حكاية لا رجعة منها (شعر)

كما لم تصمت يومًا

سكنت بهجتها بغتة

وصرخت ذاكرة الحبق

أذابت بعض الصقيع عن شفاهها

ولثمت قدميّ

تلك الأرصفة

ما زال عشبها

ينبت في يديّ

وموتها الأخضر

ينحسر عن ناظريّ

مزرقًّا.. صارخًا

لو أنك هنا..

لو أنني هنا..

لو أن موتنا دفعة واحدة

يشفع لنزيف الأفق

كلما شهق اللوز لزهره

يعيده ذابلًا

في كل موسمٍ

يظن أنه الأخير

لكن البقية دائمًا

تتكاثر

وتعطي خبزًا وزيتونًا

وعرق..

في كل ربيع

تضيق الأرض بما تبقى

وتنسى بلادي

أن تطلق الفراشات

تنسى أن ترسل إلى الله وملائكته

رسالتين متطابقتين

عن ابتلاع الأغصان أعشاشَ السنونو

عن مدن عائمة فوق المحيط

غافية عند خط الأفق

وتذكر دائمًا

أن تهيئ الطريق

لأقدام مهرولة

بكل اتجاهات الغرق

لأصحاب الأحذية اللامعة

والملطخة بالألم

كلهم سواء..

عندما تمطر السماء

أرواحًا مسجونة في ثقب إبرة

معجونة بالريح

زرقاء كموعد يرتجف تحت آخر غيمة

بعيدة كنجمة

قريبة كلوحة على الجدار

لطفل يبكي منذ بداية التاريخ

أرواح نضجت في ضلوع الانتظار

تختم بالدمع الأحمر انتظارها الأخير

دمعٌ ينسكب في عروق التراب

تعجنه أمٌّ لا تعبأ بالحرب

لتصنع خبز الحياة المعلقة على أرجوحة

فحينًا يعود ابنها ممسكًا بالشمس

وحينًا ممسكًا بيده المقطوعة

قطعًا باتًا

فيما لو تلفتت هذه الأم الحنونة

لتمنحه يدًا أخرى

ستجد الله

يشاهدها

كفيلم سينمائي طويل

على شاشة راسخة

وهي تحبو

كطفلٍ أضاع منزله

وتكاثرت حوله الأيدي

فانظري الآن

كم يدًا قد رزقتي

وكم من إلهٍ

يسافر بحثًا عنك

في هذه اللقطات الاحترافية

من فيلم مقطوف بعناية

من موسم التوت البري..

ممنوعة كل الأحاديث الجانبية

التي ارتكبتها أنا مع ظلك

بينما كنت أنتظر العرض الأول

والأخير

من حكاية لا رجعة منها

أتحلمين الآن بغفوة!

لعله صوت الرصاص من يوقظك دائمًا

لطالما أخبرتهم أن يخفضوا أصوات رحيلهم

ريثما يستفيق الياسمين

لكن ذاك الكاتم للنحيب

قد نفد منهم

فهم الآن يرقصون بصخب عالٍ

وأنتِ تتسللين إلى أدنى ذقونهم

لعلهم يعقلون..

  • صحافية وشاعرة سورية، تخرجت في جامعة البعث كلية الآداب قسم اللغة العربية، تعمل في التدقيق اللغوي في مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، كاتبة قصص ومقالات أدبية لعدة مجلات ومواقع منها رصيف22، صالون سورية، البرلمان، لها عدد من القصائد المنشورة إضافة إلى مشاركة شعرية في ديوان شعري مشترك بإشراف الروائي خليل صويلح.

مشاركة: