(قصة قصيرة)
صادق يالسيز أوتشانلار
ترجمة: هَلا علّوش
خرج (مَجيد الدين عيسى) برفقَة دراويشه من مدينة (قيصري) متجهًا إلى قرية (أكْحصار)، وخلال الطريق توقفوا عند مُرورهم ببُحيرة (سيماف). قال أحد الدراويش لعيسى: (السَّمك هنا وَفير يا سيدي، هل ترغب بتناول وَجبة منه؟)
أجاب عيسى: (يوجد هنا مجذوب يُدعى (يوسف الأربعيني) يتجَول في بعض الأحيان على ضِفاف البحيرة، ابحثوا عنه، يمكن له أن يعطيكم أسماكًا جيدة.)
قال الدرويش: (فلنبحث عنه إذًا يا سيدي)
عيسى: (لقد غضِب من الصيادين وخاصمَهم منذ أسبوع لأنهم لم يطهوا له السمك، عندما يغضب يوسف تغضب الأسماك أيضًا وتخاصم الصَّيادين، لذلك فإن الصيادين يبحثون عنه أيضًا كالمجانين.)
الدرويش: (ما الذي تأمر به يا سيدي؟)
عيسى: (ابحثوا عنه لنرى.)
انتشر الدراويش للبحث عن يوسف بينما جلس عيسى تحت شجرة كَستناء أسند ظهره إليها في انتظار نتيجة بحثِهم وهو ينظر إلى أجَمَة الأشجار، فرأى أحد الدراويش يتجاوز الأجَمة ويُكمل سَيره باتجاه أكواخ الصيادين.
رمى الدرويش السلام على الصيادين الذين كانوا يجلسون داخل الكوخ وسألهم عن يوسف، فنظروا إليه بسَأم بينما أجاب أحدهم: (نبحث عنه منذ أيام لكن لم نجد له أثرًا)
سأل الدرويش مجددًا: (هل سَبق له أن اختفى بهذه الطريقة؟)
(أحيانًا، لكن هذه المرة تبدو مختلفة)
(ماذا تقصد؟)
(أظن أنه قبل خمسة أيام تقريبًا، أحضر بعض السمك وطلب منا طهوَه، لكن كان لدينا الكثير من العمل لنُنجزه فلم نطهُ الطعام، غضب منا وذهبَ ومنذ ذلك الحِين كأن الأسماك خاصمَتنا أيضًا، لم يخرج من البُحيرة ولو سمكَة واحدة).
شكرهم الدرويش وخرج من الكُوخ، تجوّل كثيرًا، وخلال تجواله وفي أثناء عُبوره بجانب أجمَة الأشجار، سمع في البداية حَفيفًا يصدر من بينِ الأشجار، تلاهُ ظُهور لرجل غريب المَظهر خاطبَه قائلًا: (راقبني)، واتجه مباشرة نحو البُحيرة. اجتمع الدراويش ورافقوه إلى البحيرة يتقدمهم يوسف.
دخل يوسف إلى البحيرة حتى غمَرت الِمياه خصره، ثم مد يديه في الماء وأطلق صَرخة أخرجت من البُحيرة سمكَتين كبيرتين، أعطاهما للدراويش وسَط حَيرتهم وقال: (خذوا هاتين، اطهوهما، وليأكل منهما عيسى.)
لم يكن الدراويش قد استفاقوا بعد من ذُهولِهم، فصرخ بهم: (خذوا هذه أيها الغافلون، فليأكل شيخُكم هذه ولينسَ يوسف الأربَعيني، وليُغطي وجه الجَوهر فإن كشْف السِّر وإظهاره للعَلَن، تصرُّفٌ لا أخلاقِي.)
أخذ الدراويش السمكتين ومضوا في طريقهم إلى شيخهم فصرخ يوسف من خلفهِم: (إياكم أن تضيفوا لها المِلح، فليتناولها بلا ملح.)
عندما وصل الدراويش كان مجيد الدين عيسى يتوضَّأ، نقلوا له ما قاله يوسف، فضحك وقال: (مجنون الغابة.. هل يؤكل السمك بلا مِلح؟!)
ثم أخذ السمكَتين ورمى بهما في البُحيرة، وعادت الحياة لهما عندما لامسَتا المياه ثم خرجتا إلى السطح.
نظر عيسى إلى وجهَيهما وضَحِك مَرة أخرى، ثم استدار ووقفَ استعدادًا لإقامة الصَّلاة.