتلكات الرمزية من آداب وفنون وأفكار ينتجها فاعلون ينتمون إلى فضاءات مختلفة[6]، وفي هذا الإطار نجد الفصلين 25 و26 من الدستور يؤكدان على حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن، ودعم البحث العلمي والتقني على أسس ديمقراطية ومهنية.

إضافة إلى ذلك فإن دستور 2011 وسع من المناسبات التي تم فيها التنصيص على الثقافة لتشمل مجالات أخرى ولا سيما دسترة التعددية اللغوية والثقافية في وسائل الإعلام[7]، خاصة أن وسائل الإعلام هي النافذة التي يطل منها الإنسان على العالم ليرى ثقافته وحضارته[8]، فهي تؤدي دورًا مهمًا في تطبيق السياسات الثقافية، وإضفاء طابع ديمقراطي على الثقافة.

هذا وتضمن الفصل 33 من الدستور، ضرورة توسيع مشاركة الشباب وتعميمها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وتيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والفن والرياضة والأنشطة الخلاقة والإبداعية؛ إلى جانب ذلك نص الفصل 170 على خلق هيئة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي مكلفة بتقديم اقتراحات حول المواضيع ذات الطابع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للنهوض بأوضاع الشباب وتنمية قدراتهم الإبداعية.

وبالتالي، يمكننا القول إن هذه الوثيقة قد وفرت ما يكفي من المشروعية الدستورية والسياسية للمسألة الثقافية، الأمر الذي يتجلى من خلال، اعتبار الشرعية الدولية لحقوق الإنسان مرجعية عليا للدستور، والتأكيد على سمو المواثيق والمعاهدات الدولية على التشريعات الوطنية، إلى جانب الإقرار الصريح بالتعددية الثقافية واللغوية، وهذا التنصيص يكتسب أهميته القانونية والسياسية بما يوفره من حصانة دستورية لهذا التعدد[9].

وهكذا، فإن الاعتراف الدستوري بالثقافة يشكل خطوة مهمة لترقية كل المكونات الثقافية والانتقال بها إلى مجال السياسات العمومية للدولة؛ غير أن الطريقة التي عالج بها المشرع المغربي القضية الثقافية وفي ظل رياح الربيع، أثارت مجموعة من الملاحظات الشكلية والجوهرية[10]، من حيث كيفية تفعيلها في السياسة العامة للدولة، مما قد خلق نوعًا من الغموض والارتباك في المشهد الثقافي على وضع سياسية ثقافية واضحة.

ثانيًا: عوائق التنزيل الدستوري لسياسة ثقافية جديدة

إن مقاربة الثقافة دستوريًا، تجعلنا نتساءل عن قابلية مضامين الوثيقة الدستورية للتنزيل، كنص محدد لمساطر السياسات العمومية الثقافية وآلياتها وتنفيذها وتقويمها ودور المؤسسات الدستورية ومؤسسات المجتمع المدني في ذلك، في ظل التحول من خطاب تغيير الدستور إلى خطاب التغيير بالدستور[11].

ومن هذا المنطلق، فإن دستور 2011 وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي تميز به عن الدساتير السابقة، في ما يخص الوجود القوي للثقافة في الدستور سواء على المستوى الكمي أو النوعي، ما يمكن عدّه مؤشرًا على بداية سياسية ثقافية ذات أبعاد مختلفة[12]؛…. إلا أن المتأمل في المشهد الثقافي المغربي يصاب بالارتباك حول طبيعة السياسة الثقافية التي تدار أمور الثقافة بها، في ظل عملية الإلحاق التي يعرفها قطاع الثقافة بقطاعات أخرى مع كل ولاية حكومية، وتعدد الفاعلين الذين لهم علاقة بتدبير القطاع، حيث إن الشؤون الثقافية بالمغرب لا تدار جميعها من قبل وزارة الثقافة ولئن كان المقر الرئيس للوظيفة الثقافية هو الوزارة الوصية، فإن تلك الوظيفة ليست حصرًا على هذه الوزارة[13].

وعلاوة على هذا، ينبغي أن نعترف بأن الوظيفة الثقافية شديدة التنوع من حيث مجال عملها، الذي يمتد من علم الآثار إلى الأغنية الشعبية، وكذا فيما يخص أنماط تدبيرها التي تشمل الإدارة المباشرة للمصالح العمومية[14]، وصعوبات في الحكامة والتدبير على الرغم من المكتسبات التي راكمتها الوزارة التي تحول دون أدائها مع المؤسسات التابعة لها للقيام بالدور المنوط بها على أكمل وجه، إضافة إلى نقص الموارد البشرية وضعف تأهيلها وضعف الإمكانيات المرصودة للوزارة وعدم تدقيق الأولوية الاستراتيجية بالنسبة للبنى الثقافية وعدم ملاءمة النصوص القانونية لتطورات الشأن الثقافي وغياب تناسق الهياكل الإدارية والتنظيمية مركزيا وجهويا وضعف السياسة التواصلية للوزارة[15].

إضافة إلى ذلك، وفي ظل سيرورة التغيرات الثقافية وشبه الثقافية فإن الطبيعة المركبة والمتشابكة للثقافة الوطنية، وارتباطها بمجالات التربية والتعليم ورهان الدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية،… كلُّ ذلك يبقي المسألة اللغوية من جانبها مسألة عويصة خاصة مع تأكيد الدستور على إدراج اللغة الأمازيغية مكونا رئيسًا في النسيج التعددي المغربي؛ غير أن هذا التنصيص يبدو متناقضًا مع نصوص أخرى لها قوة إجرائية وعملية، خاصة تلك المتعلقة بقطاع التربية والتعليم والتدابير المتخذة لخلق توازن في المشهد اللغوي، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، أن معيرة اللغة الأمازيغية في المغرب والانتقال بها من التداول الشفوي إلى المستوى المكتوب في المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام ما يزال ضعيفًا وخجولًا على عكس اللغة العربية. علمًا أن مكانة اللغة العربية ووضعها القانوني منذ دسترتها سنة 1962، جعلت الموقف السلبي تجاهها قائمًا في مقابل اللغة الفرنسية التي لا وضع قانونيًّا لها، ويمكن التنبؤ بالوضع نفسه بالنسبة إلى اللغة الأمازيغية، على الرغم من وضعها القانوني في دستور 2011، إذا ظلت اللغة الفرنسية تفرض هيمنتها في كل المجالات والقطاعات[16].

ودائمًا في السياق نفسه، فقد لاحظنا أن النقاش الدستوري قد انحصر في جانبه السياسي، وطغى عليه منطق التوازنات الاجتماعية والسياسية في الوقت الذي كان من المنتظر أن يكون النص الدستوري نتيجة لحوار علمي وأكاديمي واجتماعي تشارك فيه كل الأطياف والكفاءات بحثًا عن مواطن التوافق وتقديم شرعية علمية للتوزيع الوظيفي للثقافة؛ ما أدى إلى نص دستوري متعدد المفاصل وكثير الفصول محاولًا إرضاء جميع الأطراف لكي يجد فيه كل فريق نفسه[17].

ومن أجل مأسسة الثقافة، فقد جاء الدستور مؤكدًا على إحداث مجموعة من المؤسسات والهيئات ذات البعد الثقافي وربط وجودها بإصدار قوانين تنظيمية، فهناك من جهة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، الذي تحدت مهمته في حماية اللغات وتنميتها ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية[18]، ثم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي يقوم بمهمة الارتقاء بمهن التربية والتكوين والبحث العلمي[19]؛ كما نجد في هذا الإطار، النص على إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي[20] إلى جانب ذلك إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري[21]، في ظل الاهتمام الدستوري بتوسيع مجالات الثقافة لتشمل مشاركة الشباب في الحياة الثقافية وتنمية طاقاتهم الإبداعية والعمل على دسترة التعددية الثقافية في وسائل الإعلام والسهر على احترام هذه التعددية.

إضافة إلى ذلك، نصادف وجود مؤسسات أخرى ذات طابع ثقافي، خاصة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي يتمتع بالاستقلالية المالية، ومعهد الأبحاث والدراسات للتعريب الذي يقع تحت وصاية جامعة محمد الخامس[22]، والمؤسسة الوطنية للمتاحف والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى جانب العديد من الجهات والفاعلين الذين لا يتسع المجال للحديث عنهم والذين لهم علاقة بتدبير الشأن الثقافي.

ومعلوم أن هذا الكم المختلط من الفاعلين المتدخلين لا يمكنه إلا أن يخلق غموضًا وتعقيدًا على مستوى السياسات المعتمدة، وأن يجعل من الصعوبة معالجة ملف الثقافة[23] وتنزيل مقتضياته الدستورية بطريقة شاملة، لافتقاده للقيادة الموحدة والمنسجمة، وغياب التنسيق والتشاور بين مختلف الفاعلين، مما قد يفضي إلى تباعد وتضارب بينها.

ومجمل القول إن تدبير الشأن الثقافي في المغرب يشهد تخبطًا كبيرًا، سواء من حيث تصور الظاهرة الثقافية التي تحاول المزاوجة بين التشبث بثقافة تقليدية ومحاولة الانخراط في ثقافة حديثة عصرية، أو من حيث مصادر التمويل.

ثالثًا: نحو سياسة ثقافية جديدة

ثمة مسوغات ودوافع جديدة تدفعنا للقول إن ما يجيش به المجتمع المغربي على مختلف الصعد والمستويات، كافٍ للانطلاق في مشروع ثقافي جديد يأخذ في الحسبان المقتضيات الدستورية ومتطلبات الواقع، وهو ما سيمثل إحدى الاستجابات الحضارية للتحديات العديدة التي تواجه المجتمع المغربي؛ ذلك لأن الثقافة تساهم مساهمة كبيرة في صوغ العقلية العامة للمواطنين وتمدهم بمجموعة من المفاهيم والأنظمة الفكرية التي تشكل إطارهم المعرفي[24].

وهكذا يمكن الانطلاق من فرضية، مفادها أن الحقل الثقافي المغربي يتميز بالتقاطب والتعارض، مما يتطلب الانتقال بهذا المشروع إلى مستوى المشروع المجتمعي المتماسك، لإبراز مكانة الثقافة في قلب الحياة والهوية المغربية وتحقيق الديمقراطية الثقافية، لمَن متطلباتُهُ الأساسيةُ وضعُ الأسس لسياسة ثقافية عمومية متلائمة مع التحديات المتعلقة ببناء مغرب متحضر، ولتوفير الشروط لقيام مواطنة مشتركة راشدة تقر بالمساواة والحقوق الكاملة لفائدة كل فئات المجتمع[25]، طبقًا للمقتضيات دستور 2011، ولكي يتاح للقطاع الثقافي أن ينير الطريق نحو التغيير الاجتماعي ويكون في طليعة عملية التحديث[26].

وعمومًا، فالعلاقة العضوية القائمة بين السياسة والمشروع الثقافي بقدر ما هي علاقة حاملة للآمال والرغبات، بقدر ما تلزم التصورات والممارسات العمومية بأن تتخذ طابعًا نقديًا وتوجهًا خلاقًا تجاه مختلف الفاعلين، وبالخصوص المؤسسات العمومية والمنظمات السياسية والنقابية والجَمَعية والقطاعات الخصوصية، إضافة إلى المبدعين والباحثين لضمان مشاركتهم في بلورة حلقات السياسات الثقافية[27]؛ وهو ما يستدعي تحديد مقاربة جديدة ومنهاج عمل يقوِّمُ التشاور التشاركي، والابتعاد قدر المستطاع عن السياسة التحكيمية.

من هذا المنطلق يبدو أن السياسة الثقافية الحقيقية، لا ترتكز على الأساس المكين إلا إذا انبنت على الوعي بالخصوصيات الحضارية التاريخية الوطنية في إطار التعدد والانفتاح، في مكوناتها المادية والمؤسسية عبر أبعادها الرمزية التقليدية والعصرية، التي تختزن رأسمالًا غنيًا ومتنوعًا، تتوخى به صيانةَ مقومات الهوية الوطنية المتعددة الروافد اللغوية والثقافية، ومن خلال التقدير الاستراتيجي لأهمية الاستثمار الثقافي، وجعل الثقافة جزءًا من التنمية المستدامة ومطلبًا محوريًا في قلب كل السياسات العمومية[28].

ولا بد من التأكيد هنا، أن التنزيل الدستوري للثقافة يتكئ على مرتكزات أهمها المؤسسات التعليمية، موطن التنشئة الثقافية التي يمر عبرها تشكل الحس الثقافي، الذي يلقن النشء كيف أن الثقافة تجربة إنسانية متعددة المضامين والأبعاد[29]، ومن خلال اتصاله بالأعمال الفنية بفضل ولوج البنى التحتية الثقافية[30]؛ ففي المدرسة أساسًا يمكن بلورة الشخصية المغربية المواطنة المتعددة والمتنوعة والمدركة لذاتها ولمحيطها والتي تواصل السير باستمرار وتلقائية بغية التطوير والتجديد الدائمين[31].

وفي هذا الصدد، فإن للجامعات دورًا كبيرًا في إبراز التعددية الثقافية التي يحتوي عليها المجتمع المغربي، مع ضرورة إيجاد الطرق التي يمكن أن يتم بها تعبئة تلك التعددية من أجل التنمية، فالجامعة مسؤولة اليوم وأكثر من أي وقت، عن ضرورة انتاج فكر تتداخل فيه الثقافة بالتنمية[32]، وتحويل الموارد الثقافية إلى ثروة اقتصادية.

وتجب الإشارة كذلك في هذا المضمار إلى الدور الكبير الذي تعلبه وسائل الإعلام، بتعدد مرتكزاتها التقنية في وجود أي سياسة ثقافية، فهي تعد أداة مهمة في تشكيل قيم الجمهور وتساهم في تشكيل مداركه وفتح آفاق معرفية متجددة، خاصة بعد أن جاء النص الدستوري ضامنًا حرية الفكر والتعبير وحرية الإبداع من خلال الفصل 25، وحرية الصحافة والتشجيع على تنظيم هذا القطاع بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية (الفصل 28)[33].

وبالتالي، فوسائل الإعلام تقوم بدور أساسي في حماية الثقافة ونقلها، وهي تلعب دورا مهما في تطبيق السياسات الثقافية وإضفاء الطابع الديمقراطي عليها، من خلال وجود مضامين ثقافية تمتلك ما يلزم من الجاذبية وشروط التفاعل، الكفيلة بجعل الشباب ينخرطون في المجهودات الثقافية المعروضة، وضخ الوسائط الإعلامية بمواد ثقافية وفكرية وتربوية، تساهم في نشر قيم العقل والمبادرة والإبداع والتسامح ومواجهة كل أشكال النكوص ودعوات العنف[34].

وأخيرًا، نستطيع القول، بأن السياسة الثقافية إحدى أكثر المسؤوليات العمومية تعقيدًا وهي تمثل تحديًا حقيقيًا لكل الدول، تتطلب إعادة هيكلة القطاع الثقافي بتوحيد الرؤية والعمل بين مختلف الفاعلين والمتدخلين[35]، من أجل إقرار سياسة ثقافية معبرة عن المنابع المتعددة للثقافة المغربية[36] كما تم النص عليها في دستور 2011، سياسة قادرة على أن تجعل من الثقافة في معناها الواسع، حقلًا للبحث العلمي والإبداعي وترسيخ الوعي، وأداة لضمان تحقيق المساواة في إطار التنوع الثقافي، وآلية تسمح بتمتين جسور التعاون الثقافي على المستوى الدبلوماسي والتأثير الثقافي.

خلاصة

وبناء على ما ذكر، يمكننا القول إن مسألة السياسة الثقافية في المغرب تتسم بالتعقيد والالتباس، الأمر الذي يتطلب توفير المزيد من الضمانات والآليات القانونية والمؤسساتية الكفيلة بتحقيق نموذج سياساتي ثقافي متكامل، والعمل على إقرار المزيد من الإجراءات التي تخدم بروز الثقافة المغربية بكل مكوناتها، خاصة من خلال تعبئة وسائل الإعلام العمومية والخاصة والمؤسسات التربوية.

وفي السياق ذاته، والمجتمع في حال انتقال، فقد فرضت دينامية الربيع العربي على المشرّع الدستوري المغربي إيجاد أجوبة قانونية للمسألة الثقافية، في محاولة لجبر الخواطر وتفادي الصراعات والاصطدامات بين مختلف المكونات والروافد؛ غير أن بلورة سياسات عمومية فعلية تضم الجميع وتشرك كل تلك التراكمات التاريخية والأبعاد الإثنية والجغرافية والروحية، يبدو أمرا في غاية الصعوبة والتركيب، لكن لا مناص منه، حتى تضطلع الممارسة الثقافية بأداء أدوار ناجعة، على أكثر من صعيد نفسي واجتماعي واقتصادي-تنموي.

المراجع

 

المملكة المغربية، “الدستور المغربي”، وزارة الاتصال، 2011.

أمينة التوزاني، السياسة الثقافية في المغرب، منشورات ملتقى الطرق، 2020، الدارالبيضاء.

وكالة المغرب العربي، “ترسيم الأمازيغية في مشروع الدستور الجديد: مكسب هام على محك الأجرأة والتفعيل”، مغرس، 29 يونيو 2011، www.maghress.com، (28 مارس 2021.)

أحمد بوكوس، الهيمنة والاختلاف في تدبير التنوع الثقافي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الامازيغية سلسلة دراسات وأبحاث، 2016، الرباط.

عبد الكريم علي الدبيسي، “دور وسائل الاتصال الرقمي في تعزيز التنوع الثقافي”، مجلة الاتصال والتنمية، العدد 6، أكتوبر 2012، دار النهضة، بيروت.

إبراهيم بايزو، “الجمعيات الأمازيغية بين النضال الثقافي والتوظيف السياسي”، مجلة رهانات، العدد 40، 2016.

حسن طارق، “المغرب والهوية المتشظية”، العربي الجديد، 18 نوفمبر 2016، www.alaraby.co.uk، 11 أبريل 2021.

حسن طارق، “مبادئ ومقاربات في تقييم السياسات العمومية”، الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، أبريل 2014.

هاشم أمسكوري، “الثقافة في الدستور المغربي”، أكاديميا العربية،www.academia-arabia.com ، (24 مارس 2022).

محمد بهضوض، “السياسة الثقافية بالمغرب-الحصيلة والآفاق”، الأزمنة الحديثة، العدد 13، 2016.

فاطمة يحياوي، “اللغة الأمازيغية الرسمية بين الازدواجية والثنائية”، مجلة رهانات، العدد 40، 2016.

فؤاد بوعلي، “النقاش اللغوي والتعديل الدستوري في المغرب”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يناير 2012، الدوحة.

محمد محفوظ، الحضور والمثاقفة، المثقف العربي وتحديات العولمة، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 2000، بيروت.

بوعزة بنعاشر، عبد الله البلغيتي العلوي، “من أجل سياسة ثقافية عمومية ديمقراطية مستلهمة لقيم العقل والتضامن والسلام ومنفتحة على مكتسبات الحضارة الإنسانية”، الأزمنة الحديثة، أبريل 2008.

المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اقتصاديات الثقافة، تقرير، إحالة ذاتية رقم 25/2016.

محمد الفران، “التعددية والانفتاح الثقافيان في الشخصية المغربية”، ملف التنوع الثقافي والمواطنة المشتركة، الأزمنة الحديثة، أبريل 2008.

لجنة مجتمع المعرفة والإعلام، “المضامين الثقافية والإعلام”، تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يوليو 2018.

La commission chargée de la société du savoir et de l’information, contenus culturels et médias, rapport, conseil économique social et environnemental, 2018.

 


 

1– جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينه، أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات، والثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته، والتي تجعل منه كائنا يتميز بالإنسانية المتمثلة في العقلانية والقدرة على النقد والالتزام الأخلاقي. إعلان مكسيكو بشأن الثقافة، مؤتمر اليونسكو للثقافة، آب/ أغسطس 1982، www.ar.unesco.org، (22 فبراير 2022).

2 – يشدد تصدير دستور 2011 على الهوية المغربية المتعددة الروافد “المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية-الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية؛ كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوؤ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبت الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية”، المملكة المغربية، “الدستور المغربي”، وزارة الاتصال، 2011، ص.3.

3 – أمينة التوزاني، السياسة الثقافية في المغرب، منشورات ملتقى الطرق، 2020، الدارالبيضاء، ص 11.

4 – وكالة المغرب العربي، “ترسيم الأمازيغية في مشروع الدستور الجديد: مكسب هام على محك الأجرأة والتفعيل”، مغرس، 29 حزيران/ يونيو 2011، www.maghress.com، (28 آذار/ مارس 2021)

5 – أحمد بوكوس، الهيمنة والاختلاف في تدبير التنوع الثقافي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سلسلة دراسات وأبحاث، 2016، الرباط، ص.9.

6 – المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

7 – الفصل 28، الدستور المغربي، الرباط، وزارة الاتصال، 2011، ص.8.

8 – عبد الكريم علي الدبيسي، “دور وسائل الاتصال الرقمي في تعزيز التنوع الثقافي”، مجلة الاتصال والتنمية، العدد 6، تشرين الأول/ أكتوبر 2012، دار النهضة، بيروت، ص.3.

9 – إبراهيم بايزو، “الجمعيات الأمازيغية بين النضال الثقافي والتوظيف السياسي”، مجلة رهانات، العدد 40، 2016، ص 19.

10 – حسن طارق، “المغرب والهوية المتشظية”، العربي الجديد، 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، www.alaraby.co.uk، 11 أبريل 2021.

11 – حسن طارق، “مبادئ ومقاربات في تقويم السياسات العمومية”، الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، نيسان/ أبريل 2014، ص.21.

12 – هاشم أمسكوري، “الثقافة في الدستور المغربي”، أكاديميا العربية، ص 7.

13 – أمينة التوزاني، السياسة الثقافية في المغرب، مرجع سابق، ص 73.

14 – المرجع نفسه، ص 75.

15 – محمد بهضوض، “السياسة الثقافية بالمغرب-الحصيلة والآفاق”، الأزمنة الحديثة، العدد 13، 2016، ص 20.

16 – فاطمة يحياوي، “اللغة الأمازيغية الرسمية بين الازدواجية والثنائية”، مجلة رهانات، العدد 40، 2016، ص 13.

17 – فؤاد بوعلي، “االنقاش اللغوي والتعديل الدستوري في المغرب”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يناير 2012، الدوحة، ص 27.

18 – الفصل الخامس، الدستور المغربي، الرباط، وزارة الاتصال، 2011، ص 4.

19 – الفصل 168، الدستور المغربي، الرباط، وزارة الاتصال، 2011، ص 32.

20 – الفصل 170، الدستور المغربي، الرباط، وزارة الاتصال، 2011، ص 32.

21 – الفصل 165، الدستور المغربي، الرباط، وزارة الاتصال، 2011، ص 32.

22 – أمينة التوزاني، السياسة الثقافية في المغرب، مرجع سابق، ص.110.

23 – المرجع نفسه، ص 111.

24 – محمد محفوظ، الحضور والمثاقفة، المثقف العربي وتحديات العولمة، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 2000، بيروت، ص ص 137-138.

25 – بوعزة بنعاشر، عبد الله البلغيتي العلوي، “من أجل سياسة ثقافية عمومية ديمقراطية مستلهمة لقيم العقل والتضامن والسلام ومنفتحة على مكتسبات الحضارة الإنسانية”، الأزمنة الحديثة، نيسان/ أبريل 2008، ص 10.

26 – أمينة التوزاني، السياسة الثقافية في المغرب، مرجع سابق، ص 139.

27 – بوعزة بنعاشر، عبد الله البلغيتي العلوي، “من أجل سياسة ثقافية عمومية ديمقراطية مستلهمة لقيم العقل والتضامن والسلام ومنفتحة على مكتسبات الحضارة الإنسانية”، مرجع سابق، ص 10.

28 – المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اقتصاديات الثقافة، تقرير، إحالة ذاتية رقم 25/2016، ص 14.

29 – محمد الفران، “التعددية والانفتاح الثقافيان في الشخصية المغربية”، ملف التنوع الثقافي والمواطنة المشتركة، الأزمنة الحديثة، نيسان/ أبريل 2008، ص 29.

30 – أمينة التوزاني، السياسة الثقافية في المغرب، مرجع سابق، ص 133.

31 – محمد الفران، “التعددية والانفتاح الثقافيان في الشخصية المغربية”، مرجع سابق، ص 30.

32 – المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

33 – لجنة مجتمع المعرفة والإعلام، “المضامين الثقافية والإعلام”، تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تموز/ يوليو 2018، ص ص 11-13.

34 – La commission chargée de la société du savoir et de l’information, contenus culturels et médias, rapport, conseil économique social et environnemental, 2018, p.17.

35 – أمينة التوزاني، السياسة الثقافية في المغرب، مرجع سابق، ص 138.

36 – بوعزة بنعاشر، عبد الله البلغيتي العلوي، “من أجل سياسة ثقافية عمومية ديمقراطية مستلهمة لقيم العقل والتضامن والسلام ومنفتحة على مكتسبات الحضارة الإنسانية” مرجع سابق، ص 11.

  • نبيل الملحم

    دكتورة في الدراسات السياسية والقانون العام، باحثة في العلاقات الدولية المعاصرة، عضو نشيط في العديد من الجمعيات والمراكز البحثية، مهتمة بالدراسات الأكاديمية حول العلاقات الدولية والاستراتيجية، وحقوق الانسان، والتنمية، والهجرة. صدر لها عدة مقالات ودراسات في مجموعة من المجلات والجرائد ومواقع مغربية ودولية، منها "ثقافة التسامح في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان" في مجلة الطريق اللبنانية-العدد 30-السنة-78-صيف 2019، و"الحقوق السياسية للمرأة بالمغرب: المعوقات وسبل التجاوز" في المجلة العربية للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، العدد 2-ديسمبر 2019، و"مستقبل العلاقات الصينية-الأمريكية في عهد جو بايدن" في نشرة الصين بعيون عربية، العدد 106 مارس 2021.

مشاركة: