خوليو كورتاسار يُراسل ماريو فارغاس جوسا

خوليو كورتاسار؛ روائيّ وشاعرٌ ومترجمٌ أرجنتينيّ، ولد في بروسيلا- بلجيكا عام 1914، ويعرف بكونه أحد أشهر أدباء الحداثة في أميركا اللاتينية، حيث كسر القوالب الشّائعة عبر اتّباع سردٍ خارجٍ عن المألوف، إن كان في راجويلا أو في الكرونوبيوس والفاماس. انتقل عام 1951 إلى باريس وعمل مترجمًا في منظّمة اليونسكو العالميّة ما ساعده في الحصول على إقامة دائمة في باريس. وبقي فيها حتى وفاته في فبراير/ آذار من عام 1984. هذه الرسالة التي سنقرؤها اليوم وردت ضمن الكتاب الصادر بعد وفاته تحت عنوان “أوراق غير متوقعة” عملت على تدقيقه ونشره أورورا بيرنارديز، زوجة كورتاثار السابقة ووكيلة أعماله عام 2009. نطالع فيها رد كورتاسار على طلب الروائي البيروفيّ ماريو فارغاس جوسا، الذي يشغل حاليًا مقعدًا في الأكاديمية الفرنسية كعضو دائم منذ 2021، بالاطلاع على مسودة روايته الثانية “المنزل الأخضر” والتي ستصدر بعد عام من تاريخ هذه الرسالة عن دار “سايكس برّال”.

ماريو العزيز:

يبدو أن هناك مشكلة صغيرة في الآلة الكاتبة التي استعملتها خلال كتابة الرواية، إذ ينقصها جميع العلامات الصوتية (Acentos)، سوف أقوم بوضعها تدريجيّا في أثناء القراءة، واعذرني إن أغفلت بعضها. سأعيد لك الرواية في ظرف مختوم مع الرسالة وأرجو أن يصلك دون تأخير.

آثرت أن أكتب لك ملاحظاتي بعد مضي أسبوع على قراءتي الأولى للرواية، رغبة مني في ألا يكون لنشوة الإعجاب التي أحدثتها لدي روايتك ” المنزل الأخضر” أي تأثير على رأيي. ومع ذلك سأقول لك الآن بضع كلمات من دون تردد أو طول تفكير، تاركًا للآلة أن تكتب على هواها لأنني في الواقع أشعر أن ذلك الإعجاب لم يفتر، بل أكثر من ذلك فقد ترسّخ لدي أكثر، وحقق العمل بالفعل ما يريد كل روائي لعمله أن يحققه: الذاكرة، الذكريات الآمنة والدامغة.

أود أن أخبرك قبل كل شيء بأن من أكثر اللحظات التي أرغب أن يتيحها لي المستقبل القريب هي إعادة قراءة روايتك هذه بعد الطباعة، عندها لن يكون عليَّ أن أجاهد لتمييز حرف الألف “A” المقسوم نصفين بسبب آلتك الكاتبة تلك (أقترح عليك التالي، ألق بها إلى الشارع من الطابق الرابع عشر، ستصدر صوتًا رائعًا، وسوف تستمتع باتريسيا* بذلك، وفي الصباح التالي ستجد جميع الأجزاء متناثرة في الشارع، من الرائع فعل ذلك، عداك عن ذهول الجيران، أراهن على أن الآلات الكتابة ـ لا ترمى ـ من ـ النوافذ ـ في فرنسا).

حسنًا أجل، قراءة كتابك المطبوع ستكون أعجوبة عظيمة، لأنني سأعيش من جديد رحلة فوشيا وأكويلينو[1] الطويلة، التي تبدو لي أنها العمود الرئيس للمبنى، أو أكثر من ذلك، الخيط المشترك للنسيج بأكمله كما هي الحال في المخططات الجغرافية، خط مستوى سطح البحر الذي يحكم جميع المنحنيات الصاعدة والهابطة والجبال والخنادق تحت الماء. وأعود لألتقي أيضا مع بونيفاسيا ومع ليتوما، ثم نيفيس ولاليتا، وهم بالنسبة لي الشخصيات الأكثر حيويّة وأهميّة في الرواية بعد فوشيا أو إلى جانبه. لاحظ بأنني عندما أمرّر انطباعاتي الأولية أكون بذلك قد أعطيتك رأيي في الكتاب، لكن أرى من الضروري أن أذكر لك قبل أن أكمل بعض الملاحظات حول محتوى الكتاب ككل.

حسنًا ماريو فارغاس جوسا، سأخبرك الآن بالحقيقة كاملة:

بدأت بقراءة روايتك وأنا أرتعد خوفًا، نظرًا لإعجابي الكبير بروايتك الأولى “المدينة والكلاب” (التي ما تزال بالنسبة لي “الدجالين” وفقا لعنوانها الأولي)، وكنت أشعر بخوف غير معلن من أن تكون روايتك الثانية أقل جودة منها، وأن يحين الوقت لأخبرك بذلك (وكنت سأفعل بكل تأكيد، أظن أننا يعرف بعضنا بعضًا كفاية).

عندما وصلت إلى الصفحة العاشرة، أشعلت سيجارة واتخذت وضعية مريحة على الأريكة وتبدّد كامل خوفي دفعة واحدة، وحل محلّه ذاك الشعور الرائع ذاته الذي أحدثه لدي لقائي الأول مع (ألبيرتو وهاغوار وغامبوا[2])، بعد قراءة أول حوار لبونيفيسيا مع الراهبات كنتَ قد أخضعتني بشكل تام لقدرتك السرديّة العجيبة، وهذا ما يميّزك ويضعك في مرتبة متفوّقة عن بقية روائيي أميركا اللاتينية الذين مازالوا على قيد الحياة. ويعود ذلك لتلك القوة الروائية التي تملكها وكذلك التحكم العظيم في مجرى الأحداث والذي يضع مباشرة أيّ قارئ حساس في موضع أشبه بالغيبوبة (وهذا لا يعني فقدان حالة الانبهار إنما الانتقال إلى نوع آخر من الانبهار، وهذه هي المعجزة، معجزة أي روائي عظيم، تمامًا كمعجزات لوري[3] وجوسي كاري[4] ودوستويفسكي. ولا تخجل بيروانيتو[5] فأنا لا أمدح أيًا كان بهذه البساطة، حتى لو كان صديقًا مقربًا).

كانت زوجتي أورورا مطلعة على كل ما دونته في الكتيب الأول، وتتبعتني عن قرب، حتى أنهينا قراءة الكتاب في الوقت نفسه تقريبًا. وتبادلنا الآراء وانتقدنا كل ما وجدناه محل نقد، وحاولنا السيطرة على أنفسنا حتى نتجنب السذاجة أو الانقياد بتأثير الانبهار المبالغ أو اللحظي.

بالنسبة لي كانت متعة كبيرة أن تشاركني زوجتي ذات الشعور، لكونها ناقدة جدية، وتتفوق عليَّ بكونها أقل اندفاعًا وتستغرق وقتها قبل الإدلاء برأيها، كما أن أحكامها موضوعية. عندما تأكدت بأن ردة فعلها مشابهة لردة فعلي تبخرت الشكوك القليلة التي احتفظت بها حول انطباعي الأول بشكل كامل. واليوم، بعد مضي عدة أيام ما زلنا نتحدث بالوتيرة نفسها والمستوى ذاته الذي تحدثنا فيه ذلك اليوم بعد قراءتنا الأولى للرواية. باختصار لقد أنجزت رواية عظيمة يا صديقي، عمل صعب ومجهود يفوق العادي، لا يخلو من المجازفة، وقد تفوقت في ذلك بكل المقاييس، كما يقول زملاؤنا الإسبان. أضحك بمكر عندما أفكر باختلافنا حول أليخو كاربينتير[6]، الذي طالما دافعتَ عنه بشراسة، لكن يا رجل عندما يصدر كتابك هذا سيتحدد مكان رواية عصر التنوير[7] تلقائيًا في المكان الذي ذكرته لك سابقا، في ركن الخردة التي عفى عليها الزمن، أمام هذا التمرس المذهل في الأسلوب لديك. أنت صوت أميركا، ونورك هو نور أميركا اللاتينية الحقيقي، والروح الدرامية الحقيقية المعبّرة عنها، وأملها الذي تحقق عبر إثبات قدرتها على جعلك هذا الشخص الذي أنت عليه الآن.

ربما يزعجك أسلوبي المتعالي في الكلام، حسنا سأخفضه قليلا، وسأخاطبك بأسلوب مهني أكثر، وبالتأكيد دون إغفال الملاحظات التي تظهر لي، والتي سنتكلم حولها فيما بعد عندما نلتقي. ولكن وبما أنني أعتبر أن الرواية تعنيني بشكل جذري وعميق، هنالك ما أود قوله لك مقدّمًا وبدون أي تردد:

على صعيد التكنيك روايتك رائعة، ولا أعلم إن كان أحدهم قد وظف مسبقًا تقنية الفلاش باك ودمجها في أحداث الحاضر كما فعلت، (لا أذكر أي أمثلة على هذه التقنية) وأعتقد بأنك قد ابتدعتها، عندما تنبهت لذلك للمرة الأولى (كان فوشيا وأكيلينيو يتحدثان في اليخت، وأكلينيو يريد أن يعرف كيف هرب فوشيا من السجن، وعند هذه النقطة تتبعت الحوار الذي دار بين فوشيا ورفاقه الذين شاركوه في الهرب، لتقودني مجددًا لأتبع خط الحوار في الزمن الحاضر، ثم العودة مجددًا إلى الخلف، وهكذا). تملكني عندها شعور بالاندهاش، إذ أدركت قدرتك على تخطي الزمان والمكان، ووفرت على القارئ الكثير من الأفكار والمواقف التي يفترض أن تكون صلة وصل بين الماضي والحاضر من خلال تركيزك على الأحداث الأساسية في السرد، وهذا الاختيار لما هو ضروري وموظف بشكل جيد هو أسلوب يتقنه كل روائي عظيم، على طريقته الخاصة.

وإلى جانب هذا النجاح التقني الأول، الذي لا ينفك يستحوذ على إعجابي، تضاف أبعاد عديدة أخرى؛ الغموض المحرض، والمثير للحنق أحيانًا، للمستويات الزمنية، والذي يتطلب تيقظ القارئ، والمشاهد التي تحدث متزامنة في القصة لوجود علاقة تناظرية بينها ومن الطبيعي أن تستدعيها معًا (طبيعي لكن في الوقت نفسه كان واجبًا عليك فعله، وهذا صعب حقًا، كما هو عند موت تونيتا والإجهاض عند بونيغاسيا)، مما يتطلب انتباهًا تامًّا من قبل القارئ.

قد يبدو الأمر غريبًا، لكني عندما اقتربت من النهاية وقبل الخاتمة بقليل، تملكني إحساس من النادر جدًّا أن يخالجني خلال قراءتي للروايات، وهو الإحساس ببنية موسيقية معقدة للغاية، على غرار القصيد السيمفوني[8] الذي ينطوي على موضوعات متشابكة بطريقة تجعل الأذن، التي تلتقطها على التوالي، قادرة بفضل التوزيع والنغمات، التطورات وتكرار الأفكار المهيمنة، على تحقيق ما يشبه البنية المتزامنة، قطعة هائلة من الموسيقى المتجسدة حيث يتم تنظيم كل ما يتدفق في نسيج هائل معلق أمام عينيّ وسمعي، إن صح القول، كتعايش أو كتناغم تام ومتزامن. لا أستطيع أن أعبر عن ذلك بشكل أفضل. لكنني أشعر بأنك، وبينما كنت تحبك المواضيع والعناوين الفرعية بذلك التكرار اللانهائي الذي كان له صداه في الرواية، كنت قد أدخلتها، بقصد أو بدونه، في بعدها الموسيقي.

لا أريدك أن تأخذ ذلك على أنه أثرّ سلبًا في الرواية (أعتقد بأنك لست مفتونا بالموسيقى لتلك الدرجة)، بل هو مديح لبنية السرد، أنا كوني مهووسًا بالموسيقى هوسًا لن أتعافى منه أبدًا، لا أجد طريقة أخرى لأقول لك إلى أي حد قد مثل كتابك بالنسبة لي مزيجًا من التدفق والاندفاع باتجاه مضمار البناء الموسيقي، والذي لا يستطيع أي عمل إنساني (فني أو أدبي أو شعري) أن يتجاوز حدوده.

في جميع الأحوال، من ناحية الإطار السردي فإن كتابك هو أحد أعقد وأكثر الكتب تشويقًا ضمن الكتب التي قرأتها منذ زمن طويل.

وعدتك بملاحظات نقدية، لذلك سأنتقل إليها كي لا أتابع في مديحي بطريقة قد تبدو متحيزة.

الملاحظة الأولى تأتيك من أورورا، وأنا أيضا أشاركها في هذه الملاحظة، لم يعجبنا عنوان العمل، نراه مجازفة كبرى وهو بمستوى أقل بكثير من الأحداث. أعلم تمامًا أن اختيار عنوان لعمل ما هو أمر غاية في الصعوبة، لكن حاول أن تتخيل عنوانًا آخر. أود لو أقترح لك أحدها، لكن لا يخطر لي أي شيء الآن.

وفي الانتقال إلى الشخصيّات، لربما يفاجئك إن قلت لك إن شخصية “أنسيلمو” ليست شخصية مكتملة تمامًا، وقلت إن رأيي سيفاجئك لأنه من المفترض أن يكون الشخصية المحورية في العمل، فضلًا عن أن الخاتمة تتمحور حوله أيضا. لكن حسنًا، لم أستطع أن أعيش شخصية أنسيلمو كما عشت شخصية ليتوما مثلًا، وشخصيات بونيفاسيا وفوشيا ولاليتا، التي تفيض بالحياة. ما حدث معي هو أنني رأيت أنسيلمو كشخصية روائية فقط، أي أنني لم أفهم وصوله، تأسيسه للمبغى، انحطاطه، وأزعجني تخيل كونه عجوزًا ويعمل أجيرًا لدى ابنته. ولم يستطع حبه للفتاة العمياء أن يؤثر في نفسي، كذلك موته. أتساءل عن سبب ذلك حقًا، لكنني لا أعلم، ربما عندما أعيد قراءة الكتاب أكتشف سببًا لهذا الانطباع.

بخطوط عريضة أشعر أن الرواية في جزئها الثاني كانت ذات مستوى أقل من جزئها الأول، فنجد تنوعًا وقوة في جميع الأحداث التي تدور منذ البداية حتى منتصف الرواية، حتى ليشعر المرء خلال القراءة كما لو كان أشبه بكلب منهك إذ يغلب عليه إحساس بالتعب الجسدي. (لا تهتم لهذه الملاحظة التي يمكن أن تكون غير موضوعية).

أفكر أيضًا (وقد دونت ملاحظة لتعرف مكانها في الكتاب، لكنني أضعتها)، في أن بعض الدلالات “التوضيحية” هي بالتأكيد زائدة عن الحاجة، إلا إذا كانت إيحاءات جنسية وأنا لم أنتبه لذلك. وأعني في ذلك المقطع الذي تعطي فيه بعض المعالم الجغرافية حول “المارانيون” (وهو نهر المارانيون في البيرو على ما أعتقد)، كما أنك تذكر ذلك في مقطع أو مقطعين فتترك شعورًا لدى القارئ بأنه قد أُقحم كوسيلة إرشادية، وهو ما لم أستسغه في الأمر.

الرائع في الكتاب على وجه التحديد أن وصف المشاهد الطبيعية، وهو أمر رئيس في أي عمل روائي، قد ورد بطريقة مندمجة مع الأحداث لدرجة أن المرء لا ينتبه بأنك تصف للقارئ انفراجًا في الغابة، أو انعطاف نهر أو شارع في المدينة. وهنالك جو عام يحدث فيه كل شيء بالتزامن، الحوارات مع الأحداث وهذا من أصعب التحديات على الإطلاق بالنسبة لأي كاتب، وأقول ذلك عن تجربة شخصية مريرة.

الجو العام للكتاب (جفاف ورمال وريح، أو رطوبة وهوام ومستنقعات) يبرز بقوة هائلة، أحيانًا توقفت في مواضع معينة لأحلل بعض الصفحات بغرض تمييز الأحداث التي شكل تراكمها هذه القوة. ألاحظت ما ذكرته لك في الأعلى؟ أعني كان يكفي أن تبدأ بسرد القصة على طريقتك حتى لكأن كل شيء ينساب في الزمن الروائي نفسه وبدون ذلك الفصل “المدرسي” إن صح التعبير، بين “الوصف” وبين “الفعل” الذي هو نموذجي للروائي العادي.

وفي الحديث عن الوصف، خطر لي أنه كان من الجيد لو تضمن الكتاب خريطة للمكان، كما في روايتك “المدينة والكلاب” الصادرة عن دار النشر سايكس برّال، حيث طبعت صورة لـِ ليونسيتو برادو[9]، فنحن الذين لم نولد في البيرو ولا نعرفها سيكون من دواعي سرورنا أن نتعرف إلى المكان الذي جرى فيه السيناريو العام للكتاب. وأعتقد، وهي فكرة أورورا، وكما ترى فهي تشارك في هذه الرسالة بشكل فعال، بأنها ستكون فكرة جيدة لو كان الغلاف على شكل خريطة لغابة الأمازون (بشكل يغطي الوجه والظهر معًا)، وبهذه الطريقة تتجنب الطريقة المتحذلقة أو “العلمية” لنقل التي ستصبغها الخريطة في حال ضمنت في داخل الكتاب. وبالوقت نفسه ستكون متعة للقارئ معرفة موقع ايكيتوس، أو تخيُّل قارب أنكيجو على إحدى ضفاف النهر.

وعلى هذا أضيف، أن إدراج هوامش لشرح بعض المفردات سيكون ذا فائدة عظيمة ولاسيما أن هنالك تنوعًا في القبائل الأصلية لسكان تلك المنطقة، ولهجاتها مختلفة. حوالي الخمسين من الكلمات الواردة في الكتاب كانت تستحق منك توضيحها وشرحها للقارئ. لا شك سيتضح للقارئ معناها من خلال سياق الجملة، لكن أعتقد أنك تُقدّر بأننا نحن قراءك غير البروفيين سنكون في حالة ضياع تام عند قراءة هذه الكلمات الغامضة مثل (سيلاباريو بوتا، صولدادو كراهو، تشي، تشونشا دي لا ماذري، كالاتو، هاميتانا، زونهارو، سيليباريو هوديذو، تشي ماريو[10].

ملاحظة أخيرة:

أعتقد أنك لم تعط “الثقيل” كما لقبته في الرواية، اسمه الحقيقي سوى في النهاية، عندما يتزوج لاليتا، حيث تذكر اسمه الكامل، وهنا يتوقف القارئ للحظات مشوشًا بعض الشيء ليعود ويتذكر من هو هذا الثقيل. لذلك برأيي كان عليك إما أن تخفي عن القارئ اسمه الحقيقي حتى النهاية (وأعتقد أنه خيار جيد، لأنه استطاع كسب صداقة القارئ الذي لا يعرف اسمًا آخر له)، أو أن تحاول ذكر اسمه الكامل مرة أو مرتين في المقدمة كي لا يُفاجأ القارئ في النهاية به.

حسنًا، أعتقد بأن هذا كاف بعد قراءتي الأولى، أرجو ألا أكون قد سببت لك الملل، وعندما نلتقي (أحدهم قال بأنك مسافر إلى جينيف خلال الأيام القادمة، هذا رائع، لأني سأكون هناك برفقة أورورا حتى نهاية الشهر تقريبًا، وربما أمكننا اللقاء هناك). سنتحدث كثيرًا حول كتابك من جديد، أشكر لك ثقتك هذه بإرسالك الكتاب بخط يدك. سمحت لنفسي بأن أُطلع راؤول عليه، والذي كان قد قرأ قسمًا منه وأراد أن ينهيه. كما أن آخرين قد طلبوه مني لكنني رفضت لعلمي بأن ذلك ليس من حقي.

حضن كبير من أخيك هذا الذي غمرته سعادة كبيرة بينما خط لك هذه السطور.

خوليو

 

المراجع

https://elbuenlibrero.com/la-critica-de-julio-cortazar-a-la-casa-verde/

1 – فوشيا وأكيلينو: شخصيتان من الشخصيات الرئيسة في رواية “المبنى الأخضر”، الأول هو مجرم مغامر يعيش خارج القانون، والثاني مهرب من أصول برازيلية ويابانية.

2 – ألبيرتو وهاغوار وغامبوا: من ضمن شخصيات رواية الكاتب ماريو فارغاس جوسا “مدينة الكلاب” الصادرة عام 1963.

3 – ل. س. لوري: رسام إنكليزي اشتهر بتجسيده للقطات من حياة عمال المناطق الصناعية في شمال-غرب بريطانيا في منصف القرن العشرين. عاش بين عامي 1887-1976.

4 – جوسي كاري: كاتب أيرلندي من أعماله “منزل الأطفال، ضوء القمر الضيف الأميركي”.

5 بيروانيتو تعني أيها البيروفي الصغير، ففي أميركا اللاتينية هنالك عادة متبعة حين يريد الشخص التودد من شخص مقرب إليه فيدعوه باسمه مضافًا إليه ثلاثة أحرف وهي (الياء- التاء- الألف) للتأنيث – (الياء- التاء – الواو) إن كان للتذكير.

6 – أليخو كاربينتيير: روائي ومؤلف موسيقي كوبي الأصل، من أوائل كتاب أميركا اللاتينية الذين اتبعوا أسلوب الواقعية السحرية في كتاباتهم، ظهر ذلك في روايته “مملكة هذا العالم” الصادرة عام 1949، وتناولت الثورة في هايتي التي حدثت في أواخر القرن الثامن عشر. عاش بين عامي 1904-1980.

7 – رواية عصر التنوير El siglo de las lucesلأليخو كاربينتير صدرت عام 1962.

8 – قصيد سيمفوني: poema sinfónico تكرار حركة موسيقية واحدة تتضمن حالات مزاجية مختلفة. لا يستخدم النص مثل الأوبرا بل يمزج بين الموسيقى والدراما.

9 – ليونسيتو برادو: مدرسة عسكرية في ليما- البيرو، وهي المكان الذي تدور فيه أحداث رواية الكاتب ماريو فارغاس جوسا “المدينة والكلاب”.

10 – يذكر هنا خوليو كورتاثار للكاتب ماريو جوسا بعض الكلمات التي وردت في الرواية وهي غير مفهومة للقارئ لأنها لغة محلية أو مأخوذة عن السكان الأصليين، وكان من الجيد ذكر معانيها. ومنها:(سيلاباريو بوتا، صولدادو كراهو، تشي، تشوتشا دي لا ماذري، كالاتو، هاميتانا، زونهارو، سيليباريو هوديذو)

سيلاباريو بوتا: اللغة الخاصة التي تستخدمها العاهرات.

صولدادو كراهو: الجندي اللعين.

تشي: وتعني في اللغة الغوارانية (وهي لغة أصلية لمناطق أقصى جنوب أميركا الجنوبية وتشمل الأرجنتين، تشيلي، اوروغواي). تعني أنا، أو لي أي خاصتي.

تشوتشا دي لا ماذري: تعبير يستخدم للشتم، يشير إلى العضو التناسلي عند المرأة بطريقة بذيئة.

مشاركة: