مهمة مستحيلة (قصة قصيرة)

دنا رجلٌ فقيرٌ من محلِّ بيعِ الأحذية، تفرَّج على البضاعة المَعْرُوضة في واجهةِ المحل المُنار كما لو أنه لبيع المجوهرات.

تخيَّلَ نفسه ينتعلُ كُلّ الأحذية، ومع كُلّ حذاء ينتعله كانت ترتسمُ على وجهه ابتسامة تختلفُ عن سابقتها حسب الموديل واللون ونوع الجلد…

صحيح أنَّ الابتسامات ترتسمُ على أفواهٍ متشابهة وتُظهرُ من خلفها أسنان متشابهة أيضًا لكن ليس بالضرورة أن تكون هي متشابهة…

نظرَ الرجل إلى حذائه الذي ملَّ منه أساكِفَة المدينة، وقارنه بالأحذية الجديدة، فتجهَّم وقطَّب ما بين عينيه.

دارتْ فكرة في رأسه حدَّث نفسه بها:

لطالما أبهرنا صُنّاع الموضةِ بأفكارِهم الغريبة، فجنون الموضة لا حدود له، في كل موسم تطلُّ علينا صيحات جديدة وأشكال لافتةٌ للنظر ومثيرة للاستغراب، فلماذا لا تنتقلُ الموضة إلى الأحذيةِ، فيتم صناعتها مهترئة ومزيّنة بخيوطِ الدرزة وبرقعةٍ هنا ومسمار هناك، أُسْوةً بسراويلِ الجينز التي يبيعونها وكأنها ملوَّثَة بالتراب، وأُسْوةً بالقُمْصان التي يفصلونها رثة وممزقة…

فإن انتقلتْ الموضة إلى الأحذية سنبدو نحن الفقراء وكأننا نتبعُ الموضة…وأخذ يتمتم:

إن المنافسةَ الحقيقية بين الفقير والغني تبدأ من الحذاءِ في الظاهر، وتُحسَم دائمًا لصالح الغني، أما في الباطن فهي تبدأ من الثقةِ والتعايش والرغبة في الحياةِ…

وهي تُحسَم أيضًا لصالحِ الغني.

دخلَ الرجل المحل وهو يبسملُ ويقرأ بعض الأدعية، بدا التوتّرُ عليه، فهو لا يدخل مثل هذه المحالِّ إلا كل أربع أو خمس سنوات، أشارَ إلى حذاءٍ موجود في رفٍ يعلو رأس البائع وقال:

أنزل لي الحذاء الذي فوق رأسك إذا سمحت، فغضب البائع وعَابَ عليه قلّة الفهم.

لم تفلح اعتذارات الرجل الفقير على الرغم من أنّه كَسَرَ الهاء في اليمينِ الذي حلفه، أنّه لا يقصد، وأنّه بالفعل يريدُ شراء الحذاء الموجود فوق رأسِه!

عندها ثارَ وأرغى وأزبدَ وطرده دافعًا إياه بيديه وهو يكيلُ الشتائم له، وعندما رأى امرأة مسكينة على بابِ المحل طردها أيضًا، فقد تفاجأَ بنقابها، وأزعجه صوت طفلها الذي يَظهرُ رأسه فقط من بين كَومَة كَرتون جمعتها في عربةٍ تجرّها خلفها!

أَشاحَت المرأة بوَجهِها اليَائِس إلى البعيد، والتمعتْ في حدقتَيها ثقةٌ بالله، وعادَ البائع إلى كرسيه الذي تحيط فيه الأحذية.

اقتربَ منه جاره صاحب متجر الساعات بعد أن رأى المشهد كاملًا، وقال معاتبًا معتقدًا أن الرجل لا يملك ثمن الحذاء:

قدّمْ حذاء للرجل وأنا أدفعُ ثمنه وعندما أرسلوا نظرهم اتجاهه كان قد ابتعد، حوقل وقال بندم لضياع فرصة لفعل الخير:

إن أبيْتَ أن تعطي المرأة الكَرتون الذي ترميه في القمامة فلا تزعجها، إنها تبحثُ عن سمكةِ رزقِها في بيعِ العلب الفارغة التي يرميها زَبائن محلّك!

تركَ بائع الأحذية دفتر حساباته الذي فتحه ليزيل توتره وتوقّفَ عن شُربِ الشاي وردَّ غاضبًا:

هل تراهن أَنَّ ثلاجتها مليئةٌ أكثر من ثلاجةِ بيتي؟

ردَّ الساعاتي متحديًا:

أراهنكَ والخاسر يدفعُ الرهان لها.

وافقَ بائع الأحذية على مضض.

وفي غرفةٍ صغيرة على سطحِ إحدى العمارات في الشارع نفسِه وقفَ البائعان أمام ثلاجة المرأة، فوجدا ثلجًا كثيرًا.

قال بائع الأحذية:

أنا متأكد أَنَّ خلف هذا الثلج تختبئ اللحوم الحمراء والبيضاء،

وراح يحاول إذابته بالماءِ لكنه عجزَ عن ذلك، جلبَ مطرقة وإزميلًا وراحَ يطرقُ ويسفقُ، وبعد هُنَيهَة لم يجد خلف الثلج إلا الثلج.

جالتْ عيناه في الغرفة، لم يكن فيها شيء ذو قيمة، فقط صور على زاويتها شرائط سوداء، واحدة لزوجها المعتقل وأخرى لابنها الشهيد وعلى طاولةٍ وحيدة تقبعُ في الزاويةِ البعيدة مصحف ومِسبَحة طويلة، وأغطيةٌ موضوعة بطريقةٍ مرتبة.

مدَّ يده إلى جيبه وأخرجَ الرهان وقدمه إلى المرأةِ التي تختبئ خلفها طفلة صغيرة، لكنها رفضتْ وشعَّت عينيها بنظرة رضى عن الله.

شعرَ أَنَّ عليه العودة إلى خارجِ البيت ليخلع نعله الذي دخل به.

في اليومِ التالي أرسلَ لها كل أنواع اللحوم، وبعض أثاث المنزل مع أصوات تكبيرات العيد التي صدحت من المآذن.

كانت المرأة قد استيقظتْ مع الشمس، تذكَّرت زوجها المسجون في بلدٍ تُعرِّشُ فيه العدالةُ كدالية مريضة لا تثمر ورقًا ولا عنبًا، سجنوه بتهمةِ مساعدة لصوص شركة الصرافة التي عمل بها بأمانةٍ وإخلاص لسنوات طويلة، على الرغم من أنَّ كُلَّ الناس تعلم أن زوجها بريء ولا علاقة له باللصوص…

فقد شاهدوا رئيس العصابة، وعرفوا قصته، وكيف قررَ كنوعٍ من المغامرة أَن يسطو على شركةِ صرافة في يومِ عطلته، لم يكلِّف نفسَهُ عناءَ التفكيرِ والتخطيط، نفَّذَ جريمتَهُ في وَضَحِ النهار!

لم يضع قناعًا على وجهه أو جوربًا نسائيًا في رأسه، على الرغم من معرفته بوجودِ كاميرات مراقبة!

وضعَ فقط قبعةً تظهرُ من تحتها ذقنٌ اعتادَ أن يرسمَها سكانُ قريته على وجوههم، وقفَ قليلًا على بابِ الشركة، أشهرَ بندقيتَهُ، حدقَّ في الفضاء، نظرَ إلى السقف كما تنظرُ الأُسُود، وأطلقَ الرصاصَ عليه وكأنه يريد اصطياد المصابيح، وباللهجةِ القروية، التي تحوَّلت إلى لغةِ الدولة الأم، طلبَ وهو يشهرُ سلاحه من زوج المرأة وكان يعمل أمين الصندوق أن يرمي النقود في الوسط، ثم أرسلَ كلبَهُ البشريَّ ليلتقطَها، كلب يتغذّى بعشبةٍ مخلوطةٍ بمسحوقِ العظام، كان مجموعُ ما سرقَهُ نصف مليونِ دولار مع خروجٍ آمن.

جاءت الشرطة بعد ثلاثين دقيقة، وألقوا القبض على زوجها المتورط كما اعتقدوا، وهمسوا فيما بينهم بعد أن رأوا ما التقطتهُ الكاميراتُ، أنَّ الفاعل هو ابن عم الرئيس.

وبعد عدةِ أشهر، كثرَ القيل والقال، فاضطرتْ القيادة أن تعطي الضوءَ الأخضر للقبضِ على اللصِ المحصَّن، وبالفعل تمكنتْ منه الجهاتُ المختصةُ بعدَ معاركَ شرسة مع زبانيته واستشهادِ شرطي وإصابةِ آخرَ بشللٍ دائم.

وضعُوه في السجن، فصارَ سيّدَهُ، ومديرَهُ الحقيقي، بل صارَ له اتباعٌ من المجرمين، يطيعونَهُ ويأتمرونَ بأمره، يُروِّجون للمخدرات التي تجعلَهُ أقوى…

على الرغمِ من ذلك أضجرَهُ الملل، فهكذا هم الشياطين تتسلى دائمًا بفعل الشر…

تاق ابن عم الرئيس إلى مغامرةٍ جديدة، فقررَ أن يقومَ باستعصاءٍ داخلَ السجن، خلالَ ساعاتٍ قليلة نجحت مغامرتُهُ هذه، فسيطرَ على أكبرِ وأضخمِ سجنٍ في البلاد!

وعندما انتهى، أخذ يجفّف بمنديله حبات العرق التي ترشح فوق رأسه المحلوق، شاعرًا بنشوةٍ يصل إليها عبر الإجرام وحده، وصلت تلك الأخبارُ إلى الرئيس، فأرسلَ إليه أخاه صاحبَ الخبرةِ بالقمعِ والضربِ بقبضةٍ من حديد، لكن دونِ نتيجة!

وبحكمةٍ وحنكةٍ ورثَها الرئيس عن أبيه الرئيس السابق، أرسلَ بطلبِ زوجة عمه لتفركَ أذنَ ابنها وتؤنبَهُ، وعبرَ مكبرات الصوت قالت له:

– بُنيّ… ألم تشبع من اللعبِ والمغامرات؟ قل ما تريد وابنُ عمك الرئيس جاهزٌ لتلبيتك.

انتهى الاستعصاءُ بهذه الكلمات!

ذهبَ ضحيتَهُ عشراتُ القتلى ومنهم زوج المرأة، ليتمَّ بعدَها محاكمةُ كلِّ مَن شاركَ فيه إلا ابنَ العم، وبعدَ مدةٍ وجيزة سمعتْ المرأة عن إطلاقِ سراحه بعفوٍ عام، ثم أُطلقتْ يدُهُ ليؤسسَ كتيبةً للدفاعِ عن الوطن!

بكتْ المرأة زوجٌ صار في القبر ولم تبكيه وهو في المعتقل،

الآن فقط فقدت الأمل بوضع رأسها على يد زوجها التي تجمع بين اللين والقوة وتسميها وسادتها، لم يكن لديها وسادة لأنها لا تحب الوسائد!

أما زوجها فينامُ على وسادةٍ سميكة لا يستطيع النوم دونِها، وعلى الرغم من حاجته لأن ينام على جنبهِ الأيمن، وراحته التي ينالها من تقليبِ نفسه ليلًا، إلا أنه يبقى مستلقيًا على ظهره، مادًّا يده تحت رأسها كي لا يتركها بلا وسادة.

كم هو مؤلم للمرءِ أن يفقد وسادته، وكم هي مؤلمة آلام فقرات الرقبة، آلام أصابتها منذ الليلة الأولى لرحيلِ زوجها، لأنها صارت تنام على وسادته السميكة، فقط لتشم رائحته وتتذكره بكلِ شعرة سقطت من رأسهِ.

تقولُ دائمًا: كيف السبيل إلى التخلص من عشقِ ميت.

انطلقتْ باكية على زوجها وابنها إلى الجامعِ القريب، مصطحبة طفلتها الصغيرة لتصلي صلاة العيد، رمتْ رأسها على كتِفها الأيسر وغفت مستندة إلى عمودٍ من أعمدةِ قبوِ المسجد المخصص كمصلى للنساء، لم يرتاح من صدى تكسّر دمعات الشيخ على المنبرِ غيرها، ولم يدركْ مدى صدقه من كذبه سوى مَن التهمته ديدان الأرض.

سألتها طفلتها: أمي كيف سيفتح الشيخ روما التي يتحدث عنها، وأين تقع؟ هل هي قريبة من هنا؟

لم تستطع أن تجيبها، ليس فقط حتى لا تلغو فتبطل صلاتها، بل لأن كل الأجوبة عندها لن تُسمن ولن تغني من جوعِ هذا السؤال.

لم تكن المرة الأولى التي ترتمي بين يدي الله حائرة، لكنها ستكون المرة الأخيرة التي سيضيق بها رحب المسجد، يصم صوتها الأعراض الجانبية للحزن، وتبتلُّ ستائر المسجد بعطرِ دموعها، ففي أحضانِ الخالق لم تعد مهمة تلك الخيبات والانكسارات التي تلفها بمحبة.

في خِضَمّ معاندتها لكل أفكار الشرق أضاعت ظلها في الشتاءِ فقلقت، لكن عندما أضاعته في الصيفِ خافت وتمتمتْ بهدوء:

– لا وجه لي، فهو ارتباك أقنعة الوجود أمام حقيقة النور وصيرورة الرجاء!

ارتقتْ بعقلها درجات السماء، تاركة للإنسانية فشلها الذريع وكل عظائم أكاذيبها، صارَ لها أجنحة ترفرفُ بها، تريدُ معرفة مكان قبر ابنها الذي غسلته السماء وأخفته الأرض في مكانٍ ما لا تعرفه…لحقَ بأبيه باكرًا.

كان عمره سبعة عشر وردة، عندما جاءَ الشيخ ليأخذه، لقد سلّمته بيدها له، قال لها الشيخ في حينها:

إذا لم يتحدَّث أعداؤنا للعالم عما ذاقوه من بأسنا وقوتنا، فإن أصدقاءنا لن يسامحونا بكل قرش دفعوه لنا، فنحن نعرف أن نتكلم جيدًا، ميالون بطبيعتنا إلى الثرثرة، لكني لست متأكدًا كيف سنجعل العدو يتكلم مثلنا.

لا أحد يعرف حتى اليوم كيف أصبح الشيخ شيخًا، درَّبَ ابنها ليحارب الظلم، وظلمه عندما أرسله بمهمةٍ مستحيلةٍ فقدَ حياته إثرها.

أخبرها الشيخ عبر اتصال:

ابنك رحلَ إلى الجنةِ، سيشفع لسبعين مسلمًا، أنا وأنت منهم، وسيكون له اثنتان وسبعون حورية.

أغلقتْ سماعة الهاتف في وجهه، ومن يومها فَتحت قنوات البكاء في قلبها، تمنّت لحظتها أَن ترى أختها عبير طبيبة الأسنان، لكن بعد التهجير الأخير…لا تعرف أين حطت رحالها.

آخر لقاء كان في عيادتها، تذكره تمامًا، في حينها باحتْ لها:

أسمعُ صوتَ تكسّر الوطن تحتَ أقدامي، وكأنه وطنٌ بطعمِ الجليدِ الرقيقِ، ونحن كطفلٍ يمدُ رأسهُ من عربةِ أطفالٍ، والعربةُ في منحدرٍ أفلتتها يدُ أمٍ قُنصت توًا.

لا تمنع كمامة عبير رائحةٍ عفنةٍ تتسلّل إلى أنفها من تاريخٍ لم يُكتب بصدق، داومت بردائها الأبيضِ على الوقوفِ على نافذةِ عيادتِها، عيناها تتعلقان بزرقةِ النهارِ ونجومِ الليلِ، تبحثُ عن نظارتِها وهي على أرنبةِ أنفِها، تبحثُ عن قلمِها وهو بيدِها، تبحثُ عن قلبِها مع أنه بين أضلعِها، تبحثُ عن طفولتِها في ضحكتِها، جلبتْ لها الحربُ هزائمَ وهزائم، نصرُها الوحيدُ كان على آلامِ المرضى.

ساءَ خطها أكثر مما هو سيئ، تقرأ بمزاجيةٍ صُحفًا تتحدثُ عن الثورةِ ولا تستطيعُ مضغها، تشاهدُ بانفعالٍ أخبارًا تتشدقُ عن الوطنِ ولا تستطيعُ بلعها، تصلها أفكار فقط…الشفاهُ أجبنُ من أن تقولها.

أخبرتْ عبير أختها الجالسة على كرسي منحنٍ تنصتُ لها وتبتلع ألم ضرسها، عن جيشِ المهرجين الذي تشكَّلَ ليحوّل كلَّ شيءٍ جادٍ إلى شيءٍ ساخرٍ، وهي قاعدةٌ من أهمِ تكتيكاتِ حربِ اللاعنف، حيث يستقطبُ أمراءُ الحربِ أهلَ الحماسِ من أصحابِ الأفكارِ المختَلّةِ والمظاهرِ الموحَدةِ والحركاتِ المضحكةِ، يتدربون على قمعِ المنطقِ والرزانةِ والوقارِ، ويعرفون كيف ينظمون أنفسهَم،

إنهم ميليشيات من الحمقى يظهرون بمظهرِ عدمِ المبالاةِ، فلا عُرفٌ ولا قواعد ولا ثوابت تضبطُ تصرفاتهم، ببساطةٍ يريدون فقط إطلاق سراح الجنون.

تتابع عبير حديثها عن الحقيقية بغرابة، ما جعل أختها تشرد، فتسلّط الضوء المتحرك على وجهها لتعيد انتباهها إليها، وتتابع:

– المهرجون جيشٌ سلاحهم الاستهزاء، كلما استخدموا سلاحهم أكثر تكاثروا بشراهةِ خلايا السرطان، هدفهم هدمُ الدولة، ليس عن طريق جيش أجنبي بل عن طريقِ جيش داخل الدولة، يهدم أعمدتها ويمحو هويتها، في حربٍ تُحتل فيه العقول قبل السهول.

قالت لها: جميلٌ أن يجتمعَ الطبُ مع السياسةِ.

أجابت الطبيبة بهدوء: دعيني أعمل، أبقِ فمكِ مغلقًا.

“عبير هي طبيبة الأسنان الوحيدة التي تعمل وفم مريضها مغلق، فهي تعتقد أَنَّ شرحها للحقيقة هو من أهم الأعمال”

عادت لها روحها الغاضبة…

ليتني أصرخ في وجهِ هذا الجيش الذي يخبئ مفاتيح الحقيقة:

إنّ أصواتَ مفاتيحِكم تثقبُ آذانَنا، وكلما قتلتم إنسانًا مِنّا، أو كنتم سببًا لذلك، انضمت روحٌ إلى جوقةِ الصراخِ التي تكبر كل يوم، وقريبًا ستسحقكم.

وصمتتْ وتكلمتْ أدواتها، ليختفي صوتها، صوت الحي يصدح من بين أصوات جوقة الأموات.

قالت المرأة التي تجمع الكرتون بقلبٍ محروق:

أنا أفتقدك يا عبير، رحمك الله يا زوجي..

آه عليكَ يا بني، لقد مرّتَ سبع سنوات على موتك، وما يزال الشيخ -الذي مات كثيرون على يديه ولم يمت- يقفُ خطيبًا في الناس.

ظلَّ الرجل الفقير بدون حذاء وظلَّت المرأة بدون قريب يستمع لها وتستمع له.

 

مشاركة: