الدولة في المفهوم الديمقراطي؛ نحو مقاربة لحقوق الإنسان في مصر (2013-2023)

ملخص

الدولة التي تَبني قواعدها وأُسسها على الديمقراطية، تختلف بطبيعة الحال عن الدولة التي تسيطر عليها الثيوقراطية، وتتغلغل في مفاصل الحكم، كما أنها تختلف عن الدولة التي يحكمها مجموعة من القوات المسلحة (العسكر)، وذلك لأن الدولة الوطنية التي تقوم على الديمقراطية، تلتزم بعقد اجتماعي، يتم التوافق عليه بين الشعب والحاكم، ولا يمكن للحاكم أن يفرض سيطرته التحكُّمية على الناس إلا من خلال قواعد الدستور، وأحكام القانون.

أما الدولة التي يحكمها رجال الدين (الدولة الثيوقراطية)[1]، فيدّعي فيها الحاكم أنه يستمد سلطته من الإله، ومن ثمّ فكل من يخالف رأيه أو ينازعه السلطة، فهو بذلك يخالف الأسس الدينية، وعليه يجب محاربته بكل الطرق والوسائل!

والدولة التي يسيطر عليها مجموعة من العسكر، سواء بانقلاب عسكري، أو بتسليم السلطة لهم، فتعتبر من أبرز النماذج للدول الفاشية التي تتحكم فيها السلطة باستخدام السلاح، لفرض الأمر الواقع على الشعب، وفي الغالب يتصف عناصرها بعدم الخبرة في الحكم، وسياسة أمور الدولة.

وفي هذه الدراسة نحاول سبر أغوار الدولة الوطنية الديمقراطية النموذج، ومناقشة الأسس التي تقوم عليها، وعقد مقاربة بينها وبين النموذج المصري في الفترة من (2013-2023)، والمسار الذي سار عليه السيسي، من انتهاكات صارخة للحريات العامة بكل أشكالها السياسية، وحرية الرأي والتعبير، والاعتقالات دون سند قانوني، والتضييق على مؤسسات المجتمع المدني، ومحو فكرة العيش الكريم التي كانت من أهداف ثورة 25 يناير 2013، ومدى بُعد هذه الممارسات عن الدستور الذي وُضع في عهد السيسي، وسيكون الحديث في عدة مسارات:

الحرية السياسية

حرية المجتمع المدني

العيش الكريم

مفهوم الدولة الديمقراطية

الممارسة الديمقراطية؛ ليست كلمة تقال، ولكنها واقع يُعاش، فالنسق الديمقراطي لا بد أن يكون موجودًا في كل مؤسسات الدولة، وقبل ذلك ثقافة تنتشر في ربوع المجتمع، وتظهر في الممارسات السياسية، والحريات العامة، وأداء منظمات المجتمع المدني، دون تمييز على أساس اللون، أو الجنس، أو الدين، فالجميع يتم التعامل معهم بشكل متساوٍ.

ولذلك تُعرّف الديمقراطية بأنها: “حكومة الشعب من الشعب للشعب”، يعني أولًا أنها شكل من أشكال أنظمة الحكم، يشارك فيه المواطنون، على قدم المساواة، في القرارات التي تؤثر على حياتهم، ويعني ثانيًا السماح لجميع المواطنين اقتراح وتطوير وإصدار القوانين[2].

ولذلك يمكن القول إن “الديمقراطية ليست مذهبًا فكريًا نتنافس في نقاشه، ولا نبحث في فروعه وأصوله، بل هي في الأساس إدارة يتفق عليها المجتمع لتحقيق علاقاته ومصالحه”[3].

ولعل الجابري أشار إلى الأركان الثلاث التي يمكن أن تُستلهم منها الممارسة الديمقراطية في العصر الحاضر، وذهب إلى أنها تتمثل في: حقوق الإنسان في الحرية والمساواة، وما يتفرع عنهما كالحق في الحريات الديمقراطية والحق في الشغل وتكافؤ الفرص … إلخ، ودولة المؤسسات، وهي الدولة التي يقوم كيانها على مؤسسات سياسية ومدنية تعلو على الأفراد مهما كانت مراتبهم وانتماءاتهم العرقية والدينية والحزبية، وتداول السلطة داخل هذه المؤسسات بين القوى السياسية المتعددة وذلك على أساس حكم الأغلبية مع حفظ حقوق الأقلية[4].

ومن ثمار ممارسة الديمقراطية بشكل عام أنها تجعل الحكومة على مستوى المسؤولية، وتجعلها حذرة لعلمها أن الشعب يراقبها؛ ولأنها تحت تهديد الإقالة بين وقت وآخر، كما أنها محاسبة، في أثناء عملها وبعده، “أما الحكومات المستبدة فيوم يصل الشخص فيها إلى أخطر منصب فإنه يستريح، وكلما علا مكانه كلما قلّت وأراحت مسؤوليته، فلا رقيب، ولا حسيب، ولا زمن، ولا قيمة لأحد عنده”[5].

والدولة الحديثة دولة ديموقراطية، ونظامها موضوع تحت المراقبة الشعبية بوسيلتين هما: الإجراء الانتخابي البرلماني، والنظام اللامركزي. ومجموعة الإدارة تخضع من جهة إلى حكومة مسؤولة أمام جمعية منتخبة أو أمام الشعب، ومن جهة ثانية فإن الأجهزة التمثيلية تلعب دورًا متزايدًا في الإدارة نفسها، بدرجاتها المختلفة وفروعها المتعدّدة[6].

ارتباط الديمقراطية بحقوق الإنسان

الديمقراطية هي القيمة الأساسية التي يمكن أن تجتمع عليها الشعوب، بغض النظر عن الاختلافات الثقافية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية. والديمقراطية والتنمية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية أمور مترابطة ويساند بعضها بعضًا.

وعليه يمكن القول إن الديمقراطية تهدف إلى: الحفاظ على كرامة الفرد، وحقوقه الأساسية وتعزيزها، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، وتعزيز تماسك المجتمع، وتوطيد الأمان الوطني.

“وتعتبر الديمقراطية، كشكل من أشكال الحكم، مرجعًا أساسيًا للجميع لحماية حقوق الإنسان وهي توفر بيئة لحماية حقوق الإنسان وإعمالها إعمالًا فعليًا”[7]. ولكن بالنظر إلى معظم دول العالم نجد أن هذه القيمة بدأت تتراجع، وتتفاوت نسبة التراجع من مكان إلى آخر، بل وصل الأمر إلى أن بعض الحكومات تتعمد إضعاف إجراء عمليات التحقيق المستقل بشأن سلطاتها، والقضاء على أي نقد.

وقد سعت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أجل تعزيز فهم مشترك لمبادئ الديمقراطية وقيمها، ففي العام 2002، أعلنت اللجنة في القرار رقم 2002/46 أن العناصر الأساسية للديمقراطية تتضمن: احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير، وحرية تكوين الجمعيات، وإمكانية الحصول على السلطة، وممارستها بمقتضى سيادة القانون، وعقد انتخابات دورية حرة وعادلة بالاقتراع العام وبالتصويت السري كوسيلة للتعبير عن إرادة الشعب، ووجود نظام تعددية الأحزاب والمنظمات السياسية، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، والشفافية والمساءلة في الإدارة العامة، وحرية وسائط الإعلام واستقلالها وتعددها[8].

وممارسة الديمقراطية تتيح لأفراد المجتمع الحرية السياسية، وتعني: حق كل إنسان في ولاية الوظائف الإدارية صغراها وكبراها ما دام بكفايته أهلا لتوليها، وحق كل إنسان أن يبدي رأيه في سير الأمور العامة، وتخطئتها أو تصويبها وفق ما يعتقد، والحريات السياسية بشقيها تقوم على أن المناصب المختلفة وسائل لخدمة المجتمع، وأن ما يشغلها موضع الرقابة الدقيقة من جمهور الأمة[9].

ومن ثمَّ إذا توفرت الحرية السياسية بصفتها قيمة عليا لضمان استمرار الديمقراطية، فسوف يكون “حق اختيار الحاكم بلا ضغط أو إكراه، والحرية في الاقتراع، وحرية الرأي والفكر والتعبير والنشر، وحرية تشكيل الأحزاب والمنظمات الاجتماعية والسياسية، وحرية اعتناق العقيدة السياسية.. وإقرار مسألة التعددية الحزبية، فهذه التعددية نتيجة طبيعية للحرية التي يتمتع بها الأفراد”[10].

أوضاع حقوق الإنسان في مصر بين بنود الدستور والممارسة في المجال العام

حقوق الإنسان المختلفة التي هي حق طبيعي لكل شخص في مصر أو غيرها، نجد أن هناك بونًا شاسعًا بين نصوص الدستور، والواقع المُعاش، وطريقة معاملة الحاكم ومؤسسات الدولة مع هذه الحريات، سواء أكانت حريات سياسية، أم حرية الرأي والتعبير، وحرية منظمات المجتمع المدني، والعيش الكريم لعموم الشعب المصري.

وقد مرّت هذه الممارسات بأوضاع متنوعة منذ أن تحكّم العسكر في مفاصل الدولة من العام 1952، وتفاوتت من فترة لأخرى، حسب طبيعة الحاكم، ورؤيته لنظام الحكم، وإدارة شؤون الدولة، ومدى إيمانه بتحقيق حقوق الإنسان على الوجه المطلوب. وسيكون التركيز في هذه الدراسة على الفترة التي حكم فيها السيسي بعد الانقلاب على المسار الديمقراطي، الذي اختاره الشعب المصري، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي نادت بالحريات العامة، والعدالة الاجتماعية، والعيش الكريم، ويمكن أن نطلق عليها عشرية حكم السيسي (2013-2023).

أولًا: الحريات السياسية

الحريات السياسية في الإطار العام تعني حرية تكوين الأحزاب، وحرية الرأي والتعبير، وغير ذلك من الحريات العامة، ونجد ذلك ضمن بنود الدستور الذي وضعه السيسي في العام 2014، وقام بتعديله في العام 2019، ومع ذلك، نجد أن الممارسة التي قام بها السيسي في إدارة هذا الملف تبتعد كل البعد عن نصوص الدستور، وليس لها علاقة به، أو حتى بالقانون العام.

ففي المادة الخامسة من الباب الأول، المعني بالدولة، ينص الدستور على: “يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، واحترام حقوق الإٍنسان وحرياته، على الوجه المبين في الدستور”[11].

وبالنظر إلى طبيعة المرحلة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، نجد أن عدد الأحزاب وصل إلى أكثر من 100 حزب سياسي، نتيجة للحريات العامة التي شهدتها مصر بعد الثورة، وكان منها بعض الأحزاب التي خاضت معارك قانونية مع نظام مبارك لأكثر من عقد من الزمان، مثل حزب الوسط الذي يرأسه أبو العلا ماضي، مع العلم أن عدد الأحزاب قبل الثورة بلغ 84 حزبًا، وكان معظمها لا يتعدى نشاطه المقرّات الخاصة بتلك الأحزاب.

لقد “أوجدت ثورة 25 يناير واقعًا سياسيًا جديدًا في مصر، وبات بمقدور الأحزاب والقوى السياسية أن تتحرك في هامش كبير من الحرية والديموقراطية لم تعهده خلال عهد الرئيس المخلوع مبارك، غير أن تطور العملية السياسية، والتي تأتي في مقدمتها العلاقة المتبادلة بين السلطة السياسية والأحزاب من جهة، وعلاقة الأحزاب فيما بينها من جهة أخرى، بعد ذلك، لم يصل إلى المستوى الذي طمح إليه ثوار 25 يناير”[12].

السيسي يتسلم السلطة بعد انتخابات رئاسية

في 3 حزيران/ يونيو 2014 تسلّم عبد الفتاح السيسي مقاليد الرئاسة في مصر رسميًا، بعد إعلان فوزه بانتخابات جرت بعد نحو عام من إعلانه في 3 تموز/ يوليو 2013، الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، بعد ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، التي أطاحت بحسني مبارك بعد ثلاثة عقود قضاها في السلطة.

وأعلن السيسي في بيان الانقلاب تعيين رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد، وبدا لاحقًا أن السيسي هو القائد الفعلي لمصر، لكن الرجل لم يصبح رئيسًا بشكل رسمي إلا بعد 11 شهرًا، لتبدأ سلسلة من الوعود بتغيير يجعل مصر “أدّ الدنيا”، ويجعل شعبها في أحسن حال.

وأول مظهر من مظاهر عدم إتاحة الفرصة الكاملة لكل مصري لكي يقوم بترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية، طبقًا لنصوص الدستور والقانون، فقد تمت الانتخابات بشكل صوري، ولم يترشح لها في مواجهة السيسي، إلا حمدين صباحي المحسوب على التيار الناصري، وخالد علي المحسوب على التوجه اليساري، ومعظم التحليلات أشارت أن صباحي جاء لكي يكون مُحللًا للسيسي، حتى تظهر الانتخابات أمام العالم أنها انتخابات تنافسية، مع عدم توافر الضمانات الكافية لإجرائها.

ولم تكن هناك مراقبة حقيقة لتلك الانتخابات حيث “فاجئ الاتحاد الأوروبي الجميع بتراجعه عن نشر بعثة مراقبين في مصر للإشراف على الانتخابات ‏الرئاسية بسبب عدم وجود ضمانات بحسن سير مهمتهم، كما أعلن الجهاز الدبلوماسي للاتحاد، وقال ‏إن الأمر سيقتصر على فريق تقييم الانتخابات في العاصمة، والذي سيكون له دور آخر محدود في ‏المراقبة”[13].‏

ودائمًا الحجة التي يستند عليها السيسي في التضييق على العمل السياسي والحريات العامة، هو عزمه على محاربة ما سماه الإرهاب، وظهر ذلك جليًا منذ أن طلب التفويض من الشعب المصري في 26 من تموز/ يوليو 2013، وجاءت دعوة السيسي في كلمة ألقاها في حفل تخريج طلاب البحرية والدفاع الجوي وقال “أنا أطلب من المصريين طلبًا يوم الجمعة لا بد من نزول كل المصريين الشرفاء الأمناء ليعطونني تفويضًا وأمرًا لإنهاء العنف والإرهاب المحتمل”[14].

مصير العمل الحزبي والقوى السياسية

لقد استخدم النظام في مصر أدوات القوة والبطش بإفراط مع المعارضين له في السياسية، وفي القلب منهم جماعة الإخوان المسلمين، التي وصمها بالإرهاب في كانون الأول/ ديسمبر 2013، وألقى بعشرات الآلاف منهم في السجون، مع محاكمات صورية، تم اختار قضاة معينين لها، ولم يكتف بذلك، بل تعدى الأمر إلى الموالين له، حينما أبدوا اعتراضًا على بعض سياساته، وسجن منهم العشرات.

ومن ثم انكمشت الحياة السياسية، ولم تستطع الأحزاب السياسية عقد مؤتمرات للحديث مع الجماهير، أو إبداء رأيها في الصحافة، أو وسائل الإعلام المختلفة، وأضحت الدولة لا تسمع إلا صوتًا واحدًا هو صوت السيسي.

وتم التعامل بكل مظاهر العنف مع الحركات الشبابية، مثل حركة 6 أبريل، وائتلاف شباب الثورة، وتم إلقاء القبض على أحمد ماهر مؤسس الحركة (خرج فيما بعد)، ومحمد عادل (لا يزال في السجن)، وأحمد دومة (خرج بعد سنوات من حبسه).

ويمكن القول إنه “بعد وصول السيسي إلى سدة الحكم استمرت السلطة في اتباع النهج الأمني في تعاملها مع معارضي الانقلاب، ودعمت هذا المسار بمنظومة من القوانين والإجراءات، تزامن ذلك مع ازدياد حالة السخط لدى الشارع المصري؛ حيث إن الكثير من هذه القوانين والإجراءات نالت من إنجازات ثورة 25 يناير، كما أن الكثير منها لم يكن يعكس تطلعات وطموحات من شارك في تظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013، وأيد انقلاب 3 يوليو”[15].

وظهر في كل خطابات السيسي منذ أن تولى الحكم بشكل رسمي في حزيران/ يونيو 2014، عدائه الواضح لجماعة الإخوان المسلمين، ولم يدع أي فرصة للحوار معهم، مستندًا في ذلك، حسب قوله، إن الشعب لا يريد التصالح معهم “لا يصلح بقاء وجود جماعة بهذا الفكر مجددًا، والمصريون أصدروا حكمهم عليها، فما فعله الإخوان إساءة بالغة للمصريين ليس فقط خلال الثمانية أشهر”[16].

ولم يكتف السيسي بذلك، بل تعدى أحزاب سياسية، منها حزب الدستور الذي رأسه البرادعي، وكان حليفًا للسيسي بعد الانقلاب، فقام بالتضييق على الحزب، واعتقل رئيسه الصحفي خالد داوود، وليس هذا فحسب، بل تم اعتقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة، وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة ذاتها الدكتور حازم حسني المتحدث السابق باسم الحملة الرئاسية لرئيس أركان الجيش الأسبق الفريق سامي عنان[17]، وتم الإفراج عنهم فيما بعد.

وتم اعتقال الأمين العام لحزب مصر القوية، محمد القصاص، قبل اعتقال رئيس الحزب، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، بعد ظهوره في قناة الجزيرة مباشر من لندن، واعتُقل السياسي الشيوعي، الدكتور جمال عبد الفتاح، كما اعتقل في ليلة واحدة خمسة أشخاص من رموز التيار المدني، هم: الأكاديمي، يحيي القزاز، والسفير، معصوم مرزوق، والاقتصادي، رائد سلامة، وعبد الفتاح الصعيدي، ونيرمين حسن.

وتم التضييق على الأحزاب السياسية الرسمية، ولم يُمنَح لها الترخيص لتنظيم مظاهرة ضد التعديلات الدستورية، وفي هذا الإطار أيضًا، تم اعتقال المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، وطالت دائرة الاستهداف عسكريين فاعتُقل رئيس أركان الجيش السابق، سامي عنان، والعقيد، أحمد قنصوه، لأنهما أعلنا المنافسة على الانتخابات الرئاسية في 2018.

وشملت هذه الحملات أعضاء ما يُعرف بمجموعة الأمل، وتضم ناشطين وصحفيين يساريين، من أبرزهم: هشام فؤاد، وحسام مؤنس، النائب في برلمان ما بعد الثورة، والمحامي زياد العليمي، كما ضمت المجموعة الاقتصادي، عمر الشنيطي، أما التهمة الموجهة لكل هؤلاء، فكانت هي ذاتها التي وُجِّهت للمعتقلين من كافة الاتجاهات السياسية والفكرية، وهي الانتماء إلى جماعة إرهابية والمشاركة في نشر أهدافها، بجانب الاتهام بنشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام[18]، وفي عام 2023 تم اعتقال هشام قاسم الأمين العام للتيار الحر، والحكم عليه بالسجن ستة أشهر مع النفاذ، وبغرامة قدرها 20 ألف جنيه مصري (نحو 600 يورو)، بتهمة سب وقذف وزير سابق، وبالسجن 3 أشهر أخرى بتهمة إهانة موظف عام[19].

وفي المقابل يتم اختار نواب الشعب في مجلسي النواب والشيوخ، بمعرفة أجهزة المخابرات، ولم تتح الفرصة للنواب الذين يريدون الترشح بعيدًا عن هذه الأجهزة بالوصول إلى هذين المجلسين، وليس مسموحًا للأحزاب والقوى المدنية بالتفكير في خوض الانتخابات، إلا بموافقة أمنية تسمح بالمنافسة في بعض الدوائر، تحت مظلة الحكم، وليس خارجها، وأصبح الدور المنوط بهذين المجلسين، هو التصديق على كل قوانين السيسي، ودعمه في كل تحركاته، وفقدت هذه المجالس فعالياتها، وتأثيرها في الشأن العام.

بل وصل الأمر بهؤلاء النواب “أن غالبيتهم وقعوا على استمارات تزكية لترشيح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية”[20].

ولم يكتف السيسي بالسيطرة على البرلمان وتحجيم المعارضة، بل بلغ به الحد إلى سن قوانين مفصلة على مقاسه؛ وهو ما حصل تمامًا عندما أقال السيسي في 28-3-2016 هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، على خلفية تصريح سابق لجنينة قال فيه إن كُلفة الفساد خلال السنوات الثلاث الماضية وصلت إلى 600 مليار جنيه (نحو 70 مليار دولار)، وذلك بعد أن وافق مجلس النواب في كانون الثاني/ يناير 2016 على قانون كان السيسي قد أصدره في تموز/ يوليو 2015، يجيز إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، مما عده مراقبون تمهيدًا للتخلص من جنينة[21]، وهذا ما حدث بالفعل، وتم اعتقاله لخمس سنوات، ثم خرج بعدها.

وخلال عامي 2018 و2019 استمرت ممارسات الأجهزة الأمنية من تعذيب، وسوء معاملة للمعتقلين والمحتجزين، والإهمال الطبي المتعمد في السجون والمفضي إلى الموت، وهو ما ذهب ضحيته ضمن آخرين الرئيس الأسبق المنتخب محمد مرسي. وقد حذر تقرير استقصائي أصدرته منظمة هيومن رايتس فرست من “أن السجون المصرية قد تحولت، في السنوات الأخيرة في ظل حكم السيسي، لبؤر تجنيد لجماعات التطرف العنيف.

واستمر الاختفاء القسري ضد النشطاء السياسيين، والاعتقالات طويلة الأمد دون محاكمات، وعمدت السلطات إلى توظيف ما يُعرف في النظام الجنائي المصري بالإجراءات الاحترازية التي تفرض على من أُخلي سبيلهم، أو العقوبات التكميلية ضد من أمضى عقوبة السجن، إمعانًا في إذلال النشطاء وتقييد حريتهم في التنقل، وأنشطتهم اليومية بشكل عام.

واستمر القضاء المصري في الإفراط في إصدار أحكام بالإعدام وتنفيذ بعضها في قضايا ومحاكمات واتهامات تحوم حولها الشبهات، ويغلب عليها الطابع الانتقامي، وذلك رغم وجود أدلة وقرائن قوية على ممارسة أجهزة الأمن للتعذيب بحق المتهمين لإجبارهم على الاعتراف، وبعض هذه الأحكام صدرت عن محاكم عسكرية، وقد صدرت أحكامًا بالإعدام ضد أكثر من 500 شخص خلال عامي 2018-2019 نفذتها السلطات المصرية ضد 66 شخص على الأقل، بينما بقي مكان ومصير النائب البرلماني السابق مصطفى النجار مجهولًا منذ انقطاع الاتصال معه في 28 سبتمبر 2018 أثناء وجوده في أسوان.[22]

التضييق على المتظاهرين وحرية التعبير

في الحقيقة بدأ التضييق على التظاهر، وحرية التعبير، والصحفيين منذ أن تولى المجلس العسكري مقاليد الحكم، بعد خلع الرئيس مبارك، فتمَّ مواجهة كل مظاهر التعبير عن الرأي من خلال منع المظاهرات، والتضييق على الصحفيين، حيث “حكمت محكمة جُنح بالقاهرة في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2011 على الناشط جابر السيد جابر بالسجن عامًا بتهمة توزيع منشورات في مسيرة جماهيرية في القاهرة، وتورطت قوات الأمن في أعمال ضرب قاسية واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين في القاهرة وحاولت منع الصحفيين عن تغطية هذه الوقائع”[23].

كما شملت انتهاكات الحق في حرية التعبير محاكمات عسكرية للمتظاهرين والمدونين، وإجراءات استجواب للصحفيين والنشطاء جرّاء انتقاد الحكم العسكري، وتجميد تراخيص القنوات الفضائية الجديدة، وإغلاق مقر لقناة الجزيرة، وفي قضيتين بارزتين، واجه رجل الأعمال نجيب ساويرس وفنان الكوميديا الشهير عادل إمام، اتهامات بإهانة الدين بموجب قوانين تعسفية فضفاضة تعود إلى عهد مبارك[24].

ووثقت هيومن رايتس ووتش عددًا من اعتداءات قوات الأمن على الصحفيين أثناء مظاهرات، وتدمير معدات إخبارية يملكها الإعلام، وذلك منذ وصول المجلس العسكري إلى السلطة. هذه الجهود الرامية لعرقلة بث المظاهرات جاءت إثر شهور من جهود تقييد النشطاء الذين يستخدمون المنافذ الإعلامية المستقلة[25].

واستمر مسلسل التضييق على حرية التعبير والتظاهر بعد الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013، حيث “كشف تقرير صادر عن لجنة حماية الصحفيين باسم “حرية الصحافة في خطر بمصر” أن حرية الإعلام في مصر تراجعت بعد أحداث 30 حزيران/ يونيو وإغلاق عدد من القنوات واعتقال العاملين فيها ومصادرة جميع معداتها”[26].

وجاء حادث قتل الصحفي تامر عبد الرؤوف، مدير مكتب جريدة الأهرام الحكومية، أثناء مروره على نقطة تفتيش تقوم بتنفيذ حظر تجوال ليلي في محافظة البحيرة بالوجه البحري، ليكشف ما تتعرض له وسائل الإعلام والعاملين من إرهاب، ومضايقات منظمة بسبب قيامهم بمهام عملهم، الأمر الذي يزيد من مخاوف انحسار سقف الحرية الإعلامية في ظل الانقلاب[27].

وأعربت منظمة “مراسلون بلا حدود” عن قلقها إزاء ما أطلقت عليه “الأعمال العدائية المتزايدة”، التي تستهدف مهني الإعلام في مصر، وذلك عقب البيان الذي أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات المصرية استنكرت من خلاله تغطية وسائل الإعلام الأجنبية للأحداث الجارية بمصر[28].

وفيما يتعلق بقانون التظاهر، سيء السمعة، الذي أجاز “استخدام الطلقات التحذيرية وقنابل الصوت وطلقات الخرطوش المطاطي وغير المطاطي، في حال فشل المحاولات السلمية التي نص عليها، وأوكل القانون في مادته الـ 14 لوزير الداخلية، أو المحافظ تحديد حرمًا آمنًا أمام المواقع الحيوية كالمقار الرئاسية، وعلى المحافظة المختصة توفير مكانًا كافيًا داخل المحافظة للاجتماعات العامة”[29]. وفي الغالب لا يتم الموافقة على طلبات عقد مظاهرات بحجج كثيرة.

ويشكل هذا القانون ضربة قوية لمكتسبات ثورة 25 يناير، على الرغم من ذلك، لم تظهر معارضة حقيقية لهذا القانون الذي استمر في عهد السيسي، الذي قام بالدفاع عنه، حيث أكد السيسي في 1-11-2014، أن القانون مستمد من القوانين الغربية، وأنه لا يمكن ترك ظاهرة التظاهر تتحول إلى أعمال عنف، وتعطيل مسيرة الوطن، وتخريب للمنشآت العامة، والاعتداء على الممتلكات[30].

ونشرت الفاينانشيال تايمز تقريرًا لمراسلتها في القاهرة هبة صالح بعنوان: “منفذ الأخبار المصري يتعرض لمداهمة الأمن بسبب تقرير عن نجل السيسي”، وقالت المراسلة إن “موقع مدى مصر واحد من آخر المواقع الإخبارية المستقلة في مصر، وإن مداهمته تعد علامة جديدة على تقليص هامش حرية التعبير في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي”[31].

وقالت منظمة العفو الدولية إن قمع حرية التعبير في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وصل إلى مستويات مروعة، لم يشهد لها مثيل في تاريخ مصر الحديث؛ بينما تطلق حملة تدعو إلى الإفراج فورًا، ودون قيد أو شرط، عن جميع الذين اعتقلوا لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بصورة سلمية.[32]

هذه الممارسات وغيرها تخالف نصوص الدستور المصري الذي وضعه نظام السيسي، ففي باب الحقوق والحريات والواجبات العامة، في المادة 53، تنص على: “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض”[33].

ومن المواد 54 – 59، تحث جميعها الدولة على أن الحرية الشخصية مصونة لا تُمس، ولا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق، وأن للمنازل حُرمة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي، وأن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها.

وكذلك المادة 70 من نفس الباب: “حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي. وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذي ينظمه القانون، وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية”[34].

ثانيًا: حرية المجتمع المدني

الحديث عن المجتمع المدني يتطلب تحديد مفهومه أولًا، حيث أثار جدلًا واسعًا في كل مرحلة تاريخية، ويمكن تعريفه بأنه “يتشكل من مجموعة المؤسسات المدنية التي لا تمارس السلطة، ولا تستهدف أرباحًا اقتصادية، بل تساهم في صياغة القرارات من خارج المؤسسات السياسية، ولها غايات نقابية كالدفاع عن مصالحها الاقتصادية، والارتفاع بمستوى المهنة والتعبير عن مصالح أعضائها، كما أن لها أغراض ثقافية، كما في اتحادات الكتاب والمثقفين والجمعيات الثقافية والأندية الاجتماعية التي تهدف إلى نشر الوعي”[35].

وتتطور طبيعة المجتمع المدني ووظائفه، استجابة للتطورات، أو التغيرات الكبرى، أو حتى الأكثر دقة داخل المجتمعات، وباختلاف أنظمة الحكم تختلف أهداف ووظائف المجتمع المدني وهويته العامة.

وقد يكون من أهم وظائفه حملات حقوق الإنسان في المجتمعات القمعية، بينما يركز على تحسين الصحة والتعليم ومستويات المعيشة في الدول المتقدمة والنامية. أما في الدول التي تشهد حروبًا، تجبر الطبيعة المتغيرة للحرب المجتمع المدني على العمل بشكل مختلف عنه في الدول المستقرة.

وقد اكتُشف مفهوم المجتمع المدني في عالمنا العربي، مع نهاية ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن العشرين، وارتقى تدريجيًا ليصبح مكونًا إيديولوجيًا وحركيا رئيسيًا في رؤى القوى السياسية، فبعد أن كان الاعتماد الكلي على الدولة في تحقيق متطلبات المواطن، اتجه الاهتمام إلى اكتشاف المجتمع المدني بعد “إخفاق أغلبية نخب الحكم في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، والاستقلال الوطني، وصياغة عقد اجتماعي توافقي يضمن للمواطن حقوقه وحرياته ويشركه في إدارة الشأن العام، واليوم يعبر استمرار الاهتمام بالمجتمع المدني وفاعليه من منظمات غير حكومية ونقابات عمالية ومهنية وشبكات النشطاء عن بحث لا ينقطع عن سبل إنقاذ بلادنا من نخب الحكم الفاشلة واحتواء التداعيات الكارثية لسياساتها وممارساتها”[36].

ودائمًا هناك حالة عدم انسجام بين السلطة الحاكمة في مصر، وبين منظمات المجتمع المدني، منذ عهد مبارك، مرورًا بالمجلس العسكري، إلى عهد السيسي، فجميعهم يرون أن هذه المنظمات مدعومة من الخارج، ولها أجندات خاصة، وخصوصًا حينما يتعلق الأمر بالجمعيات والمنظمات التي تكشف انتهاك النظام للحريات العامة، أو تزوير الانتخابات في كل مساراتها. ومن ثمَّ بدأ النظام في مصر بمنع ومواجهة هذه المؤسسات، وصنع بعض الجمعيات على عينه، حتى يُظهر للعالم أن لديه منظمات مجتمع مدني.

محاربة السيسي لمنظمات المجتمع المدني

على الرغم من أن الدستور المصري الذي وُضع في عهد السيسي، يتضمن العديد من المواد على تضمن حرية منظمات المجتمع المدني، كما في المادة 65 من باب الحقوق والحريات والواجبات العامة، التي تنص على: “حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر”. وكذلك في المادة 75 من نفس الباب تنص على أن: “للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار. وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها، أو حلها، أو حل مجالس إداراتها، أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي”.

هذه النصوص من الدستور المصري لم تمنع السيسي من التضييق على منظمات المجتمع المدني، ومطاردته في كل مناسبة، وعدم إتاحة الفرصة لهم لممارسة أعمالهم بشكل طبيعي، ومنذ بداية حكمه، جعل هدفه مواجهة هذه المنظمات، وخنقهم، حيث وقّع السيسي على عدة قوانين “تُضيق من الحرية المجتمعية، وتفرض المزيد من القيود وبالمقابل تم تشديد قانون العقوبات، بحيث أنه يسمح للحكومة المصرية مستقبلًا من معاقبة منظمات المجتمع المدني، في حال تلقي أموال من الخارج وثبت انتهاك هذه النشاطات لمصالح الدولة المصرية”[37].

والحقيقة أن قانون الجمعيات المشبوه رقم 70 لسنة 2017 وُضع للتضييق على الجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني، وتم تعديله في تموز/ يوليو 2019، إلا أن المنظمات الحقوقية اعترضت على هذا التعديل ورأت “أن المشروع الجديد ما هو إلا إعادة تسويق القانون القمعي الذي يحمل الفلسفة العدائية لمنظمات المجتمع المدني بهدف إخضاعها للأجهزة الأمنية”[38].

وليس هذا فحسب، بل اعتبر مشروع القانون أن أموال الجمعيات في حكم الأموال العامة (مادة 24 الفقرة الأخيرة)، وأخضعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات. فرغم أن الجمعيات ليست من مؤسسات الدولة، وأموالها ليست أموال عامة، كما أقرت المحكمة الدستورية العليا في أحكام سابقة، فإن اعتبار أموالها أموال عامة والقائمين على تلك الأموال في حكم الموظفين العموميين قد يؤدي إلى توقيع عقوبات قاسية على جرائم من قبيل إهدار المال العام وغيرها. ومن الممكن أن يُعد فقد مبلغ 100 جنيه من حساب الجمعية جناية تصل عقوبتها إلى السجن خمسة عشر عامًا[39].

وإذا تمكنت بعض الجمعيات من التسجيل طبقًا لهذا القانون، فإنه يفرض قيودًا شديدة على أنشطتها، ما يقضي على استقلال الجمعيات ويجعل منها جهات مساعدة للكيانات الرسمية. ويتطلب القانون موافقة مسبقة من الحكومة على الدراسات الاستقصائية أو البحوث الميدانية، ويحظر التعاون مع أي جهة أجنبية داخل أو خارج البلاد، أو إرسال أموال إلى جهات وأفراد خارج مصر، أو إنشاء فروع أو فتح مكاتب في الخارج، من دون موافقة وزارة التضامن الاجتماعي[40].

القمع الممنهج ضد الجمعيات الأهلية

كما ذكرت سابقًا ليس هناك وفاق بين نظام عبد الفتاح السيسي، والقائمين على مؤسسات المجتمع المدني، فدائمًا ينظر إليهم على أنهم متهمون، ولا يجب إعطائهم الفرصة للتحرك والعمل لخدمة المجتمع، فإما أن تكون المواجهة بالإغلاق، او اعتقال بعض منتسبيها، أو دفعهم لغلق المؤسسة في الداخل، والعمل خارج مصر.

فمنذ 2014، قلّصت حكومة عبد الفتاح السيسي الفضاء المدني بشدة، وهاجمت المدافعين الحقوقيين والنشطاء المستقلين مستخدمةً الاعتقالات غير المبررة، والحبس الاحتياطي المطول قبل المحاكمة، وحظر السفر، وتجميد الأموال، والإضافة إلى “قائمة الإرهاب” بعد إجراءات قضائية تعسفية ومعيبة. واستخدمت السلطات شبكة من القوانين الصارمة التي تقضي فعليًا على الحريات الأساسية[41].

ومن نماذج الانتهاكات ضد المؤسسات والأفراد، نجد أن السلطات داهمت منزل محمد بشير، مدير الموارد البشرية في “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”[42] (المبادرة المصرية)، في الساعات الأولى من صباح 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، واحتجزته على ما يبدو بتهم إرهاب تعسفية، وجاء اعتقال بشير عقب اجتماع في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر استضافته المبادرة المصرية مع دبلوماسيين أوروبيين لمناقشة حقوق الإنسان في مصر.

وأضافت النيابة بشير إلى القضية رقم 855 لسنة 2020 التي تضم أشخاصًا معتقلين ومتهمين ومحتجزين لشهور دون محاكمة، من بينهم مدافعون حقوقيون ومحامون مثل محمد الباقر، وماهينور المصري.

وفي 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، ألقت القبض على كريم عنارة، مدير وحدة العدالة الجنائية في المنظمة، وظهر عنارة في “نيابة أمن الدولة العليا” في القاهرة بعد 24 ساعة من اعتقاله، حيث أمر وكيل النيابة بحبسه احتياطيًا 15 يومًا.

كما ألقت قوات الأمن المصرية في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الثاني من نفس العام القبض على المدير التنفيذي لـ “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” جاسر عبد الرازق من منزله بالقاهرة واقتادته إلى وجهة مجهولة[43].

وجمدت السلطات المصرية في 2016 أموال حسام بهجت، مؤسس المبادرة، ومنعته من مغادرة البلاد منذ ذلك الحين، واستهدف القرار “مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان”، و”مركز هشام مبارك للقانون” و”المركز المصري للحق في التعليم”، كما شمل الأموال الشخصية لمديري هذه المراكز إضافة إلى جمال عيد، مدير “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”[44].

ثالثًا: تدهور الحياة المعيشية للمواطن المصري (غياب العيش الكريم)

انطلقت ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2013، في الأساس من أجل تحسين معيشة المواطن المصري، وأن ينال حظه من العمل والاستقرار الحياتي، ولكن جرت في النهر مياه كثيرة، ولم يمهل المجلس العسكري الشعب المصري لتحقيق آماله وطموحاته، ولا الرئيس المنتخب بشكل ديمقراطي في تاريخ مصر الحديث، فتمّ الانقلاب عليه، وعادة الأمور إلى نقطة الصفر مرة أخرى، بل نستطيع القول إن الوضاع المعيشية ازدادت سوءًا على جميع المستويات.

ويمكن الإشارة إلى بعض المؤشرات المتعلقة بالجانب الاقتصادي، وأثر ذلك على حياة الناس:

تدهور العملة المصرية مقابل الدولار

حينما تسلم السيسي مقاليد الحكم بشكل فعلي في العام 2014 كان قيمة العملة المصرية 7 جنيهات مقابل الدولار الواحد، وقد وصل الآن نتيجة للسياسات الاقتصادية الخاطئة إلى 30.90 في البنك المركزي المصري، ويلامس الـ 40 في السوق السوداء.

حيث “أرجع خبراء مصرفيّون التراجع المستمر في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي إلى 4 أسباب جوهرية تتمثل في؛ ظهور سوق موازية (سوداء) بسعر صرف بفارق كبير، ورفع البنك المركزي المصري لنسبة الفائدة 300 نقطة أساس دفعة واحدة مؤخرًا، لترتفع بنسبة 8 في المئة خلال 2022، وشحّ العملة الصعبة في البنوك مقابل انخفاض الاحتياطي النقدي، وكذلك الأخطاء المتراكمة في السياسة النقدية منذ 2016”[45].

لقد بدأ التراجع الشديد الذي تشهده البلاد حاليًا منذ حوالي عشر سنوات، وذلك عندما شرعت القاهرة في فورة إنفاق غير مستدام، واستدانت الأموال لإسرافها على الأسلحة والمشاريع العملاقة والبنية التحتية، ومما زاد الطين بلة، توسع دور الجيش في الاقتصاد بشكل كبير خلال هذه الفترة، فضيّق الخناق على القطاع الخاص، وأعاق الاستثمار الأجنبي المباشر[46].

السقوط في دوامة الديون

التوسع في الإنفاق على مشروعات البنية الأساسية لم يكن له مصدر لتمويله سوى القروض الخارجية، وأدى التعويم في عام 2016 إلى انفتاح مصر على أسواق الديون الدولية، وتدفقت الأموال الساخنة على القاهرة التي قدمت سعر فائدة مرتفعًا على الجنيه، مقارنة بمستوى التضخم، وبدا كل شيء على ما يرام إلى حين جاءت الحرب الأوكرانية، وما ترتب عليها من ضغط على الاقتصاد المصري، الذي تثقله واردات الحبوب الخارجية، وتأثر سلبًا بتراجع السياحة الروسية والأوكرانية[47].

وازداد دين الدولة الخارجي بأكثر من ثلاثة أضعاف لتصل قيمته إلى أكثر من 160 مليار دولار، وتخصص نسبة 45 في المئة من ميزانية مصر لخدمة الدين القومي، وفي الوقت نفسه، وصلت نسبة التضخم إلى ما يقارب 30 في المئة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال العام الماضي بنسبة تفوق 60 في المئة[48].

تخفيض تصنيف مصر الائتماني

في ظل أزمة اقتصادية خانقة وتضخم قياسي ونقص حاد في العملة الأجنبية، جاء تخفيض وكالة موديز التصنيف الائتماني الجديد لمصر ليضع مزيدًا من الأعباء على الاقتصاد المنهك، إذ جعل توسع الحكومة المصرية في الاقتراض الخارجي على مدى السنوات الثماني الماضية سداد الديون الخارجية عبئًا مرهقًا بشكل متزايد[49].

وبصورة مُبسّطة، كلما كانت درجة التصنيف الائتماني منخفضة؛ انعكس ذلك بشكل مباشر على ارتفاع تكلفة الحصول على قروض من الخارج، وصعوبة الوصول إلى الأسواق الدولية، حيث إن المخاطرة هنا تكون عالية جدًا[50].

ارتفاع معدلات الفقر في مصر

تظهر البيانات الرسمية أن معدل الفقر بلغ نسبة 29.7% من السكان خلال العام المالي 2019-2020، ولم يفصح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن البيانات الحديثة، حيث يصدر تلك البيانات كل عامين، والتي كان من المفترض أن ينشرها منتصف عام 2022.

ويتفاقم الوضع سواء بالنسبة للفقراء في مصر لأن معظمهم من أصحاب الدخول الثابتة، وثمة فجوة كبيرة بين الأجور والأسعار في المجتمع، فحتى الحد الأدنى للأجور الذي أعلنت عنه الحكومة عند 3500 جنيهًا، في موازنة 2023-2024، يقل بكثير عن مستوى توفير المتطلبات الأساسية للأسرة المصرية.[51]

الخاتمة

الواقع المصري يؤكد بأن السياسات التي اتبعها النظام منذ العام 2014، لا تصب، بأي حال من الأحوال، في صالح المواطن البسيط، بل نجد أن كل طبقات المجتمع وفئاته تأثّرت بتلك السياسات على المستوى السياسي والاقتصادي، وأبرز القضايا البارزة في هذا السياق، غياب الحريات العامة، ومصادرة الحريات بكل أشكالها، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، وتكلّس الحياة السياسية، وتقييد حرية الأحزاب، وتدهور قيمة العملة المصرية، وزيادة الديون لدرجة غير مسبوقة، وارتفاع معدلات الفقر، والبطالة، وعسكرة كل مؤسسات الدولة مما أثّر بالسلب على الحياة المدنية.

وأعتقد أنه إذا لم تتخذ الدولة سياسة التخفيف عن كاهل المواطن، من خلال تحسين المعيشة، والاهتمام بالمشاريع التي تصُب في مصلحة عموم الشعب المصري، وإعطاء مجالي الصحة والتعلم المستوى اللائق بهما، وفتح المجال العام، وإزاحة القبضة الأمنية، ورفع سيطرة القوات المسلحة عن مقدرات الدولة المصرية، سوف تتجه الأمور إلى ما لا يُحمد عقباه على مستقبل مصر.

المراجع

إشكالية هوية الدولة وجدلية الدولة الثيوقراطية والمدنية العلمانية في ظل انتفاضات الربيع العربي، وفاء علي داود، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2015

حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، محمد الغزالي، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الرابعة، 2005

الدولة فلسفتها وتاريخها من الإغريق إلى ما بعد الحداثة، محمود حيدر، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، العتبة العباسية المقدسة، الطبعة الأولى، 2018

الديمقراطية التاريخ والمفهوم، وجيه قانصو، مؤسسة عمومي101

الديمقراطية الجذور وإشكالية التطبيق، محمد الأحمري، الشبكة العربية للأبحاث، بيروت، الطبعة الأولى، 2012

الديمقراطية وحقوق الإنسان، محمد عابد الجابري، كتاب في جريدة، بيروت، العدد التاسع والعشرون، 5 تموز 2006

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، استلهام الربيع العربي بين خطوط الصراعات المسلحة الجديدة، قراءة موجزة في مؤشرات حقوق الإنسان في العالم العربي

مصر بين عهدين مرسي والسيسي دراسة مقارنة (2) الأحزاب والقوى السياسية، باسم القاسم، ربيع الدنان، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، إشراف وتحرير محسن صالح، بيروت، الطبعة الأولى، 2016

 

مواقع الانترنت:

بوابة الأهرام – مصر

بي بي سي عربي – لندن

مركز الجزيرة للدراسات – الدوحة

الجزيرة نت – الدوحة

رويترز – مصر

العربي الجديد – الدوحة

عربي بوست – اسطنبول

مونت كارلو الدولية – فرنسا

صحيفة اليوم – الرياض

رويترز – مصر

مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط

معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط الأدنى – واشنطن

منظمة العفو الدولية – لندن

هيومان رايتس ووتش – الشرق الأوسط

اليوم السابع – مصر

موقع DW – ألمانيا

1- مفهوم الثيوقراطية مأخوذ من المفهوم اليهودي للحكومة الوارد في التوراة، ويعتبر الثيوقراطية من المصطلحات السياسية الوافدة، وهي كلمة يونانية الأصل تتكون من شقين: “ثيو” تعني: إله، و”قراط” تعني: الحكم. وكان يطلق على الدولة الدينية “ثيوكراتيك”، والتي عرفت فيما بعد بالثيوقراطية أي سلطان الإلهي، فهي الدولة التي تعلو فيها إرادة الحاكم علي كل إرادة سواها لأنه يستمد سلطانه من الله مباشرة. راجع: إشكالية هوية الدولة وجدلية الدولة الثيوقراطية والمدنية العلمانية في ظل انتفاضات الربيع العربي، وفاء علي داود، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2015، ص37

2- الديمقراطية التاريخ والمفهوم، وجيه قانصو، مؤسسة عمومي101، ص3

3- الديمقراطية الجذور وإشكالية التطبيق، محمد الأحمري، الشبكة العربية للأبحاث، بيروت، الطبعة الأولى، 2012، ص53

4- الديمقراطية وحقوق الإنسان، محمد عابد الجابري، كتاب في جريدة، بيروت، العدد التاسع والعشرون، 5 تموز 2006، ص5

5- الديمقراطية الجذور وإشكالية التطبيق، مرجع سابق، ص191

6- الدولة فلسفتها وتاريخها من الإغريق إلى ما بعد الحداثة، محمود حيدر، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، العتبة العباسية المقدسة، الطبعة الأولى، 2018، ص92

7- لمحة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، موقع الأمم المتحدة، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الرابط ، تاريخ الدخول (13-10-2023)

8- لمحة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، المرجع السابق

9- حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، محمد الغزالي، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الرابعة، 2005، ص54

10- الديمقراطية التاريخ والمفهوم، مرجع سابق، ص17

11- موقع اليوم السابع، 23-4-2019، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

12- مصر بين عهدين مرسي والسيسي دراسة مقارنة (2) الأحزاب والقوى السياسية، باسم القاسم، ربيع الدنان، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، إشراف وتحرير محسن صالح، بيروت، الطبعة الأولى، 2016، ص5

13- موقع مونت كارلو الدولية، ملف خاص بالانتخابات الرئاسية المصرية 2014، 26-5-2014، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

14- بوابة الأهرام، خطاب الرئيس السيسي بطلب تفويض المصريين له لمحاربة الإرهاب قبل 10 سنوات، 26-7-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

15- مصر بين عهدين، مرجع سابق، ص27

16- صحيفة اليوم، السيسي لا مكان للإخوان في عهدي، 6-5-2014، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

17- الجزيرة نت، اعتقالات مصر.. حبس حسن نافعة وحازم حسني وخالد داود بتهمة دعم جماعة إرهابية، 25-9-2019 الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

18- اختناق الحياة السياسية في مصر وانهيار فرص قيام نظام مدني، سليم عزوز، مركز الجزيرة للدراسات، 1-8-2019، الرابط  ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

19- السجن 6 أشهر للمعارض المصري هشام قاسم، الجزيرة نت، 16-9-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (23-10-2023)

20- رويترز، مسؤول: غالبية أعضاء البرلمان في مصر يوقعون استمارات تزكية لترشح السيسي، 9-1-2018، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

21- الجزيرة نت، السيسي يقيل الرئيس المركزي للمحاسبات، 29-3-2016، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

22- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، استلهام الربيع العربي بين خطوط الصراعات المسلحة الجديدة، قراءة موجزة في مؤشرات حقوق الإنسان في العالم العربي، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

23- هيومان رايتس ووتش، مصر: عام من الاعتداءات على حرية التعبير، 11-2-2012، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

24- المرجع السابق

25- المرجع السابق

26- الجزيرة نت، قلق على حرية الصحافة بمصر، 22-8-2013، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

27- المرجع السابق

28- المرجع السابق

29- منظمة العفو الدولية، مصر: قانون التظاهر الجديد يطلق العنان لقوات الأمن، 25-11-2013، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

30- العربي الجديد، السيسي يدافع عن قانون التظاهر، 1-11-2014، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

31- بي بي سي عربي، صحف بريطانية تناقش التضييق على الصحفيين في مصر ومظاهرات العراق، 25-11-2019، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

32- منظمة العفو الدولية، مصر: قمع غير مسبوق لحرية التعبير يُحوّل مصر إلى سجن مفتوح في عهد السيسي، 20-9-2018، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

33- موقع اليوم السابع، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

34- المرجع السابق

35- المجتمع المدني العربي قضايا المواطنة وحقوق الإنسان، علي ليلة، مكتبة الأنجلو المصرية، 2013، ص17-18

36- مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط، عمرو حمزاوي، في شرح أهمية المجتمع المدني في بلادنا، 14-3-2017، الرابط ، تاريخ الدخول (14-10-2023)

37- موقع DW، تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني في مصر، 19-12-2014، الرابط ، تاريخ الدخول (15-10-2023)

38- مركز القاهرة لدراسة حقوق الإنسان، مصر: إعادة تسويق القمع: منظمات حقوقية ترفض مشروع قانون الجمعيات المعروض على البرلمان، 11-7-2019، الرابط ، تاريخ الدخول (15-10-2023)

39- المرجع السابق

40- هيومن رايتس وتش، مصر: أوقفوا تضييق الخناق على الجمعيات والمؤسسات الأهلية، 16-3-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (15-10-2023)

41- هيومن رايتس وتش، مصر: أوقفوا تضييق الخناق على الجمعيات والمؤسسات الأهلية، 16-3-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (15-10-2023)

42- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هي إحدى الجماعات الحقوقية الرائدة في مصر، وكانت في صلب استهداف الحكومة بلا هوادة للجماعات الحقوقية والجماعات المستقلة الأخرى منذ 2013

43- هيومن رايتس وتش، مصر: اعتقال مسؤول في منظمة حقوقية رائدة، 16-11-2020، الرابط ، تاريخ الدخول (15-10-2023)

44- هيومن رايتس وتش، حكم قضائي يهدد باستئصال النشاط الحقوقي في مصر، 20-11-2016، الرابط ، تاريخ الدخول (15-10-2023)

45- صحيفة الشرق الأوسط، 4 أسباب ظاهرة وراء رحلة هبوط الجنيه المصري، 8-1-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (16-10-2023)

46- هل تتجه مصر نحو الانهيار، ديفيد شنيكر، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط الأدنى، 9-5-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (16-10-2023)

47- لماذا تعثر الاقتصاد المصري في عهد السيسي؟، عربي بوست، 23-5-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (16-10-2023)

48- هل تتجه مصر نحو الانهيار، ديفيد شنيكر، مرجع سابق

49- تخفيض جديد لتصنيف مصر الائتماني، عربي بوست، 6-10-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (16-10-2023)

50- المرجع السابق

51- ما أبرز العقبات الاقتصادية التي تقف في طريق الاقتصاد المصري؟ الجزيرة نت، 8-4-2023، الرابط ، تاريخ الدخول (16-10-2023)

مشاركة: